أفغانستان... كيف أصبح شكل الحياة تحت حكم طالبان؟
في كابل بدأت التوترات تتصاعد، خاصة منذ إعلان حكومة طالبان المؤقتة، المكونة من الذكور فقط، التي تتألف في الغالب من مجلس قيادة طالبان وأعضاء كبار في شبكة حقاني، مع عدد قليل من الأوزبك والطاجيك، بينما لا يوجد أحد من أقلية الهزارة.

ترجمات – السياق
بعد أسابيع من سيطرة مسلَّحي حركة طالبان على العاصمة كابل، عادت أفغانستان إلى ماضيها "المظلم"، كأنها لم "تغادره".
وسلَّطت مجلة فورين بوليسي، الضوء على الحياة تحت حُكم طالبان، بعد أسابيع من سيطرة الحركة على كابل والبلاد، مشيرة إلى أنه منذ مغادرة الأمريكيين، عادت الحياة ببطء إلى المطار، على الأقل بالنسبة للرحلات الداخلية، وبينما تحتفل طالبان بانتصارها، يتغير وجه مدينة كابل بسرعة.
وفي محاولة لتوضيح ما آلت إليه الأوضاع في كابل، بعد سيطرة المسلَّحين، روت المجلة -في تقرير- بعض مشاهد الحياة اليومية.
"في دائرة مرورية مزدحمة خارج مطار كابل، يجلس مقاتلو طالبان حفاة في مؤخرة عربة همفي أمريكية الصنع، وكانت أحزمة الذخيرة ملفوفة حول جذوعهم، والأسلحة معلَّقة على أكتافهم"، وفقًا لتقرير المجلة.
وأشار التقرير إلى أنه منذ أكثر من أسبوع، كان مئات الآلاف يحاولون اختراق بوابات المطار، وهم يائسون لركوب طائرة متجهة إلى أي مكان، ومتحمسين لمغادرة العاصمة التي سقطت في أيدي المسلَّحين، بينما اختفى رئيس البلاد آنذاك، أشرف غني ومعه معظم أعضاء حكومته حيث غادروا البلاد.
هزيمة أمريكا
وشدَّد التقرير على أن وجه مدينة كابل يتغير بسرعة، وأشار إلى أن خارج السفارة الأمريكية السابقة في المنطقة الخضراء، رُسم علم "إمارة إسلامية" ضخم على الجدران، وبجانبه رسالة مكتوبة بالفارسية: "لقد هزمنا أمريكا".
وذكر التقرير، أن هذه الرسومات يقف وراءها الرسام ناصر أحمد، الذي كلفته حركة طالبان بإعادة تزيين جدران العاصمة الأفغانية.
وأشار إلى مهمة الرسام الجديدة، التي تطرحها وزارة الإعلام والثقافة، والتي تتضمن رسائل جديدة، تتلخص في إزاحة بعض الصور القديمة، التي كانت تتضمن جداريات سياسية تصوِّر الشعب الأفغاني، وأخرى تظهر فيها وجوه النساء، وجدارية ثالثة عن جورج فلويد مع العلم الوطني الأفغاني.
ونقل التقرير عن أحمد قوله: "سيعيش الناس تحت الراية الإسلامية بدءًا من الآن"، إلا أنه رفض الكشف عمّا إذا كان يتفق مع الحكام الجدد أم لا، لكنه يقول إنه سعيد بحصوله على وظيفة مستقرة.
البرقع مجددًا
روى التقرير، بعض مشاهد الحياة اليومية، على طول الطريق من هيراتان، وهي بلدة حدودية أفغانية على نهر آمو داريا في أوزبكستان المجاورة، حتى العاصمة كابل، وذكر أنه على طول الطريق، تم إنشاء ما لا يقل عن اثنتي عشرة نقطة تفتيش لطالبان، مزينة بأعلام الجماعة البيضاء المعلقة، ويحرسها مقاتلون شبان يحملون أسلحة، وفي بعض الأحيان قاذفات قنابل يدوية، وبعضهم يرتدي عمامة بيضاء عليها علم الجماعة.
وفي طريق عودة فريق المجلة الصحفي، من جولة في مدينة جلال آباد بشرقي أفغانستان، لم تمض الأمور بسلاسة، إذ أنه أثناء مرور سيارة الفريق، التي تضم صحفيتين، ورغم أنهما غطيتا وجهيهما، فإن فردًا من طالبان يرتدي زيًا عسكريًا أوقفهم على الطريق وخاطب السائق بعنف: "في المرة المقبلة يجب أن ترتدي النساء البرقع، وإلا فإن الله سيغضب عليكم جميعًا".
تصاعد التوترات
في كابل بدأت التوترات تتصاعد، خاصة منذ إعلان حكومة طالبان المؤقتة، المكونة من الذكور فقط، التي تتألف في الغالب من مجلس قيادة طالبان وأعضاء كبار في شبكة حقاني، مع عدد قليل من الأوزبك والطاجيك، بينما لا يوجد أحد من أقلية الهزارة.
الأسبوع الماضي، اندلعت موجة من "النيران الاحتفالية" التي بدأت من دون سبب، واستمرت نِصف ساعة، ما أسفر عن مقتل عدد من الأشخاص.
ونقلت المجلة عن سابرينا، وهي طالبة تبلغ من العمر 20 عامًا، كانت قد شاركت في تظاهرة نسائية ضد طالبان قولها: "لقد سُلبنا حقوقنا.. ومن جميع الإنجازات التي حققتها المرأة خلال العقود الماضية".
وكانت سابرينا ترتدي بنطال جينز وسترة سوداء وحجابًا يغطي بالكاد نِصف شعرها المصبوغ باللون البني الفاتح، وتصرخ في وجه مسلحي الحركة خلال المظاهرة.
وذكرت المجلة، أن مقاتلي طالبان واجهوا سابرينا والمتظاهرات، وحتى الصحفيين بعنف شديد، وأطلقوا الذخيرة الحية في الهواء لتفريق الحشود، وضربوا النساء واعتقلوا الصحفيين.
وتعلق سابرينا على خطورة مشاركتها في الاحتجاجات النسائية قائلة: "أعلم أنه أمر خطير، لكن ماذا يمكنني أن أفعل؟ سأحارب وأقاوم.. إذ لا يوجد أمامنا خيار آخر.. فلقد تغيرت المرأة في أفغانستان.. ولن ننحني، بصرف النظر عن التكلفة".
جوانب أخرى
وأشارت المجلة، إلى أن بعض جوانب الحياة في كابل لم تتغير، إذ تفوح رائحة الخبز الطازج في الهواء في الصباح الباكر، بينما معظم المتاجر والأسواق الكبيرة مفتوحة حيث يتسوق الناس، ولا يزال بائع الآيس كريم بعربة فضية صغيرة يمر بالشوارع.
وفي الليل يبيع الباعة الفواكه والخضراوات تحت الأضواء الخافتة التي تعمل بالبطاريات، معلنين أسعار السلع عبر مكبرات الصوت.
في بعض النواحي، يبدو ذلك مطمئنًا، لكن المدينة أصبحت خالية، ومجرَّدة من طاقتها وحياتها، فالطرق أقل ازدحامًا، ويرجع ذلك جزئيًا إلى غياب العديد من المركبات المضادة للرصاص، التي ساهمت في الاختناقات المرورية.
ولاحظت المجلة، أن الصغار الذين يبيعون الأعلام الأفغانية على جانب الطريق، يبيعون العلم الأبيض للإمارة الإسلامية وعمائم رأس حمراء بالطباعة نفسها، بينما يجوب مقاتلو طالبان الشوارع في شاحنات صغيرة، يحملون سكاكين ومسدسات وقاذفات صواريخ.
الخوف يسيطر على حياة الأفغان، خاصة بعد إعلان طالبان حكومتها الجديدة، التي تشبه نظامها السابق، الذي حكم البلاد قبل نحو 20 عامًا، فقد عادت وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأجبرت النساء على ترك العديد من الوظائف، والإعلام عاد للخضوع للرقابة، بينما تم فصل النساء في المدارس وحُرمن من الالتحاق بمجالات دراسية معينة، وتعرَّض آخرون للإساءة اللفظية، لخروجهن من دون محرم "ولي أمر ذكر".
وأوضحت فورين بوليسي، أنه لا يزال كثيرون مختبئين، خاصة أولئك الذين عملوا لصالح الحكومة الأفغانية السابقة، مشيرة إلى أن العديد من هؤلاء يخشون مغادرة منازلهم، وينتظرون بدلاً من ذلك فرصة لمغادرة البلاد.