فايننشال تايمز: إيران تسعى لتحويل قاسم سليماني إلى بطل قومي لكسب الشباب
بعد عقود من الثورة في إيران عام 1979، تحارب اليوم طهران من أجل كسب قضيتها الثورية لدى الشباب، الذين ينتقدون الفساد الداخلي والفقر، إذ يأمل قادة إيران إعادة تنشيط القوات الموالية للنظام من خلال تمجيد سليماني، وهو رجل من خلفية متواضعة رفعته الثورة، ليصبح شخصية عسكرية مهمة.

ترجمات – السياق
قالت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، إن إيران تحاول أن تجعل من قاسم سليماني، قائد فيلق القدس الذي قُتل بغارة جوية أمريكية، بطلاً قومياً، تستطيع من خلاله استقطاب الأجيال الشابة.
وأضافت الصحيفة: "في حافلة تضم أشخاصًا متّجهة إلى المقبرة التي دُفن فيها قاسم سليماني، كانت السيدات يناقشن الدعاء الذي سيتلونه عند وصولهن".
ومن خلال الكلمات التي قالتها الإيرانيات، اتضح بالنسبة لهدى، أنه بعد مرور أكثر من عامين، على اغتيال أبرز القادة العسكريين الإيرانيين، اكتسب سليماني مكانة أسطورية، شبه مقدسة، في إيران.
كسب الشباب
ونقلت "فايننشال تايمز"عن هدى قولها: "بكيت عندما وصلنا إلى قبر سليماني، أدركت فقط بعد وفاته كم كان رجلاً مخلصاً وقوياً، وكيف أنه ضحى بحياته من أجلنا".
وذكرت الصحيفة أنه بعد عقود من الثورة في إيران عام 1979، تحارب اليوم طهران من أجل كسب قضيتها الثورية لدى الشباب، الذين ينتقدون الفساد الداخلي والفقر، إذ يأمل قادة إيران إعادة تنشيط القوات الموالية للنظام من خلال تمجيد سليماني، وهو رجل من خلفية متواضعة رفعته الثورة، ليصبح شخصية عسكرية مهمة.
وقالت إن سليماني، الذي كان يشرف على تدريب الميليشيات الإيرانية في العراق ولبنان وأفغانستان وسوريا، لم يرتبط اسمه بأي فضائح فساد، مشيرة إلى أنه كان يملك تاريخاً طويلاً في دعم النساء، إذ كان يشير إليهن بـ "بناتي" وكانت لديه شعبية كبيرة حتى بين صفوف اللاتي لا يلتزمن بشكل صارم بالزي الإسلامي في إيران.
أسبوع المقاومة
وذكرت "فايننشال تايمز" أنه مطلع يناير الجاري، نظمت إيران ما سمته"أسبوع المقاومة" إحياءً لذكرى اغتيال سليماني، ورفعت لافتات ضخمة له، كما أعلنت توفير إقامة مجانية وطعام إلى 250 ألف زائر إلى قبره، بينما عرضت دور السينما فيلمًا وثائقيًا عن حياته بشكل مجاني.
كما تجمع آلاف في العاصمة طهران، للاحتفال بالذكرى السنوية لاغتياله في الثالث من يناير، وانضم إليهم الرئيس المتشدد إبراهيم رئيسي، الذي تعهد بالانتقام من السياسيين الأمريكيين، حسب الصحيفة البريطانية.
ونقلت "فايننشال تايمز"عن محلل إيراني، قوله: "ذكرى اغتيال سليماني تُستغل لضخّ دماء جديدة، للمساعدة في استمرار الحالة الثورية، وجذب موالين جدد من صفوف الشباب"، مضيفًا: "يُعد سليماني رواية حديثة للحالة الثورية، وهو القائد الإيراني الوحيد الذي اغتالته الولايات المتحدة بشكل مباشر، وهو ما يعزّز نهج النظام الإيراني في إبراز دوره".
وفي الأسبوع الأول من يناير، بالتزامن مع ذكرى مقتل سليماني، شنت ميليشيات يشتبه بأنها مدعومة من إيران في العراق وسوريا، سلسلة من الهجمات على القواعد العسكرية، التي تستضيف القوات الأمريكية، لكن لم يُقتل فيها أي أمريكي.
كما أعلنت إيران (في خطوة رمزية) فرض عقوبات على 51 أمريكيًا لدورهم في مقتل سليماني، متهمة إياهم بما وصفته بـ "الإرهاب" وارتكابهم انتهاكات لحقوق الإنسان.
وتذكر الصحيفة، أنه بعد خمسة أيام من مقتل سليماني، ردت إيران باستهداف قاعدة عسكرية عراقية، كما أنه بعد ساعات من ذلك، أسقط الحرس الثوري التابع لسليماني طائرة ركاب أوكرانية عقب وقت قصير من إقلاعها من مطار طهران، وقُتل 176 شخصًا كانوا فيها.
وتقول "فايننشال تايمز"" رغم أن الحرس الثوري الإيراني ألقى باللوم في ذلك على الخطأ البشري، يجادل أهالي الضحايا بأن الطائرة أُسقطت عمداً لردع الولايات المتحدة عن مهاجمة إيران.
ونقلت الصحيفة، عن محسن أسدي لاري، وهو أكاديمي ومسؤول صحي كبير سابق، قُتل طفلاه في تحطم الطائرة: "لست قاضيًا، لكننا توصلنا إلى أنهم أسقطوا الطائرة لاستخدامها كدرع بشرية... كي تلام الولايات المتحدة بعدها على ذلك".
وأضاف وزوجته، زهرة مجد، أستاذة جامعية في العلوم الطبية، إن قائد الحرس العام، العميد حسين سلامي، قال لهما كلامًا قريبًا من ذلك، إذ لو أسقطت هذه الطائرة لكانت اندلعت حرب ضروس في اليوم التالي.
وقالت الزوجة: سلامي قال إن الولايات المتحدة كانت ستهاجم إيران وربما تُعرّض حياة 10 ملايين شخص للخطر.
وتقول الصحيفة البريطانية: إن الحرس الثوري نفى مزاعم الأكاديمي وزوجته بشأن الجنرال سلامي قائلًا إنها "غير صحيحة و محرفة".
بطل قومي
وتوضح "فايننشال تايمز" أن الرغبة في جعل سليماني بطلاً قومياً، تأتي في الوقت الذي يجتمع فيه الدبلوماسيون الإيرانيون والقوى العالمية في فيينا، لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015.
وأشارت إلى أنه حتى الآن كان هناك تقدم ضئيل، إذ تقول إيران إنها ستتراجع عن التقدم النووي، الذي حققته منذ تخلى الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن الاتفاق النووي عام 2018 وأعاد فرض العقوبات، فقط إذا رفعت الولايات المتحدة جميع العقوبات وقدمت ضمانات بعدم انسحاب أي حكومة مستقبلية من الاتفاق.
وبينت، أنه مع العقوبات الأمريكية الشديدة، كانت هناك تظاهرات منتظمة في الشوارع من المزارعين والمعلمين والعما،ل وحتى قدامى المحاربين وموظفي الخدمة المدنية والمتقاعدين، احتجاجًا على الظروف الاقتصادية السيئة.