انفجار مرفأ بيروت.. مذكرة توقيف بحق وزير سابق وتعليق التحقيق بشكل مؤقت
تعد هذه هي المرة الثالثة التي يُعلق فيها التحقيق؛ إذ علقه فادي صوان قبل تنحيته، فيما علقه بيطار الشهر الماضي إثر شكاوى قضائية من خليل وزعيتر، المنتميين لحركة أمل، ووزير الداخلية السابق الذي كان محسوباً على تيار المستقبل بزعامة سعد الحريري.

السياق
إصدار مذكرة توقيف بحق وزير سابق، وتعليق التحقيق القضائي، قراران متضاربان، في انفجار مرفأ بيروت الكارثي، الذي وقع العام الماضي، يكشفان انقسامًا بين القوى السياسية في لبنان، بشأن التحقيق في أسوأ كارثة من صُنع البشر.
المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت، القاضي طارق بيطار، أصدر مذكرة توقيف بحق وزير المالية السابق علي حسن خليل، لامتناعه عن المثول أمامه للتحقيق.
وقالت الوكالة الوطنية للإعلام اللبناني: «عقب انتهاء الجلسة، بُلِّغ القاضي بيطار بدعوى الرد الجديدة، المقدَّمة ضده من وكلاء خليل والنائب غازي زعيتر، ما استدعى تعليق التحقيق ووقف الجلسات، إلى أن تبت محكمة التمييز المدنية -برئاسة القاضي ناجي عيد- بقبول هذه الدعوى أو رفضها».
وقال مصدر قضائي لبناني: تقرر تعليق التحقيق القضائي في انفجار مرفأ بيروت الكارثي، الذي وقع العام الماضي، بعد شكوى قانونية جديدة، ضد قاضي التحقيق طارق البيطار، تقدَّم بها وزيران سابقان يطلبان نقل القضية إلى قاضٍ آخر.
وفي خطوة تعد الثالثة، منذ بدء التحقيق في الكارثة، اضطر المحقق العدلي طارق بيطار إلى تعليق تحقيقه في انفجار مرفأ بيروت، بعد إبلاغه بدعوى تقدَّم بها وزيران سابقان، يطلبان نقل القضية إلى قاضٍ آخر.
ويتعرَّض المحقق العدلي لضغوط سياسية متزايدة، أبرزها مساء الاثنين على لسان الأمين العام لمليشيا حزب الله حسن نصرالله، الذي اتهمه بـ«الاستنسابية» في استدعاء مسؤولين أمنيين وسياسيين.
وقال حسن نصرالله، في كلمة متلفزة، إن المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، في انفجار مرفأ بيروت «مسيَّس ولن يصل إلى الحقيقة في تحقيق الانفجار»، متابعًا: قلنا منذ البداية إننا نريد التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، وأقول صادقًا لو تخلى عائلات الشهداء والجرحى عن التحقيق، فنحن لا نتخلى عنه ونحن نعتبر أننا من الذين أصيبوا معنويًا وسياسيًا وإعلاميًا، معتبرًا أن «القاضي الحالي، بدل الاستفادة من أخطاء القاضي السابق، بالعكس أكمل بهذه الأخطاء وذهب إلى ما هو أسوأ».
وتقول «فرانس 24»: «منذ ادعائه على رئيس الحكومة السابق حسان دياب، وطلبه ملاحقة نواب ووزراء سابقين وأمنيين، يخشى كثيرون أن تؤدي الضغوط السياسية إلى عزل بيطار، على غرار ما جرى مع سلفه فادي صوان الذي نُحي في فبراير، بعد ادعائه على دياب وثلاثة وزراء سابقين».
وقالت الوكالة الفرنسية، إن مصدرًا قضائيًا قال لها، إن بيطار بُلِّغ من محكمة التمييز المدنية، بدعوى جديدة من وزير المالية السابق علي حسن خليل، ووزير الأشغال السابق غازي زعيتر، ما استدعى تعليق التحقيق ووقف الجلسات، لحين بت المحكمة في الدعوى، بقبولها أو رفضها.
المرة الثالثة
تعد هذه، المرة الثالثة التي يُعلق فيها التحقيق، إذ علقه فادي صوان قبل تنحيته، بينما علقه بيطار الشهر الماضي، إثر شكاوى قضائية من خليل وزعيتر، المنتميين لحركة أمل، ووزير الداخلية السابق الذي كان محسوباً على تيار المستقبل بزعامة سعد الحريري.
إلا أنه بعد استئناف التحقيق من قِبل بيطار، إثر رفض المحكمة كف يده عن القضية، حدد مواعيد لاستجواب الثلاثة، الثلاثاء والأربعاء، مستغلًا عدم تمتعهم بالحصانة النيابي،ة قبل انعقاد الدورة العادية الثانية للبرلمان في 19 من الشهر الحالي.
وفي خطوة سابقة، تقدَّم خليل وزعيتر بطلب جديد لرد القاضي بيطار، ما استدعى تعليقه التحقيق.
وبينما لم يمثل خليل في جلسة الاستجواب، التي حضرها محام نيابة عنه، وطلب منحه مهلة إضافية، لتقديم مستندات ودفوع شكلية، اعتبر القاضي أنه تخلَّف عن الحضور، وأصدر مذكرة توقيف غيابية في حقه.
وكانت وسائل إعلام محلية، سرَّبت الشهر الماضي، رسالة وجهها مسؤول رفيع المستوى في حزب الله، إلى القوة العسكرية والسياسية الأبرز المدعومة من طهران، إلى بيطار تضمنت امتعاضًا من مسار التحقيق، وهددت بإزاحته من منصبه.
وتسبَّب الانفجار الكارثي للمرفأ، في 4 أغسطس 2020، بمقتل 214 شخصًا على الأقل، وإصابة أكثر من 6500 بجروح، ودمار كبير في العاصمة.
واشتعل مخزون كبير من نترات الأمونيوم المخزنة في الميناء، في انفجار مدمِّر أدى إلى تحطم جزء كبير من المدينة، بينما خلَّف الحادث الذي أدمى قلوب العالم، ضحايا بالآلاف.
بعد عام وأشهر على أسوأ انفجار غير نووي، في تاريخ البشرية، في منطقة مكتظة بالسكان، هناك أسئلة كثيرة، لم يجب عنها أحد حتى الآن، فلا يعرف الناس في لبنان عن الانفجار، أكثر مما انتشر من نظريات، في الأيام الأولى من حدوثه.
وبينما لم يعرف مَنْ يقف خلف هذا الانفجار، تبقى العدالة العزاء الوحيد للضحايا الذين قُدِّر عددهم بالآلاف، إلا أنها هي الأخرى مازالت بعيدة المنال.
وعزت السلطات الانفجار، إلى تخزين كميات كبيرة من نترات الأمونيوم، من دون إجراءات وقاية، إلا أنه تبيَّـن في وقت لاحق، أن مسؤولين على مستويات سياسية وأمنية وقضائية، كانوا على دراية بمخاطر تخزين هذه المادة، ولم يحركوا ساكنًا.
ويتظاهر ذوو الضحايا باستمرار دعمًا لبيطار واستنكارًا لرفض المدعى عليهم، المثول أمامه للتحقيق معهم، إلا أنه منذ وقوع الانفجار، رفضت السلطات تحقيقًا دوليًا، بينما تندّد منظمات حقوقية، بمحاولة القادة السياسيين عرقلة التحقيقات، وتطالب ببعثة تحقيق دولية مستقلة ومحايدة.
أسئلة حائرة
ما أسباب رسو باخرة نترات الأمونيوم في مرفأ بيروت عام 2013؟ وأين كانت وجهتها؟ ومَنْ مالك السفينة؟ ولماذا بقيت حمولتها 6 أعوام في المرفأ؟ وما سبب الانفجار؟ وهل هو متعمَّد؟ ومَنْ الذي يقف خلفه؟
تظل هذه الأسئلة الحائرة، التي يسألها اللبنانيون، في الذكرى الأولى للانفجار، بلا أجوبة.
كانت شبكة بلومبرج الأمريكية، قالت في تقرير، إن معالجة الكارثة، التي تعد من بين كوارث أخرى حلت بلبنان، خلال العامين الماضيين، تلخص الاختلالات الأساسية التي دمَّرت البلاد.
فالإدارة الفاسدة وغير الكفؤة، وغياب الشفافية والمساءلة والعدالة، واستعداد القوى السياسية لوضع المجتمع في خطر شديد، من أجل أغراضها الأنانية الضيقة، كانت عناوين طريقة معالجة أزمة انفجار بيروت.
الشبكة الأمريكية، عبَّـرت عن استهجانها للتفسير الرسمي لكيفية وصول المواد الكيميائية، التي يمكن استخدامها كسماد أو مواد متفجرة، إلى لبنان، واصفة إياها بأنها «أكثر من سخيفة».