فايننشال تايمز: الشباب العراقي محبط من الانتخابات ويبحث عن تغيير سريع
معظم الشباب، الذين يشكلون 60% من تعداد العراق، غير مقتنعين بهذه الانتخابات، ويرون أنها إعادة تدوير للمنظومة السياسية نفسها، وبطيئة في إجراءات الإصلاح.

ترجمات - السياق
يستعد نحو 25 مليون ناخب عراقي، للإدلاء بأصواتهم، الأحد، في أول انتخابات برلمانية مبكرة يشهدها العراق منذ عام 2003، وسط مقاطعة كبيرة من الشباب، بسبب قناعتهم بأن الانتخابات لن تحدث تغييراً في الوضع السياسي الراهن، في ظل سيطرة الأحزاب التقليدية على الساحة السياسية، معتبرين أن وعود السياسيين معظمها أكاذيب.
ودخل العراق، السبت، مرحلة الصمت الانتخابي، قبل يوم من الانتخابات التشريعية، بعد انتهاء مرحلة التصويت الخاص.
وكشفت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، في تقرير، أن أغلبية الشباب العراقيين، محبطون من أن تؤدي الانتخابات العراقية، إلى تغيير جذري في الخارطة السياسية، مشيرة إلى أن الشباب يطمحون في تغيير سريع، إلا أن ذلك يعد طلبًا بعيد المنال.
وأوضحت الصحيفة، أن معظم الشباب، الذين يشكلون 60% من تعداد العراق، غير مقتنعين بهذه الانتخابات، ويرون أنها إعادة تدوير للمنظومة السياسية نفسها، وبطيئة في إجراءات الإصلاح.
كان نحو مليون و196 ألفاً و453 من قوات الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية والنازحين والسجناء المودعين في المراكز الإصلاحية، شاركوا بعملية التصويت الخاص في الانتخابات البرلمانية العامة.
ملصقات قبيحة
علي هاني، 19 عامًا، يعيش في بغداد، شاهد بغضب، حيّه الممتلئ بالملصقات التي تحمل صور المرشحين للانتخابات البرلمانية، وقال طالب المدرسة الثانوية: "يبدو المشهد قبيحًا، رأيت لوحة تغطي إشارة مرور"، وأضاف: "هؤلاء المرشحون، لا يفكرون في ما هو الخطأ، والصواب الذي يجب فِعله".
ويبدو هاني غير مهتم بما يقوله السياسيون، والتزاماتهم بالإصلاحات ومعالجة الفساد، ويعده من الأكاذيب، وفقًا لـ "فايننشال تايمز".
قال هاني في مقابلة هاتفية: "نحن جيل الشباب، الذي تتميز مواقفه عن مواقف العراقيين الأكبر سنًا وفِكرًا، أذهاننا لا تزال صافية وغير ملوثة بكل هذه الأكاذيب".
وأشارت الصحيفة، إلى أن انتخابات البرلمان المؤلف من 329 مقعدًا، الأولى منذ احتجاجات الشوارع الضخمة عام 2019 من قِبل الشباب الغاضبين من الفساد والبطالة، والتي أسقطت الحكومة حينها، بينما تعهدت إدارة انتقالية للحكومة بإجراء انتخابات مبكرة، وقانون انتخابي جديد، وتحقيق العدالة لأكثر من 800 متظاهر قُتلوا خلال الحملة القمعية.
عدم الوفاء
وذكرت "فايننشال تايمز" أنه بسبب الوباء وانهيار أسعار النفط، لم تتمكن الحكومة الانتقالية من الوفاء بوعودها، مشيرة إلى أن الانتخابات تجرى قبل ستة أشهر فقط من الموعد المقرر، إذ أنشأ القانون الانتخابي الجديد دوائر انتخابية صغيرة، يقول المحللون إنها تخاطر بتعزيز الأحزاب السياسية.
ويتنافس أكثر من 3000 مرشح في 83 دائرة انتخابية، وبينما يمكن للوافدين الجدد ترشيح أنفسهم للمرة الأولى، تظل القوى السياسية القائمة راسخة.
وأوضحت الصحيفة، أنه لمواجهة تهديدات حقيقية للغاية لسلامتهم من الجماعات المسلحة، التي تريد الحفاظ على الوضع الراهن، اختارت أحزاب سياسية ناشئة مقاطعة الانتخابات.
وأشارت "فايننشال تايمز" إلى أن الأحزاب الحالية عملت على تسريع آلاتها الانتخابية المتطورة، على وجه الخصوص، التيار الصدري الذي يتزعمه مقتدى الصدر، الذي يتوقع أن يواصل مسيرة نجاحه، كما حدث في انتخابات 2018.
البديل الخطير
وذكرت الصحيفة، أن النتائج الأولية للانتخابات، قد تكون متاحة 10 أكتوبر، لكن من المحتمل أن تكون هناك مساومة قبل اختيار رئيس وزراء جديد من قِبل السياسيين، وهو ما يعكس نظامًا مصممًا لضمان تمثيل جميع الطوائف والأعراق.
العراقيون كانوا يأملون أن تحفِّز حركة الاحتجاج، التغيير، لكنهم الآن يائسون من حدوث ذلك.
ونقلت الصحيفة عن ياسر مكي، وهو ناشط شبابي بارز ومدير منظمة موجا غير الحكومية التي تركز على الشباب، قوله: "لن يصوِّت كثيرون".
وأضاف مكي: نحو 60 في المئة من العراقيين، يريدون تغييرًا سريعًا، فهم غير مقتنعين بالتغيير التدريجي، نحاول إقناعهم بأن التغيير الأكثر صحة، يتطلب ممارسة اللعبة بقواعدها، واللعبة هنا هي الديمقراطية، لأن البديل خطير للغاية".
ونقلت "فايننشال تايمز" عن سجاد جياد، الزميل المقيم في بغداد بمؤسسة القرن، الذي درس التحديات التي تواجه الشباب العراقي، قوله: "السياسيون يفشلون في التعامل مع استياء الشباب، لذلك الشباب الآن أكثر يأسًا، إذ جعلهم الشعور بالتهميش أكثر غضبًا، لأنهم يشعرون بأنهم غير ممثلين، ومن ثم أعتقد أنهم سيبدأون البحث عن ردود فِعل أكثر جذرية، من المرجَّح أن يكون البديل هو العنف".
وأوضحت الصحيفة، أن شباب العراق يرغب في الحصول على فرص عمل وتعليم أفضل، وهم حاليًا بين الأسوأ في المنطقة.
ووفقًا لإحصاءات منظمة العمل الدولية، بلغ عدد الشباب العراقي الذين لا يعملون، أو لم يحصلوا على التعليم ولا التدريب الجيد، نحو 40.6 في المئة عام 2012، وهي آخر مرة تم فيها جمع بيانات موثوقة.
وبالنسة لياسر مكي، فإن المشاركة الديمقراطية، هي الطريقة الوحيدة لوقف ما يرون أنها قوى خطيرة توسع نفوذها في البرلمان، أي الأحزاب المرتبطة بالميليشيات المدعومة من إيران، التي يُشتبه بأنها وراء قتل المتظاهرين.
ونقلت "فايننشال تايمز" عن علي عيسى، مندوب مبيعات الأدوية قوله، إنه لم يكلف نفسه عناء التسجيل، للحصول على بطاقة تصويت جديدة، مضيفًا: "الفساد كبير جدًا، ربما أصواتنا لا طائل من ورائها... الأسماء تتغير لكن السياسة نفسها لا تزال قائمة".