أفغانستان تحت حكم طالبان... الجوع يحاصر الملايين
تقول مجلة فورين أفيرز الأمريكية إن حجم الكارثة كبير بشكل لا يمكن تصوره، فهناك 23 مليون شخص يواجهون انعدامًا حادًا في الأمن الغذائي، ومليون طفل يواجهون خطر الموت بسبب سوء التغذية.

ترجمات – السياق
"أوقفوا تجويع أفغانستان"... تحت هذا العنوان، دعت مجلة فورين أفيرز الأمريكية، المجتمع الدولي إلى التخلي عن عملية الخنق الاقتصادي التي تفرضها على أفغانستان، بعد استيلاء طالبان على السلطة، إذ يعاني الشعب الأفغاني الفقر والجوع.
وأشارت المجلة، إلى أنه خلال سنوات من المحادثات، حذر دبلوماسيون أمريكيون، حركة طالبان من سيناريوهات قاتمة إذا فشلت في التفاوض على السلام في أفغانستان واستولت على كابل تحت تهديد السلاح، مضيفة: "لم يكن ذلك تهديدًا فارغًا".
وذكرت، أنه بعدما سيطرت طالبان على البلاد في أغسطس 2021، ردت الحكومات الغربية بوقف مساعدات التنمية، وتجميد أصول الدولة، وشل البنوك، والسماح بفرض عقوبات على القطاع الخاص، فدفعت الأزمة الاقتصادية الناتجة أكثر من نصف الأفغان نحو المجاعة.
واقع طالبان
وشددت "فيرون أفيرز" على أن طالبان باتت واقعًا في أفغانستان... "من المعقول أن يشعر المسؤولون الغربيون بأن لديهم تبريراتهم المنطقية لعزل نظام طالبان اقتصاديًا.. لا يزال، هذا خطأ، حتى لو كانت هذه العقوبة مناسبة لجرائم طالبان".
وأوضحت أن النهج الأكثر واقعية، سيكون عبر العمل مع حكومة طالبان الجديدة، لتقديم خدمات الدولة الأساسية، وهي سياسة تستند إلى حسابات المصالح الجيوسياسية الحالية بدلاً من أخطاء الماضي.
وأضافت المجلة:"يجب على واشنطن وحلفائها تخفيف القيود المفروضة على كابل، والعمل للمساعدة في إنعاش الاقتصاد الأفغاني المنهار" مشيرة إلى أن "ذلك سيعزز الاستقرار الإقليمي، ويوقف تجارة المخدرات، ويقلل احتمال حدوث أزمة هجرة أخرى".
ورأت "فورين أفيرز" أن إنقاذ ملايين الأفغان من العوز، قد يؤدي إلى تعويض هيبة الولايات المتحدة، بعد انسحابها الفوضوي من كابل في أغسطس الماضي، قائلة: "قد يكون التأثير الجانبي الذي لا مفر منه درجة معينة من المساعدة لنظام حركة طالبان، لكن هذه المقايضات هي السمة المميزة لسياسة الواقع".
مزيد من القتلى
وأمام هذا التحدي، (التعامل مع طالبان أو تجويع أفغان)، وصفت "فورين أفيرز" المجتمع الدولي بأنه غير حكيم في سياساته تجاه أفغانستان، وأضافت: "يبدو أن الجوع والفقر بعد استيلاء طالبان على السلطة، على وشك قتل المزيد من الأفغان هذا الشتاء، أكثر من كل أعمال العنف التي حدثت خلال العقدين الماضيين".
وأشارت إلى أن حجم الكارثة كبير بشكل لا يمكن تصوره، فهناك 23 مليون شخص يواجهون انعدامًا حادًا في الأمن الغذائي، ومليون طفل يواجهون خطر الموت بسبب سوء التغذية.
وبيَّنت، أنه مع دخول أفغانستان أسوأ أزمة إنسانية في العالم، لم يفاجأ أحد عندما طلبت الأمم المتحدة 4.5 مليار دولار للحاجات العاجلة عام 2022، وهو أكبر نداء إنساني من نوعه.
ورأت المجلة الأمريكية، أن السبب المباشر لانحدار الأوضاع في أفغانستان، ليس موجات الجفاف المتكررة، ولا افتقار "طالبان" المتوقع للمهارات اللازمة لإدارة دولة حديثة، ولا الصدمة الحتمية التي تحدث عندما يتوقف اقتصاد الحرب، بل قبضة الغرب على الاقتصاد.
تناقض الغرب
وسلَّطت "فورين أفيرز" الضوء على تناقض مواقف الدول الغربية تجاه أفغانستان، بالقول: "يخشى السياسيون الغربيون الانتقادات التي قد تنجم عن التسهيل على طالبان، لذلك يقدمون اتجاهين متناقضين بشأن أفغانستان".
وذكرت أن هذه التناقضات تتمثل في: "إرسال مساعدات لتجنُّب الكارثة، لكن لا يسمحون بأي دعم مادي للحكومة الجديدة"، بينما يحاولون إعادة بناء القطاع المصرفي، مع الإصرار على أن البنك المركزي الأفغاني يجب أن يظل محرومًا من النظام المالي العالمي وحرمانه من أصوله، كما يدفعون طالبان للسماح بتعليم الفتيات بينما قطعت حكوماتهم تمويل التعليم.
وأشارت إلى أن المسؤولية تقع على عاتق الولايات المتحدة، فهي لا تزال مانحًا رئيسًا، وتحافظ على الأصول المجمدة للبنك المركزي الأفغاني، وتفرض نظام العقوبات، وتؤثر في المؤسسات المالية الدولية التي تخلت عن أفغانستان، ومن ثم على واشنطن ممارسة نفوذها في البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وبنك التنمية الآسيوي، لجعل هذه المؤسسات تعمل مرة أخرى، كمحاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في أفغانستان.
هجرة ومخدرات
وحذرت "فورين أفيرز" الغرب من أن مزيدًا من عزلة أفغانستان، يعني المزيد من عمليات الهجرة إلى أوروبا، والتوسع في تجارة المخدرات.
وقالت المجلة: في أكتوبر الماضي فقط، غادر نحو 300000 أفغاني إلى إيران، مشيرة إلى أن هؤلاء ينتظرون فصل الربيع لإذابة الجليد من الممرات الجبلية ثم السفر إلى تركيا، حتى يتمكنوا في ما بعد من دخول أوروبا.
وأوضحت، أن الأزمة الاقتصادية المتفاقمة في أفغانستان، ستغذي تجارة المخدرات، إذ يتوقع الخبراء أن يوسع المزارعون الأفغان إنتاج المخدرات مع انهيار الاقتصاد، ما يؤدي إلى إنتاج الميثامفيتامين، إضافة إلى محاصيلهم المعتادة من الأفيون والحشيش.
وأشارت إلى أن أرباح اقتصاد الظل، تعود على طالبان وليس السكان، ما يزيد الأزمة الإنسانية، مع زيادة القيود التي تفرضها الحركة، مشددة على أن أعباء الانهيار الاجتماعي والاقتصادي تقع على عاتق الأفغانيات وغيرهن من الضعفاء، وليس على قيادات طالبان، الذين قد لا يشعرون بمأساة شعبهم.