لماذا ينتحر العراقيون؟.. تقرير رسمي يكشف إحصائيات مخيفة
أشار المسؤول العراقي، إلى أن حالات الانتحار المسجلة عام 2021 بلغت 772 حالة، وهي أكثر بنحو 100 حالة عن العام الماضي، الذي بلغت فيه 663 حالة.

السياق
بعد أن أصبحت حالات الانتحار في العراق ظاهرة، قررت السلطات تشكيل لجنة، لدراستها، بعدما شهدت زيادة كبيرة في أنحاء متفرقة من البلد الآسيوي.
وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية، خالد المحنا، في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، إن الوزارة أحصت حالات الانتحار خلال هذا العام، معلنة تشكيل لجان متخصصة لدراسة هذه الظاهرة.
وأوضح متحدث «الداخلية العراقية»، أن الوزارة اتخذت جملة من التدابير بعد زيادة حالات الانتحار، لمعرفة أسبابها ونسبتها مقارنة بدول الجوار.
وأشار المسؤول العراقي، إلى أن حالات الانتحار المسجلة عام 2021 بلغت 772 حالة، وهي أكثر بنحو 100 حالة عن العام الماضي، الذي بلغت فيه 663 حالة، مؤكدًا أن حالات الانتحار تتجه منذ عام 2016 نحو الازدياد، ففي عام 2016 بلغت حالات الانتحار 393 حالة، وعام 2017 بلغت 462 حالة، وعام 2018 بلغت حالات الانتحار 530 حالة، أما عام 2019 فقد بلغت 605 حالات.
وعن الفئات العمرية التي سجلت فيها حالات الانتحار، قال متحدث الداخلية: في الفئة العمرية الأقل من 20 سنة، سجلت 36.6 بالمئة، ومن سن 20 إلى 30 عاماً كانت نسبتهم 32.2%، أما الذكور فيشكلون 55.9%، ويشكل الإناث 44.8 في المئة، مؤكدًا أن حالات الانتحار بين المتزوجين بلغت 40% وبين العزاب 55%.
أسباب الانتحار
وشدد المسؤول العراقي على أن «نسبة المنتحرين من الذين تحصيلهم الدراسي ما تحت الابتدائية بلغت 62.2% ودون المتوسطة 16.9% والعاطلين عن العمل 35%، وربات البيوت 29.9%.
وأكد خالد المحنا، أن هناك «أسباباً عدة منها ما يتعلق بالضغط النفسي، مشيرًا إلى أن نسبة المنتحرين في هذه الفئة بلغت 36.22%، أما الاضطرابات النفسية فبلغت 34.64%، وهناك أيضاً أسباب تتعلق بالتفكك والعنف الأسري والوضع الاقتصادي، إذ يشكل الفقر 13% من حالات الانتحار، والبطالة 9.5%، والأسباب الدراسية وعدم تحقيق الطموح 13.38%، والفشل الدراسي 5.5%.
وقال المحنا، إن الدراسة قدَّمت توصيات عدة، بينها ضرورة تدعيم دوائر الدعم النفسي في وزارة الصحة، وقسم منها يتعلق بوزارة الشباب والرياضة، وإشغال وقت هذه الفئات بممارسة هواياتهم، بينما يتعلق قسم ثالث منها بالجوانب القضائية والشرطة والمجتمع، ووزارة التربية ووسائل الإعلام.
حالات الانتحار
كان المطرب الشعبي واليوتيوبر العراقي حمودي المولى، أنهى حياته في نوفمبر الماضي، بحبل ملتف حول عنقه، بينما قال صديقه علي السعيدي، حينها، إن المولى كان يعاني ضغطًا نفسيًا كبيرًا.
إلا أن ذلك السبب، كان يخالف المقاطع التي كان ينشرها الشاب البالغ من العمر 18 عامًا، حيث إنه كان معروفًا بمقاطعه الغنائية المرحة على يوتيوب، إضافة إلى العاطفية، التي كان يختمها عادة بضحكة.
إلا أن وكالة شفق العراقية، قالت حينها، إن المولى انتحر لأن فتاة كان يحبها تزوجت غيره.
وفي الشهر نفسه، حاولت فتاة في مدينة الناصرية (محافظة ذي قار)، سحب سلاح كان يحمله ضيف في منزلها لقتل نفسها، قبل أن يتمكن أهلها من انتزاعه منها بصعوبة.
كما سجلت الشرطة العراقية في محافظة الناصرية، 3 حالات انتحار جديدة في الشهر نفسه، بينها حالة انتحار لشرطي عراقي بسبب الديون، لتصل حالات أو محاولات الانتحار في هذه المدينة إلى العشرات.
حالات غريبة
كان جدعان الصائي أحد ضحايا الانتحار، الذي اشتهرت قصته الخريف الماضي، لأنه انتحر بطريقة تراجيدية، حينما ألقى بنفسه من أعلى برجٍ وسط العاصمة العراقية، ثم وجدوا في جيوبه صورة لطفليه التوأمين وورقة صغيرة مكتوبًا عليها: «لم يفعل أحد بي شيء، إلا أن كل شيء من حولي لم يعد يحتمل».
وفي 14 يونيو الماضي، أقدم شاب عراقي، يدعى ريكان تحسين، على الانتحار بطريقة غير مسبوقة، بعد أن فجَّر قنبلة يدوية بين أحضانه وهو جالس على كرسي في حديقة عامة، بمدينة حلبجة في إقليم كردستان العراق، بحسب مديرية أمن حلبجة، التي قالت حينها إن «الحادث انتحار شخصي ولا علاقة له بالإرهاب».
كان الخبير الاجتماعي رشاد محمد، قال إن معدلات أو محاولات الانتحار، تشهد ارتفاعًا مقلقًا، مشيرًا إلى أن هناك جرائم تسجل على أنها حالات انتحار، بينما هناك حالات انتحار لا تسجل بسبب الوصمة الاجتماعية.
وطالب الخبير الاجتماعي، بتوزيع ملصقات في الشوارع تحمل عبارات «لا تنتحر»، عادًا إياها حلًا غير عملي لمشكلة معقَّدة، مشيرًا إلى ضرورة تضافر العوامل الاقتصادية والنفسية والاجتماعية.
عامل رهيب
وقالت الخبيرة النفسية العراقية هدى الدليمي، إن «ثلث الشعب العراقي تعرَّض لحالة نزوح واحدة خلال السنوات العشرة الأخيرة»، مشيرة إلى أن «النزوح عامل رهيب لتغيير أنماط العيش والقيم وشكل العلاقات داخل الأسرة والعلاقة بالمحيط».
وأشارت إلى «ثمة تأثير استثنائي للحضور الإناث في وسائل التواصل الاجتماعي، المصورة منها بالذات»، مؤكدة أن المجتمع العراقي بالغ المحافظة والترابط ضمن العائلة الممتدة، وحينما تتعرَّض واحدة من الفتيات لنوع من الابتزاز عبر تلك الوسائل، فإن إمكانية إقدامها على الانتحار تغدو كبيرة للغاية.
وقال المعالج النفسي العراقي، الدكتور سالم نجاري، إن «الظروف الاقتصادية والبيئة والاجتماعية، خارج نطاق إرادة وقدرات الحكومة العراقية ومؤسسات الدولة»، مشيرًا إلى أنها لا تستطيع أن تفعل شيئًا لتغيير هذا الواقع.
القلق الوسواسي
وأشار إلى أن الإصابة بالقلق الوسواسي والكآبة وتروما العنف، تندرج ضمن مسؤولية الدولة في القطاع الصحي، وفقًا للدستور والقانون العراقي.
كان مسؤول مكتب حقوق الإنسان في محافظة كركوك، سجاد جمعة، قال إن المحافظة سجلت ارتفاعاً كبيراً في حالات انتحار النساء، خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2021، مؤكدًا أن نسبة الانتحار ارتفعت عن العام الماضي بنحو 30%، بينما تتراوح أعمار المنتحرين بين 18 و25 عامًا.
وأوضح المسؤول العراقي، أن «أسباب الانتحار منها اجتماعي وعائلي، وتتركز في الأقضية والمناطق الريفية للمحافظة»، بينما قال مدير الشرطة المجتمعية العراقية غالب العطية، إن محافظات ذي قار وديالى وكركوك، تعد الأعلى بين المحافظات التي سجلت حالات الانتحار، مرجعًا ارتفاع تلك الحالات، إلى الفقر والعوز والبطالة والأمراض النفسية، وسوء استخدام وسائل الاتصال التكنولوجية الحديثة.