جنيفر لورانس تدعم الأفغانيات بوثائقي يكشف معاناتهن تحت حكم طالبان
مشاهد من فيلم وثائقي بعنوان: Bread and Roses، رصد الحياة اليومية لثلاث إناث، في الأسابيع التي أعقبت سيطرة حركة طالبان على أفغانستان.

السياق
«إنكم تقمعون الإناث»، مقابل «لا تتكلمي، وإلا قتلتكِ هنا!»، مشهد من حوار بين أفغانية وأحد قوات «طالبان»، كشف التراجع في حقوق الإناث، الذي وصلت إليه أفغانستان، الرازحة تحت حكم الحركة المسلحة، التي كانت منبوذة ومطرودة من حكم البلد الذي تتحكم في مقاليده.
إلا أن المشهد السابق لم يقف عند هذا الحد، فالشابة الأفغانية لم تستسلم لتهديدات المسلح، بل يبدو أن تهديداته، نكأت جراحها وقريناتها اللائي بتن محرومات من التعليم والخروج والسفر، وشتى الحقوق، اللائي كن يتمتعن بها خلال السنوات التي طُردت فيها حركة طالبان من الحكم.
ردت الشابة الأفغانية غير عائبة بتلك التهديدات، مُحاولة رفع صوتها ليصل إلى درجة صوته قائلة: «حسنًا، لتقتلني! لقد أغلقتم المدارس والجامعات! فمن الأفضل أن تقتلني»، في مواجهة مباشرة التقطتها الكاميرا.
رد فعلها لم تغفله حركة طالبان، التي دفعت قواتها لإلقاء القبض على الفتاة، بعد مشاركتها في احتجاج، بينما كانت على وشك الذهاب إلى زنزانة احتجاز في العاصمة كابل.
مشاهد من فيلم وثائقي بعنوان «Bread and Roses»، رصد الحياة اليومية لثلاث إناث، في الأسابيع التي أعقبت سيطرة حركة طالبان على أفغانستان.
وعُرض الفيلم الوثائقي عن حياة الإناث الثلاث، اللائي يعشن في ظل حكم طالبان، في عرض خاص الأحد، في مهرجان كان السينمائي.
وأنتجت الفيلم الوثائقي Excellent Cadaver ، وهي شركة إنتاج أسستها جينيفر لورانس، وصديقتها المنتجة جوستين سياروتشي.
وقالت سياروتشي لصحيفة هوليوود ريبورتر: «كان أول رد فعل لجين، العثور على صانع أفلام أفغاني ومنحهم منصة».
تحول جذري
تقول «الغارديان»، إن الفيلم سعى إلى إظهار كيف تغيرت حياة الإناث بين عشية وضحاها في ظل حكم طالبان، بينما قالت مخرجة العمل الوثائقي في العرض الأول: «يحتوي هذا الفيلم على رسالة ناعمة من إناث أفغانستان: "أرجوكِ كوني صوتهن الذي لا صوت له في ظل دكتاتورية طالبان".
وأضافت: «الآن بما أن الإناث لم يعد بإمكانهن مغادرة المنزل من دون الحجاب، فقد اعتقدت أنه يجب علينا أن نحكي قصصهن»، في حين أن الإناث اللائي ظهرن في العرض لم يعرفن بعضهن، فجميعهن ينتمين إلى مجموعات مختلفة احتجت على انقلاب طالبان.
وفي مقابلة على موقع كان عبر الإنترنت، قالت ماني –التي تعيش الآن في فرنسا- إن تصوير الفيلم الوثائقي كان صعبًا، وإن سلامة المشاركين كانت أولوية قصوى.
وأضافت: «الطريقة التي تغيرت بها حياتهن في ظل حكم طالبان حقيقة يومية بالنسبة لنا، إنها حياة في ظل ديكتاتورية، حقيقة قاسية لا يمكننا تجاهلها».
واعتمدت ماني في تصوير الوثائقي على كاميرات مخفية، قائلة إنها أحيانًا كانت تطلب من الإناث تصوير أنفسهن في مخابئ سرية مع أصدقائهن وأسرهن.
وبحسب تصريحات ماني لـ«بي بي سي»، فإن أحد مشاهد الفيلم يظهر لقاءً سريًا في قبو بلا نوافذ قبالة شارع جانبي في العاصمة كابل، بينما تجلس أكثر من 12 امرأة في صفوف على مقاعد وأمامهن مكاتب، ما يجعل المكان أشبه بغرفة دراسة مؤقتة، بينما يتصاعد البخار من المشروبات في أكواب بلاستيكية.
وتصدت امرأة، وهي طبيبة أسنان تُدعى زهرة، لمهمة إطلاع المشاهد على مجريات هذا الاجتماع السري، عندما كان تتحدث إلى المجموعة، وتستدعي ذكريات ارتداء الكعب العالي، واستخدام العطور والذهاب إلى الحديقة مع أصدقائها، بينما تغطي الابتسامة وجوه الإناث من حولها.
صعوبات جمة
وعن الصعوبات، قالت المخرجة الأفغانية: «أفهم كيف يمكن التعامل مع الصعوبات لأنني منهن (...) إنهن بطلات، لا ضحايا».
ومع خروج ماني والإناث اللاتي شاركن في العمل من أفغانستان، شعر المنتجون بارتياح عند بدء توزيع وثائقي «الخبز والورد» على نطاق أوسع، وكانت البداية من كان في فرنسا.
بينما قالت منتجة الفيلم والممثلة الحائزة جائزة الأوسكار، جنيفر لورانس: «كان قلبي يخفق بسرعة وأنا أشاهد النساء أثناء تحديهن طالبان. أنتم لا ترون هذا الجانب من القصة -عندما تقاوم الإناث مسلحي طالبان- في الأخبار اليومية، لكنه جزء مهم من فيلمنا».
وأشارت إلى أن الإناث في أفغانستان لا يتمتعن بأي استقلالية في بلادهن، مضيفة: من المهم منحهن الفرصة لتوثيق قصصهن بطريقتهن الخاصة.
وتقول لورانس، هذه القصة ليست لها نهاية، وغالبًا ما تشعر بقمة العجز أثناء التفكير في ما يمكن أن تفعله من أجل هذه القضية، مضيفة أنه أمر في غاية الصعوبة على السوق أن تستوعبه.
وقالت لورانس: «أعتقد أن هناك طريقًا طويلًا علينا أن نقطعه، لكني أشعر بالإلهام والإيجابية في المنتج النهائي، عندما يكون لديك مزيد من التنوع في صناعة الأفلام. إن هذا ما يريده الناس، وما يريده الجمهور».
انتقادات دولية
كان مجلس الأمن الدولي تبنى -أواخر أبريل الماضي- قرارًا يدعو حركة طالبان إلى التراجع بسرعة عن الإجراءات التقييدية التي فرضتها على الإناث، منددًا -على وجه الخصوص- بحظر عمل الأفغانيات مع وكالات الأمم المتحدة.
وأكد القرار الذي تبناه أعضاء المجلس الـ15 بالإجماع، أن الحظر الذي أعلنته طالبان -أوائل أبريل الماضي- على عمل الأفغانيات مع المنظمة الأممية، يقوّض حقوق الإنسان والمبادئ الإنسانية، داعيًا الحركة المسلحة إلى التراجع السريع عن السياسات والممارسات التي تقيد الحقوق الإنسانية والحريات الأساسية للنساء والفتيات.
وأشار إلى حقهن في الوصول إلى التعليم والتوظيف وحرية التنقل ومشاركة المرأة الكاملة والمتساوية والهادفة في الحياة العامة، ودعا الدول والمنظمات إلى استخدام نفوذها، لإبطال هذه السياسات والممارسات بشكل عاجل.
وقالت سفيرة الإمارات لدى الأمم المتحدة لانا زكي نسيبة، إن العالم لن يجلس متفرجًا، بينما تُمحى الأفغانيات من المجتمع، بينما انتقد السفير الروسي فاسيلي نيبينزيا نص القرار، رغم تصويت بلاده لصالحه، قائلًا إنه لم يذهب بعيدًا بما فيه الكفاية، محملًا الغرب المسؤولية.
وحظرت طالبان في 4 أبريل الماضي عمل الأفغانيات في مكاتب الأمم المتحدة بجميع أنحاء البلاد، وهو حظر كان محصورًا بالمنظمات غير الحكومية، في خطوة أثارت استياء الغرب ودفعت الأمم المتحدة لمراجعة نشاطها في أفغانستان.
ومنذ استيلاء طالبان على السلطة مجددًا في أغسطس 2021، عادت الحركة المتشددة إلى تطبيق تفسيراتها المتشددة للإسلام التي كانت فترة حكمها الأولى بين عامي 1996 و2001.