السياق تكشف آخر تطورات صراع الأجنحة داخل الإخوان في تركيا

طبقة المصالح التي تشكَّـلت داخل أجنحة جماعة الإخوان، منذ إطاحة نظام حكمها في مصر عام 2013، تقاوم أي رغبة في التغيير الذي يريده إبراهيم منير، سواء كان هذا التغيير للأحسن أم إلى الأسوأ.

السياق تكشف آخر تطورات صراع الأجنحة داخل الإخوان في تركيا

السياق

لم يكن قرار إبراهيم منير، القائم بأعمال المرشد العام لجماعة الإخوان، الهارب في لندن، حل المكتب الإداري في تركيا، سوى حلقة جديدة لصراع الأجنحة داخل الجماعة.

ولكن هذه الجولة من الصراع، أخذت أهميتها من أن المكتب الإداري في تركيا، السُّلطة الوحيدة للجماعة منذ ثورة 30 يونيو، التي أطاحت حكم الإخوان في مصر.

الأمر قد يبدو في ظاهره، نتيجة ضغوط تركية، لكن وفقاً لمصادر في تركيا –طلبت عدم ذكر اسمها- فإن القرار جاء بسبب صراع بين جبهتي إبراهيم منير ومحمود حسين أمين عام جماعة الإخوان، الهارب في تركيا، للحصول على السُّلطة والإدارة، ومن ثم السيطرة على الملف المالي وقناة وطن، القناة الوحيدة المملوكة للإخوان وتبث حاليا من تركيا.

أصل الخلاف

وذكرت المصادر لـ"السياق" أن الخلاف بدأ عقب تعيين وانتخاب "منير" قائماً بأعمال المرشد العام محمد بديع، الموجود في السجون المصرية، وإطاحة محمود حسين، الذي كان يرى بدوره أنه الأجدر بالمنصب، باعتباره أمين عام الجماعة.

وأشارت المصادر، إلى أن طلب "منير" من محمود حسين، ترك منصب الأمين العام وإجراء انتخابات جديدة، قوبل بالرفض والتمسُّك بالمنصب، فأصدر الأول قراراً بحل مكتب الإرشاد، وبذلك تم تجريد الأخير من منصبه، بعد إلغاء منصب الأمين العام، وتشكيل لجنة تحت مسمى "اللجنة العليا لإدارة الإخوان بتركيا" بدلاً من مكتب الإرشاد، على أن يتولى رئاستها الدكتور حلمي الجزار، واعتبار محمود حسين، عضواً فيها.

هذا القرار أيضاً، قوبل بالرفض من جبهة حسين، الذي عطَّل عمل اللجنة، وأعلن تشكيل لجنة موازية لإدارة مكتب الإرشاد، ما أدى إلى زيادة الغضب والانقسام بين جبهتي "منير" و "حسين".

وفي محاولة من إبراهيم منير، لإعادة السيطرة، أصدر قراراً بتجميد عمل لجنة إدارة مكتب الإرشاد بتركيا، والدعوة إلى انتخابات وضع لها شرطاً، وصفته مصادر "السياق" بأنه تعجيزي.

 إذ اشترط "منير" ألا يتقدَّم للانتخابات، مَنْ هم فوق الخامسة والأربعين، وعدم ترشح القيادات الحالية، وهو ما اعتبرته جبهة محمود حسين "انقلاباً على لائحة الإخوان".

 

دولة الإخوان العميقة

"طبقة المصالح، التي تشكَّـلت داخل أجنحة جماعة الإخوان، منذ إطاحة نظام حكمها في مصر عام 2013، تقاوم أي رغبة في التغيير الذي يريده إبراهيم منير، سواء كان هذا التغيير للأحسن أم إلى الأسوأ" هكذا يري سليم عزوز، الصحفي المصري الموالي لجماعة الإخوان، الهارب في تركيا.

 وفي مقطع فيديو بثه عبر قناته الرسمية على "يوتيوب" يقول: إن أزمة القيادة داخل الجماعة الآن، ليست قراراً تركياً لكنه قرار إخواني.

يتابع عزوز: إن الواقع الذي تعيشه "الإخوان" حالياً ناتج في ظاهره عن ضغوط تركية، لكن الحقيقة أن الانقسام نتج عن قرار إبراهيم منير، بحل المكتب الإداري في تركيا، وقد اتخذ القرار بناءً على تعليمات من المرشد العام للجماعة المسجون بمصر، بإعادة تشكيل المكتب، برئاسة الدكتور حلمي الجزار.

لكن دولة الإخوان العميقة، رفضت هذا القرار وتمرَّدت عليه، ونتج عنه تراجع عن القرار وتشكيل لجنة برئاسة "منير"، كان من المقرر ألا يكون هو رئيسها، بعدما تبيَّـن أن مجموعة محمود حسين، هي المسيطرة على الكيان، وبناءً على ذلك تم حل المكتب، على أن يكون هناك تشكيل جديد عن طريق الانتخابات، وتم بالفعل التجهيز للانتخابات، لولا رفض الجانب التركي، وتم إلغاء فِكرة المؤتمر العام بحضور القيادات.

وتكشف المصادر الموجودة بتركيا، التي طلبت عدم ذكر اسمها لـ "السياق"، أن الخلاف الدائر الآن، بعد قرار "منير" بحل المكتب الإداري في تركيا وتجميد الانتخابات، يدور حول ملفات مالية خاصة قناة وطن، القناة الوحيدة المملوكة لجماعة الإخوان، التي تسيطر عليها حالياً جبهة محمود حسين لوجوده في تركيا، إذ يريد إبراهيم منير نقلها إلى لندن، لإحكام السيطرة على الخطاب الإعلامي للجماعة، لتجاوز فِكرة الرضوخ للقرار التركي بغلق القنوات، وأن يكون لها سقف معين.

 

استمرار الارتباك

الصراع الدائر بين جناحي الإخوان الإرهابية، يرجعه عمرو عبدالمنعم، الباحث المصري في شؤون الجماعات المتطرفة، في تصريحات خاصة لـ"السياق"، إلى محمود عزت القائم بأعمال المرشد، الذي كان هارباً وتم القبض عليه من قوات الشرطة في مصر، وظهوره في آخر مشهد بالحلقة الأخيرة من المسلسل المصري "الاختيار"، وهو يعترف برؤية القيادات الإخوانية للمرحلة الحالية وتبنيهم للعنف، خاصة بعد اعترافهم، في فيديو ساعة الحسم، باغتيال النائب العام.

ومنذ تلك اللحظة، يرى عبدالمنعم، أن الجماعة -خاصة في تركيا- تشهد حالة ارتباك شديد للغاية، بفِعل القبض على عزت، الذي كان مصدر قوة لهم طوال فترة هروبه، وبفِعل تردي أوضاع شباب الإخوان في تركيا، خاصة من العاملين في الحقل الإعلامي. 

وأضاف عبدالمنعم، أن الغطاء انكشف فجأة وبصورة سريعة عن مجموعة تركيا، بعد أن طالبت السلطات التركية -بشكل صريح- بالالتزام بميثاق الشرف المهني والصحفي، ومنحهم وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، مهلة ثلاثة أشهر.

وأكد أوغلو أن "حدودنا في إعلامنا، هو ما يراه الجانب المصري"، ذلك القرار الذي نتج عنه حالة من الإرباك الشديد، وكان القرار من إبراهيم منير، المعروف بصلاته بأجهزة الاستخبارات العالمية في لندن، بحل المكتب الإداري في تركيا.

ويتوقَّف الباحث في شؤون الجماعات المتطرفة، عند تأثير القبض على محمود  عزت، الذي كانت تتعامل معه مجموعة محمود حسين، عن طريق التطبيقات السرية المشفَّرة، مؤكداً أنه كان بالغ الأثر في مجموعة تركيا، فكان من نتائجه، أن فشلت مجموعة الإخوان في تركيا، في التعامل مع الدولة التركية، وفشلت أيضاً في استمرار منصتها الإعلامية، وفشلت حتى في تنفيذ وعودها لشبابهم على أرض الواقع، وظهور الخلافات بينهم بشكل صريح، ما أدى إلى حالة من الانهيار الداخلي في مكتب تركيا، ومن ثم جميع مكاتب الجماعة في أوروبا .

ويستبعد عمرو عبدالمنعم، أن يكون طلب مصر بتوقُّف الأبواق الإعلامية في تركيا، من شروط إعادة مسار العلاقات معها، قائلاً: "إن القاهرة دائماً تسعى إلى علاقات سليمة ومستنيرة وشفافة، مع أصدقائها وحلفائها، ودائماً ما تنفِّذ وعودها، و لا أظن أن مصر طلبت من أحد وقف إعلام يعمل لصالح أجندات دول أجنبية في الأساس"، وأضاف: " مصر تطلب فقط المحكوم عليهم بأحكام نافذة نهائية، لتنفيذها في الداخل المصري، بعد ثبوت أدلة وعرائض الاتهام الواضحة والصريحة".