صراع الإخوان.. ماذا وراء إعلان جبهة منير التخلي عن الصراع على السلطة في مصر؟

كشفت مصادر للسياق، عن أن هناك صراعًا مكتومًا داخل جبهة لندن على القيادة، ما دفعهم لاتخاذ هذا الموقف حتى إعادة ترتيب البيت من الداخل.

صراع الإخوان.. ماذا وراء إعلان جبهة منير التخلي عن الصراع على السلطة في مصر؟

السياق (خاص)

صراع جديد، شقَّ طريقه إلى إحدى جبهات «الإخوان» ينذر بمزيد من التشرذم للتنظيم «الإرهابي»، ويكشف الكثير عن تشبث أعضائه بالمناصب والسلطة، بدلًا من الارتكان إلى الوحدة وتوحيد الصفوف.

فالتننظيم الذي تقلد زمام الأمور في أكبر بلد عربي، من حيث عدد السكان، لشهور معدودة، وتسبب في أزمات وفتن، دفعت إلى اقتلاعه من جذوره في يونيو 2013، يتجرع الكأس التي أذاقها للمصريين، بغياب الوحدة عن صفوفه، وتمسك قياداته بمناصبهم، على حساب وحدة الكيان، الذي يعيش أسوأ أيامه منذ تأسيسه على يد حسن البنا.

ولم يعرف التنظيم الإرهابي -منذ عامين تقريبًا- سوى التشرذم والانقسام، بسبب الصراع على منصب المرشد العام للجماعة، ما شطره إلى ثلاث جبهات، كل منها لها مؤيدوها وأتباعها، إلا أن جبهتين منها: لندن بقيادة إبراهيم منير، واسطنبول بقيادة محمود حسين، كانتا الأكثر تنافسًا على المنصب.

إلا أنه بوفاة القائم بأعمال مرشد الإخوان إبراهيم منير قبل أيام، دخل التنظيم فصلًا جديدًا من الصراع بين الجبهتين المتناحرتين، وداخل جبهة منير نفسها، يغذيه التنافس على من يقود التنظيم «الإرهابي».

فبينما تحاول جبهة اسطنبول السيطرة على مفاصل تنظيم الإخوان، لأن قائدها محمود حسين الأكبر سنًا في التنظيم، معتمدة في ذلك على اللائحة الداخلية، تسعى جبهة منير للتغلب على الانشقاق، الذي زلزل أركانها بعد وفاة إبراهيم منير، الذي لم يختر قبل رحيله من يخلفه في المنصب.

 

كواليس الصراع

وفي محاولة من جبهة إبراهيم منير لتوحيد جبهتها الداخلية، أملًا في العودة من جديد، لاستكمال الصراع على منصب المرشد العام للإخوان مع غريمتها جبهة اسطنبول، أعلنت تخليها عن الصراع على السلطة في مصر، والتركيز على إعادة بناء جماعة الإخوان «الإرهابية».

ورغم أن ذلك الإعلان، أثار الكثير من التساؤلات في توقيته، خاصة أن التنظيم يستعد لاحتجاجات يراها وحده ممكنة في 11/11، إضافة إلى أنه الثاني خلال شهر، بعد بيان الجبهة قبل وفاة منير باعتزال العمل السياسي، إلا أنه يبدو متسقًا مع الاستراتيجية التي تتبعها جبهة لندن منذ فترة، متمثلة في غسل سمعة الجماعة من منهجية التكفير والعنف.

 إلا أن كواليس ذلك الإعلان، تكشفها مصادر مقربة من مكتب الإخوان في لندن، مؤكدة أنه يرتبط باختيار محيي الدين الزايط خلفًا لإبراهيم منير.

وتقول المصادر في تصريحات لـ«السياق»، إن هناك حالة من الرفض لاختيار الزايط، مشيرة إلى أن هناك صراعًا مكتومًا داخل جبهة لندن على القيادة، ما دفعهم لاتخاذ هذا الموقف حتى إعادة ترتيب البيت من الداخل.

إلى ذلك، قال الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية، عمرو فاروق في تصريحات لـ«السياق»، إن جبهة لندن لم تعلن رسميًا اختيار محيي الدين الزايط قائمًا بأعمال المرشد، لكن الرجل تولى الإشراف على هيئة المكتب الإداري للتنظيم، الذي أسس بديلًا لمكتب الإرشاد، عقب وقوع محمود عزت في قبضة الأجهزة الأمنية المصرية، وتنصيب إبراهيم منير قائمًا بأعمال المرشد.

وأوضح فاروق، أن جماعة الإخوان تحاول ملء فراغ منصبي القائم بأعمال المرشد، والأمين العام للتنظيم الدولي، بعد أن جمع إبراهيم منير بينهما في أغسطس 2020، مشيرًا إلى أن قائمة الأسماء المطروحة لاختيار المنصبين تشمل حلمي الجزار، ومحمد البحيري، ومحمد عبدالمعطي الجزار، ومحمود الإبياري، ومحيي الدين الزايط.

وأضاف الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية، أن الإعلان الرسمي عن شخصية القائم بأعمال منصب الإخوان، سيتم خلال الأيام المقبلة، لاسيما وأن البيان الرسمي الذي ظهر خلاله محيي الدين الزايط، كشف عن خلاف كبير في الاستقرار على شخصية القائم بأعمال مرشد الإخوان.

 

من يقود الجبهة؟

وعن اختيار من يخلف إبراهيم منير، أكد فاروق أن هناك 3 سيناريوهات ستحدد هوية اختيار الشخصية المسؤولة عن التنظيم، وما يتبعها من توجهات تنظيمية في التعامل مع الموقف المصري، أولها الاتجاه لاختيار شخصية توافقية تمهد لضم الجبهات المتصارعة، حال الوصول إلى صيغة احتوائية، مثل  محمد عبدالمعطي الجزار، ومحمد البحيري (يمثلان جيل تنظيم 65، والأكبر سنًا).

وأشار إلى أن شخصية إبراهيم منير كانت عائقًا أمام محاولات إنهاء الخصومة والصراع، التي قادتها شخصيات من التنظيم الدولي، أمثال محمد أحمد الراشد، أحد قيادات الإخوان في العراق.

السيناريو الثاني، بحسب الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية، يتمثل في اختيار حلمي الجزار واستكمال مشروع العودة بالجماعة إلى مرحلة ما قبل 2011، والتركيز على إعادة هيكلة المؤسسات الداخلية، والتوقف عن ممارسة السياسة، والتراجع عن الدخول في أي صدام مع النظام المصري، وفق استراتيجة غسل سمعة الجماعة من منهجية التكفير والعنف، التي تتبعها جبهة لندن منذ أشهر.

أما السيناريو الثالث، فيتمثل في الاستقرار على تولي محيي الدين الزايط، منصب القائم بأعمال المرشد، والاتجاه بالجماعة إلى المزيد من الخلافات والصراعات الداخلية، فضلًا عن زيادة وتيرة الهجوم على الدولة المصرية، لاسيما وأن شخصية الزايط، تميل للعنف والصدام والتصلب في وجهات النظر.

إلا أن السيناريو الأخير ربما يكون الأقرب في ظل اختيار شخصية ضعيفة على مختلف المستويات، يسهل التحكم فيها وتوجيه قراراتها التنظيمية والسياسية، بما يحقق أهداف الجمعية السرية التي تدير مؤسسات التنظيم الدولي، بحسب فاروق، الذي توقع إسناد مهمة منصب الأمين العام للتنظيم الدولي إلى محمود الإبياري، كونه الأمين العام المساعد للتنظيم الدولي، أو إبراهيم الزيات (وزير مالية الإخوان، وأحد المشرفين على نشاط التنظيم في ألمانيا)، لتمتعهما بعلاقات قوية مع مؤسسات التنظيم الدولي، وخبراتهما الطويلة.

 

مأزق اللائحة

في السياق نفسه، قال الخبير في شؤون الجماعات المتطرفة أحمد سلطان، في تصريحات لـ«السياق»، إن تعيين محيي الدين الزايط، خلفًا لإبراهيم منير، قرار طبيعي لأنه كان يشغل نائب رئيس الهيئة الإدارية العليا لجماعة الإخوان التابعة لجبهة إبراهيم منير، ما يعني إنابته عن إبراهيم منير بشكل مؤقت حال غيابه.

وعن الوضع الحالي داخل جبهة لندن، قال الخبير في شؤون الجماعات المتطرفة، في تصريحات لـ«السياق»، إن هناك أكثر من اسم، للقيام بالأعمال حال غياب إبراهيم منير، بينهم محمد البحيري وبعض أعضاء مجلس الشوري العام بالإخوان، مشيرًا إلى أن الأسماء طُرحت منذ أربعة أشهر ولم يحسم إبراهيم منير أحدها.

وأوضح سلطان، أن جبهة لندن لها مجلس شورى خاص بها منوط بأن يقر من يتولي منصب النائب خلفًا لإبراهيم منير، لكن هذه الخطوة تصطدم بنص اللائحة الداخلية لجماعة الإخوان، التي تقول: «إذا غاب المرشد أو القائم بأعماله، يكلف أكبر أعضاء مكتب الإرشاد سنًا بمهام المرشد»

إلا أنه في إطار الوضع الحالي، فإن الوحيد الذي تبقي من أعضاء مكتب الإرشاد هو محمود حسين، وهو الوحيد القابع خارج السجن، ما يمنحه أحقية تولي منصب القائم بأعمال المرشد، إلا أن جبهة لندن ترفض ذلك، بسبب الخلاف الداخلي، كونه الغريم التقليدي لها.

ويقول سلطان إنه بغياب إبراهيم منير يمضي تنظيم الإخوان نحو مزيد من الخلافات، وتعقد للمشهد، مشيرًا إلى أن جبهة لندن ستمضي بالطريقة التقليدية، أو بمزيد من الانقسام والانشقاقات لصالح جبهات أخرى، إلا أن ذلك يتوقف على اختيار خليفة لإبراهيم منير.