المواجهة بالعنف.. إخوان تونس تستدعي النهج العدائي
فسَّرت ضحى طليق إعلان عبير موسي اللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية، بجملة من الأسباب، كان أبرزها اهتزاز ثقة حزبها في القضاء التونسي

السياق
"المواجهة بالعنف"، تلك حقيقة باتت ثابتة في عقيدة حركة النهضة الإخوانية في تونس، وتترجمها المواقف، التي كان آخرها الاعتداء على عبير موسي، رئيسة الحزب الدستوري الحر داخل البرلمان، قبل أسبوع.
الواقعة، التي كان بطلها الصحبي سمارة وسيف الدين مخلوف، النائبان في ائتلاف الكرامة الإخواني، جاءت استمرارًا لنهج بدأ مع اغتيال الزعيم اليساري شكري بلعيد والقائد القومي محمد البراهمي، عام 2013، على يد جناح عسكري سري لإخوان تونس، بحسب أدلة قدَّمتها هيئة الدفاع للمحكمة، التي كانت تنظر القضية عام 2019.
ففي يوليو 2020، طالب راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة الإخوانية، رئيس البرلمان التونسي، بفض اعتصام الحزب الدستوري الحر بـ"القوة"، وهو ما رفضته قوى الأمن حينها.
هذه المحطات، جزء من مشهد عام لأداء الإخوان في تونس، يهدف في النهاية إلى الاستمرار في السُّلطة، عبر كل الوسائل، ومواجهة أي تيار مدني، يسعى لتحرير التجربة التونسية، من السطو الثيوقراطي.
القضاء الدولي
"لم يعد لدي الحزب الدستوري الحر في تونس، أي ثقة في السُّلطات السياسية والقضائية"، هكذا تصف ضحي طليق، المحللة السياسية التونسية، في تصريح خاص لـ"السياق" قرار الحزب المعارض في تونس، اللجوء إلى القضاء الدولي، للتظلم من العنف ضد نوابه في البرلمان.
وأشارت المحللة السياسية التونسية، إلى أن الاعتداء على "موسي" لم يكن الأول، فقد سبق أن تعرَّض أعضاء حزبها للضرب في بهو المجلس، خلال اعتصام أمام الفرع الدولي لاتحاد علماء المسلمين، حيث اقتلعت خيمة الاعتصام بقوة الشرطة التونسية، رغم حصولها على التراخيص اللازمة.
وفسَّرت ضحى طليق إعلان عبير موسي اللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية، بجملة من الأسباب، كان أبرزها اهتزاز ثقة حزبها في القضاء التونسي، الذي أظهر بحسب قولها "اصطفافاً وسياسة المكيالين واستهانة بحقوق النواب المكفولة دستورياً، والتخاذل في حماية الحرمة الجسدية للمرأة التونسية".
وبحسب ما أعلنته عبير موسي، ستتضمن شكواها إلى "الجنائية الدولية" ما تتعرَّض له "فئة من التونسيين" من تعذيب واضطهاد لأسباب سياسية على أساس النوع.
وأعلنت رئيسة الحزب الدستوري الحر، تقديم شكوى ضد كل من: هشام المشيشي، بصفته رئيس الحكومة التونسية، ووزير الداخلية بالنيابة، وراشد الغنوشي رئيس حركة النهضة، وسميرة الشواشي وزيرة المرأة، وزيرة العدل المديرة العامة للأمن الوطني، مدير عام إدارة وحدات التدخل، ومدير إقليم أمن تونس، رئيس منطقة باردو وإلى تونس، وبشير العكرمي وكيل الجمهورية السابق، ووكيل الجمهورية الحالى بالمحكمة الابتدائية في تونس.
ورغم ما أعلنته عبير موسي، من بدء حملة دولية للتعريف بقضيتها، عبر المنظمات الدولية المعترف بها، فإن المحللة التونسية ضحي طليق ترى –حسب تصريحاتها لـ"السياق"- أن الاعتداء الذي تعرَّضت له وعدد من أعضاء كتلتها، لم يتم التنديد به، بالشكل المطلوب داخل تونس.
وتري أيضاً أن قرار الدستوري الحر، اللجوء إلى القضاء الدولي "بروبجاندا" لتنبيه الرأي العام الدولي، لما يعيشه الشعب التونسي، في ظِل هيمنة حكم الإخوان.
رسالة سياسية
من جانبه، يرى باسل ترجمان، المحلل السياسي التونسي -في تصريح خاص لـ"السياق"- أن قرار الحزب الدستوري الحر، اللجوء إلى القضاء الدولي "رسالة سياسية نتيجة عدم اتخاذ النيابة العمومية الإجراءات، بعد الاعتداءات بالعنف، التي تم تصويرها داخل مجلس النواب التونسي".
وأوضح "ترجمان" أن التلويح باللجوء إلى القضاء الدولي، رسالة واضحة من جملة رسائل تم توجيهها إلى القضاء التونسي، عن التراخي وعدم اتخاذ إجراءات ضد هذه الجرائم الموثَّقة، من خلال محطات تليفزيونية رسمية تبث الجلسات العامة، وهي جرائم موثَّقة، والنيابة يجب أن تتحرك من تلقاء نفسها، في مثل تلك الوقائع.
ويرى المحلل السياسي التونسي، أن القرار سيكون له تأثير سياسي كبير في تونس، خاصة أن هناك العديد من الملاحظات على القضاء الذي يكيل بمكيالين، بحسب قوله.
وهنا يقول: إن العنف السياسي ليس جديدًا على تونس، إذ تم الاعتداء على مقر اتحاد العمل التونسي عامي 2012 و2013، فضلًا عن الاعتداء على المتظاهرين 9 أبريل 2012.
وبحسب المحلل التونسي، باسل ترجمان، فإن هذه الاعتداءات وهذا العنف، دليل على أن هناك شعورًا متعاظمًا لدى الإخوان بالفشل، وكلما ارتفع منسوب الفشل لديهم، زاد عنفهم في مواجهة خصومهم ومعارضيهم.
لكنه كشف أن الأخطر من هذا العنف، هو "شرعنته" ومنحه غطاءً سياسياً، وتوجيه رسالة بأن هناك مَنْ يحميه، وهو ما يهدِّد السِّلم والأمن المجتمعي.