ماريوبول الأوكرانية... عندما تجسد صور المفقودين مأساة الحرب
وفقًا لمسؤولين أوكرانيين، فإن ما يقرب من 20 ألف مدني لقوا مصرعهم في ماريوبول منذ بداية الغزو الروسي، في مدينة يبلغ عدد سكانها ما يقرب من 450 ألف نسمة

ترجمات – السياق
ضمن مئات الصور التي تُنشر عن المفقودين الأوكرانيين، بأحد المواقع الإلكترونية المحلية، تظهر امرأة تبلغ من العمر 76 عامًا، كانت قد شوهدت آخر مرة في قبو منزلها، كما تظهر صور مراهق آخر مازال مفقودًا، إلى جانب زوجين مسيان احترق منزلهما في القتال.
هذا ليس سوى عدد قليل من مئات الإخطارات، التي نشرها المستخدمون -الأسبوع الماضي- في موقع إلكتروني أسس خصيصًا لتتبع آثار السكان المفقودين في ماريوبول، حسب تقرير صحيفة واشنطن بوست الأمريكية.
ماريوبول لايف
وذكرت "واشنطن بوست" أن موقع ماريوبول لايف، من بنات أفكار ديمتري شيريبانوف -مبرمج كمبيوتر وأحد سكان ماريوبول- الذي أجبر على الهروب من المدينة في مارس الماضي، بعد أن تسبب القصف الروسي في قطع المياه والكهرباء.
وذكرت أن شيريبانوف أراد استغلال مهاراته في مساعدة الناس بجمع معلومات عن المفقودين من أحبائهم، وفقًا لما أكده بموقع التواصل الاجتماعي تلغرام، الأسبوع الماضي.
سهّل شيريبانوف قاعدة البيانات الخاصة بهذا الموقع، إذ يتضمن أسماء وعناوين وتواريخ ميلاد المفقود، فضلًا عن المكان الأخير الذي كان فيه قبل تغيُّبه.
وأشارت إلى أنه مع هذا التسهيل في الاستخدام، يمكن للمستخدمين تتبع الصفحة الخاصة بالمفقود، للعثور على أي معلومات جديدة، أو رسائل مباشرة أو تعليقات إلى آخرين ينشرون في الموقع، لهدف واحد هو الوصول إلى معلومة تقود إلى معرفة مصير المفقود.
مأساة إنسانية
وأوضحت "واشنطن بوست" أن هذا الموقع نافذة صغيرة لكم المآسي الإنسانية، التي تشهدها ماريوبول تحت الحصار الروسي، حيث القتلى لا يمكن حصرهم، بينما فُقد آخرون لا يمكن الوصول إلى عددهم.
ووفقًا لمسؤولين أوكرانيين، فإن ما يقرب من 20 ألف مدني لقوا مصرعهم في ماريوبول منذ بداية الغزو الروسي، في مدينة يبلغ عدد سكانها ما يقرب من 450 ألف نسمة.
يأتي ذلك بعد إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين انتصاره في ماريوبول، رغم عدم حسم معركة مصنع آزوفستال للحديد والصلب، حيث لايزال مقاتلون أوكرانيون متحصنين داخل المصنع الموجود على أطراف المدينة.
وحسب الصحيفة الأمريكية، فإن السيطرة على ماريوبول ستمنح روسيا جسرًا بريًا حاسمًا بين الأراضي الروسية وشبه جزيرة القرم، التي ضمتها من أوكرانيا عام 2014.
وتُعد المدينة هدفًا استراتيجيًا لروسيا، إذ تشكل القلب النابض للنشاط البحري التجاري الأوكراني، حيث كانت مركزًا مهمًا لإنتاج الحديد والصلب، ومن ثم فإن السيطرة عليها تعني السيطرة على نحو 80 بالمئة من ساحل أوكرانيا على البحر الأسود.
مشاهد مؤلمة
وذكرت "واشنطن بوست" أنه في أحد المنشورات، يظهر شخص يدعى مارشوك ألكسندر يوسيبوفيتش، يبلغ من العمر 62 عامًا وهو يرتدي زيًا عسكريًا، مشيرة إلى أن صورته مصحوبة بملاحظة موجزة ومؤلمة: "أنا أبحث عن والدي... بحاجة إلى مساعدات إنسانية... الغذاء والماء".
وحسب الصحيفة، تشمل الصور الأخرى صورة امرأة ترتدي نظارة طبية تجلس على مقعد، تبلغ من العمر 70 عامًا، وهي مفقودة منذ 21 مارس.
يقول المنشور: "أنا أبحث عن أمي... كانت ترتدي سترة خفيفة، وقبعة بيضاء، وتتحرك ببطء بسبب تعرضها لسكتة دماغية."
وعلق شيريبانوف، على هذه الواقعة: "لقد فقدت كل من أحببته، كل من كان عزيزًا عليّ في ماريوبول، حيث ولدت وعشت 45 عامًا من حياتي".
وأوضحت الصحيفة الأمريكية أنه للآن، ليس من الواضح عدد السكان الذين فروا أو فُقدوا أثناء الحرب، مشيرة إلى أن موقع ماريوبول لايف سجل -خلال أسبوعه الأول- أكثر من 12000 زيارة ولديه أكثر من 1000 إدخال للمفقودين.
وقالت إن منزل تشيريبانوف، ومسرحه الكبير -ذا السقف الأحمر- حيث لجأ المئات إليه هربًا من القصف، ومتحف الكمبيوتر الذي بناه دُمِّرت كلها.
ورغم هذا الكم الكبير من الحقائق المأساوية، التي كشفها الموقع عن الأوضاع في ماريوبول، فإن هناك ضوءًا في نهاية النفق في بعض الأحيان، إذ إنه بعد نشر مناشدات لمعرفة مصير أسرة بعد نشوب حريق هائل في منزلها، ظهرت البشرى من خلال تعليق على الموقع، يؤكد أن جميع أفراد العائلة على قيد الحياة.