المقاومة الأفغانية في المنفى.. سياسيون ومسلحون ينقصهم توحيد الأيديولوجيا والدعم الأجنبي
تشكيل حكومة في المنفى، قد يثير مخاوف من إمكانية انجراف أفغانستان إلى الحرب الأهلية

ترجمات – السياق
يسعى قادة المقاومة المسلحة الأفغانية ضد حركة طالبان، بمعاونة سياسيين وقادة في حكومة الرئيس أشرف غني السابق، إلى تشكيل حكومة مناهضة للحركة في المنفى، عقب مغادرتهم البلاد، حسبما ذكرت مجلة فورين بولسي الأمريكية.
وذكرت المجلة في تقريرها، أن سياسيين ووزراء ونوابًا برلمانيين سابقين، إضافة إلى شخصيات عسكرية بارزة، في طاجيكستان، يسعون إلى الحصول على دعم مالي وعسكري، لتعزيز معارضة فعالة ضد متشددي طالبان.
وأشارت "فورين بولسي" إلى أن أحمد مسعود، نجل وخليفة الزعيم الأفغاني الراحل أحمد شاه مسعود، ونائب الرئيس الأفغاني السابق أمر الله صالح، اللذين قادا مقاومة قصيرة في وادي بنجشير شمالي شرق كابل، فرا من البلاد عبر الحدود في الأسابيع الأخيرة، بعد فشل جهودهما في التصدي لطالبان.
المقاومة تضم 3 فئات
ونقلت المجلة الأمريكية، عن مسؤول أمني أفغاني سابق -طلب عدم كشف هويته- رؤيته لـ "المقاومة" المرتقبة، إذ تضم ثلاث فئات هي: "مؤيدو صالح، وجبهة المقاومة الوطنية بزعامة مسعود، وضباط سابقون، بينهم جنرالات في قوات الدفاع والأمن الوطني الأفغانية"، إضافة إلى كبار المسؤولين في وزارتي الدفاع والداخلية ووزراء ونواب سابقين، كما كشف المصدر الأمني، أن المناقشات مازالت في مراحلها الأولى، وأن جماعات المقاومة لم تتوحد أيديولوجيًا.
وقالت مصادر أخرى، لـ "فورين بولسي": إن تلك المجموعات-أي المقاومة المرتقبة- تُمثِّل الهويات العِرقية والدينية المختلفة في أفغانستان، من السُّنة والشيعة والبشتون والطاجيك والأوزبك والهزارة، كما أن بعض الأطراف الفاعلة الرئيسة، بما في ذلك قادة فصائل مسلحة، وعدد من القوى العِرقية المختلفة، يتعاونون أيضاً مع هذا الحراك خارج طاجيكستان، ومن المتوقَّع أن ينتقل بعضهم إلى أفغانستان قريباً.
لا راع ولا داعم
حسب التقرير فإن تشكيل حكومة في المنفى، قد يثير مخاوف من إمكانية انجراف أفغانستان إلى الحرب الأهلية، لكنه أكد أن عدم وجود طرف يرعى "المقاومة"، يهدد وجودها على الأرض في أفغانستان.
وبخصوص الدعم الأجنبي لـ"المقاومة" كشفت "فورين بولسي" أن السيناتور الأمريكي ليندسي جراهام، والنائب مايكل والتز، هما المشجعان الوحيدان حتى الآن، لأحمد مسعود وأمر الله صالح، وأكدت في تقريرها، أنه ليس هناك ما يشير إلى أن المقاومة وجدت راعياً مالياً مثل النائب السابق تشارلي ويلسون، الذي اشتهر بدعم "المجاهدين" بعد الغزو السوفييتي لأفغانستان عام 1979.
دحر طالبان
وعن الطريقة التي يمكن بها تشكيل المقاومة الجديدة، ذكرت المجلة، أن مستشاري الحركة الوليدة، اقترحوا أن يتبع كل من صالح ومسعود الأسلوب الذي اتبعته طالبان، بعد إطاحة نظامها، إثر الغزو الأمريكي أواخر عام 2001، بإعادة تجميع صفوفهم وتسليح أنفسهم، وطلب الدعم والتوسع.
وأشارت المجلة، إلى أن طالبان كان لها ملاذ آمن في باكستان، حيث تم إيواء قواتها وتمويلهم وتسليحهم من جهاز الاستخبارات الباكستانية، قبل إشعال تمردهم ثانية.
مقاومة وليدة
وقالت ويدا مهران، اختصاصية نزاعات في جامعة إكسيتر البريطانية، لـ "فورين بولسي": "هذه المقاومة تشكلت بسرعة كبيرة، ولا يبدو أن لديها أجندة صلبة"، مشيرة إلى أن هناك العديد من الانقسامات داخل الحركة، فضلًا عن كونها تتحدَّث لغة المجاهدين القدامى.
وطالبت الداعين إلى تشكيل المقاومة ضد طالبان، بضرورة استغلال وجودهم خارج البلاد، لإعادة تجميع صفوفهم، وتحديد كيفية تحدي طالبان، والنظر في الشخصيات الأخرى، التي يتعين عليهم ضمها، والتطور إلى حركة أوسع خلال الفترة المقبلة.
فضلًا عن عوامل داخلية، يمكن أن تساعد حركة المقاومة الخارجية لطالبان، منها أن الحركة لا تحظى بشعبية كبيرة بين الأفغان، خاصة في المدن، كما أنها لا تجيد التعامل مع الكوارث الإنسانية والاقتصادية التي تتكشف، بينما تتشدد في إصدار مراسيم لقضايا غير ملحة، مثل قصات شعر الرجال وغير ذلك، كما أن السفارات الأفغانية، مازالت تعمل من قِبل الدبلوماسيين المعينين من حكومة غني وسابقاتها، وليس طالبان.
"جمهورية أفغانستان الدستورية"
وكشفت "فورين بولسي" أن هناك حركة معارضة حديثة أعلنت عن نفسها باسم "جمهورية أفغانستان الدستورية"، تسعى -بحسب مؤسسها- الذي طلب عدم كشف هويته- إلى دعم السفارات بصفتها" داعية لأفغانستان ديمقراطية ومستقلة".
ورات المجلة الأمريكية، أن هناك بعض الإشارات الأولية على نجاح هذه الحركة، إذ قالت سفارة أفغانستان في أستراليا، في بيان إن "استيلاء طالبان الأخير على السلطة والأراضي غير قانوني"، ودعت المجتمع الدولي إلى "دعم إرادة الأمة، بما في ذلك الحق في تقرير المصير".
وتعهدت حركة "جمهورية أفغانستان الدستورية" الوليدة، بدعم حقوق الإنسان، خاصة حقوق النساء والأطفال والأقليات، والشمولية السياسية ومكافحة الإرهاب، فضلًا عن محاسبة طالبان على كل خروقها لهذه المبادئ.
وأضافت الحركة في بيانها -نقلًا عن "فورين بولسي"- أن فشل طالبان في تلبية هذه المبادئ الأساسية، سيطيل -بلا شك- أمد الصراع، ويشكل تهديدات خطيرة للأمن والاستقرار الإقليميين والدوليين.