فاينانشال تايمز: الصين متأخرة بـ10 سنوات عن أمريكا في السباق الإلكتروني
يصنف باحثو المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية البلدان على طيف من القدرات الإلكترونية، من قوة اقتصاداتها الرقمية ونضج وظائفها الاستخباراتية والأمنية إلى مدى تكامل المرافق الإلكترونية مع العمليات العسكرية.

ترجمات - السياق
كشفت دراسة جديدة للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، أن القوة الإلكترونية للصين متأخرة بعشر سنوات على الأقل عن الولايات المتحدة، مشيرة إلى أنها غير قادرة على مضاهاة القدرات الإلكترونية الأمريكية للمدة نفسها.
ووفقًا للدراسة ، فإنه يجري تقويض نقاط القوة التي تتمتع بها الصين بوصفها قوة إلكترونية، بسبب ضعف الأمن والتحليل الاستخباراتي الضعيف، بحسب فاينانشال تايمز البريطانية.
وتأتي الدراسة التي نشرها المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية -وهو معهد أبحاث بريطاني في مجال الشؤون الدولية ويحمل اسم IISS- في إطار سلسلة من حملات القرصنة التي سلطت الضوء على التهديد المتزايد للتجسس على الإنترنت من قبِل الدول المعادية.
في ديسمبر/كانون الأول 2020، اكتشف المسؤولون الأمريكيون أن جهاز الاستخبارات الخارجية الروسي SVR قد اختطف برنامج SolarWinds لاختراق أهداف حكومية في واشنطن بما في ذلك وزارتا التجارة والخزانة، وبعد ثلاثة أشهر، تعرّض برنامج البريد الإلكتروني من Microsoft للاختراق من قبِل قراصنة صينيين مشتبه بأنهم مدعومون من الحكومة.
القوة الرقمية
يصنف باحثو المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية البلدان على طيف من القدرات الإلكترونية، من قوة اقتصاداتها الرقمية ونضج وظائفها الاستخباراتية والأمنية إلى مدى تكامل المرافق الإلكترونية مع العمليات العسكرية.
وأثبتت الصين، مثل روسيا، خبرتها في العمليات السيبرانية الهجومية، من إجراء التجسس عبر الإنترنت، إلى سرقة الملكية الفكرية وحملات التضليل ضد الولايات المتحدة وحلفائها، لكن كلا البلدين تأخر بسبب الأمن السيبراني الفضفاض نسبيًا مقارنة بمنافسيهما، وفقًا لـ IISS.
ونتيجة لذلك، صُنّفت الولايات المتحدة فقط بوصفها قوة إلكترونية "من الدرجة الأولى" من قبِل المعهد الدولي، فيما جاءت دول الصين وروسيا والمملكة المتحدة وأستراليا وكندا وفرنسا وإسرائيل في المرتبة الثانية، بينما ضمت المرتبة الثالثة كلاً من: الهند وإندونيسيا واليابان وماليزيا وكوريا الشمالية وإيران وفيتنام.
وفي ذلك، يقول جريج أوستن، الخبير في الصراع السيبراني والفضائي والمستقبلي في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، إن التقارير الإعلامية التي تركز فقط على الجوانب الإيجابية للتقدم الرقمي للصين -مثل تطلعاتها إلى أن تصبح رائدة عالميًا في مجال الذكاء الاصطناعي- قد أسهمت في "المبالغة" بشأن إدراك براعتها السيبرانية. وتابع: "بكل المقاييس، فإن تطوير مهارات الأمن السيبراني في الصين في وضع أسوأ مما هو عليه في العديد من البلدان الأخرى".
المراقبة الصينية
وفقًا للتقرير، فإن تركيز بكين على "أمن المحتوى" -الحد من المعلومات التخريبية سياسيًا على الإنترنت المحلي- ربما قلل من تركيزها على مراقبة الشبكات المادية التي تنقلها.
كما اعتبر المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية أن تحليل الصين للاستخبارات الإلكترونية كان "أقل نضجًا" من تحليل حلفاء العيون الخمس (الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا وأستراليا ونيوزيلندا)، لأنه كان مدفوعًا بالأيديولوجية والأهداف السياسية لقادة الحزب الشيوعي.
ويضيف أوستن أن عصر المعلومات يعيد تشكيل الديناميكيات العالمية، لذلك بدأت الدول القوية تقليديًا مثل الهند واليابان في التخلف عن الركب في المستوى الثالث من مشغلي الإنترنت، في حين أن دولًا أصغر مثل إسرائيل وأستراليا قد اكتسبت مهارات إلكترونية متطورة دفعت بعضًا منها إلى الطبقة الثانية.
أما ما يميز الولايات المتحدة في المستوى الأول -وفقًا لـ IISS- فهو قاعدتها الصناعية الرقمية التي لا مثيل لها، وخبرتها في التشفير والقدرة على تنفيذ ضربات إلكترونية "معقدة وعميقة" ضد الخصوم. وعلى عكس خصومها مثل الصين وروسيا، استفادت الولايات المتحدة أيضًا من تحالفات وثيقة مع قوى إلكترونية أخرى، بما في ذلك شركاؤها في العيون الخمس.
هجمات برامج الفدية
ومع ذلك، كانت الولايات المتحدة وحلفاؤها معرضين بشكل متزايد لخطر هجمات برامج الفدية -مثل تلك التي تعرضت لها شركة كولونيال بايبلاين والخدمات الصحية في أيرلندا الشهر الماضي- من قبل قراصنة إجراميين روس ليسوا بتوجيه من الدولة، ولكن يبدو أن السلطات تتسامح مع أنشطتهم.
وفي ذلك يقول روبرت هانيجان، المدير السابق لوكالة المخابرات البريطانية GCHQ -وهو الآن مسؤول تنفيذي كبير في شركة الأمن السيبراني BlueVoyant- إنه يتفق مع العديد من استنتاجات المعهد، لكنه تساءل عن مدى تأخر بكين وموسكو بسبب الدفاعات السيبرانية الضعيفة.
وتابع: "في حين أنه من الصحيح أن الأمن السيبراني أقل تطورًا في روسيا والصين، إلا أنهما بحاجة إليه بشكل أقل إلحاحًا من الاقتصادات الغربية المفتوحة.. فالتهديد ليس متماثلًا، لأن الاقتصادات الغربية محاصرة من قِبل الجماعات الإجرامية الإلكترونية المتمركزة في روسيا وتتسامح معها أو المرخصة من قِبلها، والأمر نفسه ليس صحيحًا في الاتجاه المعاكس"، مختتمًا حديثه: "هذا بدوره يتطلب مستويات أعلى من الأمن السيبراني في الغرب".