بيان خماسي غربي بشأن الانقسام في ليبيا... ماذا يعني ترحيب باشاغا والدبيبة؟
قال المحلل السياسي الليبي عز الدين عقيل، إن الحديث عن ضرورة وجود حكومة جديدة تنجز الانتخابات، يعد تطورًا وصفه بالمهم للتعامل بواقعية مع الملف الليبي.

السياق
بعد أيام من انتهاء مشاورات القاهرة، التي تزامنت مع نهاية خارطة طريق جنيف بشأن ليبيا، وعلى وقع أحداث طرابلس، التي أطلقت جرس إنذار لتوغل المليشيات المسلحة غربي ليبيا، تدخلت الدول الغربية ببيان حاسم.
إلا أن ردود الفعل على ذلك البيان، كشفت الانقسام الحادث في ليبيا، خاصة بعد أن رأى رئيسا الحكومة المقالة عبدالحميد الدبيبة والحالية فتحي باشاغا، أن البيان يصب في صالح كل منهما، فتفاعلا على الفور معه، بالتأييد والترحيب.
وأصدر زعماء المملكة المتحدة والولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا بيانًا مشتركًا عن العملية السياسية في ليبيا، رحبوا فيه بالتقدم الذي أحرزته مشاورات القاهرة بين اللجنة المشتركة في مجلسي النواب والأعلى للدولة، بتيسير من بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا.
ورحب البيان، الذي اطلعت «السياق» على نسخة منه، بدرجة الإجماع حتى الآن على الوصول إلى اتفاق، مشيدًا بجهود ستيفاني ويليامز المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة، وكذلك جهود بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا.
ودعا مجلسي النواب والمجلس والأعلى للدولة وقياداتهما، إلى العمل لإنجاز الأساس القانوني، لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية شفافة وممثلة للجميع، في أقرب وقت ممكن، كما هو مشار إليه في قرار مجلس الأمن رقم 2570 لعام 2021، وفي خارطة طريق ملتقى الحوار السياسي الليبي، ومؤتمر دعم استقرار ليبيا، ومخرجات مؤتمر برلين2، وإعلان مؤتمر باريس بشأن ليبيا.
خارطة الطريق
وعن جدل انتهاء خارطة الطريق في جنيف، قال البيان الخماسي، إن خارطة طريق ملتقى الحوار السياسي الليبي حددت تاريخ انتهاء المرحلة الانتقالية في 22 يونيو الجاري، بشرط إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في 24 ديسمبر 2021، إلا أن ذلك لم يحدث.
تلك النقطة أثارت الجدل بين المراقبين والمحلليين، والسياسيين كذلك، ومنحت أملًا لرئيس الحكومة المقالة عبدالحميد الدبيبة في الاستمرار بالسلطة، إلا أن النقطة التالية في البيان حطمت آماله، بعد أن دعت إلى تشكيل حكومة ليبية موحّدة قادرة على الحكم وإجراء هذه الانتخابات في أنحاء ليبيا.
وفي رسالة شديدة اللهجة إلى حكومة الدبيبة المقالة، قال بيان الخماسي الغربي إن تلك الحكومات ترفض الأفعال التي يمكن أن تؤدي إلى العنف أو إلى مزيد من الانقسامات في ليبيا، مثل تأسيس مؤسسات موازية، أو أي محاولة للسيطرة على السلطة بالقوة، أو رفض الانتقال السلمي للسلطة إلى حكومة جديدة يجرى تشكيلها من خلال عملية مشروعة وشفافة.
وحث البيان، القيادات الليبية على التواصل البنّاء في المفاوضات، بما في ذلك من خلال المساعي الحميدة لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، للخروج من حالة الاستعصاء، والاتفاق على سبيل لإجراء الانتخابات، مؤكدًا أن البلدان الخمس مستمرة في تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار الذي جرى التوصل إليه في 23 أكتوبر 2020.
تحذير ورسالة
وبينما حذر من أن العنف، والتحريض على العنف، وخطاب الكراهية كلها ممارسات غير مقبولة ولا مبرر لها، شدد على ضرورة أن تُدار موارد ليبيا بطريقة شفافة ومسؤولة وتخضع للمساءلة في أنحاء البلاد، ولما هو في صالح الشعب الليبي.
وأهاب بالقيادات الليبية الاتفاق على أولويات الإنفاق العام في ليبيا، وتأسيس إدارة مشتركة للموارد وهيكل للإشراف، من خلال التواصل المستمر مع مجموعة العمل الاقتصادية التي تأسست في مؤتمر برلين.
باشاغا يرحب
وفي أول رد فعل، رحب رئيس حكومة الاستقرار فتحي باشاغا، بالبيان، لا سيما الدعوة إلى حكومة ليبية موحدة قادرة على الحكم وإجراء الانتخابات في جميع أنحاء البلاد.
وأكد أنه بصفته رئيسًا لتلك الحكومة -المنتخبة والمدعومة من مجلسي النواب والدولة- يتطلع إلى العمل جنبًا إلى جنب مع تلك الدول وجميع أصدقائنا العرب والأفارقة، لإعادة بناء ليبيا وقيادتها إلى الانتخابات الوطنية في أقرب الآجال.
عبدالحميد الدبيبة رئيس الحكومة المقالة لم يكن ليفوت تلك الفرصة، ليبرهن على أنه ما زال موجودًا، فرحب –بدوره- بالبيان الدولي المشترك الذي قال إنه «ينسجم مع موقفنا الرافض للعنف أو الاستيلاء على السلطة بالقوة أو تشكيل أي أجسام موازية».
وأبدى الدبيبة «ارتياحه لتوافق البيان مع الموقف الأممي الذي حسم مسألة استمرار عمل الأطراف الليبية وفقاً لمقررات الاتفاق السياسي، الذي نص على أهمية تنفيذ إجراء انتخابات وفقاً لقاعدة دستورية»، مجددًا التزام حكومته بمواصلة سياسة الإفصاح والشفافية بشأن الإنفاق الحكومي وفق آلية وطنية واضحة لذلك.
تجاوز الدبيبة
من جانبه، قال المحلل السياسي الليبي عز الدين عقيل، عبر «فيسبوك»، إن بيان دول الغرب الكبرى واضح وصريح، مشيرًا إلى أنه أكد أن العملية السياسية تجاوزت الدبيبة وحكومته.
وأوضح المحلل السياسي الليبي، أن الحديث عن ضرورة وجود حكومة جديدة تنجز الانتخابات، يعد تطورًا وصفه بـ«المهم» للتعامل بواقعية مع الملف الليبي.
وبينما قال إن هذه الدول تطلب من باشاغا تحسينات على حكومته حتى تتولى هذه المهمة، رأى ترحيب الدبيبة بالبيان «تأكيدًا لغبائه السياسي وعدم قدرته على التعامل مع التطورات»، على حد قوله.
إلا أن المحلل الليبي كامل المرعاش، قال في تصريحات لـ«السياق»، إن البيان ليس به رسالة لأحد، إنما هو تكريس لخيار الفوضي والانقسامات، والدولة الفاشلة.
استراتيجية الغرب
وأوضح المحلل الليبي، أن البيان يعكس -بشكل دقيق جدًا- استراتيجية الغرب في ليبيا، التي تعتمد على إرضاء كل الأطراف المتصارعة، بهدف الحفاظ على الأوضاع الراهنة، مشيرًا إلى أنه استمرار للانقسام، وعدم إتاحة أي فرصة لحل ليبي، يمكن أن يؤثر في هيمنة الغرب، وتحديدًا الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا على ليبيا.
وأشار إلى أن أدوات هذه الاستراتيجية الخبيثة، هي إبقاء حالة الصراع من دون الانزلاق للحرب، واستمرار الانقسامات وتكريس مفهوم الدولة الفاشلة، التي تتيح لهذه الدول السيطرة على القرار السياسي والأمني والمالي والاقتصادي لليبيا.
وحذر من أن صادرات النفط وعوائده سيتم التحكم فيها بذريعة أن الأطراف المحلية غير متفقة على تقسيمها، قائلًا: «سنشهد تدخلًا مباشرًا في توزيعها على أقاليم ليبيا، عبر مؤسستين ليبيتين تابعتين مباشرة لسيطرة بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية هما مصرف ليبيا المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط».