تحشيدات عسكرية في طرابلس ورشق الدبيبة بالحجارة... تطورات في ليبيا

بدأت أحداث طرابلس باشتباكات خاطفة بمنطقة زاوية الدهماني، بعد قتل اثنين من مليشيات جهاز دعم الاستقرار في مواجهات مع مليشيات الردع، ما أدى إلى استنفار المؤيدين لتلك المليشيات.

تحشيدات عسكرية في طرابلس ورشق الدبيبة بالحجارة... تطورات في ليبيا

السياق

ساعات مرت كالدهر على العاصمة الليبية طرابلس، بعد أن شهدت شوارعها تحشيدات ضخمة من المليشيات المسلحة، أدت إلى إغلاق عدد من الطرق، ورشق رئيس الحكومة المقالة عبدالحميد الدبيبة بالحجارة والنار.

أحداث ألهبت الشارع الليبي، وأثارت مخاوف من سيناريوهات الأيام المقبلة، التي قد تكون العاصمة طرابلس مسرحًا لها، بعد انتهاء اتفاق جنيف الذي كان يركن إليه عبدالحميد الدبيبة، ويعده مرجعًا لاستمراره في الحكم وتعنته في تسليم السلطة.

 

فماذا حدث في 24 ساعة؟

بدأت أحداث طرابلس باشتباكات خاطفة بمنطقة زاوية الدهماني، بعد قتل اثنين من مليشيات جهاز دعم الاستقرار في مواجهات مع مليشيات الردع، ما أدى إلى استنفار المؤيدين لتلك المليشيات.

وبحسب مصادر ليبية، فإن الاشتباكات أسفرت عن خسائر بشرية ومادية، مؤكدة أنها أدت إلى مقتل ثلاثة من المليشيات المسلحة، وأحد المواطنين الذين تصادف مرورهم، إضافة إلى احتراق عدد من الآليات وتكسير واجهات المنازل وسيارات الليبيين.

وما إن انتهت تلك الاشتباكات، التي استخدمت فيها المليشيات إغلاق الطرق سلاحًا لتطويق منافسيها، حتى أصدرت وزارة الداخلية في الحكومة المقالة، بيانًا استنكرت فيه تلك الأحداث، التي قالت إنها تقوِّض سياستها في المحافظـة عـلى الأمـن وحمايـة الأرواح.

وبينما دعت إلى ضـبـط الـنـفـس وتغليـب المصلحة الوطنيـة العليـا، كانت المليشيات المسلحة -في الجهة المقابلة- تشحذ أسلحتها لمعركة جديدة، إلا أن الحكومة الراعية لها كانت ضحيتها هذه المرة.

فالمدرعات والسيارات المسلحة، التي كانت تتجمع في مناطق عدة بينها مدخل العاصمة طرابلس، اعترضت موكبًا لرئيس الحكومة المقالة أثناء توجهه لرئاسة الاجتماع الوزاري، بحسب المصادر التي أكدت أن المسلحين أطلقوا وابلًا من الرصاص، بينما رشق آخرون الموكب بالحجارة، ما دفع الدبيبة إلى التراجع عن ذلك الطريق.

وبحسب المصادر، فإن المليشيات احتجزت وكيل وزارة الشباب أحمد الكاتب ومرافقيه، أثناء توجههم نحو مدينة جادو، لحضور اجتماع مجلس وزراء الحكومة المقالة.

 

اتفاق سري

ولم تتوقف الأحداث الساخنة في العاصمة طرابلس عند هذا الحد، فالحكومة المقالة لم تستطع العودة من مدينة جادو حيث مقر الاجتماع الوزاري، برًا بسبب إغلاقات الطرق وتحشيدات المليشيات، فاضطرت إلى طائرة عمودية، إلا أن خللًا فنيًا تسبب في هبوطها اضطراريًا.

وأكد بيان للحكومة المقالة، عودة الدبيبة ووزراء إلى العاصمة طرابلس، مساء الخميس، إلى مدينة تاجوراء لمقابلة محتجين أغلقوا الطريق الرئيس في المنطقة.

وهو ما أشارت إليه مصادر ليبية أكدت أن الدبيبة أبرم اتفاقًا مع المسلحين، دفع بموجبه 35 مليون دينار ليبي (قرابة 9 ملايين دولار) لإعادة فتح الطريق.

وفي سياق متصل، منحت مليشيات تاجوراء، مليشيا الردع، مهلة 72 ساعة أوشكت على الانتهاء، للمطالبة بإطلاق سراح آمر ميليشا الضمان علي دريدر، بينما أكد شهود عيان، أن التحشيدات المسلحة ما زالت جارية على قدم وساق في جزيرة اسبان وسيمافرو البيفي وطريق الشط.

 

إطلاق المصالحة

ومن حكومة الدبيبة منتهية الولاية إلى المجلس الرئاسي، الذي أعلن الرؤية الاستراتيجية لمشروع المصالحة الوطنية، بعد نجاحه في إعداد الصيغة النهائية لدمج وتعديل قوانين العدالة الانتقالية، إيذاناً ببدء توسيع دائرة المشاركة النخبوية والمجتمعية، بمشاركة عدد من الخبراء والأكاديميين والباحثين.

وقال رئيس المجلس الرئاسي، في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، إن الوقت حان للتصالح والتسامح في ليبيا، بعد سنوات من قسوة التهجير، ومرارة الفقد، وويلات الانقسام والتخلف.

  وأضاف المنفي -في الاحتفالية التي حضرها رئيسا مجلسي النواب والأعلى للدولة- أن المجلس الرئاسي يعتزم من خلال هذه الرؤية تجنيب ليبيا ويلات الحروب، وما تخلفه من الفقد، والأسى، والتهجير، والتشريد، والحرمان.

أحداث تأتي بعد أيام من ختام مشاورات القاهرة، التي تعثرت في التوصل إلى حل ينهي الأزمة السياسية، إلا أن احتفالية إطلاق المصالحة الوطنية، التي حضرها رئيسا المجلسين عقيلة صالح وخالد المشري، كانت إيذانًا ببدء نوع من التوافق.

 

لقاء جنيف

المبعوثة الأممية إلى ليبيا بالإنابة ستيفاني ويليامز، أكدت –الجمعة- قبول عقيلة صالح، وخالد المشري، دعوتها للاجتماع في مقر الأمم المتحدة بجنيف من 28 إلى 29 يونيو، لمناقشة مسودة الإطار الدستوري للانتخابات.

وقالت المبعوثة الأممية بالإنابة، عبر «تويتر»: أحيي رئاستي المجلسين على التزامهما بإنجاز التوافق على المسائل المتبقية عقب اجتماع لجنة المسار الدستوري المشتركة الأسبوع المنصرم في القاهرة.

من جانبه، قال المتحدث باسم مجلس النواب الليبي عبدالله بليحق، إن مباحثات القاهرة لم تفصل في الخلاف على مسألة تزامن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، مؤكدًا أنه من النقاط الخلافية –كذلك- المرحلة القصيرة المقبلة التي تسبق الانتخابات.

وأشار إلى أن تلك النقاط التي لم يتم التوافق عليها دفعت ويليامز، إلى عقد لقاء بين المشري وصالح في جنيف بحثًا عن التوافق، مشيدًا بجولات المسار الدستوري الثلاث في القاهرة، التي قال إنها قطعت شوطًا كبيرًا في تعديل مواد الدستور، وصولًا لمسودة يمكن الاستفتاء عليها.