قرصنة سفن النفط... أمريكا بحاجة إلى خطة لإجهاض استراتيجية إيران

رأت مجلة ناشيونال إنترست الأمريكية، أن تصرفات إيران الأخيرة تتطلب خططًا أمريكية جديدة، حيث يجب على واشنطن وشركائها التصرف بسرعة وحسم، لمنع العدوان الإيراني المتواصل مثل الاستيلاء على ناقلات النفط

قرصنة سفن النفط... أمريكا بحاجة إلى خطة لإجهاض استراتيجية إيران

ترجمات - السياق

رأت مجلة ناشيونال إنترست الأمريكية، أن الولايات المتحدة وشركاءها بحاجة ملحة إلى خطة بديلة، لإجهاض استراتيجية إيران بشأن الاستيلاء على ناقلات النفط، مشيرة إلى أن الخطر يكمن في أن القيادات الإيرانية تبرر هذه الجريمة، بأنهم يستعيدون نفطهم المسروق، ما يفتح الباب أمام عمليات أخرى لا نهاية لها.

وأشارت المجلة -في تقرير- إلى أنه بعد يوم واحد من احتجاز إيران ناقلتين ترفعان العلم اليوناني في الخليج العربي -نهاية مايو الماضي- خرج المرشد الإيراني علي خامنئي، ليبرر الأمر، وأعلن أن مصادرة بلاده ناقلتي نفط يونانيتين في مياه الخليج، كانت ردًا مباشرًا على سطو الولايات المتحدة واليونان على النفط الخام الإيراني.

وقال خامنئي، في خطاب متلفز بمناسبة الذكرى 33 لوفاة مؤسس الجمهورية الإيرانية الخميني: "لقد تمت سرقة نفطنا قبالة السواحل الإيرانية، ثم قام شجعاننا بتوقيف ناقلة نفط للعدو، استرددنا ما تمت سرقته منا... أنتم من سرقتم نفطنا، فمن يكون اللص؟".

وبينما يرى دبلوماسيون غربيون أن حديث خامنئي يرقى إلى شرعنة القرصنة، رفض المرشد الإيراني اتهام اليونان لإيران بالقرصنة، على خلفية احتجاز طهران للناقلتين اليونانيتين، بعد إعلان أثينا أنها ستسلِّم واشنطن نفطًا إيرانيًا كان في ناقلة تحتجزها، تطبيقًا للعقوبات المفروضة على طهران.

كان الحرس الثوري الإيراني قد أعلن في 27 من الشهر الماضي احتجاز ناقلتين يونانيتين، بسبب مخالفات ارتكبتهما في مياه الخليج، من دون أن يوضح طبيعتها، وسارعت اليونان إلى اتهام إيران بالقرصنة، داعية مواطنيها إلى تجنُّب السفر إلى إيران.

 

تحديات ملحة

وشددت "ناشيونال إنترست" على أن هذا التطور يسلِّط الضوء على التحديات والحاجة الملحة لتطبيق أقوى للعقوبات ضد إيران، خصوصًا مع تركيز اهتمام الولايات المتحدة على أوكرانيا، كما يشير إلى ضرورة وجود سياسة أمريكية أكثر شمولاً ومصداقية وحملة ضغط، لمواجهة العدوان الإيراني ومنعه بشكل فعّال.

وأضافت، أنه في 26 مايو 2022، أفادت الأنباء بأن اليونان، بناءً على طلب السلطات الأمريكية والأوروبية، استولت على شحنة النفط الخام لناقلة لانا، التي ترفع العلم الإيراني.

وبحسب ما ورد كانت السفينة تبحر في البحر المتوسط منذ سبتمبر 2021 بحثًا عن مشترٍ لأكثر من 100 ألف طن من النفط الخام الإيراني، ما يشكل انتهاكًا للعقوبات المفروضة على إيران، التي استمرت أكثر من ثمانية أشهر.

ورأت المجلة، أن إبحار هذه السفينة -طوال هذا الوقت- للتحايل على العقوبات الأمريكية، يعد إحدى الخدع الصعبة التي تواجهها أمريكا وشركاؤها في تطبيق العقوبات.

وأشارت إلى أن هذه السفينة كانت -حتى الأول من مايو الماضي- تحمل اسم (بيجيس) وترفع العلم الروسي، قبل تغيير الاسم إلى (لانا) تحت العلم الإيراني، وهو ما يوضح لأي مدى وصلت العلاقات الروسية الإيرانية، بشأن التحايل على العقوبات الأمريكية.

وحسب المجلة، كانت اليونان قد احتجزت السفينة لانا للمرة الأولى مؤقتًا في 15 أبريل، للاشتباه في أنها تنتهك عقوبات الاتحاد الأوروبي المفروضة على روسيا، إلا أنها بعد أن أمرت بالإفراج عنها، عادت لاحتجازها، لكن هذه المرة بسبب ديون مزعومة لشركة شحن أخرى.

 

التزام أوروبي

وأشارت "ناشيونال إنترست" إلى أنه رغم كشف السفينة (لانا) عن المحاولات الإيرانية، للتحايل على العقوبات الأمريكية، فإن فشل بيع شحنتها يكشف أيضًا أن المشترين الأوروبيين يلتزمون بالعقوبات الأمريكية بحق النفط الإيراني، حتى مع تفاقم مشكلات الإمداد العالمية، نتيجة الغزو الروسي لأوكرانيا.

لكن -حسب المجلة- فإن قضاء ثمانية أشهر في الإبحار، يشير إلى أن الجهود المبذولة لوقف شحنات النفط الإيرانية محدودة للغاية.

وأمام ذلك -تضيف المجلة- تلجأ إيران إلى خططها المعتادة، عندما تواجه ضغوطًا اقتصادية، وتزيد ضغطها المضاد، إذ إنها في 27 مايو الماضي، استولت على ناقلتي نفط ترفعان العلم اليوناني في مياه الخليج العربي، وهما (دلتا بوسيدون وبرودينت واريور).

وبحسب ما ورد كانت الأولى تحمل شحنة تتضمن آلاف البراميل من النفط بقيمة تزيد على 100 مليون دولار، متجهة إلى الولايات المتحدة من العراق، بينما كانت الثانية متجهة من العراق إلى اليونان.

وتبين المجلة، أن هذا الأمر يوضح (أنه كلما ردت الولايات المتحدة على النشاط الإيراني الملتوي بالعقوبات وحدها، أو حتى باستخدام محدود للقوة، ترى طهران ضوءًا أخضر للتصعيد).

وأشارت إلى أنه -حتى الآن- نجحت استراتيجية الضغط المضاد التي تتبعها إيران إلى حد كبير، لافتة إلى أنه في الوقت الذي أمر فيه الرئيس جو بايدن، بشن غارات جوية على سوريا في فبراير 2021 ومرة أخرى على سوريا والعراق في يونيو 2021، ردًا على الهجمات على الأمريكيين، صعدّت الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران بعد ذلك من ردودها، ضد المصالح الأمريكية في المنطقة.

 

خيار عسكري

أمام هذه التطورات، ترى "ناشيونال إنترست" أنه من دون دعم الخيارات العسكرية ذات المصداقية القوية، فإن جهود الولايات المتحدة لتعزيز تنفيذ العقوبات ضد طهران، ستذهب سدى، بل تشجع على المزيد من الضغط الإيراني المتبادل، لاسيما على طاولة المفاوضات.

في غضون ذلك -حسب المجلة- فإنه حتى خلال المفاوضات النووية المطولة والمفتوحة، تواصل إيران تمويل وكلائها وعدوانها الإقليمي، مشددة على أنه على الولايات المتحدة اتخاذ نهج أكثر حزمًا لصد مخططات إيران ووقف عملياتها المتكررة، سواء في القرصنة أم استهداف المصالح الأمريكية بالمنطقة.

وبينت أن ما تحتاجه الولايات المتحدة -بشكل عاجل وتفتقر إليه- استراتيجية شاملة للخطة ب، مشيرة إلى أنه يجب أن تنص هذه الاستراتيجية على أن الولايات المتحدة ستستخدم جميع عناصر القوة الوطنية، بما في ذلك تطبيق العقوبات الصارم والقوة العسكرية، للدفاع عن المصالح الحيوية في الشرق الأوسط، مع منح الأولوية القصوى لمنع إيران من الوصول لإنتاج قنبلة نووية.

وشددت على ضرورة أن تتحرك القوات البحرية الأمريكية، لاعتراض شحنات النفط الإيرانية غير المشروعة، مع الاستعداد لأي رد إيراني مضاد محتمل، من خلال تعزيز الوعي بالمجال البحري والتعاون بين شركاء أمريكا، من خلال التدريب والتخطيط المشترك.

كما يجب -حسب المجلة- أيضًا أن يواصل الأسطول الأمريكي الخامس تسيير الدوريات في الخليج العربي وعمليات حرية الملاحة جنبًا إلى جنب مع الشركاء الإقليميين، لضمان المرور الآمن عبر الممرات المائية الدولية.

ورأت أن تصرفات إيران الأخيرة تتطلب خططًا أمريكية جديدة، حيث يجب على واشنطن وشركائها التصرف بسرعة وحسم، لمنع العدوان الإيراني المتواصل مثل الاستيلاء على ناقلات النفط، أو استمرار تصرفاتها المزعزعة للاستقرار.