زلزال أفغانستان المدمر... ارتفاع أعداد الضحايا وآلاف الأسر بلا مأوى

بينما كان السكان المرهقون يحفرون بأيديهم، منازلهم المدمرة، ظل حكام البلاد الجدد يتصارعون على كيفية التعامل مع واحدة من أكثر الكوارث الطبيعية فتكًا منذ عقود.

زلزال أفغانستان المدمر... ارتفاع أعداد الضحايا وآلاف الأسر بلا مأوى
ترجمات - السياق
وسط نقص الموارد والتضاريس الجبلية والأمطار الغزيرة التي تعرقل جهود الإنقاذ، أعلنت إدارة الحوادث في أفغانستان أن حصيلة زلزال خوست بلغت نحو 1700 قتيل.
وتسبب الزلزال -الذي بلغت قوته 6 درجات- في ترك الآلاف بلا مأوى. وذكرت وسائل الإعلام الحكومية أن ما يقرب من 3000 منزل دمر أو أصيب بأضرار بالغة في زلزال الأربعاء.
بدورها، سلَّطت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، الضوء على المأساة التي يعيشها الأفغان، بعد الزلزال الذي ضرب البلاد الأربعاء الماضي، وأشارت إلى أن حركة طالبان الحاكمة تواصل طلب المساعدة من المجتمع الدولي، رغم عزلتها والعقوبات عليها، بينما يبكي الشعب الأفغاني الغارق في البحث عن مأوى وملجأ.
ويعرقل ضعف الاتصالات وسوء حالة الطرق جهود الإغاثة، في بلد يعاني أزمة إنسانية تفاقمت منذ استيلاء حركة طالبان على السلطة في أغسطس الماضي.
 
مدافن جماعية
وروت "واشنطن بوست" بعض مشاهد الدمار في أفغانستان جراء الزلزال، مشيرة إلى أن المواطنين اضطروا لعمل مدافن جماعية للضحايا.
ففي قرية سلايشة شرقي أفغانستان، واصل المواطنون رفع الجثث من تحت الأنقاض، ولفوها بعناية في بطانيات، ثم نقلوها إلى قبور متواضعة، عبارة عن "خنادق طويلة محفورة بالمعدات الزراعية"، إذ ضم المدفن الجماعي نحو 30 جثة.
ونقلت الصحيفة عن رحمة الله رحيمي، الذي فقد زوجته وأطفاله الستة عندما انهار منزله، قوله: "عائلتي هنا"، وأشار إلى صف من التلال الترابية عليها حجارة خشنة، مضيفًا: "لم يكن هناك وقت لإقامة جنازة لكل شخص، ومن ثمّ دفناهم جميعًا مرة واحدة".
وأشارت الصحيفة الأمريكية، إلى أنه بعد يوم من زلزال مدمر في الجزء النائي من شرقي أفغانستان، كان السكان المرهقون يحفرون بأيديهم، منازلهم المدمرة، بينما كان حكام البلاد الجدد يتصارعون على كيفية التعامل مع واحدة من أكثر الكوارث الطبيعية فتكًا منذ عقود.
وأصدرت حكومة طالبان نداءات استغاثة لتقديم مساعدات دولية، ودعت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى الإفراج عن الأصول الأفغانية الموجودة في البنوك الأمريكية، لمساعدتها في مواجهة الكارثة.
وذكرت الصحيفة، أنه رغم الاستيلاء على كابل وتوليها السلطة في أغسطس الماضي، فإن طالبان لم تتمكن من الحصول على مليارات الدولارات من الأموال، بسبب العقوبات الأمريكية.
ونقلت عن مسؤولين أفغان ومنظمات إغاثة دولية، قولهم: رغم استمرار تقييم الأضرار ، فإن الوضع يبدو مريعًا، مشيرين إلى أنه حتى صباح الخميس، بلغ عدد القتلى نحو 1000، وأكثر من 1600 جريح.
 
محاولات الإغاثة
وعن محاولات الإغاثة، نقلت "واشنطن بوست" عن محمد نسيم حقاني، المتحدث باسم الهيئة الوطنية الأفغانية لإدارة الكوارث، قوله: العديد من الجرحى في مقاطعتي باكتيكا وخوست -وهي منطقة جبلية وعرة على الحدود مع باكستان- جرى نقلهم إلى المستشفيات القريبة، بينما نُقل المصابون بجروح خطيرة جوًا إلى العاصمة كابل.
وأضاف حقاني أنه لا يزال من المستحيل أخذ عدد المنازل المنهارة في الاعتبار، لكن بصرف النظر عن القتلى والجرحى، تسبب الزلزال في تشريد عدد لا يحصى من السكان، ما أدى إلى تفاقم البؤس في منطقة تعصف بها الحرب والأزمات الاقتصادية الحادة.
وأشارت الصحيفة، إلى أنه في بعض القرى الأكثر تضررًا، تحولت منازل إلى أنقاض، لافتة إلى أن معظم المنازل في هذه المنطقة مبنية بالطوب اللبن، الذي تفكك وانهار بفعل الزلزال، بينما تكدست الحدائق بالوسائد المتربة والملابس والسجاد، كمأوى بديل للمشردين.
وأشارت الصحيفة، إلى أن بقايا المنازل بعد الزلزال، التي انهار معظمها، تكشف المساحات الداخلية التي تحتوي على أكوام من أواني الطهي، ومرايا مُحطمة، وستائر وأثاث متهتك.
 
تحدٍّ دولي
ورأت "واشنطن بوست" أن الزلزال الذي بلغت قوته 5.9 درجة على مقياس ريختر، والذي كان قويًا لدرجة الشعور به على بُعد مئات الأميال في الهند وإيران، يُشكل تحديًا لحكومة طالبان والمجتمع الدولي.
وأشارت إلى أنه منذ الانسحاب الأمريكي واستيلاء طالبان على السلطة العام الماضي، نفذت الجماعة سياسات اجتماعية شديدة المحافظة، وقيّدت حقوق المرأة الأفغانية ، وعمَّقت عزلتها الدولية.
وتساءلت الصحيفة: هل الحكومات الأجنبية -التي كانت ترفض التعامل مع طالبان- ستتدخل الآن للمساعدة؟ مشيرة إلى أن الأفغان يعانون الجوع بينما يتبادل المسؤولون الأمريكيون وطالبان الاتهامات.
ويقول مسؤولو إدارة بايدن إنهم يراقبون الوضع ويقيمون أفضل السبل للمساعدة، بينما أصدرت السفارة الأمريكية في كابل بيانًا أكدته فيه أن الولايات المتحدة "تعمل مع شركاء لنشر فِرق طبية، لتقديم رعاية فورية للمتضررين ، وإرسال فرق تقييم لدعم جهود الاستجابة الأولية".
وفي إشارة إلى أنها لن تشارك -بشكل مباشر- في عمليات الإغاثة، أضافت السفارة في بيانها الذي نشرته على (تويتر): "يتدفق تمويل المساعدة مباشرة إلى الأمم المتحدة والشركاء الدوليين ذوي الخبرة والمختارين بعناية، الذين يقدمون مساعدات حيوية لشعب أفغانستان".
من جانبه، دعا الزعيم الأعلى لطالبان، هيبة الله أخون زاده "المجتمع الدولي ومنظمات الرعاية الاجتماعية والإنسانية إلى تقديم المساعدة العاجلة إلى المتضررين من الزلزال في أفغانستان".
 
إرهاق العائلات
في غضون ذلك، كشفت "واشنطن بوست" أن الوضع على الأرض في غاية السوء، ونقلت عن بعض العائلات في القرى المدمرة، أنهم في غاية الإرهاق والتعب، جراء استمرارهم في حفر الأنقاض بالطرق البدائية (بأيديهم وببعض الأدوات البسيطة) من دون نوم ولا راحة، أملًا في العثور على أحياء، أو إخراج الجثث لدفنها.
وفي مستشفى أورغون بولاية بكتيكا شرقي البلاد، نقلت الصحيفة عن امرأة تُدعى باستيخيلا، من منطقة بارمال، قولها إنها هربت بصعوبة من تحت سقف منزلها المتساقط، في وقت مبكر من صباح الأربعاء، بعد أن أيقظتها الهزات الأرضية هي وزوجها.
وأوضحت أنها أمسكت بإحدى بناتها وابن أختها أثناء هروبها من المنزل، لكن طفليها الآخرين لم يهربا في الوقت المناسب، مضيفة: "حدث ذلك بسرعة كبيرة لدرجة أنني لم أستطع إنقاذ جميع أطفالي".
وتابعت أنه عندما توقف الزلزال، بدأت الحفر بحثًا عن أطفالها، مشيرة إلى أنه بعد نحو ساعة، تلاشت صرخات أطفالها، إلا أنها واصلت الحفر ثماني ساعات حتى وصلت إلى أجسادهم.
وقالت وهي مرهقة في المستشفى، حيث ناشدت الأطباء لمزيد من المهدئات: "عندما توقفوا عن الصراخ، علمت أنهم ماتوا"، مضيفة وهي ترتعش: "أريد فقط أن أنام".
وأشارت الصحيفة الأمريكية، إلى أن الأمل ضعيف في العثور على ناجين، ونقلت عن مسؤولي برنامج الغذاء العالمي قولهم: 70 بالمئة من المنازل في برمال دُمرت.
وحسب الصحيفة، ظهرت مشاهد مماثلة من البؤس في جميع أنحاء المنطقة المنكوبة، بعد ليلة من الأمطار التي جرفت الطرق، وأعاقت جهود الإنقاذ وغمرت المشردين.
وفي منطقة غيان بكتيكا، نقلت الصحيفة عن ياسين، وهو طبيب وعضو سابق في مجلس المحافظة، قوله إنه نام تحت المطر من دون طعام ولا مأوى، مشيرًا إلى أن نحو 1100 أسرة قضوا الليل في العراء، مضيفًا أن بعض الجمعيات الخيرية وممثلي الحكومة وعدوا بالخيام والإسعافات الأولية، لكنهم لم يشرعوا في توزيعها.
وبينما تولى بعض مسئولي طالبان توزيع الخبز على بعض المتضررين، تساءل مير زكان -أحد الزعماء المحليين في قرية ديدي قالا- ماذا سنفعل بقطعة خبز ليوم واحد فقط؟، مضيفًا: "نحتاج إلى خيام وأموال لإعادة البناء".
وقال مير زكان للصحيفة الأمريكية: أكثر من 80 أسرة تعيش الآن وتنام في العراء، مضيفًا: "عندما تمطر، يرتجف الأطفال ويبكون، لكن ليس بأيدينا أي شيء يمكننا القيام به، لحمايتهم من الجوع والبرد".