بعد أن أصبحت أول عاملة نظافة نائبة في البرلمان الفرنسي.. من هي راشيل كيكي؟

عملت راشيل عاملة فندق أكثر من 15 عامًا، وحصلت على ترقية بعدها إلى الدرجة الوظيفية التالية، لتصبح مديرة  ترأس فرقًا من عمال النظافة.

بعد أن أصبحت أول عاملة نظافة نائبة في البرلمان الفرنسي.. من هي راشيل كيكي؟
راشيل كيكي

السياق

مفاجآت عدة حملتها ننائج الدورة الثانية من الانتخابات التشريعية في فرنسا، التي مُني فيها الائتلاف الحاكم «معًا» بزعامة الرئيس إيمانويل ماكرون بنكسة سياسية، وخسر الأغلبية المطلقة التي كان يتمتع بها في الجمعية الوطنية.

وبينما حصل الائتلاف الحاكم على 230 مقعدًا، سجل التجمع الوطني اليميني المتطرف اختراقًا تاريخيًا في هذه الانتخابات بحصوله على 89 مقعدًا، ليدخل مقر الجمعية الوطنية من بابها الواسع.

أما الاتحاد الشعبي اليساري -بقيادة جان لوك ميلنشون- فقد بات أول قطب معارض في البلاد بانتزاعه 149 مقعدًا، في نتائج قد تعقد مهمة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في فرض الإصلاحات التي كان ينتوي تنفيذها.

إلا أن المفاجأة الأكبر، كانت انتخاب عاملة النظافة السابقة من أصول إفريقية راشيل كيكي، نائبة في البرلمان الفرنسي، عن تحالف اليسار، بعد إقصائها الوزيرة السابقة روغزانا مارسيننو، مرشحة حزب الرئيس إيمانويل ماكرون الوسطي.

 

من هي راشيل كيكي؟

ولدت عام 1974 في ساحل العاج، لأب سائق حافلة وأم كانت تبيع الملابس، وتوفيت والدتها عندما كانت في الثانية عشرة من عمرها، واضطرت إلى ترك المدرسة لرعاية إخوتها وأخواتها.

المهاجرة الإيفوارية وصلت إلى فرنسا، عام 2000 في الـ26 من عمرها. وبدأت العمل مصففة شعر، ثم في سوبر ماركت، وأخيراً منظفة فندق، لتحصل على الجنسية الفرنسية عام 2015.

وعملت راشيل عاملة فندق أكثر من 15 عامًا، وحصلت على ترقية بعدها إلى الدرجة الوظيفية التالية، لتصبح مديرة  ترأس فرقًا من عمال النظافة.

لكن بعد أن بدأت العمل في فندق شمالي غرب باريس، لاحظت كيف أن مطالب تنظيف غرف الفنادق تهدد الصحة الجسدية والعقلية للذين تشرف عليهم.

ومع العشرات من عمال تنظيف الفنادق، قادت راشيل كيكي واحدًا من أطول إضرابات الفنادق في التاريخ الفرنسي، ضد العمل الإضافي غير المدفوع الأجر، وظروف العمل السيئة لموظفي التنظيف الخارجيين.

وفاز المضربون، ومعظمهم من الإفريقيات، العام الماضي في نضالهم الذي استمر 22 شهرًا، بينما قالت كيكي إن ذلك يعكس الصعوبات التي يواجهها العمال الآخرون، مثل موظفي السوبر ماركت أو حراس أمن المتاجر، الذين يقفون طوال اليوم من دون السماح لهم بالجلوس.

 

رحلة راشيل كيكي إلى البرلمان

انضمت إلى حزب ميليشون، فرانس أونبويد، خلال الحملة الرئاسية التي أدت إلى إعادة انتخاب ماكرون في مايو الماضي، ثم أصبحت جزءًا من الاتحاد الإيكولوجي والاجتماعي الشعبي الجديد، وهو الائتلاف اليساري الذي يحاول كبح سلطة الرئيس في البرلمان.

قالت راشيل كيكي، 48 سنة، إن سنوات من العمل الشاق في تنظيف ما يصل إلى 40 غرفة في اليوم بفندق إيبيس في باتينيولس، تمكنها من التحدث نيابة عن العاملين في البرلمان.

وأضافت لوكالة الأنباء الفرنسية: «نحن من نعيش في مناطق محرومة ونقوم بوظائف رئيسية (..) نحن الذين نتعرض للازدراء ويتم استغلالنا، لذا دعونا ندافع عن أنفسنا في البرلمان».

وبمنزل كيكي السكني في تشيفيلي لارو، قال إبراهيم، 73 عامًا، وهو جار وطاهي مقصف متقاعد بالمدرسة: «إنها لطيفة للغاية، تتحدث إلى الجميع، آمل ألا يستغلها السياسيون، لكنها ذكية جدًا وستتوقع ذلك».

جمال جزار في المنطقة التي تقطن فيها راشيل كيكي، الذي وضع لافتات تؤيد كيكي في نافذته، قال: «إنه أمر استثنائي أن يكون هناك شخص في البرلمان يفهم المخاوف اليومية للعاملين في الوظائف الصعبة (..)ينبغي ألا يكون هو الاستثناء، يجب أن يصبح القاعدة».

معركة صعبة

من العقار السكني حيث تعيش في الضواحي الجنوبية الشرقية لباريس، قادت كيكي معركة رفيعة المستوى حسمتها في انتخابات البرلمان الفرنسي، التي أجريت قبل أيام. وبعد فوزها التاريخي، وعدت الفرنسية الإيفوارية بأنها ستجلب صوت العمال غير المرئيين إلى قصر بوربون (الجمعية الوطنية).

وقالت صحيفة الغارديان، إن كيكي التي تقف مع التحالف اليساري انتصرت على وزيرة الرياضة السابقة لماكرون روكسانا ماراسينيانو، التي كانت سباحة وحائزة الميدالية الفضية في الألعاب الأولمبية.

وبحسب «صوت أمريكا»، فإن انتخاب راشيل كيكي، يعني دعم زيادة الحد الأدنى للأجور الشهرية في فرنسا من قرابة 1300 (1361 دولارًا) إلى 1500 يورو (1570 دولارًا).

وقالت النائبة في البرلمان الفرنسي التي تعاني التهاب أوتار في ذراعها بسبب عملها بالتنظيف وما زالت تدير مدبرة منزل بالفندق: «معظم النواب لا يعرفون قيمة العمال الأساسيين الذين يعانون»، مشيرة إلى أن «الوقت قد حان للعاملين الأساسيين ليكون لهم صوت في البرلمان».

وعن عملها في السياسة، قالت كيكي إن السياسة لم تخيفها بعد أن تعرضت للترهيب، بما في ذلك الغمر بالماء والإهانة العنصرية على خط الاعتصام بالفندق، مضيفة في تصريحات لـ«رويترز»: «الأمر يشبه أن تكون جنديًا يذهب للحرب ويرى كل شيء ويعود ولم يعد يخشى أي شيء».