ممارسة حكومة باشاغا مهامها من سرت... هل تجنب ليبيا شبح الحرب؟
طالب رئيس مجلس النواب بمعرفة أين ذهبت الـ120 مليار دينار التي صرفت من حكومة عبدالحميد الدبيبة خاصة بعد انتهاء ولايتها في 24 ديسمبر الماضي

السياق
وضع سياسي محتدم في ليبيا، تزداد وطأته يومًا تلو الآخر، مع استمرار الحكومة «المقالة» في موقفها الرافض لتسليم السلطة، ما جدد المخاوف من تعرض البلد الإفريقي لشبح الانقسام، الذي عادة ما يكون بوابة للعودة إلى مربع العنف.
ذلك السيناريو غذته أحداث شهدتها ليبيا خلال الأيام الماضية، إلا أن جلسة عقدها البرلمان الليبي في مدينة سرت، مساء أمس، بددت المخاوف بعض الشيء، وإن كانت الأحداث التي تلتها لم تكن على قدر الآمال التي منحتها.
وعقد مجلس النواب الليبي –الثلاثاء- جلسة في مدينة سرت، وسط البلاد، لمناقشة مشروع قانون الميزانية، بحسب رئيس الحكومة فتحي باشاغا، الذي أكد أن الاجتماع خلص إلى الاتفاق على انطلاق أعمال الحكومة من مدينة سرت وتقديم خدماتها للمواطنين في كل أرجاء البلاد.
وبحسب تدوينة نشرها رئيس الحكومة فتحي باشاغا، جرى الاتفاق على الاهتمام بقطاع الطاقة، بما يكفل زيادة الإنتاج واستئناف تصدير النفط وفق ضوابط قانونية، تضمن عدم إهدار العوائد النفطية أو استغلالها سياسيًا.
9 قرارات
تصريحات باشاغا، أكدها المتحدث باسم مجلس النواب عبدالله بليحق، الذي قال إن الاجتماع انتهى بالتوافق على تسعة قرارات، تتضمن: أن يكون عمل الحكومة من مدينة سرت، وإلزام رؤساء الأجهزة الرقابية التابعة لمجلس النواب بالتقيد بالتعليمات والقوانين والقرارات الصادرة من مجلس النواب، على أن يكون أي جسم يخالف ذلك فاقدًا للشرعية، في إشارة إلى حكومة الدبيبة.
وانتهى الاجتماع إلى إقرار مشروع قانون الميزانية العامة للدولة وقانون المرتبات الموحد بشكل مؤقت، على أن يعرض خلال الأيام المقبلة على مجلس النواب، وتأكيد أن عمل مصرف ليبيا المركزي، من خلال مجلس إدارة المصرف طبقاً للقانون، ومخاطبة النائب العام للقيام بواجباته، بالتحقيق مع المتجاوزين طبقاً للقانون، سواء في ما يخص إساءة استعمال السطلة أم "اغتصابها"، في إشارة إلى حكومة الدبيبة.
وبينما أكد الاجتماع دعم المؤسسة الوطنية للنفط، أكد –كذلك- أن على الحكومة وضع خطة لمعالجة أزمة الغذاء المتوقعة خلال الفترة المقبلة نتيجة الأوضاع الدولية، وتشكيل لجنة برئاسة رئيس الأجهزة الرقابية وعضوية عدد من لجان المجلس، وإبلاغ بعثة الأمم المتحدة وبعثات الدول الدائمة العضوية بمجلس الأمن بمخرجات الاجتماع.
تلك المخرجات أكدها رئيس البرلمان، في كلمته خلال اجتماع سرت، مشيرًا إلى أن « الاقتتال لم يعد مقبولاً في وجود حلول سياسية» منها ممارسة الحكومة الليبية عملها من مدينة سرت.
وشدد على أن الأجهزة الرقابية والمحاسبية، التي تعد الأذرع الدستورية والقانونية لمجلس النواب، موكلة إليها أعمال الرقابة والمحاسبة، مشيرًا إلى أنها مسؤولة عن متابعة تطبيق القوانين ومكافحة الفساد، وملزمة بتقديم تقاريرها الدورية والعاجلة لمجلس النواب .
مساءلة حكومة الدبيبة
وطالب رئيس مجلس النواب بمعرفة أين ذهبت الـ120 مليار دينار التي صرفت من حكومة عبدالحميد الدبيبة خاصة بعد انتهاء ولايتها في 24 ديسمبر الماضي، إضافة إلى أموال صرفها البنك المركزي للحكومة، من دون ميزانية معتمدة وبغير أذن من السلطة التشريعية.
تلك التصريحات «أرقت» حكومة الدبيبة المقالة، وجعلها تتخبط، فلجأت إلى أسلوبها المعتاد، المتمثل في «الشائعات»، حرفت من خلاله تصريحات رئيس البرلمان، مدعية أن الأخير طالب بدخول العاصمة طرابلس بقوة السلاح.
وقال محمد حمودة المتحدث باسم حكومة الدبيبة، إن الحكومة التي يمثلها «ترفض تصريحات رئيس مجلس النواب عن دعوته لدخول طرابلس بالقتال والحرب».
ووجه رسالة إلى الليبيين، قائلًا إن الحكومة لن تسمح لأي طرف باستخدام القوة أو العنف، من أجل الفوضى وتنفيذ الأجندات السياسية الخاصة وفرضها بالقوة، على حد قوله، متجاهلًا أن تلك الحكومة التي «تغتصب» السلطة بالمخالفة لقرارات البرلمان، أطلقت مليشياتها المسلحة لترهيب المواطنين.
ادعاءات وشائعات
وبينما ادعى حمودة، أن هناك أطرافًا تسعى إلى سحب أموال من إيداعات المواطنين في المصارف التجارية لتمويل الحروب، تجاهل أن الحكومة -التي يمثلها- سحبت بالمخالفة للقانون، أموالًا من مصرف ليبيا المركزي، لتمويل المليشيات المسلحة غربي البلاد، رغم انتهاء ولايتها بشكل رسمي، بتكليف أخرى بقيادة البلاد.
إلا أن «ادعاءات» حكومة الدبيبة المقالة، كان لها البرلمان الليبي بالمرصاد، فالمتحدث باسم مجلس النواب عبدالله بليحق، أكد في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، أن «الأكاذيب» التي تروِّجها تلك الحكومة، لا أساس لها من الصحة.
وقال متحدث البرلمان، في البيان الصادر الأربعاء: «ننفي ما يحاول البعض ترويجه من أكاذيب عن كلمة رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح –الثلاثاء- في اجتماع سرت عن دخول الحكومة العاصمة طرابلس بقوة السلاح، بينهم الناطق باسم الحكومة منتهية الولاية المغتصبة للسلطة بقوة السلاح».
وقال بليحق، إن عقيلة صالح أكد «خلال كلمته بشكل واضح لا لبس فيه، أن دخول العاصمة يكون بأحد مسارين، إما بالقتال وإما بموافقة المجموعات المسلحة وتكون الحكومة تحت سيطرتهم»، مشيرًا إلى أنه (عقيلة صالح) أضاف أنه تجنباً لإراقة الدماء فإن مدينة سرت التي تتوسط البلاد هي الحل الضامن لتحرر الحكومة من السيطرة عليها في غير ما يقره القانون .
القتال
وأكد رئيس مجلس النواب أن «القتال غير مقبول ومرفوض رفضاً باتاً، في وجود حلول سياسية منها ممارسة الحكومة عملها من مدينة سرت»، مشيرًا إلى أن «نشر هذه الأكاذيب استمرار لأعمال التزوير والتزييف ونقض العهود، التي يعيها أبناء شعبنا والمجتمع الدولي».
تصريحات بليحق، كانت شهادة على انتهاج حكومة الدبيبة «المقالة» الشائعات سلاحًا لمواجهة أي أطراف تحاول إزاحتها من المشهد السياسي، بحسب مراقبين أكدوا أن اختيار مدينة سرت مقرًا، يظل الحل الأكثر أمانًا وسلمية، بشرط ضمان ولاء المصارف السيادية في العاصمة طرابلس إلى حكومة باشاغا.
من جانبه، قال عضو مجلس النواب زياد دغيم، في تصريحات صحفية، إن رئيس البرلمان لم يدع لدخول طرابلس بالسلاح، مؤكدًا أن عقيلة صالح تحدث عن أن اختيار مدينة سرت جاء تجنُّبا لإراقة الدماء.
ورغم أن البرلماني الليبي دغيم له مواقف شديدة الاختلاف مع مجلس النواب ورئيسه، فإنه قال إن رؤية عقيلة صالح لدور سرت، كان ثابتًا منذ مبادرته التي حقنت الدم، وحققت السلام وأنشأت حكومة الوحدة الوطنية.
وجدد دغيم رؤيته المطالبة بضرورة الذهاب إلى انتخابات عامة وفق التشريعات القائمة، بتنفيذ الحكومتين معًا، على أن يقرر البرلمان والرئاسة القادمان مقر السلطات التشريعية والتنفيذية في البلاد.