باكستان... الرابح الحقيقي من كارثة أفغانستان
تسليم أفغانستان إلى طالبان... تقرير بريطاني يفضح دور باكستان ودوافعها

ترجمات - السياق
قالت مجلة «ذا سبيكتاتور» البريطانية، إن السياسة التي اتبعتها الولايات المتحدة الأمريكية، في الخروج من أفغانستان، شبيهة بتلك التي اتبعتها بريطانيا، إبان بزوغ فجر نهاية إمبراطوريتها، وخروجها من فلسطين وقبرص والهند.
وأوضحت المجلة -في تقرير- أن سياسة بريطانيا حينها، سماها البعض «فرق وفر»، إلا أنه مع خروج الولايات المتحدة من أفغانستان، يبدو أن السياسة هي «الفرار».
وأشارت إلى أن الإخفاقات الغربية وانتصار «الفاشية الجهادية»، كان لوكالة الاستخبارات الباكستانية، والمخابرات الداخلية دور كبير فيهما.
وحشية الاستخبارات
وأكدت أن وكالة الاستخبارات الباكستانية -بتدخلها ووحشيتها- ساعدت في تأسيس حركة طالبان عام 1994، بعد فترة وجيزة من نهاية الحرب السوفيتية في أفغانستان، التي درَّبت خلالها الوكالة نحو 100 ألف أفغاني لمحاربة الاتحاد السوفييتي.
وأشارت مجلة «ذا سبيكتاتور» البريطانية، إلى أن الروس حينما غادروا أفغانستان، دعم الجيش الباكستاني زعيم المجاهدين، قلب الدين حكمتيار، على أمل رؤية حكومة صديقة لباكستان في كابل، إلا أنه بحلول عام 1994، أصبح من الواضح أن وحشية حكمتيار شِبه المرضية، أدت إلى نفور الجميع تقريبًا، وأن ذلك لن يحدث، لذلك حوَّلوا انتباههم إلى مجموعة المتطرفين التي ستصبح «طالبان»، عبر تمويلهم وتنظيمهم منذ البداية، ليسيطروا ببطء على البلاد، حتى 11 سبتمبر.
لم يتوقَّف الأمر عند ذلك، بحسب التقرير البريطاني، بل إنه عندما أرسل التحالف الغربي طالبان إلى التلال، ساعدتهم المخابرات الباكستانية عبر شبكة حقاني -وهي عصابة أخرى من الجهاديين- في مهاجمة القوات الغربية، وبالطبع المدنيين، كما منحتهم عمقًا استراتيجيًا، من خلال السماح لقادتها بالتراجع إلى الأراضي الباكستانية عند الحاجة.
دعم القاعدة
ديفيد باتريكاراكوس، كاتب التقرير، أكد أنه حينما تغض باكستان الطرف أحيانًا عن حركة طالبان، كانت تبدو منشغلة بمساعدة القاعدة، مشيرًا إلى أنها تركت زعيم «القتل الجماعي» أسامة بن لادن يختبئ في مدينة أبوت آباد الباكستانية، في منزل مليء بالبنادق والمواد الإباحية.
فمن دون الدعم الباكستاني، كان من غير المرجَّح أن ينجح تمرُّد طالبان، بحسب باتريكاراكوس، الذي قال إن الخوف الأمني الباكستاني من الحصار الهندي، بدأ يتلاشى مع وجود حكومة موالية لإسلام أباد في كابل، وانخفاض نفوذ نيودلهي هناك إلى الصفر تقريبًا.
ونقل التقرير البريطاني، عن معهد كارنيغي، قوله، إن الجنرالات الباكستانيين اعتقدوا أن الرئيس الأفغاني السابق أشرف غني، كان يعمل مع الهند، لزعزعة استقرار إسلام أباد، لا سيما من خلال دعم مجموعات الأقليات في باكستان، التي تطالب بالحقوق السياسية والحُكم الذاتي الإقليمي، إلا أن كل ذلك انتهى.
فزاعة لباكستان
ورغم أن الوضع يبدو جيدًا لجهاز المخابرات الباكستاني، فإنه ليس كذلك، فبحسب مجلة «ذا سبيكتاتور» البريطانية، سيتم تعزيز حركة طالبان الباكستانية، وهي تحالف من الجماعات الجهادية، التي تسعى لإطاحة الدولة الباكستانية، من خلال نجاح حلفائها الأفغان، كما سيتعين على باكستان التعامل مع موجة الهجرة، المتجهة إلى حدودها اليائسة، من أجل الأمان.
لكن في الوقت الحالي، تقف حركة طالبان منتصرة في أفغانستان، وخلفها في إسلام أباد، تقف وكالة الاستخبارات الباكستانية، التي صمدت سياستها في أفغانستان، إلى ما هو أبعد من الغرب وانتصرت نهاية المطاف، بحسب التقرير البريطاني، الذي أكد أنه خلال 25 عامًا، دعمت وكالة الاستخبارات الباكستانية وسلَّحت طالبان، بينما قوَّضت الجهود الغربية.
إجلاء موظفي الأمم المتحدة
وعن الوضع ميدانيًا، نقلت المجلة البريطانية، عن أحد موظفي الأمم المتحدة السابقين في أفغانستان، قوله إنه يتم الآن إجلاء موظفي الأمم المتحدة، إلى مدينة ألماتي في كازاخستان، حيث سيشقون طريقهم إلى بلدانهم، إلا أنه تساءل عن مصير الأفغان الذين عملوا معهم.
وقال الموظف، الذي رفضت مجلة «ذا سبيكتاتور» البريطانية، الإفصاح عن هويته: «حصل زملاؤنا الأفغان على رسائل دعم، للحصول على تأشيرات لدخول إيران وباكستان والهند، البعض تمكن من المغادرة، معظمهم إلى تركيا، وساعدنا في إجلاء مئات الزملاء إلى كابل، لكن الأمم المتحدة لا تستطيع إجلاء الجميع».
توقف قليلاً، وقال بحزن شديد: «الجميع يخرجون بسرعة، كنا نعلم أن ذلك سيحدث، لكن الجميع فوجئوا بسرعة تقدُّم طالبان».
وتابع: «نحن نتعامل بالفِعل مع طالبان، ففي الآونة الأخيرة، جاء وفد منهم إلى بوابة أحد مجمعاتنا، لقد كانوا محترمين للغاية، لا يزال لدينا موظفون في قندهار لم نتمكن من إجلائهم، وقد وعدوا بأنهم سيرافقونهم عندما يحين الوقت إلى المطار، عندما حاول اللصوص اقتحام أحد مجمعاتنا، صدَّهم مسلَّحو طالبان».
يختم الموظف الأممي حديثه بحزن، إلى المجلة البريطانية قائلاً: «الآن نعود إلى حُكم طالبان، سمعت أن المتحدِّث باسمهم قال إن طالبان في التسعينيات ليسوا طالبان اليوم، أعتقد أننا سنرى»، معبِّــرًا عن أسفه لما آلت إليه الأمور في أفغانستان.