أبعاد صفقة تسليم أبوعجيلة.. هل تطيح قضية لوكربي بالدبيبة؟
حكومة الدبيبة تعترف بتسليم ضابط المخابرات السابق... 6 أبعاد لـلصفقة وخيط رفيع قد يقود إلى انهيارها

السياق "خاص"
بينما تستمر أزمة "لوكيربي" التي أعيدت من مرقدها، بعد 34 عامًا من حدوثها، تحوَّلت الساحة الليبية إلى حلبة للمنافسة والاتهامات، بعد ما أثير عن اختطاف ضابط المخابرات السابق أبو عجيلة مسعود، وتسليمه إلى الولايات المتحدة.
تلك الحالة من الجدل، التي احتدمت مؤخرًا مع ظهور الضابط الليبي السابق، في قاعة محكمة جزئية بالعاصمة الأمريكية واشنطن، الاثنين الماضي، وصلت ذروتها مع الاتهامات التي كالتها الأطراف السياسية لحكومة الوحدة الوطنية منتهية الولاية برئاسة عبدالحميد الدبيبة، بمسؤوليتها عن تسليم المسؤول الليبي السابق من دون مسوغ قانوني، لكسب الدعم الأمريكي لاستمرارها، إلا أن رد فعل تلك الحكومة كان مفاجئًا للجميع.
فماذا حدث؟
في مقطع فيديو بثته حكومة الوحدة الوطنية منتهية الولاية لرئيسها عبر «فيسبوك»، الخميس، اعترف عبدالحميد الدبيبة، بأن الحكومة شاركت في نقل المشتبه به في تفجير لوكربي أبوعجيلة مسعود، إلى الولايات المتحدة، الأسبوع الماضي.
ولم يترك الدبيبة مجالًا لتحقيقات لتثبت إدانة مواطنه، بل إنه أصدر حكمًا عليه، بقوله: إن أبوعجيلة أحد أعضاء التنظيم الذي خطط لتفجير طائرة لوكربي، وصنع القنبلة والمتفجرات، ووضعها داخل الأمتعة الخاصة بالمسافرين، زاعمًا أن مواطنه «مسؤول عن خلية صناعة المفخخات، التي تستخدم في العمليات الإرهابية، التي أزهقت قرابة 270 روحًا بريئة».
كانت الرحلة رقم 103 التابعة لخطوط «بان أمريكا» انفجرت في 21 ديسمبر 1988، على ارتفاع أكثر من 31 ألف قدم فوق قرية لوكربي باسكتلدا، بعد 38 دقيقة على إقلاعها من لندن، ما أدى إلى قتل الـ259 راكبًا الذين كانوا فيها، إضافة إلى 11 شخصًا كانوا على الأرض.
وأضاف رئيس الحكومة منتهية الولاية، أن ملف لوكربي، من حيث مسؤولية الدولة الليبية، أغلق تمامًا بسبب المليارات التي دُفعت من أموال ليبيا، مشيرًا إلى أن «المتهم أبوعجيلة الذي يحمل الجنسيتين الليبية والتونسيّة، ورد اسمه في التحقيقات منذ عامين فقط، وتطور مسار التحقيق حتى قبل مجيء الحكومة، وصدرت بحقه مذكرة قبض من الإنتربول الدولي».
وأشار إلى أنه «صار لزامًا علينا التعاون في هذا الملف، لمصلحة ليبيا واستقرارها، ومحو وسم الإرهاب من على جبين أبناء الشعب الليبي البريء»، كاشفًا عن إيفاد فريق حكومي للاطلاع على حالة المتورط في أمريكا.
وتابع الدبيبة: لن أَرضى أن تتحمل ليبيا وشعبها تبعات عمليات إرهابية، ارتُكبت منذ أكثر من 30 عامًا، ولن أرضى أن يصنَّف الليبيون بالإرهابيين، بسبب وجود متهمين بالإرهاب على أرضها»، مضيفًا أن «ليبيا طوال الخمسين عامًا الماضية متعاونة تمامًا بإرادتها، أو مرغمة في العلن أو السر، مع السلطات الأمريكية في هذه التحقيقات».
وبينما أعلن بدء إجراءات تسفير عائلة الضابط الليبي السابق، لزيارته والاطمئنان عليه، قال إنه وجَّه بتكليف مكتب محاماة، بصرف النظر عن «تورطه وإرهابه»، مشيرًا إلى أن مصلحة الشعب الليبي تقتضي التعاون مع الدول الكبرى، ولعلّ أهم الأولويات التعاون في قضايا مكافحة الإرهاب وملاحقته.
التفاصيل الكاملة لترحيل أبوعجيلة إلى أمريكا لاتهامه في قضية لوكربي
خيط رفيع
جزم الدبيبة بإدانة مواطنه أبوعجيلة، تتنافى مع رواية مالك شركة ميبو للاتصالات السلكية واللاسلكية السويسرية إدوين بولييه، الذي قدَّم في «فيسبوك»، عرضًا لوزارة العدل الأمريكية، طالب فيه بدعوته كشاهد -لصالح ليبيا- في المحاكمة المقبلة مع أبو عجيلة مسعود، مشيرًا إلى أنه يمكنه إثبات عدم صحة الأدلة التي جرى «التلاعب ببعضها».
ونصح مالك شركة ميبو، وزارة العدل الأمريكية باستدعاء المزيد من الشهود لاستجوابهم، بين ضباط وخبراء من شرطة اسكتلندا، إضافة إلى خبير جنائي سابق من مكتب التحقيقات الفيدرالي أوصي به.
وحدد المستثمر السويسري بعض الشخصيات، قال إن على القضاء الأمريكي استدعاءهم، ليصبحوا شهودًا في القضية، بينهم: ألين فيريداي، الشاهد رقم 335 في القضية، والدكتورتوماس هايز الخبير والشاهد رقم 586 في القضية، وغيرهم.
وبشأن المسؤول عن إعادة فتح ملف لوكربي، بعد إغلاقه عبر مفاوضات «شاقة» وتعويضات «هائلة» دفعتها ليبيا، قال المحلل الليبي كامل المرعاش، إن إعادة فتح القضية يعد «جريمة لحكومة الدبيبة، وتتحمل هذه الحكومة التداعيات الناتجة عن فتح هذا الملف».
6 أهداف للصفقة
وأوضح المحلل الليبي، في تصريحات لـ«السياق»، أن اتهام ليبي لمجرد أنه اختصاصي يعمل في تفكيك وتعطيل العبوات المتفجرة، عمل لا تقوم به أي حكومة هدفها حماية مواطنيها، ومخالف للأعراف والقوانين الوطنية والدولية، وأقرب إلى ما وصفها بـ«الصفقة القذرة» منه لتحقيق العدالة.
وحدد المحلل الليبي ستة أهداف لتك «الصفقة»:
أولًا: بعد تزايد الضغوط على حكومة الدبيب،ة لتتوقف عن عرقلة إنجاز القاعدة الدستورية لتنظيم الانتخابات الرئاسية والتشريعية، لجأت إلى المتاجرة والبحث عن دعم بريطانيا والولايات المتحدة لبقائها في السلطة، وعرض دفع عشرات المليارات من الأموال المجمدة، تحت ذريعة تعويض عائلات الضحايا.
ثانيًا: بحث كل من بريطانيا والولايات المتحدة، عن ذريعة للاستيلاء على الأموال الليبية المجمدة لديها، مقابل ثمن زهيد هو تأييد بقاء الدبيبة على رأس السلطة في ليبيا.
ثالثًا: يعرف الجميع تورط الدبيبة في الاستيلاء على أكثر من 7 مليارات دولار خلال أكثر من 30 عامًا، كانت محل تحقيقات دولية في بريطانيا واسكتلندا وكندا ومالطا، وبالطبع سيكون أحد شروط الصفقة، تحرير هذه الأموال لصالح الدبيبة، ووقف أي إجراءات قضائية ضده.
رابعًا: إعادة فتح قضية لوكربي، سيعيد فتح ملفات أخرى، بعد أن سال لعاب دول أخرى للاستيلاء على الأموال الليبية المجمدة لديها، مشيرًا إلى أن هناك معلومات «تفيد بأن الدبيبة وعد بريطانيا بفتح ملف تعويضات لصالح بريطانيا، في ما يتعلق بدعم ليبيا للجيش الإيرلندي».
خامسًا: للسبب نفسه، في الحصول على دعم إيطاليا، فإن حكومة الدبيبة عرضت تعويضات للمستوطنين الإيطاليين، الذين طُردوا من ليبيا بعد عام 1969.
سادسًا: بدأت إسرائيل إعداد ملف تعويضات اليهود الليبيين منذ عام 1967، عندما خرجوا من ليبيا، مشيرًا إلى أن هناك تواصلًا سريًا بين حكومة الدبيبة وإسرائيل، ووعد لفتح هذا الملف مقابل دعم إسرائيل، واستخدام نفوذها في الولايات المتحدة، لدعم بقاء حكومة الدبيبة في حكم ليبيا.
أبعاد ستة لـ«صفقة» تسليم أبوعجيلة، تحدث عنها المحلل الليبي المرعاش، مشيرًا إلى أن الفرصة مواتية لإسقاط حكومة الدبيبة، ومحاكمته مع كل من تورط في تسليم الليبي أبوعجيلة بتهمة «الخيانة العظمى».
وأشار إلى أن المنوط به إسقاط حكومة الدبيبة هو الشعب الليبي، خاصة مواطني العاصمة طرابلس، من خلال مظاهرات وعصيان مدني كبير، يمكن أن يتطور إلى مواجهة مسلحة مع ميلشيات الدبيبة، مؤكدًا أنه حال حدوث ذلك السيناريو، فإن الجيش الليبي لن يكون في موقف المتفرج، وسيتدخل لحماية أرواح الليبيين المتظاهرين.