مجلة أمريكية: هل يستطيع بايدن إنقاذ رئيس كوريا الجنوبية؟
يون سوك يول أصبح عبئًا على واشنطن

ترجمات-السياق
سلَّطت مجلة ناشيونال إنترست الأمريكية الضوء على تراجع شعبية الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول، قائلة إن معدل تأييده بين سكان سيول تراجع إلى 32% في الأسبوع الثاني من يوليو الجاري.
وأضافت المجلة، في تقرير، أنه في 9 مارس الماضي، انتُخب سوك يول، مرشح حزب المحافظين، ليصبح الرئيس الثالث عشر لكوريا الجنوبية بأقرب هامش في تاريخ البلاد، إذ حصل على 48.56% من الأصوات، بينما حصل مرشح المعارضة على 47.83%.
وأشارت المجلة إلى أنه في خطاب تنصيبه، وعد يول بتعزيز الديمقراطية الليبرالية، لكنه سرعان ما فشل في الوفاء بوعده، ما أدى إلى تراجع شعبيته بشكل كبير، بعد شهرين فقط من تنصيبه.
قلق من شعبية الرئيس
ورأت المجلة أنه رغم أن على واشنطن أن تشعر بالقلق من عدم شعبية رئيس كوريا الجنوبية، بسبب التداعيات غير المواتية المحتملة على السياسة الخارجية للبلاد، فإنه ينبغي للولايات المتحدة ألا تقلق بشأن معدلات تأييده المنخفضة، طالما أنه يحاول بذل قصارى جهده للقيام بعمل أفضل، من خلال الاستماع إلى أصوات الناس.
وتابعت: "ولكن، حتى الآن، يرفض الرئيس الكوري الجنوبي الاعتراف بوجود مشكلة، كما يبدو أنه لا يفهم أساسيات الديمقراطية، لأن خبرته الوظيفية الوحيدة على مدى سبعة وعشرين عاماً كانت محاكمة المجرمين، إلا أن هذا النهج لا يتناسب مع الديمقراطية، حيث يجب عليه التنازل والتعاون استجابة لأصوات الناس، ويجب أن يدرك أن معدلات شعبيته المنخفضة يمكن أن تقوِّض شرعيته السياسية لحكم البلاد بشكل كبير".
وذكرت المجلة أن هناك مجموعتين يمكنهما تحدي شرعية يول السياسية، في حال لم يستطع إنقاذ نفسه من هاوية تراجع شعبيته، هما الشعب والجيش.
العداء التاريخي مع اليابان
وأضافت: "في حال تمكنت هاتان المجموعتان من تحدي يول بنجاح، يجب على واشنطن إعداد خطة طوارئ لكيفية الحفاظ على السلام في شبه الجزيرة الكورية، وهو موقع حيوي لمصالح أمريكا الأمنية، وإذا نزل الناس إلى الشوارع للاحتجاج على أخطاء يول، فإنه من المرجح أن يحدث انتقال للسلطة، وبذلك سيصل رئيس تقدمي إلى سدة الحكم في سيول، وستكون النتيجة تحولاً جذرياً في السياسة الخارجية الكورية الجنوبية، إذ سيحاول أي رئيس تقدمي التفاوض على شروط أمنية مع كوريا الشمالية والصين، لكنه سيتردد في إقامة تحالف عسكري مع اليابان، بسبب العداء التاريخي بين البلدين".
وهناك احتمال بأن يواجه الشعب الكوري الجنوبي يول، لأن الأغلبية ترى أنه أصبح زعيمًا غير شرعي، إذ أظهر استطلاع أجرته مؤسسة جالوب الكورية أن الآراء السلبية عن يول تكتسبت المزيد من الزخم كل أسبوع، وأنها تجاوزت أكثر من 50% منتصف يوليو الجاري.
ورأت المجلة أن سبب انخفاض معدلات تأييد الرئيس الكوري الجنوبي أنه أنشأ حكومة من المدعين العامين (وظيفته السابقة)، إذ يعتقد الكثيرون أنه أساء استخدام سلطة التعيين الخاصة به، لإنشاء رئاسة مدعومة من المدعين العامين، حيث يدعي أنه اختار رجاله من بين نخبة المدعين العامين، ما أدى إلى شغل المناصب الرئيسة في البلاد من قِبل المدعين العامين السابقين أو الحاليين، الذين ليست لديهم مهارات وكفاءات وخبرات كبيرة في تخصصات معينة.
"غير كفء في أداء وظيفته"
وأضافت: "كما يرى الكثيرون أيضًا أن يول غير كفء في أداء وظيفته، ففي إحدى المناسبات ورد أنه كان مخمورًا، لدرجة أنه لم يستطع عقد اجتماع لمجلس الأمن القومي، كان من المفترض أن يرد فيه على المخاوف الأمنية للبلاد، بعدما أطلقت كوريا الشمالية صواريخ بالستية، وفي مناسبة أخرى، ركب الرئيس الكوري الجنوبي الطائرة الرئاسية مع أصدقاء شخصيين لزوجته، رغم أنهم ليست لديهم أي صفة رسمية لمرافقته إلى قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) الشهر الماضي، إذ إنه دائمًا ما يخلط بين حياته الشخصية والمهنية لإرضاء زوجته".
وفي حال ثار الجيش بنجاح، فإنه من المرجح أن ينصب نظامًا عسكريًا، يحل فيه الجنود محل المدعين العامين الموجودين في المناصب الحكومية، ورغم أن المصالح الأمنية للنظام الجديد تتداخل مع المصالح الأمنية الأمريكية، فإن ذلك يضع رئيس الولايات المتحدة جو بايدن في موقف صعب إن كان سيدعم ديكتاتورية عسكرية، وفي أسوأ السيناريوهات، يتعين على الرئيس الأمريكي أن يتخلى عن أحد الأركان الأساسية لاستراتيجية الولايات المتحدة الكبرى، أي تعزيز الديمقراطية، حسب المجلة.
هل ينهي الجيش حكمه؟
ووفقاً لـ"ناشيونال إنترست"، هناك احتمالات بأن يطرد الجيش يول من السلطة لأسباب عدة، أولها لأنه يدرك أنه يعاني مشكلات في العلاقات مع القوات المسلحة، إذ إنه خلال حملته الرئاسية، أكد الرئيس الكوري الجنوبي إعفاءه من الخدمة العسكرية بسبب إصابته بمشكلة في النظر، إلا أن العديد من الجنود يشتبهون في تزييف في الأمر، حيث تم تشخيص مشكلة عينه من قِبل طبيب كان زميله في المدرسة الثانوية، ونظراً لأن العديد من الجنود يرون أن يول تهرب من الخدمة العسكرية، فإنهم يترددون في تأييده كقائد أعلى للقوات المسلحة.
وأضافت: "ثانيًا: العديد من الجنود يدركون أن يول قد عرَّض الأمن القومي للبلاد للخطر، عندما أمر بإفراغ مقر الجيش الكوري الجنوبي خلال عشرين يوماً من دون أي استشارة وتحويله إلى مقر جديد للرئاسة، حيث يعتقد الجنود أن سبب إخلاء المبنى مجرد خرافات موجودة لدى يول، وليس استراتيجية عسكرية طويلة المدى، وقد أدى نقل مكتبه إلى زعزعة استقرار الموارد الدفاعية الحالية والبنية التحتية وخفض الروح المعنوية للجنود".
ووفقاً للمجلة، فإن السبب الثالث للجيش أن العديد من الجنود غضبوا عندما عيَّن يول جنرالاً متقاعداً من فئة الثلاث نجوم وزيراً للدفاع، إذ يعتقد الجنود أن الرئيس الكوري الجنوبي كسر تقليد تعيين جنرال متقاعد من فئة أربع نجوم في هذا المنصب، ويرون أنه فضَّل الجنرال ذا الثلاث نجوم لأنه انضم إلى حملته الرئاسية، وليس لأنه يتمتع بمعرفة وخبرة عسكرية استثنائية، كما أن الأمر الأكثر إشكالية أن وزير الدفاع الجديد بدأ تسييس الجيش، من خلال استبدال أصدقائه المقربين بالجنود المخضرمين، بصرف النظر عن مهاراتهم وقدراتهم وسجل إنجازاتهم.
ونهاية التقرير، أشارت المجلة إلى أنه بسبب أدائه السيئ، فقد أصبح يول عبئاً على واشنطن، مطالبة بايدن بضرورة أن يجري حديثاً جاداً مع الرئيس الكوري الجنوبي، وأن يدفعه إلى عدم التصرف كرئيس حقق نصراً ساحقاً، وفي حال رفض الأخير الاستماع إلى نظيره الأمريكي، فإنه يجب على بايدن التفكير في خطة بديلة لكيفية تقليل المخاطر الأمنية لأمريكا في شبه الجزيرة الكورية، قبل إطاحة الحكومة الكورية من قِبل شعبها أو جنودها، محذرة من أنه "بخلاف ذلك، ستخرج كوريا الجنوبية عن السيطرة".