بعد أزمة البنكين الأمريكيين.. أين تضع أموالك خلال الأزمات المصرفية؟

رغم الضغوط التي تواجهها البنوك، فإنها لا تزال المكان الأمثل لحفظ النقود،

بعد أزمة البنكين الأمريكيين.. أين تضع أموالك خلال الأزمات المصرفية؟

ترجمات -السياق 

"أين تضع أموالك... في مرتبة السرير أم في البنك"؟، سؤال طرحته صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، بعد الانهيارات المتلاحقة التي ضربت بنوكًا عدة، بدأت ببنكي سيليكيون فالي وسيغنِتشر الأمريكيين، وتبعهما كريدي سويس السويسري، مرورًا ببنك فيرست ريبابليك الأمريكي.

هذه الأزمات، سببت مخاوف بين المودعين والمستثمرين بشأن أموالهم، فهل يخاطرون بوضعها في البنوك، لكن ماذا لو كان هذا البنك التالي في سلسلة الانهيارات المصرفية الأخيرة.

الصحيفة الأمريكية، أشارت إلى أنه رغم الضغوط التي تواجهها البنوك، فإنها لا تزال المكان الأمثل لحفظ النقود، خاصة أن الودائع التي لا تتجاوز 250 ألف دولار محمية في أي بنك أمريكي، تحت بند تأمين الودائع الفيدرالية.

كانت وكالة تأمين الودائع قد وضعت يدها على بنك سيليكون فالي، الذي شارف على الانهيار تحت تأثير عمليات السحب الهائلة من مودعيه، لكن عددًا كبيرًا من عملاء البنك، كانوا من الشركات التي غالبًا ما تتجاوز ودائعها الحد الأقصى للمبلغ الذي تؤمنه المؤسسة، وهو 250 ألف دولار لكل مودع.

وبالفعل، أعلنت السلطات المالية الأمريكية، خطة إنقاذ تضمن أن يتمكن جميع المودعين في "سيليكون فالي" من استرداد أموالهم، لكن مع ذلك يشعر عديد من المستثمرين بالقلق بعد الأزمة الأخيرة، ويتساءلون عما يجب فعله في المستقبل.

لا للنقد

وأوضحت "وول ستريت جورنال" أن هناك من يتجهون إلى وضع أموالهم في البنوك بحسابات جارية، لكنها "لا تقدم أي عائد على هذه الأموال" ما يعني أن الاحتفاظ بالنقود بهذه الطريقة، يعني "فقدان فرصة الكسب"، فما الخيارات المتاحة لحفظ الأموال والاستفادة من عوائدها؟

هناك بدائل أعلى دخلًا، وتشمل حسابات التوفير عالية العائد، وصناديق سوق المال، وشهادات الإيداع، وصناديق الخزينة قصيرة الأجل، التي تتراوح أسعار الفائدة فيها بين 3% و 5%.

وفي ذلك، يشير مستشارون ماليون -تحدثوا للصحيفة- إلى أن الاحتفاظ بالنقد يعني فقدان أي مكسب، إلى جانب الخسائر، والحذر من توقيت السوق، لكن بالنسبة لأولئك الذين يسعون إلى التوقف عن تقلبات الأسهم، فإليهم بعض الإيجابيات والسلبيات التي يجب مراعاتها، في مقدمتها: حسابات التوفير عالية العائد.

عادةً ما تمنح هذه الحسابات أسعار فائدة، تتكيف مع تلك التي يحددها الاحتياطي الفيدرالي، تتراوح بين 3 و4 في المئة.

ونقلت الصحيفة عن سيندي غولوب ولوري جيرسكي، وهما مديرا ممارسات التخطيط المالي بمجموعة سكوارد ادفيسوري" -وهي شركة مستقلة للتخطيط المالي مقرها نيويورك- قولهما: ما يميز حسابات التوفير عالية العائد أنها منخفضة المخاطر، وفيها مرونة لسحب الأموال في أي وقت، وغالبًا ما تكون مؤمّنة فيدراليًا.

وأوصى الخبيران الماليان، بضرورة تخصيص ستة إلى تسعة أشهر من نفقات المعيشة لحالات الطوارئ في حساب عالي العائد من بنك غولدمان ساكس، الذي يدفع 3.75% فائدة.

أما الخيار الآخر فهو -حسب غولوب وجيرسكي- فتح حساب توفير الأداء 360 الخاص ببنك كابيتال ون، الذي يكسب 3.40% كعائد.

وأشارت غولوب إلى أن "العائدات مرتفعة في الوقت الحالي".

صناديق السوق النقدية

وبحسب ما نقلت "وول ستريت جورنال" عن بيانات مؤسسة رفينيتيف ليبر، تستثمر هذه الصناديق الأموال في سندات الدين قصيرة الأجل، بما في ذلك أذونات الخزينة، التي ضخ الناس بها قرابة 115 مليار دولار الأسبوع الماضي، وهو أكبر صافي تدفق أسبوعي منذ عام 2020 .

وتمنح هذه الصناديق عوائد على الأموال، بينما هناك من يفضل الصناديق الحكومية بدلًا من الصناديق الخاصة، بسبب الرسوم المنخفضة التي تمنحها على الودائع، إلا أن مخاطرها مرتفعة أكثر من الصناديق الأخرى، لأنها غير مؤمّنة من مؤسسة التأمين الفيدرالي.

واستشهدت الصحيفة بما سمته أحد المتحمسين لهذه الصناديق، وهو مات ماغيسك -طبيب يبلغ من العمر 63 عامًا يعيش بمدينة نيويورك- يستخدم الفوائد المكتسبة من أمواله في سوق المال لتعويض التكاليف المتزايدة، قائلًا: "لقد ساعدت في تعويض الزيادة الكبيرة في إيجاري".

ونقلت الصحيفة عن إيمي أرنوت، استراتيجي المحفظة في شركة مورنينغ ستار، قولها: صناديق السوق النقدية هي الأكثر منطقية بالنسبة للمستثمرين، الذين يبحثون عن عوائد أعلى على أموالهم.

وأشارت إلى أنها تفضل صندوق سوق المال الحكومي "فيديليتي"، لأنه يحتوي على رسوم منخفضة - 0.42%، أو 42 دولارًا على استثمار عشرة آلاف دولار- ويقدم عائدًا بنسبة 4.35%.

وبينت أرنوت، أن الخيار الآخر الأفضل بالنسبة لصناديق السوق النقدية، صندوق الأموال الحكومية "تشارلز شواب"، الذي يتقاضى 0.34%، أو 34 دولارًا على وديعة عشرة آلاف دولار ويكسب قرابة 4.26% في العائد.

ورأت أن صناديق السوق النقدية الأنسب للمستثمرين الذين يستطيعون تحمل المزيد من المخاطر، لأنهم عادةً ليسوا مؤمنين من مؤسسة التأمين الفيدرالي، فضلًا عن أنهم عانوا فترات طويلة، خصوصًا أثناء انهيار السوق إبان انتشار فيروس كورونا، والأزمة المالية عام 2008، التي تطلبت من المنظمين التدخل.

شهادات الإيداع

تعد شهادات الإيداع من أكثر الاستثمارات أمانًا، وعادةً ما توفر معدلات فائدة أعلى من حسابات الادخار أو الجارية، مقابل حجز الأموال فترة محددة، تكون بين ثلاثة أشهر وعامين.

وفي ذلك، تقول لوري جيرسكي بمجموعة سكوارد ادفيسوري: "بما أن المستثمرين لا يمكنهم سحب أموالهم قبل انتهاء الفترة من دون دفع غرامة، فإن شهادات الإيداع تعد الأفضل لأولئك الذين لا يحتاجون إلى أموالهم لأشهر أو سنوات".

ولا يتاح للمستثمرين سحب أموالهم، قبل انتهاء الفترة المحددة أو عليهم دفع غرامة، كما أن أسعار الفائدة محددة فيه بشكل مسبق، ما يعني أنه إذا رفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة، فإن عوائدك الاستثمارية لن تتأثر بالزيادة.

وتقول جيرسكي: "يمكن أن تذهب الأسعار في أي من الاتجاهين، لكن إذا ارتفعت الأسعار، فإنك تحبس نفسك عند معدل معين".

وأوصت المودعين، بامتلاك شهادة إيداع مضغوطة 12 شهرًا في بنك كابيتال ون، الذي يدفع 4.15%، أو امتلاك شهادة "سينشروني بنك" التي تصل مدتها لـ14 شهرًا ، ويبلغ عائدها 5%.

سندات الحكومة الأمريكية

من الخيارات التي طرحتها "وول ستريت جورنال" أيضًا، يمكنك شراء أذونات الخزينة الأمريكية بشكل مباشر، ما يسمح للمستثمرين بالتحكم في السندات التي يشترونها، التي تصل فيها العوائد لنحو 4.7 في المئة.

بينما يوصي ألان روث، مؤسس شركة الاستشارات الاستثمارية "ويلث لوجيك إل إل سي" بكولورادو ، بأذون الخزانة، لأنها تتعرض لضرر أقل من السندات طويلة الأجل، عندما ترتفع أسعار الفائدة، مشيرًا إلى أن العائد على أذون الخزانة ستة أشهر يبلغ قرابة 4.719%، بينما يصل سند الخزانة لمدة عام إلى 4.282%.

ولكن لتجنب السندات الفردية، يقترح روث على العملاء التعامل مع صندوق "فانغارد تريسوري" الذي يفرض رسومًا بنسبة 0.09% ويوفر عائدًا بنسبة 4.61%، أو صندوق "فيديليتي تريسوري" ، الذي يتقاضى 0.42% ويدفع 4.23%.

وتنصح الصحيفة بألا تتجه لهذا الخيار، إلا إذا كنت على دراية بما تفعله لتحقيق أفضل عائد استثماري.

وأشارت إلى أن انهيار المصارف أثار هلعًا في قطاع المصارف والأسواق المالية، ومخاوف من أن تنعكس التبعات على الاقتصاد العالمي، في وقت يعاني تضخمًا حادًا وتباطؤًا في النمو.

وبعد أسبوعين على أول الاضطرابات، أقر رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، جيروم باول، بمخاطر "تشديد شروط الإقراض للأسر والشركات" في وقت رفع البنك المركزي معدلات الفائدة بفارق كبير للتصدي للتضخم، ما تسبب بتباطؤ الاقتصاد.

وحذر باول من أن ذلك قد "يلقي بثقله على الطلب وسوق العمل والتضخم"، بينما حذرت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، من "مخاطر تراجع جديدة" في ظل اقتصاد هش.

غير أن الوضع لا يزال بعيدًا عن العاصفة، التي أعقبت انهيار مصرف ليمان براذرز العملاق الأمريكي، قبل 15 عامًا.