تونس توصد أبوابها أمام الإخوان... فهل يعود التنظيم من ثغرة الأزمة الاقتصادية؟
احتجاجات الإخوان تتحطم على صخرة النفور الشعبي... فهل تستطيع الجماعة العودة إلى ما قبل 25 يوليو؟

السياق (خاص)
«لا عودة إلى ما قبل 25 يوليو»، شعار رفعه التونسيون في وجه تنظيم الإخوان الإرهابي، فأفشلوا تحركاتهم لإثارة الشارع، ووأدوا مخططاتهم الهادفة لضرب الأمن في البلد الأفريقي.
ورغم أن «جبهة الإنقاذ» الإخوانية رفعت شعار « إسقاط النظام» والقضية الفلسطينية، واستخدمت المال الفاسد، في التظاهرات الأخيرة، فإنها فشلت في إثارة الشارع، أو تحريك مشاعر المواطنين للخروج والاصطفاف إلى جانبهم.
وبحسب مراقبين، فإن تنظيم الإخوان، الذي قطع على نفسه عهدًا لتأليب الشارع ضد الحكومة والرئاسة التونسية، لن يألو جهدًا في محاولة تكرار تلك الاحتجاجات، مستغلًا الأزمات الاقتصادية التي تعانيها تونس، في جلب مؤيدين له، أملًا ورغبة في العودة إلى تصدر المشهد السياسي مجددًا.
إلى ذلك، قال المحلل السياسي التونسي نزار الجليدي، في تصريحات لـ«السياق»، إن قواعد تنظيم الإخوان من الصف الرابع والخامس تحركت في الشارع التونسي، مشيرًا إلى أنها رددت هتافات «إسقاط النظام».
التسلل إلى المشهد
وأكد المحلل السياسي التونسي، أن هتافات «إسقاط النظام» باتت من الماضي التونسي، لأن المواطن يعرف جيدًا التغيرات والتقلبات الجيوسياسية الدولية، التي لها تأثيرات اقتصادية كبيرة، مشيرًا إلى أن حركة النهضة الإخوانية في تونس تسعى إلى التسلل من جديد إلى المشهد السياسي، عن طريق الدفع بمرشحين للانتخابات، ليسوا على صلات تنظيمية مباشرة بالحركة، مستغلة التحالفات السياسية التي عقدتها.
واستدل الجليدي على رؤيته بافتتاح حركة النهضة ما يسمى «بنك التزكيات»، الذي تجمع من خلاله أكبر عدد من التزكيات المطلوبة لمرشحيها، لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، معتمدة على المال السياسي، لاستغلال الأوضاع الاقتصادية التي يمر بها المواطنون، والدفع لهم من أجل الحصول على التزكية.
وعن سيناريوهات استغلال النهضة للوضع الراهن، قال المحلل السياسي التونسي، إن بلاده تشهد مسارين، الأول محاولة الخروج من مأزق إضعاف الدولة خلال 11 عامًا، حتى وإن كان عبر صندوق النقد الدولي، بينما يتمثل الثاني في مؤامرة نسيجها الداخلي الإخوان، والخارجي إعلام دولي يحاول التجييش والحشد، إلى جانب الدعم الدولي للنهضة في تونس، الذي يساعدها في الحشد والتعبئة ضد النظام.
«ورغم أن التونسيين يعيشون حالة مزرية ووضعًا خانقًا، فإنهم يؤمنون بأنه لا عودة إلى ما قبل 25 يوليو، وبأن الانتخابات مرحلة مهمة يقابلها دعم من صندوق النقد الدولي»، بحسب الجليدي، الذي قال إن «الإخوان انتهى زمنهم في تونس، حتى وإن حاولوا ودبروا للعودة لن يستطيعوا».
أبواب مغلقة
وتتفق ضحى السعفي، الكاتبة والمحللة السياسية التونسية، في تصريحاتها لـ«السياق» مع الجليدي، مشيرة إلى أن تونس التي تعيش وضعًا اقتصاديًا حساسًا، لا مجال فيها لحركة النهضة للعودة إلى المشهد السياسي التونسي.
وأشارت إلى أن قطاعًا كبيرًا من الشعب التونسي يحمِّل مسؤولية ما آلت إليه البلاد إلى حركة النهضة وسياساتها، التي عملت على تحقيق مصالحها الخاصة، طوال عشرية وجودها في السلطة.
ولم تستبعد المحللة التونسية، محاولة بعض الأطراف استغلال الظرف الذي تعيشه البلاد لـ «إرباك الوضع العام»، حتى يتسنى لقيادات النهضة تشتيت الرأي العام من حولهم، خاصة أن كثيرين منهم يخضعون في الوقت الحالي للتحقيق بتهم تتعلق بالفساد.
نفور شعبي
الكاتب والمحلل السياسي التونسي أيمن الزمالى قال في تصريحات لـ«السياق»، إن أغلبية الأحزاب التي هيمنت على المشهد السياسي التونسي خلال العقد الأخير، خاصة حركة النهضة، لم تعد قادرة على تحريك الشارع، مؤكدًا أن امتدادها انحسر كثيرًا بالأوساط الشعبية وفي مختلف الفئات الاجتماعية.
وأوضح أن هذه الأحزاب تعيش حالة من النفور الشعبي والجماهيري، وعدم الإنصات لخطابها السياسي، لأنها لم تكن قادرة على تنمية وتعزيز قدرات البلاد، اقتصاديًا وسياسيًا، خلال مرحلة حكمها وتحكمها في مفاصل الدولة، بل إن الأوضاع تأزمت أكثر.
وبينما قال إن الشارع التونسي ساند الرئيس قيس سعيد في خطواته ضد الإخوان وزمرة الحكم، شدد على أن العديد من فئات الشعب التونسي -خاصة الشباب العاطل عن العمل- يطالبون بحلول سريعة تضمن كرامتهم.
ويرى المحلل التونسي أن أزمة الخبز انعكاس لما وصفه بـ«ضعف» السلطة، وعدم قدرتها على التحكم في السوق والتوزيع، وتوفير المواد الأساسية، ما تسبب في حالة من غضب الشارع المتعطش للحلول، وعودة دوران عجلة التنمية والاقتصاد، وتوفير وظائف.
وتشهد تونس أزمة طاحنة في توفير الخبز، بعد دخول أصحاب المخابز في إضراب عام، بسبب عدم سداد الدولة لمستحقاتهم منذ ما يقرب من عام، لتضيف معاناة جديدة إلى الشعب التونسي، لانعدام الوقود في المحطات منذ أيام، ما تسبب في تصاعد الغضب الشعبي.