خطة للسلام في إثيوبيا... هل تنجح؟

شددت المجلة الأمريكية، على ضرورة اعتراف الحكومة الفيدرالية والجبهة الشعبية لتحرير تيغراي بشرعيتهما بشكل متبادل، بصرف النظر عن العمليات الانتخابية الإشكالية.

خطة للسلام في إثيوبيا... هل تنجح؟
مقاتلون في الجيش الإثيوبي

ترجمات-السياق

بعد عام من شن الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي هجوماً استباقياً، على القيادة الشمالية لقوات الدفاع الوطني الإثيوبية، خلَّفت الحرب آثاراً شملت الموت والدمار والكوارث الإنسانية في الدول الإفريقية، بحسب مجلة فورين بوليسي الأمريكية.

وأضافت المجلة، في تقرير، أن جذور الصراع في إثيوبيا تعود إلى الخلافات على توازن القوى، بين الحكومة الفيدرالية وحكومة الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، إذ يتهم كل طرف الآخر بالسعي إلى القضاء عليه، وتفاقمت الخلافات السياسية بسبب النزاعات الإقليمية، القائمة على الهوية التاريخية بين منطقتي أمهرة وتيغراي المجاورتين، والعداوات بين تيغراي وإريتريا.

حل سلمي

أشارت المجلة إلى دعوات الاتحاد الإفريقي والدول المجاورة، إلى تبني حل سلمي للصراع، حيث عيّن الاتحاد الإفريقي الرئيس النيجيري السابق أولوسيجون أوباسانجو مبعوثاً خاصاً للقرن الإفريقي، التقى رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، وسُمح له بالسفر إلى ميكيلي عاصمة تيغراي للقاء زعيم الجبهة الشعبية، ديبريتسيون جبريمايكل.

وبحسب ما ورد، التقى قادة منطقتي عفار وأمهرة، ورغم تبني أوباسانجو نبرة حذرة حتى الآن، فإنه أشار إلى أن اقتراحاً أولياً للسلام قد يظهر قريباً، حسب المجلة.

ورأت "فورين بوليسي" أن السعي لتحقيق السلام يمر بمراحل، لكل منها أهداف، وإطار زمني، ومجموعة من الفاعلين.

وتابعت: "يجب أن تكون الأولوية الفورية وقف إطلاق النار، لذا يجب على جميع الأطراف وقف الحملات العسكرية والاتهامات المتبادلة، كما يجب استئناف الخدمات إلى إقليم تيغراي، بما في ذلك الاتصالات السلكية واللاسلكية وعمل البنوك، في أقرب وقت ممكن ومن دون شروط، ويجب أن يعمل الطرفان على ذلك، لأن الأمر يتطلب صيانة البنية التحتية، ويتعين على الحكومة الفيدرالية ومنطقتي أمهرة وعفر أيضاً تسهيل، وليس مجرد السماح، بتقديم المساعدات الإنسانية إلى تيغراي".

اعتراف بالشرعية

وشددت المجلة الأمريكية، على ضرورة اعتراف الحكومة الفيدرالية والجبهة الشعبية لتحرير تيغراي بشرعيتهما بشكل متبادل، بصرف النظر عن العمليات الانتخابية الإشكالية، وذلك يتطلب إزالة التصنيف الإرهابي للجبهة الشعبية، وهي عملية سياسية يشارك فيها البرلمان، كما يجب إطلاق سراح التيغراي المعتقلين ظلماً بسبب الحرب في جميع أنحاء البلاد".

وأوضحت "فورين بوليسي" أنه يجب على الحكومة الإثيوبية الفيدرالية، إصدار عفو عام بشأن بدء الحرب وملاحقة مرتكبيها، لكن ينبغي ألا يشمل ذلك الانتهاكات من جميع الأطراف، لا سيما ضد المدنيين، التي لا تتعلق بالحرب، وتشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، يجب التحقيق فيها، كما ينبغي تقديم هؤلاء الجناة إلى العدالة ودفع تعويضات ودعم للضحايا.

خطة للسلام

ووفقاً لخطة السلام التي تقترحها المجلة، يتعين على الحكومة الفيدرالية الالتزام باستئناف الإعانات لحكومة إقليم تيغراي، مشيرة إلى أنه بالنظر إلى غياب تمثيل التيغراي في البرلمان الفيدرالي، ينبغي السماح للجبهة الشعبية لتحرير تيغراي بإرسال ممثلين إلى مجلسي البرلمان الفيدرالي، حتى يحين الوقت الذي يمكن فيه إجراء الانتخابات في المنطقة.

ورأت المجلة، أن هذا الترتيب السياسي قابل للتطبيق، لأن سكان هذه المناطق لديهم هوية ثقافية وإقليمية، تتجاوز الانقسام اللغوي بين أمهرة وتيغراي.

ووفقاً للمجلة، فإنه بينما يمكن النظر في إرسال بعثة حفظ سلام دولية، فإن هذه البعثة لن تؤخر عملية السلام من دون داع فحسب، بل ستكون أيضًا غير مقبولة من الحكومتين الفيدرالية والأمهرة، لذا فإنه بدلاً من ذلك، يمكن نشر مجموعة صغيرة من المراقبين المدنيين الدوليين لمراقبة الوضع على الأرض، ودعم مبادرات السلام والمصالحة، وتنسيق المساعدة الدولية.

وأضافت المجلة: "في حين أن السلام الفوري هو الأولوية الآن، فإن معالجة جذور الخلاف السياسي الكامن وراء الحرب في تيغراي، وكذلك حركات التمرد من جيش تحرير أورومو وحركات التمرد الأصغر في أجزاء أخرى من إثيوبيا، تتطلب إجراء حوار وطني شامل وليس حواراً بين أطراف الحرب الحالية فقط.

الافراج عن المعتقلين

رأت المجلة، أن من حسن الحظ، أن الحكومة الفيدرالية أعلنت خططًا لإطلاق مثل هذا الحوار، لكن هذا الحوار لن يكون ناجحاً ومشروعاً من دون الإفراج عن الشخصيات السياسية الرئيسة المحتجزة حالياً، كما يجب أن يتفق الحوار أولاً على عملية يتم من خلالها التوصل إلى قرارات وتسويات، ويجب ألا يسعى الطرفان إلى فرض خطوط حمراء أولية لتقويض العملية، كما يجب على الحكومة أن تقبل أنها من المشاركين في الحوار بدلاً من السعي لفرض رأيها فقط، لذا فإنه يمكن تشكيل لجنة توجيهية من الخبراء المستقلين، تشمل خبراء أفارقة، بموافقة القوى السياسية الرئيسة في البلاد".

وفي حال التزمت الحكومة الفيدرالية بهذه المقترحات، وضمنت إنهاء أي هجوم عسكري، يجب على المجتمع الدولي، لا سيما الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، دعم هذه الجهود، إذ يمكنهم دعم جهود إعادة الإعمار، بما في ذلك من خلال بحث إمكانية استضافة قمة لإثيوبيا، واستئناف المساعدات المعلقة، ودعم الحكومة الفيدرالية في التحقيق، وإعادة الأموال التي تزعم تحويلها للخارج بشكل غير قانوني، خلال عقود من حُكم الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، كما ينبغي عليهم دعم المبادرات داخل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، لمساعدة الإصلاحات الاقتصادية في أديس أبابا، حسب المجلة.

وفي نهاية تقريرها، قالت "فورين بوليسي" إن إثيوبيا عانت بما فيه الكفاية، لكن التوصل إلى السلام يكمن في الاعتراف بمظالم الآخر، بجانب تقديم التنازلات.