في ظل حكم طالبان... ازدهار تجارة الأفيون في أسواق أفغانستان
تؤكد وول ستريت جورنال أن زراعة المخدرات وتجارتها تتسارع في المحافظات تحت سمع وبصر طالبان، مشيرة إلى أنه في مدينة تالوكان، عندما وصل مسؤول في مخابرات طالبان إلى سوق الأفيون الأربعاء الماضي، كان اهتمامه الوحيد، المطالبة بمغادرة الصحفيين الأجانب، لعدم توثيق ما يجري هناك، مبررًا ذلك بأن الناس جوعى.

ترجمات - السياق
كشفت صحيفة وول ستريت، عن ازدهار أسواق تجارة الأفيون من جديد في أفغانستان، بعد عودة حركة طالبان إلى الحكم منذ أغسطس الماضي.
وقالت الصحيفة، في تقرير، إن العشرات من التجار في أحد الأسواق بمدينة تالوكان عاصمة ولاية تخار شمال شرقي البلاد، يمارسون تجارة الأفيون، وأضافت أن داخل هذا السوق، تعرض الأكياس البلاستيكية المملوءة بالأفيون على الملأ للبيع، مشيرة إلى أنه وسط ذلك توجد لافتات بيضاء، تشيد بإمارة طالبان الإسلامية، ترفرف على كل متجر.
أساس الثراء
وأوضحت "وول ستريت جورنال" أن تجارة الأفيون شكلت -على مدى سنوات طويلة- لبنة أساسية للثراء في أفغانستان، فقد أنتجت البلاد من هذا المخدر آلاف الأطنان في فترة التسعينيات، خصوصاً بعد 3 سنوات من بدء حكم طالبان.
وأشارت إلى أن عودة الحركة إلى الحكم، منتصف أغسطس الماضي، أحيت مجدداً هذه التجارة المحرمة دولياً، حيث ازدهرت أسواق عدة، بينما غضت طالبان الطرف عن الأمر، تاركة هذه التجارة تأخذ مجراها.
وكشفت الصحيفة عن أن زراعة المخدرات، لا تتوقف على مدينة تالوكان فقط، إذ تزدهر أيضًا في العديد من المناطق الأخرى، خصوصًا قندهار جنوبي أفغانستان، مهد حركة طالبان.
ونقلت عن عدد من المزارعين قولهم، إنهم بدأوا زراعة الخشخاش في الأراضي التي كانوا يزرعون فيها القمح أو الذرة، لأن مزيجًا من الجفاف والعقوبات الدولية وإغلاق الحدود، جعل المحاصيل المشروعة غير مربحة.
وقال صالح محمد، 55 عاماً، وهو أب لسبعة أطفال لـ "وول ستريت جورنال": "الجميع فقراء هنا، وسوف يصبحون أكثر فقرًا إذا لم نزرع الخشخاش، إذ لا يوجد بديل"، مشيرًا إلى أنه توسع في الأرض المزروعة بالخشخاش من 2.5 إلى 4 أفدنة، وهو ما يصل إلى نصف المساحة التي يؤجرها، كمحاولة لكسب المال، مضيفًا: "ليس هناك شك في أن الناس هنا سيزرعون الخشخاش هذا العام أكثر مما كان عليه في الماضي".
الجفاف
وأوضحت "وول ستريت جورنال" أن أفغانستان عانت أسوأ موجة جفاف منذ عقود، مشيرة إلى أنه أواخر أغسطس الماضي -بعد وقت قصير من إطاحة الجمهورية الأفغانية المدعومة من الولايات المتحدة- وعدت طالبان بأنها ستقضي على تجارة المخدرات التي تقدر بمليارات الدولارات، والتي تمثل 85% من إنتاج الأفيون في جميع أنحاء العالم، لكن بعد ثلاثة أشهر من سيطرتها على البلاد، ومع بدء موسم زراعة الخشخاش، حدث العكس تمامًا، وازدهرت الزراعة بشكل لم يسبق له مثيل.
ورغم ذلك، تدعي سلطات طالبان في كابل، أنها لا تزال جادة في مواجهة تجارة المخدرات، وقال قاري سعيد خوستي، المتحدث باسم وزارة الداخلية، التي تشرف على جهود مكافحة المخدرات: إن هدف حكومة طالبان هو منع "نمو وتجارة المخدرات".
لكن التصرفات على الأرض تكشف عكس ذلك، إذ تؤكد "وول ستريت جورنال" أن زراعة المخدرات وتجارتها تتسارع في المحافظات تحت سمع وبصر طالبان، مشيرة إلى أنه في مدينة تالوكان، عندما وصل مسؤول في مخابرات طالبان إلى سوق الأفيون الأربعاء الماضي، كان اهتمامه الوحيد، المطالبة بمغادرة الصحفيين الأجانب، لعدم توثيق ما يجري هناك، مبررًا ذلك بأن الناس "جوعى".
دعم البيع
وأشارت "وول ستريت جورنال" إلى دعم طالبان للمزارعين في بيع وتجارة الأفيون، لكن حاكم طالبان في منطقة بانجواي، حيث تقع تالوكان وحيث تنتشر بقايا القواعد الأمريكية، جادل الصحفيين، بأن أفغانستان، التي تعرضت للضغط بسبب العقوبات المالية الأمريكية وأسوأ موجة جفاف منذ عقود، لا يمكنها أن تحرم المزارعين المحليين من مصادر رزقهم.
وسأل المحافظ الملا سيف الرحمن اخوند"وول ستريت جورنال": "كيف يمكننا أن نطلب منهم التوقف؟ من يعتني بهم؟"، مضيفًا: "إذا اعترف المجتمع الدولي بحكومتنا وتلقينا مساعدات إنمائية، فإن الخشخاش سيختفي بالتأكيد، يمكننا اتخاذ تدابير ضده، لكننا لا نريد أن يعاني شعبنا فقرًا أشد".
كانت الولايات المتحدة جمَّدت أكثر من 9 مليارات دولار من أصول البنك المركزي الأفغاني، بعد سيطرة طالبان، وفرضت عقوبات مالية شلّت النظام المصرفي في البلاد، كما لم تعترف أي حكومة بإمارة طالبان الإسلامية.
سوء تغذية
وعن تفشي أمراض سوء التغذية، منذ سيطرة طالبان على البلاد، نقلت "وول ستريت جورنال" عن الدكتور صالح محمد، مدير مستشفى مرويس الإقليمي في قندهار، قوله: إن المستشفى يتعامل مع زيادة سريعة في حالات سوء التغذية لدى الأطفال، وكثير منها خطيرة، مضيفًا: "هناك أزمة إنسانية ضخمة تلوح في الأفق".
الخشاش أهم
يذكر أنه بعد أسبوعين من سيطرة طالبان على أفغانستان، أوردت "وول ستريت جورنال" أن سكاناً في مناطق أساسية لزراعة الخشخاش، ذكروا أن قادة الحركة طلبوا من المزارعين التوقف عن زراعة النبات الذي يُستخرج منه الأفيون، ما تسبّب في ارتفاع أسعار الأفيون الخام في كل أنحاء البلاد.
وأضافت الصحيفة أن ممثلي طالبان أبلغوا المزارعين في إقليم قندهار، وهو منطقة رئيسة لإنتاج الأفيون، بإمكان حظر زراعة الخشخاش، التي تشكّل جزءاً مهماً من الاقتصاد المحلي.
ونقلت عن مزارعين في أقاليم قندهار وأوروزغان وهلمان، أن أسعار الأفيون الخام المُستخدم في صناعة الهيروين تضاعفت 3 مرات، من نحو 70 دولاراً إلى 200 دولار للكيلوجرام.
وكان الناطق باسم الحركة، ذبيح الله مجاهد، قال إن طالبان لن تسمح بتجارة المخدرات. لكن "وول ستريت جورنال" أوردت أن حكومات غربية ذكرت أن الحركة "كانت من أكبر المستفيدين من صناعة المخدرات، إذ استخدمت الضرائب المفروضة على تجارة المخدرات لتمويل تمرّدها المستمرّ منذ 20 سنة".
وأشارت إلى أن فشل محاولات الولايات المتحدة لكبح هذه التجارة "يعود إلى التكلفة السياسية الهائلة لتنفير المزارعين الأفغان، الذين يعتمدون على محاصيل الخشخاش في معيشتهم".
ورأت أن محاولات طالبان لفعل الأمر ذاته قد تقوّض شعبيتها، وتحرم إدارتها الجديدة من مصدر مهم للإيرادات، بعد قطع أفغانستان عن النظام المالي العالمي وحرمانها من المساعدات الخارجية.
ونقلت الصحيفة عن مزارع في حقل خشخاش، قوله: "إذا حظّرت طالبان زراعة الخشخاش سيموت الناس جوعاً، خصوصاً حين تتوقف المساعدات الدولية".