داعش خراسان وطالبان... لماذا يتقاتلان؟

لماذا يعارض داعش خراسان طالبان؟ وهل يشكل تهديدًا خارج أفغانستان؟

داعش خراسان وطالبان... لماذا يتقاتلان؟

«داعش خراسان»... هل ما زال التنظيم الإرهابي يشكل خطرًا؟

 ترجمات - السياق

كشفت صحيفة ديسباتش، أن زعيم تنظيم داعش خراسان، الإرهابي المعروف باسم شهاب المهاجر، أحد الأهداف المحتملة لأمريكا، بعد تعهد الرئيس الأمريكي جو بايدن الأسبوع الماضي، بالانتقام من المسؤولين عن تفجيرات مطار كابل، التي خلَّفت عشرات القتلى والجرحى.

وقالت الصحيفة، إن أحدًا لم يفاجأ بعد إعلان ولاية خراسان (غالبًا ما يشار إليها باسم داعش خراسان من الحكومة الأمريكية) مسؤوليتها عن هجوم مطار كابل، الذي أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 13 جنديًا أمريكيًا، وإصابة أكثر من 10، إضافة إلى مقتل أكثر من 100 أفغاني.

من ناحيته، قال توماس جوسلين، زميل أول في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات وكاتب التقرير: إن القيادة العليا لتنظيم داعش، عيَّـنت شهاب المهاجر واليًا (أو الحاكم) للمنطقة في يونيو 2020، بعد مقتل أو القبض على سلسلة من أسلافه، في عمليات مكافحة الإرهاب، مؤكدة أن الحاكم الجديد للتنظيم الإرهابي، عمل كمخطط رئيس لشن هجمات بارزة، في كابل ومناطق حضرية أخرى، بحسب فريق من الخبراء العاملين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

وأكد أن رجال والي «داعش خراسان»، إرهابيون غزيرو الإنتاج، مشيرًا إلى أن بعثة الأمم المتحدة لمساعدة أفغانستان وثَّقت 77 هجوماً تبناها التنظيم أو نُسبت إليه في الأشهر الأربعة الأولى من عام 2021 وحده، بعضها في كابل، حيث استهدفت شبكة المهاجر المدنيين بانتظام، وكذلك الحكومة الأفغانية المخلوعة الآن.

 

كم عدد قوات داعش خراسان؟

وعن عدد رجال تنظيم داعش في أفغانستان، قال توماس جوسلين: لا أحد يعرف، فجميع التقديرات محفوفة بالمشكلات، مشيرًا إلى أن المنظمات الإرهابية لا تنشر قوائمها، ما يعني أن هناك الكثير من التخمينات التي ينطوي عليها الخروج بالأرقام، فتقديرات الولايات المتحدة للقوة البشرية لتنظيم داعش والقاعدة وطالبان معيبة منذ سنوات.

ووفقًا لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، كان يُعتقد أن داعش في خراسان، تضم ما بين 1500 و2200 عضو شرقي أفغانستان، لكن هناك أسبابًا للشك في أن الجماعة لديها مئات من الأعضاء الآخرين، في أماكن أخرى في جميع أنحاء البلاد أيضًا، بما في ذلك العاصمة الأفغانية، بحسب جوسلين، الذي قال إن عمليات الهروب من سجن طالبان، أدت إلى تحرير المئات من الموالين لـ«داعش» في خُراسان أيضًا.

 

لماذا يعارض داعش خراسان طالبان؟

الزميل الأول في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، قال إنه عندما أعلن تنظيم داعش خلافته في العراق وسوريا في يونيو 2014، رفض قادته شرعية جميع السُّلطات «الجهادية» الأخرى، بما في ذلك طالبان، فوفقًا لمخطط تنظيم داعش، بمجرَّد أن يطأ رجاله أرض أي بلد أو منطقة، يدين جميع المسلمين في المنطقة بالولاء لخليفته.

وأشار إلى أن أول خليفة لـ«داعش» كان أبو بكر البغدادي، إلا أنه عندما تم تشكيل فرع التنظيم الإرهابي في خراسان، طالب التنظيم جميع المسلمين في أفغانستان بثني الركبة.

وأكد أن قيادة طالبان رفضت باستمرار محاولات «داعش» اغتصاب سُلطتها، بما في ذلك عهد خليفة البغدادي، الإرهابي المعروف باسم أبو إبراهيم الهاشمي القريشي.

قاتلت طالبان والقاعدة ما يقرب من 20 عامًا، لإحياء إمارة أفغانستان الإسلامية، النظام الاستبدادي الذي أطيح خلال الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2001، إلا أنه بينما الحركة على مشارف إعلان استعادتها في أي يوم الآن، يرفض تنظيم داعش خراسان شرعية الإمارة الإسلامية بشكل قاطع.

وأكد جوسلين، أن طالبان وداعش تقاتلان في خراسان مرارًا وتكرارًا، لذا من الطبيعي أن القاعدة قاتلت إلى جانب طالبان، مشيرة إلى أنه عادة ما يكون «داعش خراسان» الخاسر في هذا الصراع الجهادي الداخلي.

فمعاركهم ليست فقط على مَنْ هو الحاكم الشرعي للأفغان، بحسب كاتب التقرير، الذي قال إن القيادة الأولية لـ«داعش خراسان» كانت من منشقين عن طالبان والقاعدة وطالبان الباكستانية، فضلاً عن الجماعات الأخرى التابعة لها، متوقِّعًا أن تكون لهؤلاء المنشقين أجنداتهم الشخصية، إضافة إلى الاعتراضات الأيديولوجية على حُكم طالبان.

هذه الديناميكية ستظل شوكة في خاصرة طالبان، خاصة بعد توفير تنظيم داعش خراسان منفذًا لأي قادة أو مقاتلين ساخطين لديها، فضلًا عن تشكيل الأخيرة شبكات تجنيد محلية خاصة بها أيضًا.

 

هل يشكل داعش خراسان تهديدًا خارج أفغانستان؟

أكد توماس جوسلين، أن تنظيم داعش خراسان، يشكل تهديدًا خارج أفغانستان، ففريق الخبراء في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، حدَّد هيئة تُعرف بمكتب الصادق في الموقع نفسه مع داعش خراسان، كنقطة اتصال إقليمية في الشبكة العالمية لتنظيم داعش، مشيرًا إلى أنها تتبع أجندة إقليمية وسط وجنوب آسيا، نيابة عن قيادة «داعش» العالمية، ما يعني أن «داعش خراسان» ليست وحدة قائمة بذاتها، إنها تعمل مع أجزاء أخرى من شبكة «داعش» لتصدير الإرهاب خارج أفغانستان.

وأشار إلى أن تنظيم داعش خراسان، جنَّد مقاتلين من جميع أنحاء دول آسيا الوسطى، بهدف تصدير الجهاد إليهم، مؤكدًا أن  التنظيم ينظر إلى هذه البلدان، على أنها أرض جديدة لتوسيع مشروع الخلافة، إلا أنه مع ذلك، لم تظهر المجموعة حتى الآن، سوى وجود عملياتي صغير في هذه البلدان، بين تلك العمليات، حادث دهس فريق من إرهابيي «داعش» لراكبي دراجات أمريكيين وأوروبيين في طاجيكستان، في يوليو 2018، أسفر عن مقتل أربعة أشخاص.

إلا أن جوسلين أكد أنه لدى «داعش خراسان» في باكستان، قدرة تشغيلية أكثر تطوراً، مدلِّلا على ذلك بقوله، إن الجماعة نفذت سلسلة من العمليات داخل باكستان، على مدى السنوات الماضية.

وتشكل داعش في خراسان، درجة معينة من التهديد خارج وسط وجنوب آسيا أيضًا، ففي صيف 2016، زُعم أن ثلاثة رجال تآمروا لتنفيذ هجمات إرهابية في مدينة نيويورك نيابة عن «داعش»، واكتشف المحققون الأمريكيون، أن الثلاثي كان على الأقل على اتصال بـ«إرهابيي» داعش خراسان.

وفي أبريل 2020 ، فككت السلطات الألمانية خلية من أربعة مواطنين طاجيك، زُعم أنهم كانوا يستعدون لمهاجمة منشآت عسكرية للولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي.

ونشرت CTC Sentinel تقريرًا لنوديربك سولييف، لخص بخبرة العلاقات بين هذه الخلية وشخصيات «داعش» في أفغانستان وسوريا.

وأكد جوسلين أن «الأغلبية العظمى من عمليات داعش خراسان، تحدث وسط وجنوب آسيا، لكن سيتعين على المسؤولين الأمريكيين، مراقبة المجموعة بعد انسحاب العسكريين الأمريكيين، لأنه لا يمكن لأحد استبعاد احتمال أن يحاول الجيش شيئًا ما في الغرب».

 

هل هناك توافق بين طالبان وداعش خراسان؟

قال جوسلين: إن هذا الأمر صعب، فوفقًا لخبراء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، تزعم بعض الدول أن هناك أدلة تثبت أن شبكة حقاني سيئة السُّمعة، التي هي جزء من حركة طالبان، استخدمت خلايا «داعش» في كابل، كقطع للعمليات التي لا تريد طالبان إعلانها، بما في ذلك التفجيرات التي تقتل عددًا كبيرًا من المدنيين.

وشبكة حقاني، التي نفَّذت بعض أكبر الهجمات الإرهابية في تاريخ كابل حتى الآن، متحالفة بشكل وثيق مع القاعدة، إلا أن فريق الأمم المتحدة، أشار إلى اعتراضات يُزعم أنها تظهر أن قادة حقاني لديهم معرفة بهجمات داعش في خراسان.

وتساءل كاتب التقرير: هل هذا دليل على أن أبناء حقاني كانوا يرفعون أعلامًا مزورة؟ أم أن قادة حقاني هؤلاء انشقوا ببساطة إلى داعش خراسان؟ مشيرًا إلى أن شهاب المهاجر زعيم داعش خراسان، قد يكون أحد قوات شبكة حقاني، رغم عدم إثبات ذلك.

وأكد أن حقاني داعش خراسان، مجرَّد نظرية، لكن يجب أن نكون حذرين من المبالغة في ذلك، خاصةً في غياب الأدلة القوية، وهو ما أكده الرئيس الأمريكي بايدن، قائلًا، إنه لا دليل على تعاون طالبان مع داعش، في قصف خارج مطار كابل.

إلا أنه مع ذلك، فإن لداعش وكالتها الخاصة وحوافزها الخاصة لقتل الأمريكيين والأفغان وآخرين في مطار كابل، فطالبان والقاعدة انتصرتا في الحرب، لذلك كان لدى داعش خراسان أسباب لسرقة رعدهم، بحسب جوسلين الذي قال إن التفجيرات خارج المطار، ستساعد في جهود التجنيد العالمية لتنظيم داعش.

استهدف بيان تبني المسؤولية من تنظيم داعش خراسان، طالبان بشكل مباشر، بحسب جوسلين، الذي أشار إلى أن حجة أن طالبان تعاونت مع الولايات المتحدة في إجلاء الأمريكيين وغيرهم، تهدف هذه الحجة إلى تقويض مؤهلات طالبان «الجهادية» وشرعيتها كحكومة.

هل يمكن لطالبان أن تكون شريك أمريكا في مكافحة الإرهاب؟

قال كاتب التقرير: إن الأمر صعب، فأحيانًا يكون عدو عدوي مجرَّد عدوي وليس صديقي، وهذا هو الحال مع طالبان، التي لا تزال متشابكة مع القاعدة.

حتى الآن، كانت طالبان والقاعدة قانعين بمشاهدة أمريكا تتراجع في إذلال، مشيرًا إلى أنهم يريدون رحيل القوات الأمريكية بحلول 31 أغسطس، حتى يتمكنوا من الشروع في استعادة إمارتهم الإسلامية، كون هذا هدفهم الديني والسياسي.

وأكد جوسلين، أنه يجب أن نكون على اطلاع بأخذ الرهائن أو أي أعمال شائنة أخرى، مع اقتراب الولايات المتحدة من الموعد النهائي الذي حدَّدته بنفسها، مطالبًا بوضع في الاعتبار اللعبة الطويلة، فالقاعدة تعتمد على فوائد الحُكم الجهادي في أفغانستان، حيث ستكون قادرة على التجنيد والتدريب والتآمر بحرية.

والأهم من ذلك، أنه لا ينبغي لأحد أن يثق بطالبان، بحسب كاتب التقرير، الذي قال إن هذا الأسبوع فقط، قال المتحدِّث باسم الجماعة، ذبيح الله مجاهد، لشبكة NBC News: لا دليل على أن أسامة بن لادن، كان مسؤولاً عن عمليات اختطاف الطائرات في 11 سبتمبر.

وقال جوسلين، إن طالبان كرَّرت هذه «الكذبة» مرات عدة منذ 11 سبتمبر، حتى عندما أعلنت القاعدة مرارًا وتكرارًا مسؤوليتها عن الهجوم الإرهابي الأكثر دموية في التاريخ، مشيرًا إلى أن تنظيم داعش خراسان، ما زال يمثل تهديدًا في كابل وأماكن أخرى، لكن ذلك لا يعني أنه يمكن اعتبار طالبان شريكًا لأمريكا.