هل تحصل طالبان على شرعية دولية؟
حركة طالبان... بين الاشتراطات الدولية وتحديات الحكومة الجامعة

السياق
تسعى حركة طالبان، إلى تشكيل "حكومة جامعة" في أفغانستان، ضمن تحركاتها للحصول على الشرعية الدولية، لاسيما مع وضع الدول الكبرى اشتراطات، بينها تشكيل حكومة تضم كل الأطياف السياسية، وتحافظ على مكتسبات الأقليات، غير أن المؤشرات تؤكد أن الحركة المسلَّحة "عادت لتنتقم من خصومها".
إعدامات وتنكيل
ولتحقيق الشروط الدولية للاعتراف بها، بدأت "طالبان" مباحثات لتشكيل الحكومة، بعد أن وصل الملا عبد الغني بردار، الرجل الثاني في الحركة، إلى العاصمة الأفغانية كابل.
والتقى برادر عددًا من قادة الحركة، بينهم خليل حقاني، أحد أهم المطلوبين في العالم من الولايات المتحدة الأمريكية، التي كانت قد وعدت بـ 5 ملايين دولار مكافأة، لمَنْ يدلي بمعلومات تساعد في اعتقاله.
منذ وصول برادر إلى الأراضي الأفغانية، أكدت طالبان أن حكمها سيكون "مختلفًا" عمّا عرفته البلاد، بين عامي 1996 و2001 التي اتصفت بقسوة شديدة، خصوصًا مع النساء، لكن الرسالة، من واشنطن والحكومات الديمقراطية الأخرى لطالبان هي: "نحن لا نثق بكم، لذا أظهروا لنا أنكم تستحقون ذلك".
وتعهدت الحركة، بعدم الاقتتال وحقن الدماء، وإيجاد أرضية مشتركة لبناء الدولة الأفغانية، وذلك من أبرز البنود التي اتفق عليها وفد المصالحة الوطنية، الذي اجتمع -قبل أيام لأول مرة منذ سنوات- في أفغانستان، وجمع الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي ومسؤولي أحزاب وزعماء القبائل وطالبان.
لكن التطمينات التي بثَّتها حركة طالبان، لحظة سيطرتها على العاصمة الأفغانية كابل، سرعان ما تحوَّلت إلى سراب، بعد أن نفَّذت الحركة إعدامات، لعدد من قوات الشرطة والجيش، ومدنيين.
تلك الإعدامات، لم تتوقَّف عند هؤلاء المسؤولين، بل طالت صحفيين وأقرباء لهم، إضافة إلى تنكيل وتعذيب للنساء ومنعهن من الخروج، في رسائل تكشف نية حركة طالبان، بأنها جاءت لتنتقم.
خيارات محدودة
"أمام حركة طالبان خيارات محدودة، للحصول على الشرعية الدولية"، هكذا تقول رانيا مكرم، الباحثة في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية لـ"السياق".
وأكدت الباحثة المصرية، أن الخيارات محدودة، بسبب وضع الدول الكبرى لشروط عدة، يجب أن تستوفيها طالبان، حتى يتم الاعتراف بها.
ولفتت إلى أن حركة طالبان، وجدت نفسها أمام استحقاق سياسي مهم، يمثِّل لها مخرجًا وحيدًا من خطر الانعزال الدولي، الذي يهدِّد مستقبلها، في ظِل عدم قدرتها على إدارة الملف الاقتصادي.
ويعتمد الاقتصاد الأفغاني، على مساعدات الدول المانحة، التي علَّقت بدورها مساعداتها لأفغانستان، كما جمَّدت الولايات المتحدة أرصدة البنك المركزي الأفغاني لديها، ما يعني أن الحركة لن تستطيع الوفاء بمرتبات الموظفين، وتوفير السلع والخدمات خلال الشهر المقبل، بحسب رانيا مكرم.
وفي هذا السياق، يرجَّح أن تلجأ طالبان، بحسب ما تقوله الباحثة في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إلى سياسة كسب الوقت، والاستمرار في بعث رسائل الطمأنة للخارج، بشأن الحفاظ على حقوق المرأة والأقليات، واستثمار الحديث عن مفاوضات في الداخل لتشكيل حكومة، لهذا الغرض.
وتتوقَّع رانيا مكرم، أن تعمل طالبان على تشكيل حكومة، قد تضم بعض فرقائها، بشكل يظهر استجابتها لمتطلبات المجتمع الدولي.
احتمالات حرب أهلية
أما عن احتمالات توريط البلاد في حرب أهلية، فترى الباحثة بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن هذا الاحتمال يظل قائمًا، فرغم إعلان أحمد شاه مسعود، استعداده للتفاوض مع طالبان، لتشكيل حكومة شاملة للأطياف السياسية، فإنه أكد أنه سيقاتل الحركة، إذا قرَّرت اقتحام بنجشير، آخر الأقاليم التي لم تسيطر عليها طالبان حتى الآن، بعد إمهال الأخيرة 4 ساعات، لتسليم الإقليم سِلميًا، من دون مواجهات، وهو ما رفضه مسعود.
تجدر الإشارة إلى أن أحمد شاه مسعود، طالب الولايات المتحدة بدعم المليشيا، التي كوَّنها في الإقليم لمقاومة طالبان.
ودعا قائد إقليم بنجشير المجتمع الدولي إلى مساندته، وذلك في مقالين بجريدتي "واشطن بوست" الأمريكية، و"لا ريغل دو جو" الفرنسية، بينما لم يتلق مسعود عروضًا من الغرب بدعم مليشياته، حتى الآن.