فورين بوليسي: دبلوماسيو إيران الجدد.. عقبة أمام أي اتفاق نووي جديد

انتقدت المجلة، التشكيلة الجديدة لحكومة رئيسي، قائلة: يجب على المرء أن يتساءل عما إذا كانت تشكيلة السياسة الخارجية هذه، تمتلك التوافق والبراعة الدبلوماسية والخبرة ، المطلوبة لمهمة معقَّدة ودقيقة مثل تنشيط الصفقة النووية

فورين بوليسي: دبلوماسيو إيران الجدد.. عقبة أمام أي اتفاق نووي جديد
على خامنئي وإبراهيم رئيسي

 ترجمات - السياق

ذكرت مجلة فورين بوليسي الأمريكية، أن القادة الجدد في الحكومة الإيرانية، برئاسة إبراهيم رئيسي، ربما يكونون عقبة أمام أي اتفاق نووي جديد.

وقالت المجلة، في تحليل لسجاد صفائي، الباحث في معهد ماكس بلانك للأنثروبولوجيا الاجتماعية بألمانيا، إنه مع انتهاء الجولة السادسة من محادثات فيينا، لاستعادة الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 في يونيو الماضي، لم يكن هناك سوى بعض العقبات القليلة، التي ظهرت في لهجة أو جوهر التصريحات العلنية للدبلوماسيين الأمريكيين والأوروبيين وحتى الإيرانيين، بل بدا أنهم متفقون على أن المحادثات نجحت، بمعنى أن القرارات المتبقية يجب أن تُتخذ على مستوى القيادة السياسية في عواصم الدول.

وأشار ت إلى أن الرئيس الإيراني حسن روحاني، أعلن في ذلك الوقت أن المحادثات تقدَّمت، وأنه لا عقبات جوهرية متبقية أمام استعادة الاتفاق، بينما عرض ميخائيل أوليانوف، الممثل الدائم لروسيا في المنظمات الدولية في فيينا، إطارًا زمنيًا للتوصل إلى اتفاق نهائي، قائلًا: "لدينا جميع الفرص للوصول إلى النقطة الأخيرة من مفاوضاتنا، ربما حتى منتصف يوليو، ما لم يحدث شيء غير عادي وسلبي".

وأوضحت "فورين بوليسي" أنه من المؤكد أن "شيئًا استثنائيًا وسلبيًا" تكشّف لإعاقة المباحثات، وبالتحديد، عقب انتخاب إبراهيم رئيسي رئيسًا لإيران.

بداية غير مبشرة

واستشهدت المجلة بتبني وزير الخارجية الجديد حسين أمير عبداللهيان وِجهات نظر مغلوطة للاتفاق النووي، وعن تأثير العلاقات الأمريكية الأوروبية في سياق الاتفاق.

وأوضحت أن الارتباك الذي يسببه عبداللهيان، تفاقم لاحق عندما اقترح أن تلغي إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تجميد 10 مليارات دولار من الأموال الإيرانية، قبل عودة إيران إلى المحادثات.

لكن ما كان أكثر من مجرد إرباك القوى العالمية بشأن نية إيران، كشفت البيانات عن افتقار الوزير إلى فهم السياسة الأمريكية الداخلية، وكيف أنها تحد من نطاق الإجراءات المحتملة، التي يمكن للرئيس الأمريكي اتباعها، لإنقاذ الصفقة.

وأشار ت المجلة الأمريكية، إلى أن هذه التصريحات أثارت غضب الأطراف الأخرى في الصفقة، حتى الروس، الذين يُفترض أنهم حلفاء لإيران، لم يتمكنوا من كبح جماح أنفسهم، عن السخرية من اللغة المربكة التي استخدمها الوزير الجديد.

وحسب المجلة الأمريكية، فإنه بعد تصريحات عبداللهيان السيئة، تظهر صورة أكثر قتامة بشأن القادة الإيرانيين المسؤولين عن الاتفاق النووي، خصوصًا علي باقري كاني، رجل رئيسي في المحادثات النووية، الذي يتمتع بسجل حافل من العداء القوي والصريح للصفقة التي يكلف الآن بإحيائها، وبذلك بدا من الصعب ألا يرى المجتمع الدولي هذا الأمر على أنه مشكلة أمام عودة المفاوضات.

وأضافت: "ربما تحت وطأة معارضته الشديدة للصفقة، قال ذات مرة ادعاءً كاذبًا إن الاتفاق النووي لعام 2015 لم يحظَ في ذلك الوقت بموافقة المرشد الأعلى علي خامنئي، وأن "العديد" من الخطوط الحمراء التي حددتها القيادة، تجاهلها الدبلوماسيون الإيرانيون الذين توسطوا في الصفقة".

وذكرت المجلة: "لقد أدلى باقري بتأكيدات خاطئة عن أهمية الاتفاقية النووية، التي قوبلت في نقاط مختلفة من الخبراء والدبلوماسيين المطلعين على الصفقة، لكن إحساس باقري كاني المشوه بالواقع لا يتوقف مع هذا الاتفاق، إذ إن لهجته العامية تخون الرجل الذي يكافح للتمييز بين المفاهيم المختلفة إلى حد كبير مثل "التفاوض" و "الاستسلام".

تشكيلة غير متوافقة

وانتقدت المجلة، التشكيلة الجديدة لحكومة رئيسي، قائلة: "يجب على المرء أن يتساءل عما إذا كانت تشكيلة السياسة الخارجية هذه، تمتلك التوافق والبراعة الدبلوماسية والخبرة التكنوقراطية، المطلوبة لمهمة معقَّدة ودقيقة مثل تنشيط الصفقة النووية، كما أن قدرة إيران على المناورة الدبلوماسية، تتقوض بسبب قيود أخرى لا علاقة لها بإدارة رئيسي، بل أكثر من ذلك مع الرجل الذي يرأس هيكل السلطة في إيران، خامنئي".

على سبيل المثال -تضيف المجلة- منع خامنئي المفاوضين الإيرانيين من الاجتماع مباشرة مع نظرائهم الأمريكيين، وترى "فورين بوليسي" أن هذه السياسة طويلة الأمد ليست غير ضرورية فقط، بل تعمل أيضًا على تقييد الدبلوماسية الإيرانية.

وبحسب المطلعين على المفاوضات، فإن الحظر أدى إلى إبطاء العملية وزيادة احتمال سوء التفاهم بين الأطراف، ما يقوِّض هدف إيران في رفع العقوبات.

إنهاء الحظر

وقالت المجلة الأمريكية، إن التركيز على استراتيجية التفاوض الإيرانية المختلة، لا يعني إنكار مسؤولية الولايات المتحدة في تباطؤ الاتفاق، إذ إنه لا يستطيع حتى أكثر المراقبين للعلاقات بين الولايات المتحدة وإيران، أن يفشلوا في إدراك أن الأول يتحمل نصيب الأسد من المسؤولية، عن سحابة عدم اليقين التي تحوم حول مستقبل الصفقة.

وأشارت "فورين بوليسي" إلى أن الولايات المتحدة كانت أول مَنْ تخلت عن التزاماتها تجاه إيران، وفرضت عقوبات صارمة عليها، مضيفة: "إنها محاكاة ساخرة للعدالة، فبدلاً من الاضطرار إلى التكفير عن خطاياها، من خلال رفع العقوبات أولًا، وحتى دفع تعويضات عن الخسائر المالية التي لحقت بها نتيجة العقوبات، يُسمح للولايات المتحدة بوضع شروط لإعادة الدخول في الصفقة".

لكن -تضيف المجلة الأمريكية- العدالة ليست العملة الرئيسة في العلاقات الدولية، وإنما الأهم القوة، إذ يتطلب التنقل في ديناميات السلطة غير العادلة التي تحكم النظام بين الدول، الإلمام بلغة النظام الدولي وهيكله البيروقراطي وطرق عمله الداخلية، ومن ثم على إيران أن تقدِّم دبلوماسيين أكفاء، يدركون الفرق بين ما هو مرغوب فيه وما هو عادل وما هو ممكن ماديًا.

هل تفشل المفاوضات؟

وعن إمكانية فشل المفاوضات، قالت "فورين بوليسي": "كل هذه الأزمات والعقبات، لا تعني أن مفاوضي إيران محكوم عليهم بالفشل، إذ يعج تاريخ البلاد بحالات من الأيديولوجيين المتشددين والمثيرين للقلق، الذين تراجعوا نهاية المطاف، بسبب الحقائق المريرة للنظام العالمي، وتعلموا التحول إلى تكنوقراطيين قادرين وعمليين لبلدهم".

وتابعت المجلة: "يبقى أن نرى ما إذا كان الذين يقودون أجهزة السياسة الخارجية الإيرانية قادرين على مثل هذا التحول، رغم أنه يمكننا أن نجد أسبابًا لعدم فقدان الأمل".

وعن بعض الآمال في الأفق، من أجل التقدم في المفاوضات النووية، كشفت "فورين بوليسي" تحديد موعد للجولة التالية من المفاوضات في فيينا، علاوة على ذلك، تحدث أمير عبداللهيان عن نيته الاستفادة من "خبرة" و "قدرات" الدبلوماسيين الإيرانيين السابقين، الذين شاركوا في المحادثات النووية، فضلاً عن العلماء ذوي المعرفة المتخصصة بشأن الصفقة.

وأوضحت المجلة: رغم أن عبداللهيان لم يشر صراحة إلى سلفه محمد جواد ظريف -وهو الآن أستاذ مشارك في جامعة طهران- أو سلف باقري كاني، عباس عراقجي، فإنه بعد فترة وجيزة من هذه التصريحات، جلس الوزير وباقري كاني مع العديد من المسؤولين السابقين المطلعين على الصفقة، بمن في ذلك عراقجي، لمناقشة محادثات فيينا المقبلة.

وقالت "فورين بوليسي": "الإيرانيون المتهمون بفك قيود بلادهم من العقوبات، قد يثبتون في النهاية خطأ الرافضين لاستكمال المفاوضات، لكن في الوقت الحالي، تتراكم الاحتمالات ضدهم".