فايننشال تايمز: محاولة اغتيال الكاظمي تضع مستقبل العراق على المحك
الصدر أعاد تشكيل نفسه كمعارض للتدخل الأمريكي والإيراني في شؤون العراق، لكنه كمعجب بتنظيم حزب الله في لبنان، فقد قلد نموذجه في العراق، من خلال التحكم بمؤسسات الدولة وغرس كوادره فيها، إضافة لكونه يدير ميليشيا مسلحة

ترجمات - السياق
قالت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، إن محاولة اغتيال رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، فتحت الباب أمام أسئلة جديدة عن الميليشيات العراقية التي تدعمها إيران، مؤكدة أن مستقبل البلاد على المحك، وأن إيران لن توقف وكلاءها، طالما أن أفعالهم تصب في صالحها.
ووصف ديفيد غاردنر، المعلق في صحيفة فايننشال تايمز، الأوضاع في العراق بعد محاولة اغتيال الكاظمي، بأنها مثيرة وتخطف الأنفاس، مشيرًا إلى أنه رغم أنه لم يصب بأي سوء، فإن هذه العملية قد تؤدي إلى فشل الدولة أو كسرها.
وأرجع غاردنز الخوف من كسر الدولة أو انهيارها، إلى ما يردده بعض المسؤولين العراقيين، من أنه رغم عدم وجود أدلة قطعية، فإن المنفذين من الميليشيات الشيعية التي تدعمها إيران، خاصة عصائب أهل الحق وكتائب حزب الله، أقوى جماعتين مواليتين لإيران في العراق، أي استمرار التدخل الإيراني في الشأن العراقي.
وبالتأكيد ما يزيد هذه المخاوف، أن المحاولة جاءت في أعقاب الغضب السياسي بعد سحق كتلة الفتح، الموالية لإيران في انتخابات الشهر الماضي، وخسرت ثلثي مقاعدها ورفضت علنًا القبول بنتائج الانتخابات، حسب الصحيفة.
تأثير الانتخابات
وعن تأثير الانتخابات في المرحلة المقبلة من تاريخ العراق، أوضح غاردنز، أن المنافس الرئيس لكتلة الفتح، مقتدى الصدر حصل على 73 مقعدًا، بزيادة على 53 مقعدًا حصل عليها في انتخابات عام 2018، بينما حصل حلفاء إيران في تلك الانتخابات على 48 مقعدًا بدلًا من 16 مقعدًا.
ونُشرت لقطات مصورة لقيس الخزعلي، زعيم عصائب أهل الحق يهدد الكاظمي، بعد المواجهات بين قوات الأمن والميليشيات الذين حاصروا المنطقة الخضراء زاعمين تزوير الانتخابات.
وأوضح غاردنز، أن الميليشيات العراقية حققت نجاحًا، بعدما لعبت دورًا في هزيمة تنظيم داعش، الذي هزم الجيش العراقي، والذي انهار بسبب الفساد والطائفية، رغم مليارات الدولارات التي أنفقت على تدريبه وتسليحه من الولايات المتحدة.
وأشار غاردنز، إلى أن هذه الميليشيات انضمت إلى 100 ألف من مقاتلي الحشد الشعبي، ولعبا معًا دورًا مهمًا في الحد من تقدم مقاتلي داعش نحو العاصمة بغداد والنجف وكربلاء، بل زعموا أنهم مَنْ أوقف التقدم الجهادي واستعادة المناطق المتنازع عليها من الأكراد، لكنهم لم يحلوا بناهم العسكرية بل سيطروا على الحشد الشعبي في وقت حاولت فيه الحكومات المتعاقبة الحد من سلطاتهم.
دور الكاظمي
وعن العداء الواضح بين هذه الميليشيات والكاظمي، أوضحت "فايننشال تايمز"، أن الكاظمي كان أكثر مَنْ حاول إخضاع هذه التنظيمات للضوابط الحكومية، مشيرة إلى أنه تولى منصبه رئيس وزراء انتقالي، بعد أن أطاحت سلفه انتفاضة شعبية في أكتوبر 2019.
وأضافت الصحيفة، أن هذه الميليشيات المسلحة لعبت الدور الأبرز في محاولات قمع الانتفاضة التي وقعت عام 2019، وسميت ثورة تشرين، وهو ما زاد درجة الغضب من خروجها عن القانون، وأدى لتراجع دعمها في الانتخابات الماضية، وليس حضورها العسكري على الأرض.
واستدركت: "أعلنوا منذ انتخابات 10 أكتوبر أنهم لن يقبلوا بوضع يتم حرمانهم فيه من مؤسسات الدولة التي عاملوها كغنيمة، خصوصًا منذ الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 الذي منح العراق لإيران وحلفائها المحليين".
وتقول الصحيفة، إنه لأمر مزعج لهم، أن يصبح الصدر "صانع الملك" في السياسة العراقية، بينما ينظرون للكاظمي، مدير المخابرات السابق كأداة أمريكية ومن المتوقع تعيينه رئيسًا للوزراء، مرة ثانية.
وترى الصحيفة، أن الصدر أعاد تشكيل نفسه كمعارض للتدخل الأمريكي والإيراني في شؤون العراق، لكنه كمعجب بتنظيم حزب الله في لبنان، فقد قلد نموذجه في العراق، من خلال التحكم بمؤسسات الدولة وغرس كوادره فيها، إضافة لكونه يدير ميليشيا مسلحة.
ضرورة التغيير
وعن ضرورة تغيير مستقبل العراق، نقلت "فايننشال تايمز" عن مخضرمين من قدامى المحاربين قولهم، إن التغيير تحول براغماتي عن الوضع قبل 15 عامًا، وذلك عندما كانت الميليشيات تتقاسم مبنى وزارة الداخلية المكون من 11 طابقًا، كل واحد لميليشيا، باستثناء الطابق السابع الذي قُسم بين جماعتين مسلحتين.
وترى الصحيفة، أن مستقبل العراق الذي فشل قادته بالتشارك في السلطة وخيبوا آمال مواطنيهم، معلق في الهواء ومن المستبعد أن تتخلى إيران عن العراق، الذي تراه عمقًا استراتيجيًا، لكنهم في الوقت نفسه لا يريدون حربًا أهلية بين الشيعة تزيد الأمور تعقيدًا.
وذكرت "فايننشال تايمز"، كما هو الحال مع حزب الله في لبنان ولحد ما في سوريا واليمن، فالنموذج المفضل للإيرانيين هو دعم ميليشياتهم بصواريخ وطائرات من دون طيار، مشيرًا إلى أن هذا النموذج يمنحهم القدرة على استغلال العراق، عبر سلسلة من الدروع المربحة مثل بناء الأضرحة.
وأوضحت، أن السؤال الذي يفرض نفسه الآن: كيف يمكن منع إيران من التقدم نحو القدرات النووية من دون حرب لا أحد لديه شهية بشنها؟، مضيفة، أنه لو كان ذلك صحيحًا، هناك فرصة قليلة لوقف العدوان الإقليمي للموالين لإيران في العراق، طالما تصب هذه الأفعال في النهاية، لصالح طهران.