فورين بوليسي: رئيس إيران الجديد لا يرحم.. وسيعيد واشنطن إلى التصعيد المتبادل
فورين بوليسي: سياسة إيران ستصبح أكثر عدوانية.. فهل يغادر بايدن الساحة؟

ترجمات - السياق
«يمكنك تسجيل المغادرة في أي وقت تريد، لكن لا يمكنك المغادرة»، جزء من مقطع أغنية أمريكية، استدل بها خبراء على الموقف الأمريكي تجاه طهران، مؤكدين أن سياسة إيران، التي ستصبح أكثر عدوانية، لن تمنح الرئيس جو بايدن فرصة للخروج من الشرق الأوسط.
وهو ما سلَّطت عليه صحيفة فورين بوليسي الأمريكية، الضوء، قائلة، إن إيران في عهد إبراهيم رئيسي، ستصبح أكثر عدوانية، ما يعني أن الرئيس الأمريكي جو بايدن -مثل العديد من أسلافه- قد لا يحصل على رغبته، في التقليل من الأهمية الاستراتيجية للمنطقة.
ويؤدي الرئيس الإيراني الجديد، إبراهيم رئيسي، الخميس، اليمين الدستورية، أمام مجلس الشورى، في مراسم تنصيب، يحضرها 115 مندوبًا من 73 دولة، بينهم 10 رؤساء دول، 20 من رؤساء البرلمانات، 11 وزير خارجية و10 وزراء و11 مندوبًا من مؤسسات دولية وإقليمية.
تصعيد الأعمال العدائية
وأشارت الصحيفة الأمريكية، إلى ما قالت إنها مؤشرات على تصعيد إيران من عدوانيتها، ففي الأسابيع الأخيرة، انسحبت طهران من طاولة المفاوضات النووية في فيينا، وشنَّت هجمات بطائرات من دون طيار على أهداف أمريكية وسفينة في الخليج العربي، بينما يشك بعض المحللين في تورطهم في أعمال قرصنة، باختطاف جماعة مسلَّحة -يشتبه في أنها عملت لصالح إيران- سفينة ترفع علم بنما في خليج عُمان، لتفرج عنها لاحقًا.
وأكدت أن سلوك طهران العدواني، الذي بدأ عام 2019، في ظِل ولاية الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، قد يكون رد فعل على إشارات الرئيس الحالي جو بايدن القوية، بأنه يريد العودة إلى الاتفاقية النووية لعام 2015، بشكل جزئي لتمهيد الطريق لتركيز استراتيجي أكبر على المحيطين الهندي والهادئ، والتهديد من الصين.
ارتياح متزايد للتصعيد
من جانبه، قال محلل البحوث المتعلِّقة بإيران، في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، بهنام بن طالبلو -في تصريحات لـ«فورين بوليسي»: على مدى العام الماضي أو نحو ذلك، أشارت إيران إلى ارتياح متزايد للتصعيد والصراع، في شعور يغذيه جزئيًا، الاعتقاد بأن أمريكا قوة متضائلة في الشرق الأوسط، لا رغبة لها في الصراع.
وهو ما أكدته "فورين بوليسي" بقولها: رغم شن واشنطن مجموعة ثانية من الضربات الجوية الشهر الماضي، أشار بايدن إلى رغبته في وقف التصعيد بالعراق وأفغانستان، فضلًا عن إخبار بايدن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي -في اجتماع الأسبوع الماضي- بأن القوات الأمريكية المقاتلة ستنسحب من العراق، بحلول نهاية العام.
تجنُّب الوحل
لكن جهود بايدن لتقليل المشاركة، تذكر بمفارقة قديمة في الدبلوماسية الأمريكية، مفادها أن كل إدارة أمريكية سعت تقريبًا لعقود، إلى تجنُّب الوحل في الشرق الأوسط، والتركيز على المزيد من التهديدات، التي يمكن التحكم فيها في أماكن أخرى، إلا أن تلك السياسة تجعل الأمور أسوأ، وتجعل المعتدلين في المنطقة أكثر عدوانية.
ويتفق العديد من خبراء الشرق الأوسط، على أنه رغم رغبة المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، في الهروب من العقوبات الأمريكية والدولية، من خلال العودة إلى نسخة ما من الاتفاق النووي لعام 2015، فإن حاجته الأكبر تتمثَّل في تعزيز النظام، عبر سياسة معاداة الولايات المتحدة، التي طالما عملت كأفضل غراء أيديولوجي.
الحروب بالوكالة
ذلك ما أشار إليه طالبلو بقوله، إن النظام الجديد في طهران، لم يعد يرى أنه في حاجة إلى «التظاهر بالاعتدال»، لأن «خامنئي يرى أن الغرب يبتعد عن طريق إيران»، مشيرًا إلى أن رئاسة رئيسي أداة لترسيخ إرث خامنئي: «بالعداء مع الغرب، والحروب بالوكالة في الخارج القريب، والبقاء على المسار الثوري من خلال القوة في الداخل».
مفاوض الشرق الأوسط، دنيس روس، قال: «قد تعتقد أنه يمكنك تجاهل الشرق الأوسط، لكنه لا يتجاهلك، أليس من الأفضل لك تشكيل مشاركتك، بدلاً من إشراكك في شكل المنطقة؟
وهو ما أكده الباحث آرون ديفيد ميلر، وهو زميل بارز في مركز «وودرو ويلسون»، مستشار ومفاوض سابق فى الشرق الأوسط بوزارة الخارجية، في عهد إدارات عدة جمهورية وديمقراطية، قائلًا: يمكن تلخيص الشرق الأوسط بسطر من أغنية إيجلز Hotel California، التي يقول فيها: "يمكنك تسجيل المغادرة في أي وقت تريد، لكن لا يمكنك المغادرة".
فرض ثمن
ويقول السفير دينس روس، وهو مستشار وزميل «ويليام ديفيدسون» المتميز في معهد واشنطن: رغم رغبة الولايات المتحدة في الانسحاب، فإنهم سيظلون منخرطين ويردون على إيران بقوة، مؤكدًا أن هناك استعدادًا أكبر لفرض ثمن على الإيرانيين لسلوكهم في المنطقة، فبايدن أمر مرتين بشن غارات جوية، على المواقع التي تستخدمها الميليشيات المدعومة من إيران.
وبينما ينظر المرشد الإيراني إلى رئيسي -البالغ من العمر 60 عامًا- على أنه المنفِّذ الأمثل، الذي سيسعى إلى سحق المعارضة في الداخل، بمزيد من العدوان عبر الحدود، إلا أن آرون ديفيد ميلر الباحث الأول في برنامج الشؤون الجغرافية والاقتصادية والاستراتيجية، في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، يقول إن احتمالات نشوب حرب كبرى، بين إسرائيل وإيران، تظل منخفضة في الوقت الحالي.
آثار خطرة
وأشار إلى أن صعود رئيسي، يعني أكثر من بضع ليالٍ بلا نوم لإدارة بايدن، مؤكدًا أن احتمالات وقوع اشتباكات خطرة، ستزداد في أي عدد من الجبهات، عبر الوكلاء وبشكل كبير.
وتوقع علي فايز، وهو مساعد سابق مقرَّب من كبير المفاوضين النوويين الأمريكيين، روبرت مالي، في مجموعة الأزمات الدولية، أن تكون أي عودة إلى الاتفاق النووي لعام 2015، المعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، أكثر صعوبة.
وأشار إلى أن احتمالات استعادة الاتفاق النووي، تبدو أكثر قتامة يومًا بعد يوم، فلم يعد بإمكان مفتشي الأمم المتحدة رؤية ما تفعله طهران، بينما يزيد النظام وقت اختراقه لأشهر باستخدام التخصيب الجديد والتقنيات المحدَّثة.
وأكد أن طهران تطالب بما هو مستحيل من واشنطن، أن يضمن الأمريكيون عدم انسحاب أي رئيس أمريكي مستقبلي من الاتفاقية كما فعل ترامب، مشيرًا إلى أنها تبدو واثقة بأن الوقت في صالحها، ويمكنها تأمين تنازلات أوسع من الولايات المتحدة، على افتراض أن نفوذ إيران يمكن أن يزداد بسرعة أكبر من قدرة الغرب على تحمُّل المزيد من الألم المالي، أو الرغبة في العمل العسكري.
المربع الأول
وتقول «فورين بوليسي»، إن مصدر القلق الأكبر يكمن في أن الرئيس المتشدِّد، الذي يعد الوريث الظاهري لخامنئي، سيعيد الأمور عقدًا أو أكثر إلى المربع الأول، عندما بدأت إيران تطوير برنامجها النووي بشكل كبير في عهد أحمدي نجاد، أواخر العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، مشيرة إلى أن طهران لديها الآن فقط وقت لتسجيل اختراق أسرع بكثير في طريقها نحو تصنيع قنبلة.
رويل مارك جيريخت، الضابط السابق في وكالة المخابرات المركزية، الخبير في شؤون إيران يقول، إنه لم يتم اختيار رئيسي لفتح إيران على العالم، أو إبطاء البرنامج النووي، مؤكدًا أن خامنئي لا يريد اتفاقًا جادًا مع الغرب.
استعداد للقتال
وأضاف الضابط الأمريكي السابق: رغم الأثر المدمِّر للعقوبات، فإن قادة النظام «يرون أنفسهم أقوى بكثير مما كانوا عليه عام 2015 أو 2017 أو 2019. إنهم مستعدون للقتال، نحن لا... الميزة: خامنئي».
ولا يزال مسؤولو بايدن يأملون أن تبدأ الجولة السابعة من المفاوضات النووية بقيادة رئيسي، الذي قال في خطاب ألقاه هذا الأسبوع، إنه سيسعى لرفع العقوبات، لمعالجة معدل التضخم البالغ 47.6% ومشكلة البطالة المرتفعة في إيران، لكنه أضاف بشكل ينذر بالسوء، أنه لن يربط سياسته بـ"إرادة الأجانب".
وأشار جيريخت، إلى أن إدارة بايدن يجب أن تتخلى عن أي أوهام بشأن عهد رئيسي، وأن تعيد تركيز الانتباه على تغيير النظام، مؤكدًا أن واشنطن تدرك حقيقة أن مستوى السخط الداخلي -الغضب تجاه الثيوقراطية- مرتفع للغاية».
فبينما يقول البيت الأبيض، إنه يريد تعزيز القيم الديمقراطية في الخارج، فإنه لا يوجد مكان أفضل للتجربة منه في إيران، بحسب جيريخت، الذي تساءل: ما الذي يجب أن تخسره الآن؟
ووفقًا للأرقام الرسمية في طهران، فإن نسبة المشاركة في انتخابات 18 يونيو الماضي، بلغت 48.8%، وهي أدنى نسبة في أي سباق رئاسي منذ ثورة 1979، بينما تشهد إيران أيضًا احتجاجات شعبية أوسع نطاقًا جغرافيًا وديموغرافيًا، مقارنة بالسنوات الماضية.