بعد فشل محادثات جنيف.. هل تجرى الانتخابات الليبية في موعدها؟
شهدت محادثات جنيف الأخيرة، اختلافًا في الآراء بين العديد من الأعضاء، ووصل الأمر حد اتهام بعض الأعضاء، بعرقلة المحادثات بشكل متعمَّد، لحساب أجندات خارجية.

السياق
أكد محللون ومراقبون للشأن الليبي، أن فرصة إجراء الانتخابات العامة في ديسمبر 2021 بدأت تتقلَّص بشكل كبير، بعد فشل ملتقى الحوار السياسي الليبي في جنيف.
وأعلنت الأمم المتحدة، في الثالث من يوليو، فشل المحادثات التي رعتها واستمرت 5 أيام في جنيف، لتمهيد الطريق أمام إجراء الانتخابات، أواخر ديسمبر المقبل، بعد تعنُّت المشاركين في تسوية خلافاتهم.
وبموجب وقف إطلاق النار، المدعوم من الأمم المتحدة، الذي تم الاتفاق عليه في أكتوبر الماضي، تم تشكيل حكومة مؤقتة، للتحضير للانتخابات الرئاسية والبرلمانية في 24 ديسمبر، لكن يبدو أن إجراء الانتخابات في موعدها "شِبه مستحيل" بحسب مراقبين.
عرقلة المحادثات
وبشأن فشل ملتقى الحوار في جنيف، قال خالد المنتصر، أستاذ العلاقات الدولية الليبي، إن الملتقى أثبت -بما لا يدع أي مجال للشك- أن التسوية الليبية معقَّدة للغاية، بل تتأثَّر بالأطراف الخارجية المتداخلة بشكل سلبي وواضح.
وأضاف، في تصريح لـ "فرانس برس": الإجماع على الأساس الدستوري المنظم للانتخابات المقبلة، في أيدي هذه الدول، وليس بأيدي أطراف الداخل الليبي".
وشهدت محادثات جنيف الأخيرة، اختلافًا في الآراء بين العديد من الأعضاء، ووصل الأمر حد اتهام بعض الأعضاء، بعرقلة المحادثات بشكل متعمَّد، لحساب أجندات خارجية.
وقال المنتصر: "كان على المجتمع الدولي أن يفرض عقوبات، على الأطراف التي تعرقل عملية التوافق على هذه القضية -موعد الانتخابات- في هذا الوقت الحساس، وحتى استبدال أي من أعضاء ملتقى الحوار، الذين رفضوا تمرير الأساس الدستوري، من دون أسباب حقيقية".
جدل كبير
دار جدل كبير بين الأعضاء المشاركين في الملتقى، على إجراء انتخابات برلمانية فقط، أو إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية في الوقت نفسه.
وعلّق المحلل السياسي الليبي فرج الدالي على ذلك بالقول: "تحدَّث بعض الدبلوماسيين الغربيين، عن محاولات بعض أعضاء ملتقى الحوار، لإحباط إجراء الانتخابات المقبلة في موعدها"، وأضاف: "يبدو أن هذه المحاولات ليست فردية ولا عارضة، بل مدفوعة من أجهزة استخبارات دول معينة، بعدما شعروا بأن استقرار ليبيا أصبح قريبًا من الواقع".
وأوضح، في تصريح لـ "شينخوا"، أن الحل السياسي في ليبيا، سيؤثِّر في مصالح هذه الدول بشكل مباشر، لذلك شعرت بضرورة إفشال الحوار بأي ثمن.
عودة للحرب
إلى ذلك يرى الأستاذ الجامعي ميلود الحاج، أنه كان على أعضاء ملتقى الحوار، الحرص على التوصل إلى توافق وتقديم تنازلات، لأن ليبيا كانت تملك فرصة ذهبية، لعودة الاستقرار الذي فقدته، منذ عقد من الزمن.
وأضاف الحاج لـ "شينخوا": "أعتقد أن الأمم المتحدة والدول الكبرى، ستضغط على الأطراف الليبية، خلال الأيام المقبلة، لضمان عدم تأجيل الانتخابات المقرَّرة أو تعطيلها، لأن بديل الانتخابات هو عودة الحرب بين الأطراف المتنافسة، وهذه المرة إذا عادت، سيكون ثمنها باهظًا جدًا من جميع النواحي".
مدبَّرة سلفاً
لكن جلال الفيتوري، أستاذ القانون الدولي، قال: إن الانقسامات التي ظهرت في ملتقى الحوار الليبي "مدبَّرة سلفاً"، مضيفاً: "لا يخفى على أحد أن الدول الأجنبية التي تحتكر ملف ليبيا، تضغط على مَنْ يمثِّلها داخل ملتقى الحوار في جنيف، كل دولة تدعم جانبًا معينًا، ولها موقف من كيفية إجراء التصويت وشروط الترشُّح".
وأضاف أنه، من خلال التلاعب بالعملية، يأمل اللاعبون الأجانب ضمان وصول "المتعاونين" معهم إلى السلطة، وتمثيل مصالحهم في إعادة إعمار ليبيا، المربحة بعد الحرب.
تحسُّن بطيء
منذ وقف إطلاق النار العام الماضي، تحسَّن الوضع الأمني في ليبيا ببطء، لكن التقدُّم السياسي توقَّف، لاسيما في ما يتعلَّق بشرط انسحاب القوات الأجنبية قبل الانتخابات.
وقدَّرت الأمم المتحدة، أن 20 ألف جندي أجنبي، بينهم مرتزقة روس، لا يزالون على الأراضي الليبية.
وترفض تركيا سحب ميليشياتها، قائلة إن وجودها يستند إلى اتفاق مع حكومة الوحدة السابقة في طرابلس.
وكانت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (UNSMIL) شجَّعت أعضاء ملتقى الحوار الليبي، على مواصلة التشاور، للتوصل إلى حل وسط عملي، وتوطيد ما يوحِّدهم، لإجراء الانتخابات في موعدها.
وقالت البعثة في بيان: "ستواصل البعثة العمل مع أعضاء ملتقى الحوار الليبي، لاستكشاف مزيد من الجهود، لبناء أرضية مشتركة استنادًا إلى مقترح اللجنة القانونية، الذي يعرف الجميع أنه الإطار المرجعي للقاعدة الدستورية للانتخابات".
وجاء في البيان أنه "تماشياً مع خارطة طريق ملتقى الحوار الليبي، وقرار مجلس الأمن رقم 2570 لعام 2021 -الخاص بوقف إطلاق النار بين الأطراف المتنازعة- تكرر بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا تأكيدها لأهمية إقامة الانتخابات في موعدها بديسمبر المقبل.
ويقود الحكومة المؤقتة، عبدالحميد الدبيبة، والمجلس الرئاسي محمد المنفي، حتى إجراء الانتخابات المقرَّرة نهاية العام الجاري، التي لم يتم حسم الخلاف، على القاعدة الدستورية المنظمة لها، بين الفرقاء الليبيين.