مسيرة الإنقاذ... إخوان تونس بين مطرقة الشارع وسندان القضاء

قال الناشط السياسي التونسي أمين الكشو في تصريحات للسياق، إن كل ما يفعله الإخوان بقيادة راشد الغنوشي منذ قرارات 25 يوليو 2021، يأتي في إطار خلق الأزمات، في محاولة من التنظيم لتجنب المحاسبة على الجرائم التي ارتكبوها في حق البلاد طيلة العشرية الماضية، وأملًا في العودة للحكم مرة أخرى.

مسيرة الإنقاذ... إخوان تونس بين مطرقة الشارع وسندان القضاء

السياق

مع رفع تونس راية «لا للإخوان» في عهدها الجديد الذي تحاول من خلاله التخلص من العشرية السوداء التي حكم فيها التنظيم الإرهابي البلد الإفريقي، حاول الإخوان اللعب على وتر الاحتجاجات تارة والجيش والشرطة أخرى.

وما إن فشل وتر الجيش والشرطة في إحداث أي اختراق إخواني للجبهة الداخلية التونسية، حتى لجأ التنظيم إلى الخيار الثاني الذي يجيد العزف عليه، في محاولة منه لإحداث وقيعة بين الشعب والقيادة التونسية.

ورغم أن تنظيم الإخوان يعلم مدى صعوبة ذلك الأمر، كونه جربه كثيرًا وفشل، إلا أنه مازال يحاول ويحشد أنصاره؛ أملًا في تحقيق أي مكاسب قد تنجيه من الضغط السياسي والإعلامي الذي بات يطارده حتى في أحلامه، على خلفية قضية تسفير الشباب التونسي إلى مناطق النزاعات والتوتر، والتي قد تفضي بقيادات التنظيم إلى غياهب السجون.

‏‎وفي هذا الإطار، دعت حركة النهضة الإخوانية، والتي تختبئ خلف ستار ما يوصف بـ«جبهة الخلاص الوطَني» أنصار الحركة ومنخرطيها إلى المشاركة في مسيرة أسمتها «مسيرة الإنقاذ» وحدَّدت لها السبت المقبل موعدًا لانطلاقها.

وفيما رفعت حركة النهضة شعارات فضفاضة لدغدغة مشاعر تابعيها، زاعمة أن المسيرة تهدف لإسقاط ما أسمته بـ«الانقلاب»، إلا أن الاسم الذي اختارته لها، يكشف عن هدف يختبئ وراء الحروف الست للمسيرة، ممثلًا في «إنقاذ» تنظيم الإخوان من المصير المحتوم الذي بات يترقب قياداته وعناصره.

تلك المحاولات اعتبرها مراقبون تحدثوا لـ«السياق»، محاولة من حركة النهضة لإشعال شرارة التوتر في الشارع مرة أخرى، أملًا في إحداث فوضى، إلا أن ذلك المخطط طرح تساؤلات من قبيل: ما هي إمكانيات حركة النهضة؟ وهل هي قادرة على إشعال الفوضى في تونس؟ وما دور المنشقين عن النهضة في وأد هذه المخطط؟

 

خلق الأزمات

وإلى ذلك، قال الناشط السياسي التونسي أمين الكشو في تصريحات لـ«السياق»، إن كل ما يفعله الإخوان بقيادة راشد الغنوشي منذ قرارات 25 يوليو/تموز 2021، يأتي في إطار خلق الأزمات، في محاولة من التنظيم لتجنب المحاسبة على الجرائم التي ارتكبوها في حق البلاد طيلة العشرية الماضية، وأملًا في العودة للحكم مرة أخرى.

وفيما قال الناشط السياسي التونسي، إن تنظيم الإخوان يأخذ ممّا يسمى بـ«جبهة الخلاص الوطني» ستارًا لتحركاته، إلا أنه قال إن حركة النهضة تعتمد على أذرع إعلامية وشبكات التواصل الاجتماعي للحشد في الشوارع.

وأوضح أن هذه الأذرع، باتت تركز في الفترة الأخيرة على «تهويل» مسألة نقص بعض المواد من الأسواق وتصوير البلاد وكأنها تعيش أزمة غذائية كبرى، إضافة إلى التركيز على المؤسسة العسكرية سواء بالتحريض ضدها أو زعم وجود دور متعاظم لها في الفترة الأخيرة.

محاولات تحاول من خلالها حركة النهضة تأخير الوصول إلى محطة انتخابات ديسمبر/كانون الأول 2022 والتي تدرك أنها لحظة مفصلية ستنهي حاضرهم السياسي وستؤثر على مستقبلهم السياسي في البلاد، بحسب الكشو.

 

تبادل أدوار

وحول إمكانية أن يطيح المنشقون عن النهضة بالغنوشي مقابل الحفاظ على تنظيم الإخوان، قال الناشط السياسي التونسي: إن الأمر لا يعدو كونه تبادل أدوار بينهما، وإن ثمة اتفاقًا بينهما على هذا السيناريو.

الأمر نفسه أكده المحلل السياسي التونسي مختار اللواتي، والذي قال في تصريحات لـ«السياق»، إن محاولة التضحية بالغنوشي من أجل الحفاظ على النهضة، وارد باتفاق الجبهتين (التنظيميين والمنشقين)، مشيرًا إلى أن الغنوشي نفسه وافق على ذلك السيناريو.

ورغم ذلك، إلا أن بقاء النهضة أو زوالها ليس الأزمة، بل إن الدستور التونسي الجديد يسمح ببقائها هي ومثيلاتها، وهو مكمن الخطر، بحسب اللواتي، الذي قال إن الدستور الجديد لا يوجد فيه أي إشارة للإسلام السياسي أو للإرهاب، مشيرًا إلى أن الرئيس التونسي لم يبدِ معارضة واضحة جلية للإسلام السياسي، لكنه دائمًا ما يتحدث عن الفاسدين والفساد.

 

وضع معقد

وحول إمكانية إشعال حركة النهضة الفوضى في تونس، قال أحمد سلطان الباحث المتخصص في شؤون الجماعات المتطرفة في تصريحات لـ«السياق»، إن راشد الغنوشي لم يكفّ عن محاولة إثارة الشارع ضد الرئيس التونسي قيس سعيد، مشيرًا إلى أن حركة النهضة لو كان لديها قدرات تنظيمية أو شعبية لأشعلت الوضع فعلًا، لكنها أدركت أن دخولها في معركة صفرية أمام الرئيس قيس سعيد سيؤدي إلى استئصال ما بقي من أعضائها.

وفيما قال إن حركة النهضة أدركت أن فكرة اللجوء إلى العنف سيكلفها الكثير، أشار إلى أنّ الوضع في تونس «معقد»، فلا يمكن لأي من أطرافه حسم الصراع بالضربة القاضية.

وأشار إلى أن الرئيس التونسي يحاول البحث عن طريق لحظر النهضة بشكل كامل لكنه لم يجد، فلجأ إلى فتح ملف قضية التسفير لإثبات تهمة على حركة النهضة، التي تحاول بدورها الاستقواء بالخارج وحلفائها بالداخل لكي تظل في المشهد، على حد قوله.

 

حالة استقطاب

وأوضح أن هناك دعوات عديدة انطلقت لإصلاح حركة النهضة، ارتبطت بما أطلقوا عليه «التداول القيادي»، وتغيير زعيم وقيادة الحركة، وإيقاف المؤتمر الحادي عشر للحركة، والذي كان من المفترض أن يتم خلاله تغيير راشد الغنوشي، إلا أنه تم تجاهلها في ظل الأزمة الحالية.

وأكد أحمد سلطان الباحث المتخصص في شؤون الجماعات المتطرفة، أن الغنوشي يتمسك بالوضع الحالي؛ لأن من مصلحته استمرار حالة الاستقطاب الحالية، وأن تنشغل الحركة بمواجهة الرئيس وألا يلتفتوا لقضية تداول السلطة والقيادة، إلا أن هناك تيارًا داخل الحركة يرفض بقاء رئيسها.

وفيما قال، إن هذا التيار تشتت إلى مجموعات عدة، قال إن فكرة التضحية براشد الغنوشي من أجل بقاء حركة النهضة غير واردة الآن، مستدلًا على رؤيته بأنه لا بديل لقيادة الإخوان في تونس، وأن طبيعة نظام الإخوان بأنه لا يحل نفسه.

 

شرارة العنف

من جانبه، قال مصطفى أمين عامر الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية في تصريحات لـ«السياق»، إن تنظيم الإخوان، يحاول إطلاق شرارة العنف في الشارع لإثبات وجودهم، مشيرًا إلى أن الغنوشي يحاول منذ قرارات 25 يوليو/تموز 2021، اكتساب أية أرضية من خلال إحداث الوقيعة بين الرئاسة والجيش والشارع، إلا أنه فشل.

وفيما يتعلق بدور المنشقين في تحديد مسار الحركة، قال إن التاريخ يذكر أن الانشقاقات عن جماعة الإخوان لم تكن يومًا مؤثرة؛ إذ يبقى التنظيم كما هو، بل إن القيادات التي تأتي أحيانًا ما تكون أكثر عنفًا وتشددًا عن سابقتها.

وتوقع أن يظل راشد الغنوشي في مكانه قابضًا على الأمور حتى تحل محله قيادة أخرى، فيما سيظل الشكل التنظيمي لجماعة الإخوان داخل تونس كما هو.

واستبعد عامر، وجود صفقة للإطاحة بالغنوشي من المشهد، متسائلًا: «هل قيادات النهضة لديها القدرة على التواصل مع الحكومة التونسية؟ وما هي المكاسب التي يمكن تحقيقها؟

وأشار إلى أن جماعة الإخوان لا تجيد الصفقات ولم يكن لديها يومًا الحنكة السياسية، إلا أنه رجح تمرير بعض القيادات الإخوانية بالمشهد السياسي التونسي كنوع من الوجاهة الديمقراطية فقط.