احتجاجات إيران تدخل منعطفًا خطيرًا وكشف هوية معتقلي مهسا أميني.. ماذا حدث في 24 ساعة؟

كشفت قناة إيران إنترناشيونال نقلا عن مجموعة قرصنة معلومات عن قائد فريق اعتقال مهسا أميني وعميلين وامرأتين من هذا الفريق.

احتجاجات إيران تدخل منعطفًا خطيرًا وكشف هوية معتقلي مهسا أميني.. ماذا حدث في 24 ساعة؟

السياق

تجمعات طلابية، إضراب للمتاجر والشركات في 20 مدينة كردية، منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر تجمعات وتظاهرات لم تهدأ وتيرتها، رغم دخول التظاهرات المناوئة للنظام الإيراني وتعامل قوات الشرطة العنيف مع النساء، أسبوعها الثالث.

تلك الاحتجاجات والتي صم النظام الإيراني آذانه عنها الفترة الماضية، أرغمت الرئيس إبراهيم رئيسي إلى الخروج يوم الأربعاء الماضي، معتذرًا ومتوعدًا في آن، ودفعت بعض الصحف الصادرة يوم السبت إلى مطالبة أدوات النظام، إلى ضرورة الاستماع لمطالب المتظاهرين والتخفيف من حدة التعامل الأمني مع الاحتجاجات المستمرة، على خلفية مقتل الشرطة للشابة مهسا أميني أثناء اعتقالها.

فما أبرز التطورات؟

كان يوم السبت حافلا باحتشاد طلاب في جامعات بجميع أنحاء إيران، فيما تحدثت تقارير محلية عن إضرابات في‭ ‬المنطقة الكردية في البلاد، مع دخول المظاهرات التي اندلعت بسبب وفاة مهسا أميني أثناء احتجاز الشرطة لها في أسبوعها الثالث.‬‬

وبحسب وكالة «رويترز»، فإن منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي أظهرت تجمعات في العديد من الجامعات، ومنها جامعات في العاصمة طهران، طالب فيها الطلبة بالإفراج عن زملاء لهم جرى احتجازهم في احتجاجات سابقة.

وقال حساب تصوير1500 على «تويتر»، إن السلطات الإيرانية احتجزت العشرات من طلاب جامعة طهران خلال المظاهرة، فيما قالت وكالة أنباء فارس شبه الرسمية إن بعض المحتجين اعتقلوا في ساحة قرب جامعة طهران.

وأوضح حساب تصوير 1500 أنه وثق مقاطع مصورة، التقطها عند أبواب جامعة أصفهان، سُمع خلاله إطلاق نار.

وقالت منظمة العفو الدولية إن الحملة الحكومية على المظاهرات أدت حتى الآن إلى مقتل ما لا يقل عن 52 شخصا وإصابة المئات، فيما تقول جماعات حقوقية إن السلطات اعتقلت عشرات الناشطين والطلاب والفنانين.

إلا أن السلطات الإيرانية تزعم أن كثيرين من أفراد قوات الأمن قتلوا، موجهة اتهامات للولايات المتحدة باستغلال الاضطرابات لمحاولة زعزعة استقرار البلاد.

وفي تطور نادر، أعلن الحرس الثوري أن أربعة من أفراد قواته ومليشيا الباسيج المتطوعة قُتلوا مساء الجمعة الماضية في هجمات في زاهدان، عاصمة إقليم سستان وبلوخستان الواقع في جنوب شرق البلاد.

وحملت السلطات الإيرانية، مسؤولية تبادل إطلاق النار في زاهدان على مجموعة انفصالية من أقلية البلوخ، فيما قالت وسائل إعلام رسمية إن اثنين من المسلحين البارزين المرتبطين بتلك الجماعة قُتلا.

وحاولت السلطات الإيرانية الزعم بأن الاحتجاجات تسببت في أعمال تخريبية، فنشرت وكالة «إرنا» لقطات مصورة تظهر فيها سيارات مدمرة ومقطورة أو حافلة مقلوبة ومحترقة وحرائق في مبان ومتاجر، مدعية أنها توثق لقطات «لما فعله الإرهابيون بمتاجر الناس الليلة الماضية في زاهدان».

إضراب المتاجر

وفي خطوة تصعيدية، أضربت المتاجر والشركات في 20 مدينة وبلدة في شمال غرب البلاد يوم السبت، احتجاجا على الهجمات التي شنها الحرس الثوري الإيراني على أحزاب المعارضة الكردية المسلحة المتمركزة في العراق.

وأظهرت مقطع مصور نشرته منظمة هنجاو رجالا على متن دراجات نارية ينطلقون سريعا في شارع به متاجر مغلقة، ووصفتهم بأنهم «قوات قمعية في شوارع سقز»، مسقط رأس مهسا أميني.

وكانت شرطة الأخلاق ألقت القبض على أميني في 13 سبتمبر/أيلول الماضي في طهران بتهمة ارتداء ملابس غير مناسبة، إلا أنها توفيت بسبب ضربة على الجمجمة.

إيران في طريقها للسقوط

وقالت صحيفة «الغارديان»، إن رسائل مطبوعة على قصاصات من الورق، ألقيت على عتبات الأبواب في جميع أنحاء إيران بين عشية وضحاها من قبل المتظاهرين الذين قرروا أن حملة القمع عبر الإنترنت لن توقف حركتهم.

«إيران في طريقها للسقوط»، قال أحدهم في مدينة رشت الشمالية مضيفًا «انضموا إلى الناس». وفي جنوب الأهواز، أعطى المنظمون خطابًا ووقتًا للاحتجاج، داعين المواطنين إلى الاحتجاج أو نشر الرسالة حتى يراها الآخرون.

وبعد ساعات، أظهر مقطع فيديو من الأهواز نساء يرقصن في الشارع، وشعرهن مكشوف، ويلوحن بحجابهن في الهواء بينما يصطف حشد على طول حافة الشارع.

رد فعل عنيف

وبعد أسبوعين من موجة الاحتجاجات المناهضة للحكومة في جميع أنحاء إيران، يبدو أن السلطات في طهران خائفة بشكل متزايد من حجم وتصميم الانتفاضة الشعبية ضد حكمها، وتتزايد قسوة محاولاتها لسحقها، بحسب «الغارديان».

واستخدمت قوات الأمن الذخيرة الحية والقوة الوحشية ضد المتظاهرين، وأغمرت وسط طهران بشرطة مكافحة الشغب، فيما قُتل العشرات من الأشخاص- وتراوح عدد القتلى من جماعات حقوق الإنسان ووسائل الإعلام الحكومية الإيرانية بين 40 و83 شخصًا، بالإضافة إلى اعتقال ما لا يقل عن 1500 شخص.

وحاولت السلطات المحلية إعاقة التخطيط والإبلاغ عن الاحتجاجات بقمع على الإنترنت، وحظر تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي، وتقييد الوصول إلى الإنترنت، ومحاولة إسكات المشاهير الذين يدعمون الحركة.

وأدت حملة الإرهاب والعرقلة إلى تشتيت الاحتجاجات حتى الآن، لكنها فشلت في وقفها؛ فالمتظاهرون الإيرانيون مصممون على الاستمرار في الخروج.

وتضمن رد قوات الأمن هدم تمثال لأسطورة كرة القدم الإيرانية علي كريمي بعد أن استخدم وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة به لدعم الاحتجاجات وتبادل النصائح العملية حول تجنب ضوابط الإنترنت، فيما رد المتظاهرون برش اسمه على القاعدة الفارغة.

وقالت نيغار، متظاهرة من طهران تحدث إلى الأوبزرفر عبر الهاتف: «ترى شيئًا عن تجمع (عبر الإنترنت) ثم تذهب إلى هناك ، ولا تعرف ما إذا كنت ستعود إلى المنزل حياً أم لا».

وأشارت إلى أن ثورة أوصلت حكام إيران الحاليين إلى السلطة قبل وقت طويل من العصر الرقمي، لكن قرر الناس فعل ما يتعين عليهم القيام به، مضيفًا: فقط تذكر أنه لم يكن هناك إنترنت في عام 1979 وأن الناس فعلوا ما يريدون.

خطط للتجمع

ووضع بعض المتظاهرين خططًا لتجمع جديد قبل أن يتفرقوا، أو يكون لديهم عدة مواقع احتجاج مألوفة، بحسب نوشين أحد سكان شمال طهران والذي قال: نقول لبعضنا البعض في مكان الحادث أين ومتى سنجتمع في المرة القادمة».

بينما يهتف آخرون من فوق أسطح المنازل حيث تشعر الشوارع بالخطورة الشديدة، أو يستخدمون الشبكات الافتراضية الخاصة لتفادي الضوابط الحكومية على تدفق المعلومات الرقمية.

وتظهر إحدى الصور التي انتشرت على نطاق واسع امرأة شابة تقف بجانب قبر والدتها التي قُتلت في الاحتجاجات، ورأسها حليق مكشوف، وفي يدها خصلات شعر متدفقة، مقطوعة حدادا ومعارضة.

وقادت النساء الاحتجاجات بأجسادهن في الشوارع وخلف الكواليس، فيما تقول نيغار، وهي من قدامى المحاربات في حركات احتجاجية أخرى وهي في الأربعينيات من عمرها: «كنت خائفة بعض الشيء في البداية، لكن عندما رأيت العديد من النساء في الشوارع منحني ذلك الشجاعة للاستمرار».

هدوء في طهران ولكن؟

وساد الهدوء وسط طهران تحت العين الساهرة لوجود مكثف لقوات الأمن، لكن الاحتجاجات استمرت في أماكن أخرى من المدينة.

وقال أحد سكان طهران: «كل القوات مقنعة وأحياناً عندما أخرج أشعر وكأنني أسير في لعبة فيديو حرب. إنهم يحاولون إخافة الناس حتى لا يتجمعوا للاحتجاجات، لكن الناس لا يهتمون ويواصلون التجمع».

وفي أحد أيام السبت، نُظمت مظاهرة على مقربة من المقر الرسمي للمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، فيما كانت المجموعة قريبة بما فيه الكفاية لدرجة أنه إذا خرج إلى الخارج، فربما كانت الرياح قد حملت إلى أذنيه هتافات النساء المصممات على محاربة الصعاب شبه المستحيلة.

وقال نوشين: «سوف نستمر حتى يقتلوا كل واحد منا. أطلقوا الغاز المسيل للدموع علينا مباشرة في الليلة الماضية، كانت عيناي تحترقان، ولم أستطع النوم طوال الليل، لكنني خرجت في الليلة التالية، والدموع والألم في عيني».

كشف هوية معتقلي مهسا أميني

وكشفت قناة إيران إنترناشيونال نقلا عن مجموعة قرصنة «بكدو» معلومات عن قائد فريق اعتقال مهسا أميني وعميلين وامرأتين من هذا الفريق.

وبحسب التقرير، فإن النقيب عناية الله رفيعي، مواليد 1970 من مدينة خدابنده بمحافظة زنجان، كان قائد فريق الشرطة الذي اعتقل مهسا أميني، فيما تقول «إيران إنترشيونال»، إن الرقيب أول علي خوشنام وند، المولود عام 1995 كان أيضًا في هذا الفريق الذي نقل مهسا أميني إلى عربة دورية الأخلاق.

وبرستو صفري، المولودة عام 1986 في كرمانشاه، وهي الشرطية التي أوقفت مهسا أميني في الشارع، بحسب «إيران إنترشيونال»، الذي أشار إلى أن فاطمة قربان حسيني، ولدت عام 1995 في طهران، هي عميلة أخرى لهذا الفريق الذي اعتقل مهسا أميني.

وكانت مجموعة الهاكرز «عدالت علي» قد نشرت رسالة علي أمرائي، مساعد المدعي العام بالفرع الخامس للنيابة العامة 38، إلى الدكتور محسن بور، رئيس مكتب هذه النيابة، والتي جاء فيها أنه بحسب الشهود، فقد ارتطم رأس مهسا أميني بالرصيف أثناء محاولة اعتقالها.

ووفقا لهذه الرسالة، تظهر نتائج التحقيق أيضًا أن دورية الأخلاق المتمركزة أمام محطة مترو حقاني تعامل الناس في كثير من الأحيان بشكل غير لائق.