هدنة اليمن إلى طريق مسدود.. الحوثي يرفض التمديد

هدنة اليمن إلى طريق مسدود.. إيجابية الحكومة الشرعية في وجه تعنت مليشيا الحوثي

هدنة اليمن إلى طريق مسدود.. الحوثي يرفض التمديد

السياق

مع دقات أجراس يوم الثاني من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، تنتهي الهدنة الأممية في اليمن، بلا تجديد –حتى الآن- رغم المحاولات الحثيثة التي أجرتها أمريكا والاتحاد الأوروبي في الساعات الأخيرة، والتفاهمات التي أبداها التحالف والمملكة العربية السعودية.

إلا أن تلك المحاولات اصطدمت بتعنت مليشيا الحوثي ورفضها قبول المقترحات الأممية والأمريكية، لتعلن من طرف واحد أن الهدنة وصلت إلى طريق مسدود، زاعمة أنها بذلت جهودًا لاستثمار الهدنة كفرصة للتقدم في معالجة الأوضاع الإنسانية، متجاهلة الخروقات شبه اليومية للهدنة من قبل عناصرها وقياداتها.

فماذا حدث في الساعات القليلة الماضية؟

بدأت تطورات الساعات القليلة الماضية من حيث انتهت جولة المبعوث الأممي في اليمن هانس غروندبرغ، إلى السعودية وسلطنة عمان الأسبوع الماضي، والتي انتهت دون إحراز أي تقدم في تجديد الهدنة.

إلا أنَّ الحكومة اليمنية تلقت مساء السبت، مقترحًا محدثًا من المبعوث الأممي إلى اليمن لتمديد وتوسيع الهدنة، بدءًا من 2 أكتوبر/تشرين الأول الجاري 2022 (موعد انتهاء الهدنة الحالية).

المقترح الأممي الذي لم يكشف تفاصيله، تفاعلت معه الحكومة اليمنية بإيجابية، قائلة إنها تعمل على دراسته وستتعامل معه انطلاقًا من بذلها الجهود كافة الرامية للتخفيف من المعاناة الإنسانية لليمنيين في كل المحافظات دون أي تمييز.

وقال مصدر مسؤول، إن الهدف الرئيس للهدنة هو إيقاف نزيف الدم الذي تزهقه حرب الميليشيا الحوثية، وضمان حرية حركة المدنيين والسلع التجارية والمساعدات الإنسانية، مشيرًا إلى أنَّ الحكومة تسعى من خلال تجديد الهدنة لتوسيع الفوائد لجميع اليمنيين وتسهيل حركتهم وضمان دفع المرتبات للتخفيف من معاناتهم الإنسانية التي تسبب بها انقلاب المليشيا الحوثية.

وفيما أشار المصدر إلى تخلف الميليشيات الحوثية عن الوفاء بالتزاماتها المتصلة برفع الحصار عن تعز ووقف نهب إيرادات موانئ الحديدة التي يجب تسخيرها لدفع مرتبات موظفي الخدمة المدنية في المناطق الخاضعة لسيطرة تلك المليشيا، إلا أنَّه أكد أن الحكومة اليمنية لا تدخر جهدًا في إبداء أشكال المرونة والتعاون كافة مع المبعوث الأممي لتجاوز العقبات التي تختلقها المليشيا الحوثية.

إلا أنه في الوقت نفسه، دعا مجلس الأمن والمجتمع الدولي للضغط على الميليشيات الحوثية لوقف انتهاكاتها اليومية للهدنة والانخراط بإيجابية مع جهود المبعوث الخاص للأمم المتحدة لتنفيذ بنودها كافة، وعلى رأسها إيقاف استخدام الشعب اليمني كرهينة وتوظيف معاناته كورقة تفاوضية ووقف تسخير موارد الدولة وإيرادات موانئ الحديدة للإثراء الشخصي لقيادات مليشيا الحوثي وإطالة أمد الحرب وضرورة الرفع الفوري للحصار عن تعز.

وأكد على دعم الحكومة اليمنية لجهود المبعوث الأممي لتحقيق السلام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالشأن اليمني.

طريق مسدود

وما إن أعلنت الحكومة اليمنية تعاطيها بجدية مع المقترح الأممي، حتى خرجت مليشيا الحوثي ببيان تعلن فيه وصول مفاوضات الهدنة إلى طريق مسدود، مروجة بعض الشائعات عن جهود لها لوقف إطلاق النار في اليمن، بالمخالفة للواقع.

وزعمت مليشيا الحوثي، في البيان الذي اطلعت «السياق» على نسخة منه، أنه خلال الستة أشهر الماضية (عمر الهدنة التي جرى تجديدها مرتين)، لم تلمس أي جدية لمعالجة الملف الإنساني كأولوية عاجلة.

وحاولت مليشيا الحوثي في بيانها ذكر أدلة لبعض الجهود التي قدمتها، إلا أنها يبدو أنها اصطدمت بصخرة الواقع؛ فالمليشيات التي تزعم أنها طالبت بفتح كل الطرق، خرجت في بيانات عدة سابقة لرفض فتح طرق تعز حتى اليوم، رغم أنها كانت أحد بنود اتفاق الهدنة.

وبعد وصول مفاوضات الهدنة إلى طريق مسدود من جانب مليشيا الحوثي، دخلت وزارة الخارجية الأمريكية وبعثة الاتحاد الأوروبي في اليمن على خط الأزمة، بحراك دبلوماسي استمر ساعات، إلا أنَّ نتائجه لم تظهر للعلن بعد، وإن كانت قوبلت بمواقف إيجابية من المملكة العربية السعودية، ما يرسخ فكرة أن البلد الخليجي مع أي مبادرات لحلحة الأزمة.

أوروبا على الخط

فبعثة الاتحاد الأوروبي في اليمن، أكدت في تغريدة عبر حسابها الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، أنها تدعم وبشكل كامل دعوة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، التي وجهها إلى الأطراف اليمنية لقبول مقترح الهدنة المقدم من قبل المبعوث الأممي. 

وأكَّدت البعثة الأوروبية، أن الوقت حان لتعزيز وتطوير الهدنة، بما في ذلك فتح الطرق والاتفاق على دفع الرواتب، مشيرة إلى أن الهدنة حققت الكثير من الفوائد ويمكن أن تجلب المزيد إلى الشعب اليمني.

بدوره، أعرب السفير الأمريكي في اليمن ستيفن فاجن، في رسالة وجهها عبر صفحة السفارة الأمريكية في اليمن بـ«تويتر» عن قلقه من عدم إحراز تقدم في تأمين تمديد الهدنة، داعيًا الأطراف إلى عدم تبديد التقدم المحرز خلال الستة أشهر الماضية، وإعطاء الأولوية للشعب اليمني بقبول تمديد الدنة وتوسيعها.

مفاوضات اللحظات الأخيرة

في السياق نفسه، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية، أن الوزير أنتوني بلينكن، أجرى محادثة هاتفية مع نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود؛ لمناقشة الانتهاء الوشيك للهدنة التي توسَّطت فيها الأمم المتحدة في اليمن.

وبحسب وزارة الخارجية الأمريكية، فإنَّ الوزير بلينكن رحب بالتزام المملكة العربية السعودية بتمديد فترة الهدنة، مشيرًا إلى أن تمديد وتوسيع الهدنة يساهم في إنقاذ حياة ملايين اليمنيين. 

وأكد الوزير بلينكن، أن مزايا الهدنة الموسعة ستشمل صرف رواتب المعلمين والممرضات وغيرهم من موظفي الخدمة المدنية الذين لم يتلقوا رواتبهم منذ سنوات، وتوسيع الرحلات الجوية من صنعاء، وفتح طرق في تعز وأماكن أخرى، بالإضافة إلى ضمان استمرار تدفق الوقود. 

وشدد الوزير الأمريكي على أهمية دعم المجتمع الدولي لمجلس القيادة الرئاسي، الذي التزم بتمديد الهدنة لليمنيين، معربًا في الوقت نفسه عن قلقه إزاء تصرفات مليشيا الحوثي الأخيرة.

ماذا يعني رفض الحوثي؟

من جانبه، قال نائب رئيس هيئة التشاور والمصالحة عبدالملك المخلافي، في سلسلة تغريدات عبر حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، إنه رغم خروقات مليشيا الحوثي، إلا أنَّ الحكومة اليمنية تعاطت مع المقترحات المقدمة من المبعوث الأممي بإيجابية «من أجل شعبنا ومصالح الشعب الأساسية بما فيها المرتبات».

ورغم ذلك، إلا أن رد فعل مليشيا الحوثي برفض تمديد الهدنة، يكشف بوضوح أنه ليس مهتمًا بمصالح الشعب، بحسب المخلافي، الذي قال إن ذلك الرد يكشف أن مليشيا الحوثي هي المعرقل للسلام ولفتح الطرقات ولتدفق الوقود والسلع خارجيًا وداخليًا ولصرف المرتبات.

وأشار إلى أن مليشيا الحوثي أثبتت أنها الرافض للهدنة وأن خيارها الدائم منذ 2004 هو الحرب، مؤكدًا أن الحوثي يستخدم كل هذه القضايا الإنسانية لمصلحته وشرعنة وجوده وانقلابه.

وشدد نائب رئيس هيئة التشاور والمصالحة على أن الحكومة الشرعية مع فتح الطرقات الداخلية، وفي المقدمة طرق تعز وفتح مطار صنعاء ومع صرف المرتبات، إلا أنها ليست مع مماطلات وانتقائية الحوثي في الطرق وليست مع محاولته تمرير جواز مزور يضعف الجواز اليمني، وليست مع نهب موارد الحديدة المخصصة للمرتبات وعدم صرفها للمرتبات كما يشترط الحوثي.