قمة بغداد... مسار جديد لدعم أمن المنطقة واستقرارها

بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط، قال محمود إن هذه القمة هي الأولى من نوعها، التي تجمع قادة وممثلي أهم دول المنطقة العربية وغير العربية، في اجتماع واحد.

قمة بغداد... مسار جديد لدعم أمن المنطقة واستقرارها

السياق

اختتمت في العاصمة العراق، أمس السبت، فعاليات مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة، التي بدا صداها مسموعًا إقليميًا ودوليًا.

فقد حظيت القمة بمشاركة عربية وخليجية، حيث شارك ملك الأردن عبد الله الثاني، والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، بجانب أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات، نائب رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، ومشاركة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إلى جانب وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، وممثلين لتركيا وإيرن.

وانتهت القمة، إلى الإقرار بأن المنطقة تواجه العديد من التحديات، التي تفرض مواجهتها في إطار تعاوني، فضلًا عن ضرورات دعم العراق، في ما يتعلق بإعادة الإعمار وتعزيز مؤسسات الدولة.

وحملت المشاركة في المؤتمر، الذي شهد حضورًا تركيًا وإيرانيًا وسعوديًا أيضاً، برئاسة الأمير فيصل بين فرحان آل سعود وزير الخارجية، العديد من الدلالات السياسية، التي تشير إلى التوجُّه العام لتعزيز أمن المنطقة واستقرارها.

 

من الصراع إلى التعاون

فتحي محمود، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، قال لـ"السياق"، إن قمة دول الجوار لها أهمية خاصة لأسباب عدة، بعضها يتعلَّق بمنطقة الشرق الأوسط، والبعض الآخر بالأوضاع في العراق.

بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط، قال محمود إن هذه القمة هي الأولى من نوعها، التي تجمع قادة وممثلي أهم دول المنطقة العربية وغير العربية، في اجتماع واحد.

ولفت إلى أن "مجرَّد حدوث هذا التجمع، بحد ذاته، تقدُّم مهم، وإشارة إلى أن أقطاب المنطقة يشعرون بضرورة السعي إلى حل خلافاتهم، وتحويل الصراع إلى تعاون، ليتمكنوا من التعامل مع التحديات الضخمة، التي تواجه المنطقة وتهدِّد الأمن والاستقرار فيها".

وتابع عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، أن مشاركة تركيا وإيران في اجتماع واحد مع الدول العربية الكبرى، يمكن "أن تشكل بداية نحو إيجاد نظام إقليمي جديد، يتجاوز الأزمات الحالية في المنطقة، ويمهِّد للوصول إلى نقاط التقاء مشتركة، تسهم في إزالة المخاوف الموجودة لدى مختلف الأطراف".

وأوضح أن هذه المشاركة، تساعد أيضاً في الحيلولة دون انفجار الأوضاع في المنطقة، ودعم أمن دول الخليج واليمن والعراق ولبنان وسوريا واستقرارها، بمشاركة القوى الإقليمية، خاصة تركيا وإيران، بدلًا من محاولات هيمنة تلك القوى على العالم العربي، باستخدام المجموعات الدينية والمذهبية التابعة لتلك القوى، أو السعي لإعادة تقسيم مناطق النفوذ، على حساب الأمن القومي العربي".

واعتبر محمود أن "نجاح القمة في تحقيق تلك الأهداف، ستظهره تطورات الأحداث في المنطقة، خلال الفترة المقبلة، خاصة مع تخوفات من عدم حدوث التقدُّم المرجو، نتيجة عمق الخلافات بين دول المنطقة، واختلاف مصالحها وتوجُّهاتها وارتباطاتها الدولية".

وبالنسبة للعراق، يشير عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، إلى أن هذه القمة "تشكل خطوة مهمة لعودة بغداد إلى الحاضنة العربية، والمساعدة في إعادة ترتيب الأوضاع، التي تتداخل فيها إيران وتركيا بشكل كبير".

واعتبر أن "عودة العراق للعب دور عربي وإقليمي، في إطار علاقاته القوية بأقطاب المنطقة العربية وغير العربية، تتيح له الفرصة ليكون وسيطًا في أمور عدة".

 

تغيُّـرات إقليمية ودولية

الخبير المصري في الشؤون العربية، محمد ربيع الديهي، ربط في حديثه لـ"السياق"، بين قمة بغداد والتغيُّـرات الدولية والإقليمية.

وأشار إلى أن "هذه القمة تأتي في إطار التغيُّـر في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الشرق الأوسط، وتقليل الاعتماد عليها، فضلًا عن سياق التنافس الدولي، حيث لم يعد النظام الدولي أحاديًا كما كان".

ويرى الديهي، أن هناك تنافسًا دوليًا لملء الفراغ الذي تركته الولايات المتحدة الأمريكية، في العديد من الأقاليم، ومنها الشرق الأوسط، مشدِّدًا على أن هذا التغيُّـر يجسِّده "صعود طالبان للحُكم".

وهنا، يفسِّر الخبير المصري تحرُّك العراق، لإيجاد أرضية مشتركة بين القوى الإقليمية، بأن بغداد تسعى إلى عدم تكرار نموذج أفغانستان، عبر التعاون بين القوى الإقليمية، ووجود علاقات تفاوضية بينها، تسمح بإبعاد العراق عن أي ترتيبات صراعية أو تنافسية.

واعتبر الديهي، أن هذه القمة تهدف إلى تنشيط السياسة الخارجية العراقية، وإعادة بغداد إلى وضعها الطبيعي في ميزان القوي الإقليمية، فضلًا عن أنها تهدف إلى استعادة دورها الإقليمي، بما يساعد في إعادة التوازن إلى المنطقة.