آبي أحمد يطلق دعوة للحوار ويفرج عن معارضيه بعد أشهر من الحرب.. ماذا يحدث في إثيوبيا؟

بعد 14 شهرًا من الحرب، قالت الإذاعة الرسمية لإثيوبيا، إن أديس أبابا أفرجت عن العديد من قادة المعارضة من السجون، مشيرة إلى أن الحكومة ستبدأ حوارًا مع المعارضين السياسيين.

آبي أحمد يطلق دعوة للحوار ويفرج عن معارضيه بعد أشهر من الحرب.. ماذا يحدث في إثيوبيا؟

السياق

«مفتاح السلام الدائم هو الحوار والرحمة من واجبات المنتصر»، بهذه العبارة أعلنت إثيوبيا مرحلة جديدة مع بداية عام 2022، عنوانها الحوار، والإفراج عن قادة المعارضة من السجون.

فبعد 14 شهرًا من الحرب، قالت الإذاعة الرسمية لإثيوبيا، إن أديس أبابا أفرجت عن العديد من قادة المعارضة من السجون، مشيرة إلى أن الحكومة ستبدأ حوارًا مع المعارضين السياسيين.

وقال مكتب الاتصال الحكومي الإثيوبي، في بيان، إن أديس أبابا ستقدِّم أي تضحيات تتطلبها الوحدة الوطنية للبلاد، مشيرًا إلى أن الحكومة أصدرت عفوًا عن عدد من السجناء، لتهيئة بيئة سياسية تمهد لانطلاق الحوار الوطني الشامل والمصالحة بين الإثيوبيين.

 

حل دائم

وبينما قالت الحكومة الإثيوبية، إن العفو يشمل مَنْ سُجنوا في الماضي ومَنْ سجنوا على خلفية الحرب الأخيرة في تيغراي، وإنه يأتي في إطار تمهيد الطريق لحل دائم لمشكلات إثيوبيا بطريقة سلمية ولتوسيع الحيز السياسي والتشاور الوطني الشامل، أعربت عن أملها بأن يتعلم السجناء الذين تقرر إطلاق سراحهم من الماضي، ويقدَّموا مساهمات سياسية واجتماعية أفضل لبلدهم وشعبهم.

وأضاف البيان الحكومي، أن أديس أبابا «تعتقد أنه يجب حل مشكلات إثيوبيا بطريقة شاملة، من خلال الحوار الوطني الشامل والمصالحة، في الوقت الذي تتعرَّض فيه إلى محاولات تقويض من كل الاتجاهات، لكنها بوحدة شعبها استطاعت أن تهزم هذه المحاولات المسنودة دوليًا».

وشددت الحكومة الإثيوبية، على أنها لن تسمح بتكرار الممارسات السابقة من السجناء الذين شملهم العفو.

من جانبه، قال رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد: «الطريق نحو المستقبل هو تعزيز الوحدة الوطنية القائمة على محبة الشعب، يجب إجراء مشاورة وطنية بشأن الخلافات الرئيسة»، مشيرًا إلى أن نهاية الصراع هي المصالحة والتسامح.

 

المرحلة الثانية

وأضاف آبي أحمد: «الشعب البطولي ينتصر بيده اليمنى، ويغفر ويسامح بيده اليسرى... في المرحلة الثانية لانتصارنا سنتبع أربعة مبادئ هي حماية انتصارنا بكل الطرق الممكنة، وسنختمها سياسيًا وسلميًا، لنخفف حدة التوترات ولنحافظ على انتصارنا ونحقق العدالة الشاملة في وجه العدالة الانتقالية والإصلاحية».

وشدد آبي أحمد على أن بلاده تطبق تلك المبادئ بطريقة تناسب شعبها، من دون المساومة، مؤكدًا أن الحرب التي خاضتها حكومته مع جبهة تحرير تيغراي والقوى التي دعمتها، كانت بسبب تهديدها لسيادة أمن البلاد ووحدتها.

وبينما طالب الإثيوبيين بالوقوف على قلب رجل واحد، من أجل انتقال البلاد إلى التنمية والازدهار، أكد أن أي محاولات تقدم حلولًا  تقسم وحدة الإثيوبيين، وتنتهك كرامة إثيوبيا وسيادتها، وتعرِّض سلامتها الإقليمية للخطر، تعد أمرًا غير مقبول.

 

الاختراق الأهم

وبحسب وكالة رويترز، فإن التحرك لتحرير قادة من مجموعات عرقية، أهم اختراق منذ اندلاع الحرب في منطقة تيغراي الشمالية، ما يهدد وحدة ثاني أكبر دولة في إفريقيا من حيث عدد السكان.

وأكدت الوكالة، أن بين المفرج عنهم بعض قادة الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، الحزب الذي يقاتل الحكومة المركزية لرئيس الوزراء آبي أحمد، مشيرة إلى أن القائمة التي أعلنتها هيئة الإذاعة الإثيوبية -التي تديرها الدولة- للمفرج عنهم، تشمل اثنين من كبار القادة السياسيين من أوروميا: بيكيلي جيربا، أحد كبار قادة حزب المؤتمر الفيدرالي لأورومو، وجوار محمد مؤسس شبكة أوروميا ميديا.

وبينما وجهت إلى الرجلين في سبتمبر 2020 تهم إرهابية، سُمح لهما وإسكندر نيغا بالمغادرة يوم الجمعة، حسبما أكد تولي بايسا، المحامي الذي مثل جوار وبيكيلي.

وقال بايسا عبر الهاتف من العاصمة أديس أبابا: «قرار الحكومة الإفراج عنهم نبأ سار (..) ومع ذلك، يجب أن يكون شاملاً، وليس فقط القادة الذين أطلِق سراحهم.

كان الثلاثة قد اتُهموا بالارهاب والتحريض على الاشتباكات العِرقية والاحتيال في الاتصالات، والسعي لإطاحة الحكومة، كما قُبض على مئات آخرين بعد اندلاع أعمال العنف.

وبحسب «رويترز»، فإن السلطات المحلية، أطلقت سراح بعض أعضاء جبهة تحرير تيغراي، ومن المفرج عنهم أباي ويلدو، الرئيس السابق للتيغراي، وسبحات نيغا، مؤسس الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي.

 

إشارات أولى

وقال ويل دافيسون، كبير المحللين في إثيوبيا في مجموعة الأزمات الدولية ومقرها بروكسل، إن الإعلان كان الإشارات الأولى في وقت ما، على أن الحكومة الفيدرالية تتطلع إلى اتخاذ إجراءات جادة نحو المصالحة السياسية، لكنه حذر من أن إطلاق سراح عدد قليل من الأسرى لا يعني حسم الحرب.

وبعد اندلاع الحرب في نوفمبر 2020، استولت قوات آبي أحمد -بدعم الجيش الإريتري- على المدن الرئيسة بسرعة، وأعلنت الحكومة النصر بعد ثلاثة أسابيع.

وتبعت ذلك شهور من القتال وتقارير عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بينما انسحب الجيشان الإثيوبي والإريتري من معظم مناطق تيغري نهاية يونيو الماضي، لكن الأمم المتحدة قالت إن «حصارًا حكوميًا فعليًا» حال دون دخول المساعدات، بينما نفت الحكومة منع المساعدات.

وبدعوى أنهم يريدون إعادة فتح خطوط الإمداد للمساعدات الإنسانية، توغلت قوات تيغراي جنوبًا وشرقًا بالمناطق المجاورة في عفار وأمهرة في يوليو الماضي، تاركة تقارير عن انتهاكات حقوقية في أعقابها.

وأعلنوا عن تحالف مع جيش تحرير أورومو المتمرد في أغسطس، وهددوا العاصمة، وحاولوا قطع ممر نقل رئيس، لكن الجيش الإثيوبي أعاد قوات تيغراي إلى تيغراي في ديسمبر الماضي.

ويستمر القتال المتقطع والغارات الجوية في أجزاء من تيغراي، ولم تدخل أي مساعدات إنسانية منذ 15 ديسمبر، بينما يقول الأطباء في المستشفى الرئيس بالمنطقة إنه مضى أسبوع على الانهيار.

 

ترحيب أممي وأفريقي

وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إنه يتطلع إلى تحسين وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المتضررة من الصراع، مرحبًا بالإفراج عن زعماء المعارضة.

وتابع غوتيريش: «بعد آخر اتصال بيني وبين رئيس الوزراء آبي أحمد، أتطلع أيضًا إلى تحسن ملموس في ما يتعلق بوصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المتضررة من الصراع المستمر منذ عام»، داعيًا أطراف النزاع إلى البناء على ما وصفها بأنه «خطوة مهمة لبناء الثقة».

من جانبه، رحب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، موسى فقي محمد، بإعلان إثيوبيا الإفراج عن معتقلين سياسيين.

وقال رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، عبر «تويتر»: «أرحب بالإفراج عن معتقلين سياسيين في إثيوبيا»، مشيدًا بـ«هذا التطور»، كخطوة مهمة نحو حوار سياسي ومصالحة وطنية.

كان المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، حذر مساء الجمعة، العاملين في المجال الإنساني من أن الوضع في الجزء الشمالي من إثيوبيا، ما زال متفجرًا وغير قابل للتنبؤ بتداعياته.

وأوضح متحدث الأمين العام للأمم المتحدة، أن «الوضع الإنساني في تيغراي مستمر في التدهور، مع التوترات التي تقيد حركة الإمدادات الإنسانية على طول الطريق الوحيد المتاح من بلدة سيميرا إلى بلدة أبالا إلى ميكيلي»، مشيرًا إلى أن أيًا من الشاحنات التي تحمل إمدادات إنسانية، لم تتمكن من دخول تيغراي، منذ 15 ديسمبر الماضي.