بعد ضم روسيا أربع مناطق.. هل يسرع الناتو عضوية أوكرانيا؟
من المحتمل ألا تنضم أوكرانيا إلى حلف الناتو في أي وقت قريب، لكنها خطوة رمزية كبيرة في حرب تتّجه بشكل متزايد ضد الكرملين.

ترجمات - السياق
تساءلت مجلة فورين بوليسي الأمريكية، عن إمكانية تسريع الغرب وتيرة انضمام أوكرانيا إلى عضوية حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وذلك كردٍّ عاجل على إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ضم أربع مناطق أوكرانية للسيادة الروسية وهي (دونيتسك ولوهانسك وزابوريجيا وخيرسون).
وقالت إنه من المحتمل ألا تنضم أوكرانيا إلى حلف الناتو في أي وقت قريب، لكنها خطوة رمزية كبيرة في حرب تتّجه بشكل متزايد ضد الكرملين.
ففي أول رد على إعلان بوتين، ضم 4 أقاليم أوكرانية إلى روسيا، -والذي واجه معارضة دولية كبيرة باعتباره قرارًا غير شرعي- دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إلى تسريع قبول عضوية أوكرانيا في حلف الناتو.
وقال زيلينسكي في مقطع مصور بُثّ على موقع التواصل الاجتماعي "تليغرام" -في رسالة مدتها 7 دقائق-: "نتخذ قرارًا حاسمًا عبر توقيع ترشح أوكرانيا بهدف الانضمام العاجل إلى حلف شمال الأطلسي".
ودعا مجلس الأمن القومي الأوكراني إلى تعزيز التحالف الدولي لدعم أوكرانيا لمواجهة قرارات الضم الروسية.
وأضاف زيلينسكي: "بحكم الواقع، لقد شققنا طريقنا بالفعل إلى الناتو... واليوم، تتقدم أوكرانيا بذلك قانونيًا وفق آلية مستعجلة، في إجراء يفي بأهميتنا لحماية مجتمعنا.. نحن نقوم بخطوتنا التي تحدد مصيرنا من خلال التوقيع على طلب أوكرانيا للانضمام سريعًا إلى الناتو".
رد الناتو
وفي أول رد للناتو، قال رئيس الحلف، ينس ستولتنبرغ، في مؤتمر صحفي: إن أوكرانيا لها الحق في التقدم بطلب للحصول على عضوية الناتو، حتى في الوقت الذي سعى فيه الحلف إلى تجنب الدخول في حرب مع روسيا.
وأضاف: "لكل ديمقراطية في أوروبا الحق في التقدم بطلب للحصول على عضوية الناتو.. لقد قلنا مرارًا وتكرارًا إن باب الناتو لا يزال مفتوحًا".
وأوضح ستولتنبرغ أن القرار بشأن عضوية أوكرانيا المحتملة يعود إلى 30 دولة عضوًا في الناتو، لكنه كرر أنه في غضون ذلك، سيستمر الحلف في دعم أوكرانيا لأن "التقاعس عن العمل يمثل خطرًا أكبر" على الأمن الأوروبي.
ورأت فورين بوليسي، أن إعلان زيلينسكي يأتي كرد فعل على الاستيلاء الذي وصفته بـ"غير القانوني" على الأراضي الأوكرانية، من قِبل بوتين، بهدف الحفاظ على الروح المعنوية بين الأوكرانيين، خصوصًا بعد أن حقق الجيش الأوكراني انتصارات جديدة في ساحة المعركة مؤخرًا.
واعتبرت المجلة أيضًا أن طلب زيلينسكي، يأتي كوسيلة لمواصلة الضغط على دول الناتو لتقديم المزيد من الدعم الدبلوماسي والعسكري بينما تستعد لحرب طويلة الأمد ضد روسيا.
لكن من الناحية العملية -وفقًا لثلاثة مسؤولين حاليين وسابقين في الناتو تحدثوا إلى فورين بوليسي- من غير المرجح أن يؤدي الإعلان إلى تسريع عضوية أوكرانيا في الحلف.
وهو ما أكده مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، الذي قال ردًا على زيلينسكي: إن إجراءات انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو جاءت في وقت غير مناسب.
وأضاف: "الآن، في رأينا، إن أفضل طريقة لدعم أوكرانيا هي الدعم العملي على الأرض، أما العملية في بروكسل (الناتو) فيجب أن تبدأ في وقت آخر".
وحسب المجلة، فقد أكد مسؤولون غربيون أنه لا توجد شهية كافية داخل الحلف المكون من 30 عضوًا لإعادة أوكرانيا إلى الحظيرة في خضم حربها المستمرة ضد روسيا، حيث يعمل كبار مسؤولي الناتو والولايات المتحدة على منع الصراع من الانتشار خارج حدود أوكرانيا.
وأشارت إلى أن مبدأ حلف الناتو الذي يقوم على أساس الدفاع الجماعي، ينص في مادته الخامسة على أن أي هجوم على عضو واحد في الحلف يُشكل هجومًا على جميع الأعضاء، مما يستدعي استجابة كاملة من الحلف، وهو ما يعني أن ضم أوكرانيا يُعد إعلان الحلف الحرب على روسيا.
أيضًا ما يعيق انضمام أوكرانيا للناتو -حسب المجلة الأمريكية- أن توسيع الحلف يتطلب موافقة جميع الحكومات والهيئات التشريعية الحالية في الدول الأعضاء الثلاثين، وهو ما يصعب تحقيقه على الأرض حاليًا في ظل استمرار الحرب الدائرة بين موسكو وكييف.
وتعليقًا على ذلك، قال جيم تاونسند، نائب مساعد وزير الدفاع الأمريكي السابق لسياسات أوروبا والناتو: "إن إضافة أعضاء جدد إلى الناتو أمر صعب حقًا، ناهيك عن وجود عضو في خِضم الحرب.. ويمكنك أن ترى سبب ذلك مع فنلندا والسويد".
وتقدمت البلدان الاسكندنافية بطلب للانضمام إلى الناتو في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا، إذ واجهت فنلندا والسويد معارضة كبيرة من بعض أعضاء الحلف، وخصوصًا تركيا.
وأضاف تاونسند: ""إنني أتعاطف حقًا مع زيلينسكي، ولكن الوضع ليس بالسهل كما حدث مع فنلندا والسويد"، مشيرًا إلى أن البلدين حصلتا على موافقة 28 من أصل 30 عضوًا في الناتو على طلبات انضمامهما، لكن لا تزال تركيا والمجر يقفان كحجر عثرة أمامهما.
توسع مغلق
وأشارت فورين بوليسي إلى أن مسألة انضمام أوكرانيا تم مناقشتها داخل الحلف قبل نحو 15 عامًا، إذ إنه في قمة الناتو في أبريل 2008، والتي أقيمت بالعاصمة الرومانية بوخارست، اتفق أعضاء الناتو على أن أوكرانيا وجورجيا "ستصبحان عضوين في الناتو"، لكن بعض أعضاء الحلف تراجعوا فيما بعد -في قمم الحلف اللاحقة- بعد رد فعل عنيف من روسيا على طرح الفكرة، وكذلك حرب روسيا لضم أجزاء من جورجيا بشكل غير قانوني في وقت لاحق من ذلك العام.
وحسب المجلة، يجادل مؤيدو توسيع حلف الناتو بأن الانصياع لمطالب بوتين سيشجعه على مهاجمة الدول السوفيتية السابقة الأخرى لكبح توسع الحلف، في حين يرى المعارضون أن توسيع الناتو على أطرافه الضعيفة يمكن أن يجرّ الحلف عن غير قصد إلى مواجهة عسكرية مع روسيا.
ونقلت عن مسؤولين أوكرانيين قولهم: إن تحرك كييف لإرسال طلب سريع للانضمام للناتو، يرسل إشارة قوية إلى روسيا بأن الأساس المنطقي الأولي لبوتين للغزو- وهو منع التوسع شرقًا لحلف الناتو- قد انفجر في وجهه.
وفي تصريح لفورين بوليسي بشأن الجدل السياسي الدائر، قال مسؤول أوكراني طلب عدم الكشف عن هويته: "إنه أمر منطقي بنفس القدر الذي تتسم به معركة الرموز"، وأضاف: "تقوم روسيا بالضم وتخاطب جمهورها المحلي، بينما تلعنها أوكرانيا وتهدد بالانضمام إلى الناتو".
وأمام هذه الإشكالية حول إمكانية انصياع الغرب في النهاية لطلب أوكرانيا بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي والناتو، قال تاونسند: "في الوقت الحالي يجب أن نردّ بكلمات طمأنة لأوكرانيا، مع مواصلة دعمها بالأسلحة اللازمة، قبل البت في مسألة عضويتها للناتو".
وبالفعل -حسب المجلة الأمريكية- بدأ حلفاء الناتو في محاولة تسريع انتقال أوكرانيا إلى معدات الحلف، ونقل كييف بعيدًا عن المدفعية الروسية عيار 152 ملم إلى المدفعية عيار 155 ملم، وأخيرًا نحو الأنظمة الغربية الحديثة، مثل أنظمة إطلاق الصواريخ المتعددة الأمريكية والأوروبية.د
وقد زودت الولايات المتحدة، الجيش الأوكراني حتى اليوم بـ16 راجمة من طراز "هيمارس"، إذ إن هذه الراجمات المثبتة على مدرعات خفيفة أدت دورًا مهمًا في نجاح الهجوم المضاد الذي شنته قوات كييف مؤخرًا ضد القوات الروسية.