استدعاء البرلمان لحكومة باشاغا.. هل خطوة لإنهاء ازدواجية السلطة التنفيذية؟
أشار المحلل السياسي الليبي أيوب الأوجلي، في تصريحات للسياق، إلى وجود خيارين أمام البرلمان إما اقتراح خارطة أممية جديدة وإما اتفاق جديد بين أطراف الأزمة السياسية.

السياق
أزمة الحكومتين في ليبيا تتفاقم يومًا تلو الآخر، وسط انسداد أفق الحل السياسي في البلد الإفريقي المأزوم، ما أطلق سيناريوهات بعضها وصف بـ«الكارثي»، فيما الآخر يبشر بحلٍّ قريب، وخاصة مع تسلم المبعوث الأمم الجديد مهام منصبه.
إلا أن تلك الأزمة والتي تصاعدت وتيرتها في الفترة الأخيرة، على خلفية فشل محاولات رئيس حكومة الاستقرار دخول العاصمة طرابلس، دخل البرلمان الليبي على خطها، محاولًا فرض رؤية للحل، عبر سيناريوهات عدة.
فمن إلقاء كرة حكومة ثالثة على طريق الأزمة مرورًا بـ«توافقات» مع المجلس الأعلى للدولة سرعان ما انقلب الأخير عليها، إلى استدعاء حكومة باشاغا للمثول أمامه، كانت محاولات البرلمان المتعاقبة لحلحلة الأزمة الليبية.
وكان رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح أعلن استدعاء رئيس حكومة «الاستقرار» فتحي باشاغا، لحضور الجلسة المقبلة للمجلس بعد مطالب النواب بضرورة مثوله، على خلفية فشله في الدخول إلى العاصمة طرابلس أكثر من مرة.
ذلك الاستدعاء فسره مراقبون بأنه محاولة من البرلمان الليبي لحفظ ماء الوجه ومساءلة رئيس الحكومة عن خطة عمله خلال الفترة المقبلة، وإذا ما كان سيعاود الكرة في الدخول للعاصمة طرابلس أم لا، بالإضافة إلى مصادر تمويل الحكومة، التي عجزت حتى الآن عن استلام مهامها.
هل يسحب الثقة؟
فيما أكد فريق آخر، أن الاستدعاء مقدمة لسحب الثقة من حكومة باشاغا، بعد الإخفاقات المستمرة التي مُنِيت بها، كاشفين عن نية رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح، لتمرير مقترح توافق عليه مع المجلس الأعلى للدولة، بشأن حكومة ثالثة.
وفي هذا الإطار، قال عضو المجلس الأعلى للدولة موسى فرج، في تصريحات صحفية، إن قرار مجلس النواب باستدعاء باشاغا يأتي لمعرفة كيف سيسير مهامه، مشيرًا إلى أنه إجراء منطقي لأن حكومته لم تمارس أيًّا من مهامها حتى الآن.
وأوضح فرج، أنَّ هذا القرار ربما يكون خطوة لإنهاء ازدواجية السلطة التنفيذية أو تمهيدًا لحلٍّ آخر، قد يكون توافقيًا مع المجلس الأعلى للدولة بتشكيل حكومة جديدة موحدة مهمتها الأساسية تهيئة الطريق لإجراء انتخابات تشريعية.
من جانبه، قال المحلل السياسي الليبي أيوب الأوجلي، في تصريحات لـ«السياق»، إنَّ قرار البرلمان يهدف من خلاله لإيصال رسالة مفادها أنه لا يزال يسيطر على الحكومة ولا يزال جسمًا تشريعيًا له وزن في المشهد السياسي الليبي، مشيرًا إلى أن استدعاء حكومة لا يمكن محاسبتها لن يفسر إلا على أنه محاولة لإثبات الوجود ليس إلا.
خياران أمام البرلمان
وحول إمكانية تحقق سيناريو سحب الثقة من حكومة باشاغا، قال المحلل الليبي، إن سحب الثقة لن يحدث بشكل مباشر؛ لأن فشل حكومة باشاغا يتحمل مسؤوليته البرلمان، مشيرًا إلى خيارين أمام البرلمان إما اقتراح خارطة أممية جديدة وإما اتفاق جديد بين أطراف الأزمة السياسية.
من جانبه، قال المحلل السياسي الليبي كامل المرعاش، في تصريحات لـ«السياق»، إن سر استدعاء حكومة باشاغا هو تزايد الانتقادات الموجهة إلى البرلمان والحكومة، حتى من قبل بعض أعضاء البرلمان أنفسهم، بالإضافة إلى الدعوات المنادية بضرورة تحمل مسؤولية فشل الحكومة ورئيسها بعد أن أعطى ضمانات وتأكيدات قوية بشأن دخوله إلى العاصمة طرابلس قبل أن يحصل على الثقة.
وأوضح المحلل الليبي أن وعود فتحي باشاغا والتي لم تكن ذات مصداقية، بالإضافة إلى قدراته التي اتضح أنها «متواضعة جدًا»، جعل رئاسة البرلمان في فوهة الانتقادات بسبب تقييمها للأوضاع شمال غرب البلاد.
وأوضح المحلل الليبي، أن البرلمان يجد نفسه مضطرًا لإسكات منتقديه، مشيرًا إلى أن خطوة دعوة رئيسها للمساءلة هي شكلية وفي عمقها غير ذات جدوى؛ لأن هذه الحكومة لم تتسلم السلطة بعد، وينطبق عليها القول بأنها «ولدت ميتة»؛ لأنها ضيعت فرصًا كثيرة للدخول إلى طرابلس، بدون إطلاق رصاصة واحدة.
وأشار إلى أن البرلمان سيمرر ما وصفه بـ«مسرحية المساءلة» فيما الحكومة ستكون كبش الفداء، في سبيل استمرارها في الوجود الذي بات باهتًا وليس له أي معني.
هل يمكن حل أزمة الحكومتين؟
وحول رؤيته لحل أزمة الحكومتين، قال المحلل الليبي إنه ليس هناك حكومتان؛ فحكومة الدبيبة منتهية الولاية تعدّ حكومة أمر واقع؛ فهي من تسيطر على القرار السيادي الليبي وتحظى بدعم دولي يجعلها هي من يدير الشأن الليبي في المحافل الدولية.
وتوقع المحلل الليبي، استمرار هذا الوضع على الأقل خلال الستة أشهر القادمة، مشيرًا إلى أنّ بريطانيا وأمريكا تعدّ مقترحًا لم ينضج بعد، بهدف الإبقاء على حالة الفوضى والدولة الفاشلة، عبر البحث عن سيناريوهات جديدة قد يستبعد فيها البرلمان والمجلس الأعلى للدولة من اللعبة، وخلق أجسامًا جديدة لتمرير لعبة الشرعية من جديد مع الاحتفاظ بأوراقها وإبعادها عن أي أيدٍ ليبية- ليبية.