بعد ضم أربع مناطق لروسيا.. بوتين يطلق العنان لحرب جديدة في أوكرانيا

الرئيس الروسي أعلن، ضم أربع مناطق أوكرانية بعد استفتاءات شجبتها كييف والغرب، نافيًا سعيه لإحياء الاتحاد السوفيتي.

بعد ضم أربع مناطق لروسيا.. بوتين يطلق العنان لحرب جديدة في أوكرانيا

ترجمات - السياق

رأت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، أن قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بضم أربع مناطق أوكرانية هي (دونيتسك ولوهانسك وزابوريجيا وخيرسون)، يطلق العنان لمرحلة جديدة من الحرب الدائرة منذ نحو سبعة أشهر.

وقالت في افتتاحيتها: "بعد ثماني سنوات من ضم روسيا لشبه جزيرة القرم، أعلنت السيادة على جزء أكبر من الأراضي الأوكرانية من خلال القوة العسكرية والأصوات الزائفة".

وأشارت إلى أن قرار الضم "يُحطم التسوية التي أجريت في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية"، لافتة إلى أنه بإعلانه أن أي هجوم على المناطق المضمومة سيعامل على أنه هجوم على روسيا نفسها، وأن موسكو ترى نفسها في حرب وجودية ضد الغرب، يأخذ بوتين الصراع إلى أخطر مراحله.

كان الرئيس الروسي أعلن، الجمعة، عن ضم أربع مناطق أوكرانية بعد "استفتاءات" شجبتها كييف والغرب، نافيًا سعيه لإحياء الاتحاد السوفيتي.

وفي كلمة ألقاها بالكرملين أمام المئات من كبار السياسيين الروس، قال بوتين إن بلاده ستدافع عن "أراضيها الجديدة" بكل الوسائل المتاحة لها، وهي تصريحات قد تشير إلى تصعيد في الصراع مع أوكرانيا.

وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قد تعهد بـ"رد قوي" على إجراءات الضم، ودعا حلف شمال الأطلسي (الناتو) لسرعة منح بلاده العضوية الكاملة، إلا أن رئيس الحلف، ينس ستولتنبرغ، رد قائلًا: "رغم حق أوكرانيا في طلب الضم للحلف، إلا أن الحلف يتجنب الدخول في حرب مع روسيا".

أوقات عصيبة

واعتبرت فايننشال تايمز أن أوروبا والعالم "ينتظرهم أوقاتًا عصيبة"، ذلك أنه -حسب الصحيفة-، إذا قرَّر الحلفاء الغربيين الوقوف في وجه "هذا الاستيلاء غير القانوني" على الأراضي الأوكرانية، فإنه من شأنه أن يرسي سابقة مدمرة أخرى، في إشارة إلى حرب مشتعلة بين الناتو وروسيا مباشرةً.

وأمام هذه المعضلة، أضافت الصحيفة: "يجب على الغرب صياغة إستراتيجيته بعناية فائقة"، مشددة على أن قادة أوروبا والناتو بحاجة إلى الحفاظ على ثباتهم الانفعالي، لعدم الانجرار إلى حرب مباشرة مع موسكو.

ورأت أن رد فعل بوتين على التقدم المذهل الذي حققته أوكرانيا مؤخرًا في شمال شرق خاركيف، جاء عبر التصعيد فقط، إذ اتخذ قرارًا خطرًا بالتعبئة العامة، كمحاولة لتعزيز القوات الروسية المحطمة وتجنب انهيار أوسع في أوكرانيا، وزاد على ذلك بقرار أكثر خطورة، وهو ضم أربع مناطق أوكرانية للسيادة الروسية، كمحاولة لإرضاء الغضب الشعبي الداخلي، دون النظر لما قد ينتج عنه دوليًا.

وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أنه بينما ألقى بوتين باللوم على "الأنغلو ساكسون"، بتخريب خط أنابيب "نورد ستريم" لنقل الغاز الروسي إلى ألمانيا، فإن التفسير الأكثر مصداقية هو أن روسيا ذاتها هي التي تقف وراء التخريب المزعوم.

ونقلت الصحيفة عن الأكاديمي في المعهد الملكي البريطاني للعلاقات الدولية، مدير برنامج "روسيا وأوراسيا" جيمس شير، قوله: إنهم يرسلون رسالة مفادها أن موسكو مستعدة لاستهداف البنية التحتية الغربية الحيوية، وأنه بالنسبة للكرملين، ليس هناك الآن أي "عودة" عن قرار الحرب.

وحسب الصحيفة، يحاول الرئيس الروسي تحقيق أكبر انتصار يمكن أن يحققه كتحقيق أهدافه الحربية في أوكرانيا، مشيرة إلى أنه بينما يخيف كييف والغرب من الهجمات المضادة والدخول في مفاوضات، صوّر مناهضو الغرب موسكو على أنها زعيمة "حركة مناهضة للاستعمار" تسعى جاهدة لتحطيم "الهيمنة" الأمريكية.

نووي بوتين

وبالانتقال إلى التهديد الروسي باستخدام السلاح النووي، شددت فايننشال تايمز، على ضرورة "أن تؤخذ قعقعة بوتين النووية على محمل الجد، لكن في ذات الوقت يجب على الغرب ألا يسمح لنفسه بالخوف أو التقاعس عن مواجهة هذه التهديدات وتقديم كل الدعم لأوكرانيا".

وأشارت إلى أنَّ حلفاء الناتو استجابوا بشكل جيد لمثل هذه التهديدات، من خلال المراقبة الدقيقة لأية مؤشرات على استعداد روسيا لاستخدام مثل هذه الأسلحة، فضلًا عن إبلاغ الكرملين بـ "العواقب الكارثية" إذا تم استخدامها.

وأضافت: "يجب أيضًا أن يسعوا لإقناع الصين والهند بتوضيح استيائهم من الموقف النووي لموسكو".

علاوة على ذلك -حسب الصحيفة- تحتاج الدول الغربية إلى الحفاظ على إستراتيجية دعم لأوكرانيا والضغط على روسيا والتي تهدف في نهاية المطاف إلى حرمان موسكو من القدرة على مواصلة حربها.

وتابعت: "يجب أيضًا عليهم تصعيد العقوبات للضغط على اقتصاد موسكو، وتطبيق التدابير الحالية بشكل أفضل وأقوى، مع تزويد كييف بالمزيد من الأسلحة التي تسعى إليها، بما في ذلك أنظمة الدفاع الجوي، وخصوصًا "هيمارس"، فضلًا عن الدعم المالي الذي لا يقل أهمية عن المساعدات العسكرية".

وبالفعل، زودت الولايات المتحدة، الجيش الأوكراني حتى اليوم بـ16 راجمة من طراز "هيمارس"، إذ إن هذه الراجمات المثبتة على مدرعات خفيفة أدت دورًا مهمًا في نجاح الهجوم المضاد الذي شنته قوات كييف مؤخرًا ضد القوات الروسية.

وشددت الصحيفة على أنه "يجب أن يواجه كل إجراء تتخذه روسيا لتخويف الحلفاء الغربيين تأثيرًا معاكسًا، ولكن بعيدًا عن الانتقام حتى لا تتفاقم الأمور أكثر بمواجهات عسكرية، ومن ذلك إزالة الحواجز القانونية لمصادرة مئات المليارات من الدولارات من الأصول الروسية المجمدة في الخارج".

وأشارت الصحيفة إلى أن تصرفات روسيا الأخيرة تعكس الضعف وليس القوة، لافتة إلى أن الانشقاقات بدأت بالفعل في الظهور بين جنرالات بوتين، فضلًا عن أن التعبئة الجزئية دفعت عشرات الآلاف من الرجال إلى الفرار، كما أن القيود على واردات التكنولوجيا الغربية تخنق ببطء اقتصاد موسكو وصناعة الأسلحة.

وخلصت الصحيفة إلى أنه "يجب على الدول الغربية أن تبذل قصارى جهدها لتوجيه رسالة إلى الشعب الروسي، حيث يتشكك المزيد منهم في الحرب، مفادها أن العقوبات تستهدف الكرملين، وليس المواطنين الروس"، مشددة على أنه لا يمكن لأوكرانيا والغرب قبول الشروط التي يحاول بوتين فرضها الآن، حتى لو كان هناك مزيد من قلب الطاولة واستعادة الأرض، وهي مهمة قد تكون أطول وأكثر صعوبة.