ليبيا بلا عمليات إرهابية لأول مرة.. آمال عريضة وتحذيرات من المربع الأول
قال المحلل السياسي الليبي كامل المرعاش، في تصريحات لـ السياق، إن الإرهاب والتنظيمات الإرهابية المتطرفة تم القضاء عليها بشكل كبير شرقي ووسط ليبيا، بفضل جهود الجيش الوطني الليبي، الذي وجَّه لها ضربات قاصمة وفكك أوصالها، وجعلها غير قادرة على شن هجمات منظمة ومخططة.

السياق
بينما تعاني ليبيا أزمة دامت 11 عامًا واجهت خلالها رياح المليشيات العاتية، وأدمى مواطنيها الانفلات الأمني وانتشار التنظيمات الإرهابية على أطرافها وفي مناطقها الجنوبية، ما زال البلد الإفريقي يبحث عن شاطئ للاستقرار ولتضميد جراحه.
إلا أن انقسام البلد الإفريقي بين حكومتين، إحداهما ترفع شعار الشرعية التي حصلت عليها من مجلس النواب الليبي، في وجه أخرى ترفع شعار الأمر الواقع، وترفض تسليم السلطة، يجعل خطر العودة إلى المربع الأول حاضرًا في أذهان الليبيين والمسؤولين.
خطر يعززه الواقع وتفاقمه السيناريوهات التي يضعها المراقبون للأزمة الليبية، إلا أن ثمة ضوء في نهاية النفق، يبشر بأمل مشروط لنهاية الأزمة الليبية، أو على الأقل وضعها على الطريق الصحيح لنهايتها.
ذلك الأمل، بدا واضحًا في ثنايا تقرير مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان، الذي قالت فيه إن ليبيا نجت لأول مرة في الربع الثالث من العام الجاري، من الهجمات الإرهابية، في حدث أرجعته إلى عوامل عدة، بينها جهود الجيش الليبي المستمرة في مكافحة الإرهاب.
وفي تقريرها السنوي المعنون بـ«مؤشر الإرهاب في المنطقة العربية» قالت المؤسسة غير الحكومية، التي تتخذ من العاصمة المصرية مقرًا لها، إنه للمرة الأولى منذ بداية 2022 لم تسجل ليبيا أي عملية إرهابية، بسبب جهود الجيش الليبي، التي أسفرت عن اعتقال وقتل خلايا وإرهابيين، بينهم منفذ مذبحة الأقباط المصريين مهدي دنقو الذي قُتل في سبتمبر 2022.
وبحسب التقرير، فإن التنسيق العسكري بين المؤسسات الأمنية شرقي وغربي ليبيا، خاصة بعد الاجتماع الذي عقدته اللجنة العسكرية الليبية المشتركة (5+5) في 19 يوليو الماضي، الذي رفعت فيه شعار لا للعنف والاقتتال الداخلي، كان أحد أسباب عدم تسجيل البلاد أية عملية إرهابية في الفترة التي غطاها.
إلا أن مؤسسة ماعت حذرت -في تقريرها- من أن استمرار حكومتين «متوازيتين، قد يدفع ليبيا إلى الإرهاب مجددًا، لاسيما في ظل تمركز ما يقدر بنحو 100 مسلح يتبع تنظيم داعش، في مساحات شاسعة بالمنطقة الجنوبية».
تقرير كشف عن نقاط إيجابية على طريق ليبيا الشائك، إلا أنه أثار مخاوف من إمكانية تجدد الضربات الإرهابية، خاصة أن رئيس حكومة الوحدة الوطنية منتهية الولاية عبدالحميد الدبيبة يرفض تسليم السلطة لخلفه.
ضربات قاصمة
إلى ذلك، قال المحلل السياسي الليبي كامل المرعاش، في تصريحات لـ«السياق»، إن الإرهاب والتنظيمات الإرهابية المتطرفة تم القضاء عليها بشكل كبير شرقي ووسط ليبيا، بفضل جهود الجيش الوطني الليبي، الذي وجَّه لها ضربات قاصمة وفكك أوصالها، وجعلها غير قادرة على شن هجمات منظمة ومخططة.
وأوضح المحلل السياسي الليبي، في تصريحات لـ«السياق»، أنه رغم ذلك، فإنه ما زال هناك بعض فلول التنظيمات الإرهابية جنوبي غرب ليبيا، بتواطؤ بعض الدول التي تستفيد من خدماتها، في استمرار حالة الفوضى بليبيا ومنعها من التوجه للاستقرار.
وحذر من وجود بعض التنظيمات الإرهابية في طرابلس ومصراتة والزاوية وقاعدة الوطية الجوية، الذين باتوا أداة في يد المخابرات التركية، بينما تحولت قواتها إلى مرتزقة لديها، مشيرًا إلى أن هؤلاء تستخدمهم أنقرة في إبقاء ليبيا تحت سيطرتها بتواطؤ مباشر من حكومة الدبيبة، وما تسمى دار الإفتاء التي يقودها الإرهابي الصادق الغرياني.
وأشار إلى أن الانقسام وفقدان ليبيا حكومة موحدة وذات سيادة، يساعدان التنظيمات الإرهابية، خاصة عندما تكون قوى إقليمية ترعى هذه التنظيمات، وتسيطر في الوقت نفسه على الحكومة التابعة لها في طرابلس، في إشارة إلى تركيا.
وشدد على ضرورة التركيز على من يقدم الدعم اللوجستي لهذه التنظيمات الإرهابية، ويجعل منها حليفًا ضد الجيش الليبي، الذي يبقى بلا منازع الخصم الأول للتنظيمات المتطرفة والإرهابية في ليبيا، بعد أن فكك أوصالها شرقي ووسط البلاد.
دور اللجنة العسكرية
وعن دور اللجنة العسكرية، قال المحلل الليبي إن (5+5) لها دور كبير في إعداد الخطط والمقترحات لإدماج المليشيات وتوحيد المؤسسة العسكرية في البلاد، وهو مفتاح إعادة الاستقرار إلى ليبيا، والقضاء على التنظيمات الإرهابية، إلا أنه عبَّـر عن أسفه من دور حكومة الدبيبة، الذي عرقل مهام هذه اللجنة.
أما عن التنظيمات الإرهابية على الأراضي الليبية، فقال المحلل الليبي، إن "القاعدة" أكثر تنظيم تعرض لضربات قاصمة شرقي ليبيا وفي مدينة سرت، وبات ضعيفًا، بعد أن انضم معظم مسلحيه إلى «داعش» لحماية أنفسهم.
من جانبه، قال المحلل السياسي الليبي العربي الورفلي، إن أغلبية المناطق اللييية تشهد استقرارًا أمنيًا بفضل جهود الجيش اللييي، مشيرًا إلى أن الإرهاب أو التنظيمات الإرهابية كانت تنطلق من مدن معروفة: بنغازي ودرنة وسرت، إلا أنها تحت سيطرة القوات المسلحة، الأمر الذي أدى إلى استقرار أمني فيها.
خلايا نائمة
إلا أنه حذر من خلايا نائمة ببعض المدن في الغرب اللييي، تتحين الفرصة للقيام بأعمال إرهابية، مشيرًا إلى أن هناك متطرفين وداعمين للإرهاب على رأس الدولة مثلًا دار الإفتاء اللييية وبعض الوزارات التي يحمل بعضها فكر تنظيم القاعدة.
وأوضح المحلل الليبي في تصريحات لـ«السياق»، أن الانقسام الحكومي الذي أصبح واقعًا، قد يدفع لوقوع عمليات إرهابية، خاصة في مناطق الغرب اللييي، التي تعج بالإرهابيين الذين فروا أثناء حرب الجيش على الإرهاب.
ورغم ذلك، فإنه قال إن حدوث عمليات إرهابية في المناطق التي تحت سيطرة الجيش الليبي مستبعد، لأن القوات المسلحة تملك السيطرة الأمنية على تلك المناطق.