المال يتحكم.. ماذا وراء تعيين مصطفى طلبة قائمًا بأعمال مرشد الإخوان؟

يرى مراقبون أن إعلان تشكيل لجنة للقيام بأعمال المرشد، بقيادة مصطفى طلبة، بمثابة إعلان رسمي لنهاية التنظيم، الذي يشهد لأول مرة في تاريخه قيادتين رسميتين، لكل منهما متحدث رسمي ومكتب شورى، أحدهما في إسطنبول والآخر في لندن.

المال يتحكم.. ماذا وراء تعيين مصطفى طلبة قائمًا بأعمال مرشد الإخوان؟

السياق

حالة من التخبط، مازالت تعيشها جماعة الإخوان الإرهابية، بعدما أعلنت جبهة إسطنبول بقيادة محمود حسين، تشكيل لجنة للقيام بأعمال المرشد، يتولى أعمالها القيادي مصطفى طلبة لمدة 6 أشهر.

ومصطفى طلبة، طبيب بشري حاصل على الجنسية البريطانية، وسبق أن شغل منصب نائب رئيس مجلس شورى الإخوان بتركيا، كما عمل مسؤولًا للاتصال بين الجماعة وأجهزة مخابرات دول أجنبية، وهو مدرج على قوائم الإرهاب في القضية رقم 784 لسنة 2021 حصر أمن دولة عليا.

وبحسب مراقبين، يمتلك مصطفى طلبة وشقيقه علي طلبة، نحو 80% من تجارة التجزئة في الاتصالات والإلكترونيات والحاسبات بالقاهرة.

 كما يمتلك استثمارات عدة في بريطانيا وتركيا، ويعد أحد أعمدة التنظيم في الخارج، الأمر الذي جعله رهانًا رابحًا بالنسبة للقيادي محمود حسين، الذي صدَّره في مواجهة القيادي إبراهيم منير.

 

جبهة ثالثة

كانت "السياق" قد انفردت بالكشف عن تحركات حسين لإطاحة منير، وكشفت مصادر مقرَّبة من التنظيم الإرهابي في تركيا، أن "القيادة التاريخية" برئاسة الأمين العام السابق محمود حسين (73 عامًا) في تركيا، اتخذت خطوة أخرى لإطاحة جبهة إبراهيم منير (86 عامًا) في بريطانيا، والقائم بأعمال المرشد العام للتنظيم، عبر نقل الصراع إلى العاصمة المصرية القاهرة.

مصادر قريبة الصلة من المكتب الإداري لـ"الإخوان" في أنقرة، رفضت كشف هويتها، كانت قد أكدت لـ"السياق" أن محمود حسين يحاول نقل الصراع إلى القاهرة، إذ إن أعضاء مجلس الشورى في مصر الـ 37، داعمون لموقف حسين.

وكشفت المصادر أن محمود حسين تواصل مع أعضاء مجلس الشورى (معظمهم في السجون المصرية)، وزعم أنه لا يرغب في منصب القائم بأعمال المرشد، وأن مَنْ يتولى هذا المنصب، يجب أن يكون داخل مصر بحسب اللائحة، وبذلك تجب إطاحة إبراهيم منير.

نهاية قريبة

ويرى مراقبون أن إعلان تشكيل لجنة للقيام بأعمال المرشد، بقيادة مصطفى طلبة، بمثابة إعلان رسمي لنهاية التنظيم، الذي يشهد لأول مرة في تاريخه قيادتين رسميتين، لكل منهما متحدث رسمي ومكتب شورى، أحدهما في إسطنبول والآخر في لندن.

عمرو عبدالمنعم، الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، يرى أن اختيار طلبة للمنصب، يرجع إلى حاجة محمود حسين، لقناع في مواجهة إبراهيم منير، لصعوبة أن يقود بنفسه الصراع، خاصة بعد أن حمَّلته القواعد الداخلية للتنظيم مسؤولية الانقسام.

ويرى عبدالمنعم، أن اختيار مصطفى طلبة، يضمن لجبهة محمود حسين بإسطنبول، أن يكون القائم بأعمال المرشد خلال المرحلة المقبلة من رجال الحرس القديم، التي تعرف بـ "مجموعة القطبيين".

حالة التخبط والانقسام، التي تعصف بالجماعة الإرهابية، يراها مراقبون أزمة حقيقية قد تعصف بالتنظيم، الذي انشطر لأول مرة في تاريخه إلى ثلاث جبهات ترأسها قيادات تاريخية، حتى وإن كانت إحداها يسيطر عليها القيادي محمود حسين.

ويبقى الصراع الحالي، الأول من نوعه في تاريخ الجماعة، التي كانت تسير منذ تأسيسها وفق لائحة داخلية، تعدها السر الأكبر لبقاء التنظيم، بينما يتوقع المراقبون استمراره نحو سنة أو أكثر.

تمهيدا لحظرها.. أوروبا تضرب شبكات تمويل الإخوان

جثث الأنصار

ماهر فرغلي، الباحث في شؤون جماعات الإسلام السياسي، يقول لـ"السياق" إن ما يمر به التنظيم أزمة حقيقية وانقسامات حادة عاناها التنظيم، بسبب المصالح الخاصة وليس مصلحة الدعوة، كما يدَّعون.

ولفت فرغلي، إلى أن دعم محمود حسين لمصطفى طلبة، يأتي في إطار ما يؤمن به ببقاء التنظيم، حتى لو كان على جثث أنصاره في السجون.

الصراع الذي وصل مرحلة "تكسير العظام" بين جبهتي إسطنبول ولندن، خاصة بعد رفض جبهة لندن بقيادة إبراهيم منير، الاعتراف بإعلان تشكيل لجنة أخرى للقيام بأعمال المرشد، لحين إجراء انتخابات بعد 6 أشهر بحسب قرار مجلس شورى التنظيم.

ونفى أسامة سليمان، المتحدث باسم جبهة منير، في بيان رسمي، الاعتراف بانعقاد مجلس الشورى العام، ولا بأي قرارات صادرة عنه، مؤكدًا أن منير هو القائم بالأعمال.

ووصل الصراع داخل جماعة الإخوان ذروته، بعد قرار إبراهيم منير بعزل محمود حسين ومجموعته من مناصبهم، بينما رد عليه حسين بقرار بتحويل منير وجبهته إلى التحقيق بتهم فساد مالي، وذلك يدخل الصراع مرحلة تكسير العظام، في محاولة كل من الطرفين استغلال نفوذه داخل الجماعة، للخلاص من الآخر.

الصراع لن يحسمه طرف في الأجل المنظور، يقول أحمد بان، الخبير في شؤون الجماعات الإرهابية لـ"السياق"مشيرًا إلى أن الانقسام الحالي سيظل قائمًا، حتى تحسم قيادات السجون أمرها، بدعم طرف على حساب الآخر.