استعدادًا لأوكرانيا.. الجيش الروسي المتجدد تعلم من إخفاقات الماضي
روسيا لديها جيش قوامه نحو 900 ألف، بمن في ذلك 280 ألف جندي بري، كما أنها على مدى العقد الماضي، أضافت طائرات جديدة، وحدثت دباباتها، وبالمقابل، فإن أوكرانيا لديها قوة نشطة قوامها 261 ألفًا، منهم 145 ألفًا في الجيش، إضافة إلى 900 ألف جندي احتياطي آخر.

ترجمات-السياق
سلَّطت صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية، الضوء على التغييرات التي أجراها الجيش الروسي، مشيرة إلى أن حملة الإصلاح الشامل للمعدات والاستراتيجيات والأفراد، أدت إلى تغيير الوحدات القتالية على حدود أوكرانيا.
وقالت "فاينانشيال تايمز، في تقرير: قادة المؤسسة العسكرية الروسية يبدو أنهم تعلموا من إخفاقات الماضي، مشيرة إلى أنه قبل ثلاثة أسابيع، انتشرت قوات المظلات الروسية بقيادة العقيد أندري سيرديوكوف على مسافة 4 آلاف كيلومتر من موسكو إلى كازاخستان بناءً على دعوة من حكومتها للمساعدة في قمع الاحتجاجات الجماهيرية هناك، وأنهم أنجزوا مهمة حفظ السلام الخاصة بهم في 10 أيام فقط وغادروا.
غزو شامل
وأشارت "فاينانشيال تايمز" إلى أنه مقارنة بالعملية المحدودة والسريعة في كازاخستان، فإن المجتمع الدولي يحذر من أن روسيا تبدو كأنها تستعد لعملية مختلفة، تتمثل في غزو شامل لأوكرانيا.
وتنفي موسكو أنها تخطط للغزو، لكن المعلومات الاستخباراتية تظهر أنها تواصل حشد القوات على الحدود بين البلدين، وقالت إنه في حال أمر الرئيس فلاديمير بوتين بشن هجوم، من المرجَّح أن يلعب سيرديوكوف (قائد قوات المظلات الروسية)، البالغ من العمر 62 عاماً، دوراً رائداً.
ونقلت "فاينانشيال تايمز"عن الخبير في شؤون الجيش الروسي في منظمة الأبحاث الأمريكية "CNA"، مايكل كوفمان، قوله: "قوات المظلات عادة ما تكون رأس الرمح، وقد قاتلت على نطاق واسع في أوكرانيا عامي 2014 و2015، وسنرى عدداً منها في أي غزو جديد".
ووفقاً للصحيفة، فإن مسيرة سيرديوكوف المهنية، التي شملت عمليات انتشار في الشيشان وشبه جزيرة القرم، توضح كيف تطور الجيش الروسي في عهد بوتين، حيث أصبح الجيش، إلى جانب الترسانة النووية للبلاد، أداة مركزية لسياسة الرئيس الخارجية.
قوة منظمة
وقالت "فاينانشيال تايمز": "قبل عقدين من الزمان، كان الجيش الروسي قوات ثقيلة وسيئة التجهيز من الحقبة السوفييتية، من المجندين الذين يتقاضون رواتب زهيدة، وتسببوا في خسائر فادحة خلال القمع الوحشي للتمرد في الشيشان، لكنه الآن -كما يقول المحللون- أصبح قوة منظمة قادرة على عمليات حفظ السلام في كازاخستان، وإجراء التدخلات خارج مسرح العمليات كما في سوريا عام 2015، والقيام بمهمات مثل تلك التي حدثت في ضم شبه جزيرة القرم عام 2014".
وتقول أستاذة الأمن الدولي في جامعة نوتنجهام، بيتينا رينز: "قد يكون الجيش الأوكراني أفضل مما كان عليه عام 2014، لكن القوات الروسية لا تزال أقوى بكثير، كما أنه تم تحديثها، فموسكو لديها المزيد من القدرات التي تأتي معها المزيد من الخيارات".
نقطة التحول
ورأت "فاينانشيال تايمز" أن نقطة التحول كانت عام 2008 عندما أخطأت القوات الروسية في حربها مع جورجيا، إذ استمر التدخل خمسة أيام فقط، ومع ذلك فُقِد العديد من الطائرات بنيران صديقة، وكانت الاتصالات الميدانية سيئة للغاية، لدرجة أن القادة اضطروا إلى استخدام هواتفهم المحمولة، كما لم تتمكن طائرات الاستطلاع من دون طيار من نقل الصور إلا بعد الهبوط، وليس في الوقت الحقيقي.
وأضافت: "لقد أعقبت هذه الحرب عملية تجديد ضخمة، وتمت زيادة الأجور وتحديث المعدات وتنويع استراتيجيات القتال، واستبدال المجندين المحترفين بغير المدربين بشكل جيد.
كانت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) قد حذرت الأسبوع الماضي، من أن روسيا نشرت ما يكفي من القوات والمعدات، لغزو أوكرانيا في أي لحظة ولديها "مجموعة من الخيارات"، بما في ذلك الهجوم الذي يهدف إلى احتلال البلاد.
ويقدر المحللون أنه وُضعت 52 قاذفة صواريخ إسكندر الباليستية بالقرب من الحدود الأوكرانية، إضافة إلى 76 كتيبة تكتيكية جاهزة للمعركة، يبلغ عدد أفرادها 800 جندي، أي أكثر من ضعف العدد المعتاد، وفقاً للصحيفة.
مقارنة عسكرية
وذكرت فايننشال تايمز، أن روسيا لديها جيش قوامه نحو 900 ألف، بمن في ذلك 280 ألف جندي بري، كما أنها على مدى العقد الماضي، أضافت طائرات جديدة، وحدثت دباباتها.
وفي المقابل، فإن أوكرانيا لديها قوة نشطة قوامها 261 ألفًا، منهم 145 ألفًا في الجيش، إضافة إلى 900 ألف جندي احتياطي آخر، ورغم اشتداد قوتها بسبب الصراع المستمر منذ 8 سنوات في دونباس، حيث يقاتل الانفصاليون للانفصال عن كييف، فإن الأوكرانيين يفتقرون إلى أنظمة دفاع جوي شاملة، لا يزال معظمها في شبه جزيرة القرم، التي تقع في أيدي روسيا.
ويقول المحللون إن ثمار الإصلاحات في الجيش الروسي، اتضحت جلياً أثناء ضم شبه جزيرة القرم، وهو ما تأكد العام التالي في سوريا، التي كانت مكان اختبار للضربات الصاروخية الدقيقة والمركبات غير المأهولة، كأرض تدريب لأكثر من 60 ألف فرد، بمن في ذلك الضباط.
وأوضحت "فاينانشيال تايمز" أن الإصلاحات لم تكن تتوافق مع الطموحات، إذ أدى نقص الموظفين المهرة والمعدات عالية التقنية، خاصة الرقائق المتقدمة، إلى تأخير تسليم معدات الجيل التالي.
ومع ذلك، يقول الخبراء العسكريون إن القوات الروسية الحديثة قادرة على استخدام القوة الشديدة، إذ يقول محلل العلوم العسكرية في "Royal United Services Institute"، صاموئيل كراني إيفانز: "صحيح أن الصواريخ الروسية قد لا تكون دقيقة بما يكفي لاستهداف نافذة معينة في أحد المباني، كما تستطيع الولايات المتحدة وحلفاؤها، لكنها ما زالت دقيقة بما يكفي لتفجير المبنى".