جماعة أحرار الشرقية... أحد أذرع أردوغان في سوريا
على مدى عقد من الزمان، غضت الحكومة التركية، بقيادة رجب طيب أردوغان ، الطرف عن استغلال الجماعات الإرهابية لحدود تركيا، المليئة بالثغرات مع سوريا.

ترجمات - السياق
يومًا بعد يوم، تتكشَّف ألاعيب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في ما يخص علاقته وتمويله للحركات الإرهابية في دول عدة، خصوصًا سوريا، فقد أدرجت وزارة الخزانة الأمريكية، جماعة أحرار الشرقية المتشدِّدة في سوريا، الأسبوع الماضي، ضمن قوائم الإرهاب، مستهدفة وكيلًا تركيًا لأول مرة منذ بدء الحرب في سوريا.
وقالت مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات -مؤسسة أميركية فِكرية تركِّز على الأمن القومي والسياسة الخارجية- في تقرير: إن هذا التصنيف يعكس استعدادًا جديدًا، لمعالجة انتهاكات حقوق الإنسان، التي يرتكبها وكلاء أنقرة، إضافة إلى القلق المستمر من تعاطف أنقرة الصريح مع المتطرفين الدينيين، وموقفها المتساهل من تمويل الإرهاب، على الأراضي السورية.
وذكرت المؤسسة -في تقرير- أن هذا التصنيف يمثِّل أحرار الشرقية للمرة السادسة، في أقل من ثلاث سنوات، التي استهدفت فيها وزارة الخزانة، الإرهابيين المتمركزين في تركيا أو المرتبطين بها.
وفي اليوم نفسه، فرضت الوزارة أيضًا عقوبات على السوري حسن الشعبان، الذي حدَّدته وزارة الخزانة على أنه "الوسيط المالي للقاعدة ومقره تركيا". كما استهدفت العقوبات الأمريكية، شبكات مالية غير مشروعة، مرتبطة بتنظيم داعش، وحركة حماس، والحرس الثوري الإيراني، وحركة سواعد مصر المصرية.
من هو حسن الشعبان؟
الشعبان، سوري، مواليد 1987 يقيم في مدينة غازي عنتاب جنوبي تركيا، وعمل في منبج بسوريا.
تعود أصوله -بحسب وزارة الخزانة الأميركية- إلى دير الزور، موضحة أنه يمتلك مكتب تحويل أموال، في مدينة غازي عنتاب جنوبي تركيا، في منطقة تسمى "أبو شروال"، مشيرة في بيان، إلى أنه يعمل كوسيط مالي، لصالح تنظيم القاعدة.
ويرسل الشعبان الأموال، لدعم الجهود العسكرية لتنظيم القاعدة، وما يسمون المجاهدين الذين يقاتلون في سوريا، بحسب البيان.
ولفت البيان، إلى أن "أعضاء تنظيم القاعدة استخدموا حسابات مصرفية مرتبطة بالشعبان، لتنسيق حركة الأموال من الشركاء، عبر شمال إفريقيا وأوروبا الغربية وأميركا الشمالية، كما استخدموا الشعبان لتنسيق تحويل الأموال إلى تركيا".
مراكز لوجستية
في يناير الماضي، أفاد مكتب المفتش العام بوزارة الخزانة الأمريكية، بأن (داعش) يعتمد غالبًا على "مراكز لوجستية في تركيا" لتحويل الأموال دوليًا، خاصة بين العراق وسوريا.
ووفقًا للمفتش العام، يمتلك داعش "100 مليون دولار من الاحتياطات النقدية المنتشرة في جميع أنحاء المنطقة".
على مدى عقد من الزمان، غضت الحكومة الإخوانية في أنقرة، بقيادة رجب طيب أردوغان ، الطرف عن استغلال الجماعات الإرهابية لحدود تركيا، المليئة بالثغرات مع سوريا.
وعن ذلك تقول مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات: إن تركيا هي أيضًا الراعي الرئيس للجيش الوطني السوري، الذي يضم مجموعة من الجماعات المسلَّحة، بمن في ذلك العديد من الجهاديين المعارضين لنظام دمشق، إذ تُعرف (أحرار الشرقية) أيضًا باسم اللواء 123 من الجيش الوطني.
تأسست حركة أحرار الشرقية عام 2016، ويبدو أنها اجتذبت العديد من أعضائها، من جماعة أحرار الشام المتشدِّدة، ووفقًا لوزارة الخزانة، دمجت (أحرار الشرقية) أيضًا أعضاء من داعش، رغم أن الحركة عبَّـرت علنًا عن عدائها لتنظيم الدولة.
جرائم وتعذيب
لفتت (أحرار الشرقية) الانتباه منذ عام 2019 لدورها في فظائع بارزة. من بينها مقتل السياسية الكردية السورية هفرين خلف، خلال عملية أنقرة العسكرية عبر الحدود في أكتوبر 2019، التي استهدفت شركاء أكراد سوريين لواشنطن، في التحالف المناهض لتنظيم داعش.
ويشير تحقيق -أجرته هيئة الإذاعة البريطانية- إلى أن قوات (أحرار الشرقية) ألقت القبض على هفرين خلف حية، ثم تعرَّضت للضرب والتعذيب قبل أن تعدمها.
وبحسب وزارة الخزانة، فإن "أحرار الشرقية" ارتكبت العديد من الجرائم ضد المدنيين، لا سيما الأكراد السوريين، بما في ذلك القتل غير المشروع والاختطاف والتعذيب، والاستيلاء على الممتلكات الخاصة.
كما قامت المجموعة "ببناء والتحكم في مجمع سجون كبير خارج مدينة حلب، حيث تم إعدام المئات منذ عام 2018".
وارتكبت كتائب أخرى، في الجيش الوطني السوري أيضًا، انتهاكات مماثلة، ففي العام الماضي، أفادت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في سوريا، بأن وحدات الجيش الوطني السوري "أرغمت السكان، ومعظمهم من أصل كردي، على الفرار من منازلهم، من خلال التهديدات والابتزاز والقتل والاختطاف والتعذيب والاحتجاز".
التشدُّد ضد أردوغان
وأكدت مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، أن هذا التصنيف للوكيل التركي، يعكس موقف إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، الأكثر حزماً، تجاه سوء تصرُّف أنقرة في سوريا.
وذكرت أمبرين زمان، كاتبة عمود في موقع المونيتور الأمريكي، أن "المقاومة الشرسة، من المسؤولين في إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب" أخَّرت تصنيف أحرار الشرقية على قوائم الإرهاب، إلى ما بعد مغادرة ترامب منصبه في يناير الماضي، بحجة أن إجراءً كهذا، من شأنه أن يؤدي إلى توتر العلاقات مع حليفها في الناتو تركيا، مؤكدةً أن أنصار تركيا داخل إدارة ترامب يزعمون أن فصيل أحرار الشرقية كان ضحيةً لحملات تضليل، وحتى مع تقديم أدلة تثبت إدانة الفصيل بالإرهاب، فإن هؤلاء يتحجَّجون دائمًا بأن توقيت إصدار هذه العقوبات، لم يكن صحيحاً، لأن الإدارة لديها أولويات أخرى.
وأشار تقرير الاتجار بالبشر لعام 2021، الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية الشهر الماضي، أيضًا إلى استعداد أكبر لمواجهة أردوغان، بشأن حقوق الإنسان.
كما اتهم التقرير أنقرة بتقديم "دعم ملموس" لفرقة السلطان مراد، التابعة للجيش الوطني السوري (الفرقة 24) المتورِّطة في التجنيد غير القانوني للأطفال.
وتُعَدُّ هذه "الفرقة" ذراع تركيا المسلَّحة في مناطق سيطرتها بشمال غربي سوريا وشرقها، وتتخذ الفرقة قرارات ما يسمى "الجيش الوطني"، رغم وجود آلاف السوريين غير التركمان في صفوفه.
وأكدت مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، أن جماعات المعارضة المسلَّحة -المدعومة من تركيا- ارتكبت عددًا كبيرًا من جرائم الحرب في سوريا.
وبناءً على ذلك، طالبت المؤسسة الولايات المتحدة، بأن تنظر أيضًا في فرض عقوبات على فرقة السلطان مراد، وكذلك على لواء سليمان شاه (الفرقة 14، اللواء 142) من الجيش الوطني، التي أكدت الأمم المتحدة أنهم مرتكبو جرائم حرب.
وبالنظر إلى اعتماد الجيش الوطني السوري، على الدعم التركي، يجب على وزارة الخزانة الأمريكية أيضًا، تقييم ما إذا كانت المسؤولية النهائية، عن مثل هذه الانتهاكات، تقع على أنقرة، حسب المؤسسة.