روسيا تلوِّح بتدريبات الردع... هل انطلقت شرارة الحرب النووية؟

موسكو وكييف على خط النار... تدريبات الردع وأشرس المعارك تنذر بحرب نووية

روسيا تلوِّح بتدريبات الردع... هل انطلقت شرارة الحرب النووية؟

السياق

مع مرور قرابة تسعة أشهر على الأزمة الأوكرانية، التي لم تضع أوزارها، باتت السيناريوهات التصعيدية طريق البلدين لتحقيق «انتصار» في الحرب، قبل غيوم الشتاء.

فما بات بالأمس مستحيل التفكير فيه، أصبح الآن على طاولة المناقشات، خاصة بعد زعم روسيا نية أوكرانيا استخدام القنبلة القذرة في حربها مع موسكو، بينما اتجهت الأخيرة إلى تدريبات قوات الردع الاستراتيجية، المسؤولة عن الرد على التهديدات، بما في ذلك حال نشوب حرب نووية.

 

فما جديد الأزمة الأوكرانية؟

في رد فعل مفاجئ، أعلن الكرملين، الأربعاء، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حضر تدريبات قوات الردع الاستراتيجي البرية والبحرية والجوية، مشيرًا إلى أنها شهدت إطلاقًا عمليًا للصواريخ البالستية وصواريخ عابرة.

الكرملين أضاف، في بيانه، أن التدريبات شهدت بشكل خاص إطلاق صاروخ بالستي على شبه جزيرة كامتشاتكا، أقصى الشرق الروسي، وآخر من مياه بحر بارنتس في القطب الشمالي، إضافة إلى أنها تضمنت طائرات بعيدة المدى من طراز تي يو95.

وبينما قال الكرملين إن المهام التي تم تحديدها نفذت خلال تدريب الردع الاستراتيجي، وأصابت الصواريخ أهدافها، قالت وكالة رويترز إن القوات الاستراتيجية الروسية سترد على التهديدات، بما في ذلك عند نشوب حرب نووية.

وأكدت الوكالة أن تلك القوات مجهزة بصواريخ عابرة للقارات وقاذفات استراتيجية بعيدة المدى وغواصات وسفن وطيران بحري، مشيرة إلى أن هذه التدريبات تأتي في خضم الهجوم الروسي على أوكرانيا والأزمة مع الغرب، وتنفيذًا لتهديدات المسؤولين الروس باستخدام الأسلحة النووية، حال تهديد وجودي يستهدف روسيا.

يأتي ذلك، بينما أخطرت روسيا الولايات المتحدة بأن مناوراتها النووية السنوية بدأت، وأنها ستتضمن إطلاق صواريخ قادرة على حمل أسلحة نووية بدءًا من الأربعاء، وفقًا لمسؤولين أمريكيين.

ووصف المسؤولون الأمريكيون المناورة السنوية بأنها «روتينية» في هذا الوقت من العام، لكنها مع ذلك تعد رسالة في الاتجاه المعاكس بالنسبة للتصريحات الروسية المتزايدة بشأن استخدام الأسلحة النووية في أوكرانيا.

كان مسؤول عسكري كبير قد قال إن التدريبات النووية الروسية «جروم أو الرعد تتضمن عادة مناورات واسعة النطاق للقوات النووية الاستراتيجية، بما في ذلك إطلاق صواريخ حية»، بينما توقع المسؤولون أن يستمر التمرين السنوي أسابيع.

وبحسب «فرانس 24»، فإن التلفزيون الرسمي أظهر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وهو يشرف على التدريبات من غرفة تحكم.

وقال السكرتير الصحفي لـ«البنتاغون» الجنرال باتريك رايدر: «إن روسيا تمتثل لالتزاماتها المتعلقة بالحد من التسلح والتزامات الشفافية لتقديم تلك الإخطارات».

 

تدريبات "الناتو"

تتزامن التدريبات الروسية مع التدريبات النووية لحلف شمال الأطلسي «ستيد فاست نون» المخطط لها منذ مدة طويلة، بينما تجرى مناورات "الناتو" هذا العام، التي تستضيفها بلجيكا، من 17 إلى 30 أكتوبر الجاري وتضم 14 دولة.

وتشارك قاذفات القنابل بعيدة المدى من طراز B-52 الأمريكية، من قاعدة مينوت الجوية في داكوتا الشمالية، بينما يشمل التمرين طائرات مقاتلة من الجيلين الرابع والخامس، لكن لن يتم استخدام أسلحة حية.

وقال الأمين العام لحلف الناتو، ينس ستولتنبرغ، للصحفيين، إن مناورة "الناتو" تهدف إلى ضمان بقاء قدرات الردع النووي لحلف الناتو «آمنة ومأمونة وفعالة».

وقال ستولتنبرغ إن الناتو «سيراقب التدريبات الروسية وسيبقى يقظًا على الأقل في ضوء التهديدات النووية المستترة والخطاب النووي الخطير الذي رأيناه من الجانب الروسي».

 

لا نووي

ورغم التدريبات الروسية، فإن موسكو أعادت تأكيد أنها لا تخطط لاستخدام الأسلحة النووية في أوكرانيا، بحسب السفير الروسي في الولايات المتحدة أناتولي أنتونوف، الذي أكد أنه لم يذكر -بأي حال من الأحوال- ولم يذكر أي من القادة السياسيين الروس أو ممثلي الجيش، إمكانية اللجوء إلى أسلحة الدمار الشامل.

وقال السفير الروسي لدى الولايات المتحدة أناتولي أنتونوف، في تصريحات نقلتها "نيوزويك"، إن روسيا لم تخطط ولن تستخدم أسلحة نووية في أوكرانيا.

وأضاف أنتونوف: «قلنا مرارًا وتكرارًا إن روسيا لم تنوِ ولن تستخدم أسلحة نووية في أوكرانيا. لم يشر أي من قادتنا السياسيين أو ممثلينا العسكريين في أي ظرف من الظروف ولم يذكر مطلقًا إمكانية اللجوء إلى أسلحة الدمار الشامل».

 

أشرس المعارك

تلك التطورات تأتي بينما تستعد أوكرانيا وروسيا لخوض «أشرس المعارك» في إقليم خيرسون الجنوبي الاستراتيجي، الذي تسيطر موسكو على جزء منه، بحسب مسؤول أوكراني قال إن الجيش الروسي يستعد لمواجهة القوات الأوكرانية المتقدمة.

وتقول «رويترز»، إن مدينة خيرسون، عاصمة الإقليم التي تحمل اسمه، والتي كان يسكنها قبل الحرب نحو 280 ألف نسمة، أكبر مركز حضري لا تزال روسيا تحتفظ به منذ الاستيلاء عليه قبل ثمانية أشهر.

من جانبه، قال أوليكسي أريستوفيتش مستشار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي، في مقطع مصور نشرته «سي إن إن» الأمريكية: «كل شيء واضح في ما يتعلق بخيرسون»، مشيرًا إلى أن الروس يعززون صفوفهم هناك (...) هذا يعني أنه لا أحد يستعد للانسحاب. على العكس من ذلك، فإن خيرسون ستشهد أشرس المعارك».

وتقول «رويترز»، إن إقليم خيرسون الأكثر أهمية من الناحية الاستراتيجية بين الأقاليم الأربعة التي أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ضمها، مشيرة إلى أنه يتحكم في كل من الطريق البري الوحيد إلى شبه جزيرة القرم الذي استولت عليه روسيا عام 2014 ومصب نهر دنيبرو الشاسع الذي يشطر أوكرانيا.

يأتي ذلك، بينما كرر وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو –الأربعاء- اتهامات بأن أوكرانيا تخطط لاستفزاز باستخدام «قنبلة قذرة»، بحسب وزارة الدفاع الروسية.

وقال شويغو، في لقاء هاتفي مع نظيره الصيني وي فينغه، إن النقاش تطرق إلى الوضع في أوكرانيا، مشيرًا إلى أنه عبر عن قلقه بشأن استفزازات محتملة من أوكرانيا باستخدام قنبلة قذرة.

و«القنبلة القذرة» هي قنبلة تقليدية محاطة بمواد مشعّة أو بيولوجية أو كيميائية معدّة لنشرها على شكل غبار عند وقوع الانفجار.

واتهم شويغو أوكرانيا بالتخطيط لاستخدام «قنبلة قذرة» خلال اتصالات بالعديد من نظرائه في دول حلف شمال الأطلسي، بينما تنفي كييف تلك الاتهامات وتعدها «أكاذيب خطيرة».

 

خطر حالي

من جانبه، قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، إن روسيا لديها معلومات تظهر الخطر الحالي المتمثل بـ«تحضير أوكرانيا لهذا العمل التخريبي»، مضيفًا: «سنواصل بعزم عرض وجهة نظرنا أمام المجتمع الدولي لتشجيعهم على اتخاذ خطوات فعالة لمنع مثل هذا السلوك غير المسؤول».

وفي خطوة لتأكيد سيطرته على المناطق الأربع، التي أجرى استفتاءً عليها الشهر الماضي، أعلن الكرملين –الأربعاء- أن الأصول في المناطق الأوكرانية الأربع قد يتم تحويلها في المستقبل إلى شركات روسية.

وقال دميتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين إنه من الطبيعي عدم ترك «الأصول التي تم التنازل عنها» معطلة، مضيفًا أن الحكومة ستتعامل مع هذه المشكلة.

 

السوق السوداء

يأتي ذلك، بينما حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الأربعاء، من مخاطر بيع الأسلحة في السوق السوداء بأوكرانيا، بما في ذلك الأسلحة القوية.

وقال الرئيس الروسي، لرؤساء الوفود في الاجتماع الـ 51 لرابطة الدول المستقلة: «إن السوق السوداء للأسلحة التي تعمل في أوكرانيا تشكل تحديات خطيرة»، مشيرًا إلى أن «الجماعات الإجرامية العابرة للحدود تشارك بنشاط في تهريبها إلى مناطق أخرى».

وأكد بوتين: «نحن لا نتحدث فقط عن الأسلحة الصغيرة (...) لا تزال هناك مخاطر تتمثل في أن الأسلحة الأكثر قوة قد تقع في أيدي المجرمين، بما في ذلك أنظمة الصواريخ المحمولة المضادة للطائرات والأسلحة عالية الدقة».