النمسا توجِّه ضربة موجعة للإخوان.. تحرك برلماني ضد أحد أذرعه

تحرك خمسة نواب بالبرلمان النمساوي، أبرزهم النائب هانس أمبساور، للضغط من أجل اتخاذ إجراءات قوية ضد منظمة رابطة الثقافة، ذراع الإخوان الأساسية في الأراضي النمساوية، عبر تقديمهم طلب إحاطة إلى سوزان راب وزيرة الاندماج النمساوية

النمسا توجِّه ضربة موجعة للإخوان.. تحرك برلماني ضد أحد أذرعه

السياق

خلال الأسبوعين الماضيين، تسارعت خطى مسار مكافحة جماعة الإخوان الإرهابية، في أروقة السلطتين التنفيذية والتشريعية في النمسا.

هذه الخطوات وضعت الجماعة تحت ضغط كبير، بالتزامن مع الذكرى الأولى لمداهمات الشرطة ضد 60 هدفًا لجماعة الإخوان في 4 ولايات نمساوية، أخضعت خلالها نحو 100 مشتبه به للتحقيقات التي لا تزال مستمرة.

وتحرك خمسة نواب بالبرلمان النمساوي، أبرزهم النائب هانس أمبساور، للضغط من أجل اتخاذ إجراءات قوية ضد منظمة رابطة الثقافة، ذراع الإخوان الأساسية في الأراضي النمساوية، عبر تقديمهم طلب إحاطة إلى سوزان راب وزيرة الاندماج النمساوية.

 ووجَّه طلب الإحاطة، عددًا من الأسئلة عن رابطة الثقافة ومستقبلها، بعد صدور دراسة تستند لتقرير سري عن علاقة المنظمة بجماعة الإخوان الإرهابية.

 

منتدى فيينا

بدأ الأمر بمنتدى فيينا لمكافحة الإسلام السياسي الذي جمع 100 خبير في الإسلام السياسي من الدول الأوروبية، وانتهى إلى تشكيل تحالف من 4 دول هي النمسا والدنمارك وفرنسا وبلجيكا، في قفزة نوعية عملاقة في مسار مكافحة هذه الأيديولوجية على المستوى الأوروبي.

ويؤشر منتدى فيينا، بحسب حسام حسن الباحث في جامعة فيينا بالنمسا لـ"السياق"، إلى وعي متزايد في أروقة السلطة في دول أوروبية عدة، بخطورة أيديولوجية الإسلام السياسي والتنظيمات التي تمثلها مثل الإخوان، ورغبة متنامية أيضًا في مواجهة الخطر، في ظل معاناة دول عدة من تشكيل التنظيمات الممثلة للإسلام السياسي مجتمعات موازية داخل الدول الأوروبية، وزرعها أفكارًا متطرفة بين الجاليات المسلمة.

وقال حسن، إن منتدى فيينا والتحالف المنبثق منه، وضعا لبنة أول مواجهة جماعية لتنظيم الإخوان في القارة الأوروبية، مشيراً إلى أن هذه الخطوة أكبر تهديد لجماعة الإخوان منذ وجودها في أوروبا، لاسيما أن الجماعة تملك شبكة في القارة عابرة للحدود، ومواجهتها الناجعة لا تتحقق إلا بجهد جماعي.

 

طلب الإحاطة

وفي ما يتعلق بطلب الإحاطة ضد "رابطة الثقافة"، وهي أهم منظمة للإخوان في النمسا، قال حسام حسن إنها خطوة متوقعة بعد نشر مركز توثيق الإسلام السياسي "حكومي" دراسة تكشف لأول مرة الروابط القوية بين الرابطة وجماعة الإخوان المسلمين، وطلب الإحاطة يمثل ضغوطًا على الحكومة لاتخاذ إجراءات قوية ضد هذه المنظمة.

واليوم، تحدث حزب الحرية المعارض أيضًا عن تقديم استجواب في البرلمان لوزيرة العدل، ألمي زاديتش، لمعرفة آخر تطورات التحقيقات المستمرة منذ نحو عام في أنشطة الإخوان، في خطوة ترمي للضغط على السلطة القضائية لتسريع وتيرة التحقيق الذي تعطل كثيرًا بسبب جائحة كورونا.

لكن من غير المتوقع، بحسب الباحث في جامعة فيينا، أن تؤدي الضغوط إلى نتائج ملموسة وسريعة.

 فالمسار القانوني في النمسا بطيء ويستغرق وقتًا في التحقيق ودراسة الأوراق التي تخطى عددها الآلاف في ملف الإخوان، فضلًا عن فحص ناقلات البيانات والحواسيب وعشرات الحسابات البنكية.

بعبارة أخرى، بحسب حسام، الادعاء العام في جراتس، المشرف على التحقيقات، سيأخذ وقته، ومن المتوقع أن ينتهي من التحقيق في النصف الأول من العام المقبل.

ضغط مستمر

 

بيد أن الضغوط البرلمانية جنبًا إلى جنب مع خطوات الحكومة، وآخرها منتدى فيينا، تصعب موقف جماعة الإخوان في النمسا، وتحد من قدرتها على المناورة، وتضعها تحت ضغط مستمر، يدفعها في النهاية لتجميد أنشطتها.

ووفقًا لطلب الإحاطة المقدم إلى سوزان راب وزيرة الاندماج، استندت دراسة مركز توثيق الإسلام السياسي، إلى تقرير سري، أوضح أن رابطة الثقافة جزء من تنظيم الإخوان وتدير مساجد وجمعيات في فيينا وجراتس.

كما اكتشفت الدراسة صلات واضحة بين رابطة الثقافة وجماعة الإخوان المسلمين المتطرفة، لافتة إلى أن قائمة الدعوات إلى الأحداث والدورات التدريبية والمحاضرات، التي نظمتها الرابطة من 2005 إلى 2015، كانت أغلبية المتحدثين فيها، باللغة العربية، من قادة الإخوان في ألمانيا ومصر.

من هؤلاء المتحدثين، كان وجدي غنيم الداعية المصري السلفي المعروف بترويجه إلى الفكر الداعشي، الذي يخضع للعديد من قرارات حظر دخول الأراضي الأوروبية.

 

ضربة موجعة

من جانبه قال الدكتور إبراهيم نجم الأمين العام للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم في تصريحات خاصة لـ"السياق": إن وجود طلب إحاطة موجه إلى وزيرة الاندماج سوزان راب، وموقَّع من 5 نواب بالبرلمان النمساوي، أبرزهم النائب هانس أمسباور، يمثل ضربه موجعة جديدة للجماعة الإرهابية في أوروبا.

وأكد نجم، أن الجماعة أيضًا تقف وراء انتشار التطرف بين الجاليات في أوروبا، ومن الثابت أن خطاب الإسلاميين المتشددين، الذى يتشدقون به من خلال الجمعيات والمراكز التي يقفون وراء تمويلها، يؤتى ثمرته في نفوس الشباب هناك، كونه يمس العاطفة الدينية المتعطشة لديهم لإعلاء كلمة الإسلام، مشيراً إلى أن الإخوان انجرفوا في مواقفهم وأفعالهم المتطرفة، ولا يتورعون عن استصدار فتاوى شاذة مُنكرة لمصلحة منهجهم ومصالحهم التي يعيثون من أجلها في الأرض فسادًا.

ولفت نجم إلى أن المفاجأة كانت في قائمة الدعوات إلى الأحداث والدورات التدريبية والمحاضرات، التي نظمتها الرابطة ويُعقد معظمها باللغة العربية، وتضم قيادات من الإخوان المسلمين، وكذلك دعوة وجدي غنيم أحد دعاة الجماعة المتطرفين إلى سلسلة من المحاضرات نظمتها الرابطة عام 2005.

ولفت إلى أن أكثر المقاتلين المنضمين لداعش، من الشباب الأوروبي الذي ولد في ثقافة أوروبية محضة، والاهتمام الأكبر للمؤسسات الدينية والفكرية هو كيفية الوصول لهذا الشريحة من الشباب التي تعرضت للأسف لغسل مخ وقررت الانضمام لهذه الخلافة المزعومة.

وأضاف أنه في ظل الأجندات المختلفة التي تحملها تلك المراكز المشبوهة، باتت الأقليات المسلمة، التي تعيش بأعداد كبيرة في الدول الغربية، مُعرَّضة لمزيد من التهديدات ذات الصلة بتصاعد "الإسلاموفوبيا" ضدها، بما يشبه اتهامًا جماعيًّا ضد المسلمين قد يفرض قوانين تشبه "الطوارئ" بحق مئات الآلاف، وتدفع الممارسات السلبية التي يقوم بها من يدير هذه المراكز عددًا كبيرًا من الغربيين إلى خلط صورة المسلمين والإسلام بالتطرف والإرهاب.