تفوح منه رائحة الحرب ضد الصين.. ما تحالف كواد الرباعي؟
الهدف الأسمى من تحالف كواد، الحفاظ على منطقة المحيطين الهندي والهادئ حرة ومفتوحة، لكن الأولوية غير المعلنة هي مواجهة القوة المتنامية للصين، الأمر الذي يثير غضب القيادة في بكين، بحسب بلومبرج.

ترجمات – السياق
توترات العلاقات بين واشنطن وبعض من حلفاؤها وبكين صاحبه بعض التحالفات والمبادرات التي تهدف ضمنيا لاحتواء الصين مثل "تحالف أوكوس النووي" بين أمريكا وبريطانيا وأستراليا، و تحالف "كواد" الذي أعاد بايدن إحياؤه بعد سنوات من الانهيار فبات يوصف على أنه "ناتو آسيوي"
وفق شبكة بلومبرغ الأمريكية، فإن "كواد، أو الحوار الأمني الرباعي، مجموعة غير رسمية، تركز على الأمن وتعود إلى بداية الألفينات، وأصبحت أكثر نشاطًا خلال السنوات الأخيرة، في إطار جهود التصدي إلى نفوذ الصين ومطالبها الإقليمية، في المحيطين الهندي والهادئ".
ورغم أن "كواد" شهدت زخمًا في ظل إدارة جو بايدن، فإن عديدًا من منتقديها يشككون في أهدافها ويسألون عن فعاليتها، ووصفها البعض بأنها مجرد حلقة نقاش تفتقر إلى أي هيكل مؤسسي، بينما يخشى آخرون تحولها إلى حلف شمال أطلسي آسيوي، ما قد يثير رد فعل صيني عنيفًا.
هدف التحالف
وترى "بلومبرغ" أنه بينما يحاول البيت الأبيض، إثبات أن الحرب في أوكرانيا لم تصرف انتباه أمريكا عن الأولويات الملحة في آسيا، فإنه يتطلع مرة أخرى إلى "الرباعية".
وأشارت إلى أن التجمع غير الرسمي، الذي يضم الولايات المتحدة واليابان والهند وأستراليا، في تحالف من الدول ذات المصالح الاقتصادية والأمنية المشتركة، التي تمتد عبر المحيطين الهادئ والهندي.
وعن الهدف الأسمى من هذا التحالف، ذكرت "بلومبرغ" أن النقطة المهمة رسميًا هي الحفاظ على "منطقة المحيطين الهندي والهادئ حرة ومفتوحة"، لكن الأولوية غير المعلنة هي مواجهة القوة المتنامية للصين، الأمر الذي يثير غضب القيادة في بكين.
ورغم التشكيك في أهداف "كواد" ودورها الخفي ضد الصين، فإنها ستصبح أكثر أهمية مع استمرار التوترات بين واشنطن وبكين، على خلفية احتمال غزو محتمل لتايوان، بخلاف مساعداتها التي وصفتها الصحيفة بـ"غير المحدودة" لروسيا، في حربها ضد جارتها الأوكرانية.
وذكرت الشبكة الأمريكية، أن بايدن ألغى خطط زيارته إلى أستراليا، ما أدى إلى إلغاء اجتماع "كواد" في سيدني، الذي كان مُقررًا الأربعاء المُقبل 24 مايو الجاري، لذلك، من المُخطط له أن يجتمع الزعماء الأربعة في اليابان، على هامش قمة مجموعة السبع، الجمعة 19 مايو.
وأوضحت أنه عندما اجتمع القادة في قمة طوكيو العام الماضي، أعلنوا مبادرة تهدف إلى الحد من الصيد غير المشروع، عبر المحيطين الهندي والهادئ، وسط قلق متزايد بشأن أنشطة السفن الصينية.
ونقلت عن مسؤول أمريكي، تأكيده أن "المبادرة تستهدف مواجهة النشاط الصيني في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، والحد من الصيد غير المشروع"، زاعمًا أن الصين مسؤولة عن 95% من الصيد غير المشروع في هذه المياه.
جاء ذلك بعد مؤتمر افتراضي عام 2021 -أول تجمع لقادة الرباعي- الذي نتج عنه تعهد بتمويل الهند لتسريع إنتاج لقاحات كورونا، وتوزيعها في آسيا.
وحسب الشبكة الأمريكية، ظلت المجموعة خاملة سنوات، قبل أن تعيد الولايات المتحدة إحياءها عام 2017 في عهد الرئيس آنذاك دونالد ترامب.
ومع ذلك، فقد تركت دبلوماسية ترامب غير المنتظمة بعض الحلفاء مترددين في الاصطفاف وراء الولايات المتحدة، في ما يتعلق بالصين، لكن عندما حلّ بايدن محل ترامب، تعهد بالعمل مع الحلفاء والاستمرار في اتخاذ موقف متشدد تجاه الصين.
أصل المجموعة
وعن أصل المجموعة، أفادت "بلومبرغ" بأن الشراكة تستمد جذورها من الرد على الزلزال المدمر وتسونامي الذي وقع عام 2004 بالمحيط الهندي، عندما شكلت أربع دول "مجموعة أساسية إقليمية" للمساعدة في جهود الإغاثة، لكن أنشئت "كواد" بشكلها الحالي عام 2007 وعقدت أول اجتماعاتها في مايو من ذلك العام.
وخلال خطاب، بعد أشهر من اجتماعها الأول، وصف رئيس وزراء اليابان -آنذاك- شينزو آبي رؤيته لـ "آسيا الأوسع نطاقًا، بأنها شبكة هائلة تمتد عبر المحيط الهادئ، وتضم الولايات المتحدة وأستراليا".
ودعا شينزو آبي، إلى ما يسمى الحوار الأمني الرباعي، موضحًا أن الدول تشاركت "قيمًا أساسية" مثل الحرية والديمقراطية والمصالح الاستراتيجية.
وفي العام ذاته، اجتمعت الدول الأربع، على هامش منتدى آسيا والمحيط الهادئ السنوي، الذي عقدته رابطة دول جنوب شرق آسيا "الآسيان".
كما شاركت الدول الأربع، إلى جانب سنغافورة، في مناورات مالابار البحرية في خليج البنغال، التي عادةً ما تشترك فيها القوات الأمريكية والهندية، لكن بعد بداية واعدة، انهارت المجموعة الرباعية في العام التالي.
لماذا تعثرت؟
وعن سبب تعثرها، أوضحت الشبكة الأمريكية، أن رئيس الوزراء الأسترالي السابق سكوت موريسون، ألقى باللوم على كيفين رود، سلفه السابق ، وسفير أستراليا لدى واشنطن حاليًا، بسبب انفصاله عن ذلك التحالف الأمني الرباعي.
لكن وفقًا لـ"رود"، رئيس وزراء أستراليا الأسبق فإن "كواد" فشلت، عقب استقالة شينزو آبي في العام نفسه، الذي اقترح فيه التجمع، خاصة بعد أن فقد حزبه السلطة عام 2009.
وأضاف رود أن نظيره الهندي في ذلك الوقت، مانموهان سينغ، تعهد بعدم المشاركة في أي مبادرة لاحتواء الصين، لكن، قبل وصول بايدن إلى السلطة، دخلت الصين في خلاف دموي مع الهند بشأن حدودهما المتنازع عليها في جبال الهيمالايا، واتخذت إجراءات عقابية تجارية ضد أستراليا، لطلبها فتح تحقيق بمنشأ فيروس كورونا، الذي اكتُشف لأول مرة في مدينة ووهان الصينية.
لذلك، أدى تعنت بكين إلى تقارب بين الولايات المتحدة والهند، كما زاد اهتمام نيودلهي بمجموعة كواد، وفقًا لمسؤول أمريكي، تحدث إلى "بلومبرغ".
من جانبها، أرجعت كليو باسكال، الزميلة الأقدم بمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، انهيار المبادرة عام 2008 إلى الضغوط الكثيفة التي تعرضت لها من الصين، وتهديدها بالانتقام الاقتصادي.
لكن أعيد إحياؤها عام 2017 وسط مخاوف متجددة بشأن الصعود السريع للصين كقوة عظمى عالمية.
ومنذ ذاك الحين، أصبحت المجموعة أكثر نشاطًا، وعقد رؤساء الدول الأربع اجتماعًا افتراضيًا رمزيًا في مارس 2021، قبل الاجتماع الفعلي للمرة الأولى في سبتمبر من العام نفسه.
الرد الصيني
على الجانب الآخر، انتقدت الصين مجموعة كواد كآلية لاحتواء صعودها، كما اتهمت وزارة الخارجية الصينية المجموعة، بأنها تعمل على تقويض مصالحها.
وفي أبريل 2023، عارض وانغ وينبين، المتحدث باسم الخارجية الصينية، هدف المجموعة، موضحًا أن محصلة أهدافها "صفر".
واتهم المجموعة بأنها "غارقة في الحرب الباردة التي عفا عليها الزمن، وتفوح منها رائحة المواجهة العسكرية"، مضيفًا أنها "تتعارض مع اتجاه العصر ومحكوم عليها بالرفض".
وكتبت تانفى مادان، الباحثة في برنامج السياسة الخارجية بمعهد بروكينغز الأمريكي للأبحاث، أن الهند حذرة من إثارة غضب الصين، وتشكك في علاقات أستراليا ببكين.
وعام 2020، بدا أن الهند تغلبت على ترددها، ودعت أستراليا للانضمام مرة أخرى إلى تدريبات "مالابار".
وعن جدول أعمال الرباعية، ذكرت الشبكة الأمريكية، أنه خلال قمة "كواد" المُنعقدة بطوكيو في مايو 2022، أصدر القادة بيانًا يعدون فيه بـ"منطقة المحيطين الهندي والهادئ المفتوحة والشاملة والمرنة"، ما يشير إلى نية العمل على التحديات العالمية الملحة.
ويتضمن ذلك قضايا كبيرة مثل تغير المناخ والأمن السيبراني، إضافة إلى التعاون في البنية التحتية، ردًا على "مبادرة الحزام والطريق" التي طرحها الرئيس الصيني شي جين بينغ.
جدير بالذكر أن "مبادرة الحزام والطريق" ساعدت في بناء الطرق ومحطات الطاقة بآسيا، لكنها تعرضت لانتقادات شديدة، بما في ذلك اتهامات بأن الصين توقع بالبلدان الفقيرة في فخ الديون.
علاوة على ذلك، أعلن قادة "كواد" عام 2022 برنامجًا يهدف إلى الحد من الصيد غير المشروع عبر المحيطين الهندي والهادئ، وسط قلق متزايد بشأن أنشطة السفن الصينية، وكان أول تجمع لقادة "كواد" عام 2021.
ورغم أن "كواد" لا تزال حذرة من استفزاز بكين، فإنها مجرد جزء من استراتيجية ناشئة تجاه آسيا، فعام 2021، أبرمت المملكة المتحدة والولايات المتحدة اتفاقية دفاع منفصلة مع أستراليا، تُعرف بـ "أوكوس"، لإمداد أستراليا بغواصات نووية.