رغم العقوبات... تكنولوجيا إيرباص وبوينغ تصل روسيا

بيانات الجمارك الروسية، أظهرت أن قطع غيار طائرات بملايين الدولارات صنعتها شركتا بوينغ وإيرباص الأمريكيتان وغيرهما، أرسلت إلى روسيا العام الماضي.

رغم العقوبات... تكنولوجيا إيرباص وبوينغ تصل روسيا

ترجمات – السياق

رغم العقوبات الموسعة على روسيا، من الولايات المتحدة ونحو 40 دولة، فإن موسكو حصلت -العام الماضي- على قطع غيار طائرات بملايين الدولارات من شركات أمريكية، بحسب "نيويورك تايمز".

وكشفت الصحيفة، أن تكنولوجيا أمريكية الصُنع تتدفق على الخطوط الجوية الروسية رغم العقوبات، لافتة إلى أن بيانات الجمارك الروسية، أظهرت أن قطع غيار طائرات بملايين الدولارات صنعتها شركتا بوينغ وإيرباص الأمريكيتان وغيرهما، أرسلت إلى روسيا العام الماضي.

 

تفاصيل القصة

وعن تفاصيل ما كشفته، نوهت "نيويورك تايمز" إلى أنه خلال أغسطس الماضي، أرسل روسي يدعى أوليغ باتسوليا -يعيش بالقرب من ميامي- بريدًا إلكترونيًا إلى شركة طيران روسية، كانت معزولة عن التكنولوجيا والمواد الغربية بعرضٍ مغرٍ.

وحسب الصحيفة، فإن العرض تضمن إمكانية المساعدة في التحايل على العقوبات العالمية، المفروضة على شركة الخطوط الجوية الروسية، بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، عن طريق خلط قطع غيار الطائرات والإلكترونيات، التي كانت في أمس الحاجة إليها، من خلال شبكة شركات مقرها فلوريدا وتركيا وروسيا.

وقد كتب باتسوليا، وفقًا لشكوى جنائية رُفعت إلى المحكمة الجزئية الأمريكية في أريزونا: "في ضوء العقوبات المفروضة على الاتحاد الروسي، نجحنا في حل التحديات المطروحة".

إلا أنه -وفق الصحيفة- ألقي القبض على باتسوليا وشريكه في العمل، بتهمة انتهاك ضوابط التصدير الأمريكية وغسل الأموال الدولي، في قضية تكشف الشبكات العالمية، التي تحاول مساعدة روسيا في تجاوز الضوابط التكنولوجية، الأكثر اتساعًا في التاريخ.

وأشارت الصحيفة إلى أنه منذ الغزو الروسي لأوكرانيا، عملت الولايات المتحدة -بالشراكة مع ما يقرب من 40 حكومة- لفرض عقوبات على روسيا، بما في ذلك قيود على وصول موسكو إلى الأسلحة ورقائق الكمبيوتر وأجزاء الطائرات، وغيرها من المنتجات اللازمة لتغذية اقتصادها وحربها.

كما طبقت العقوبات على شركات الطيران الروسية، بما في ذلك الخطوط الجوية الروسية إيروفلوت وفروعها وغيرها.

ورغم هذه العقوبات بعيدة المدى، فإن آلاف الشحنات من أجزاء الطائرات، أرسلت بنجاح إلى روسيا العام الماضي، وفقًا لمجموعة من البيانات الجمركية الروسية، التي حصلت عليها "نيويورك تايمز".

وتظهر البيانات، التي جمعتها وحللتها "أمبورت غينيس"، وهي شركة تجميع بيانات تجارية مقرها الولايات المتحدة ، إرسال عشرات الملايين من الدولارات من قطع غيار الطائرات إلى شركات الطيران الروسية، التي تواجه بوضوح عقوبات من إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، وبينها "الخطوط الجوية الروسية و"إيروفلوت" و"أورال إيرلاينز"، و"إس 7 إيرلاينز"، و"يوتير أفييشن" و"بوبيدا إيرلاينز".

وأقرت الولايات المتحدة وشركاؤها في العالم، عقوبات على روسيا بسبب غزو أوكرانيا، شملت منع موسكو من استيراد الأسلحة والرقائق الإلكترونية وقطع غيار الطائرات بجانب أشياء أخرى، للضغط عليها اقتصاديًا.

وأوضحت الصحيفة الأمريكية، أن شحنات قطع غيار الطائرات التي وصلت روسيا، مرت عبر شبكات غير مشروعة -مثل شبكة باتسوليا- تتمثل في أكثر من مشتر عادةً من الشرق الأوسط وآسيا، للتحايل على العقوبات.

وأشارت إلى أن عشرات الشحنات لمكونات صنعتها شركة بوينغ في الولايات المتحدة -من شحنات الأسلاك النحاسية والمسامير والغرافيت وغيرها- وصلت إلى شركة إيروفلوت العام الماضي، لافتة إلى أن ذلك كان عبر مرورها من خلال مناطق تجارة حرة، ومناطق صناعية في الصين، قبل أن تصل إلى روسيا.

وقال مسؤولون أمريكيون -بحسب "نيويورك تايمز"- إن شركات الطيران الروسية أجبرت على تفكيك قطع غيار من طائرات لتشغيل طائرات أخرى، بجانب التوجه إلى إيران لعمليات الصيانة وقطع الغيار.

 

عشرات الملايين

وبحسب البيانات الجمركية، فإن أكثر من 5 آلاف شحنة من قطع غيار الطائرات طلبها أفراد، وصلت إلى روسيا خلال 8 أشهر عام 2022، من المسامير البسيطة إلى أجزاء من محركات الطائرات بنحو 290 ألف دولار.

وبينت "نيويورك تايمز" أن قيمة تلك المكونات الأمريكية التي وصلت روسيا خلال تلك الفترة، بلغت نحو 14.4 مليون دولار، بينها 8.9 مليون مقابل أجزاء ومكونات وُصفت بأنها مصنعة أو مسجلة باسم شركة بوينغ الأمريكية، وبيعت إلى روسيا بواسطة طرف ثالث.

ونقلت الصحيفة الأمريكية عن شركة بوينغ -عملاق صناعة الطائرات- أنها تلتزم بالعقوبات الأمريكية، وأوقفت عمليات التصدير والصيانة والدعم التقني لعملائها في روسيا مطلع عام 2022.

بينما أوضح خبراء في مجال الطيران، لـ"نيويورك تايمز" أن تلك المكونات ربما تصل روسيا عبر مصادر عدة، مثل مخزونات موجودة بالفعل بالخارج لدى شركات الطيران ومنشآت الإصلاح أو من يقومون بعمليات إعادة بيع للأجزاء المستعملة (الخردة).

وزادت الشحنات أيضًا -العام الماضي- حيث جندت روسيا شركات عالمية لمساعدتها في تجاوز العقوبات.

وفي ذلك، يقول ويليام جورج، مدير الأبحاث في شركة أمبورت غينيس، إن الاتجاه يشير إلى أن "شبكات التهرب من العقوبات استغرقت وقتًا لتأسيسها، لكنها الآن في وضع يمكنها من مساعدة شركات الطيران الروسية، في الحصول على بعض الأجزاء الرئيسة".

ووفقًا للشكوى الجنائية، بدأ الروس الذين احتُجزوا مؤخرًا، وضع مخططهم في مايو من العام الماضي، لإرسال قطع غيار طائرات من الولايات المتحدة إلى روسيا، في انتهاك لقواعد التصدير.

ويُتهم هؤلاء بتقديم طلبات لقطع الغيار ، بما في ذلك أنظمة المكابح الباهظة الثمن لطائرة بوينغ 737، من ثلاث شركات طيران روسية على الأقل، بما في ذلك اثنتان مُنعتا -بشكل صارم- من شراء منتجات أمريكية الصنع.

وقد داهم وكلاء مكتب التحقيقات الفدرالي شقة مملوكة لشركة المتهمين، بأبراج ترامب في صني آيلز بيتش بولاية فلوريدا، الخميس الماضي.

ووفقًا لمركز الأبحاث "سيلفرادو بوليسي إكسيليريتور"، وهي مؤسسة فكرية مقرها واشنطن تحلل بيانات التجارة الروسية، فقد كانت الصين المصدر العام الرائد لقطع غيار الطائرات والمركبات الفضائية والطائرات من دون طيار إلى روسيا منذ الغزو ، وهو ما يُمثل نحو نِصف الشحنات، تليها الهند.

بينما انخفض عدد الطائرات أحادية الممر المستخدمة في روسيا بنحو 16 في المئة من صيف 2021 إلى صيف 2022، بعد الغزو، وفقًا لـ "سيريوم"، وهي شركة مزودة لبيانات الطيران.

كما انخفض عدد الطائرات ذات الممرين الأكبر حجمًا، التي غالبًا ما تُستخدم على الطرق الدولية، بنحو 40 في المئة.

وتراجعت واردات روسيا من الطائرات ومكوناتها، من 3.45 مليار دولار قبل غزو أوكرانيا، إلى نحو 286 مليون دولار، وفقًا لما نقلته الصحيفة عن بيانات مرصد اقتصادي لمتابعة حركة التجارة.

 

لماذا استمرت؟

ونقلت "نيويورك تايمز" عن خبراء طيران قولهم: إن الاستمرار في تسيير الطائرات، سيصبح أكثر صعوبة لشركات الطيران الروسية، من دون الوصول إلى الموردين الغربيين وبمساعدة من "بوينغ" و"إيرباص".

لكن شركات الطيران الروسية ظلت قيد التشغيل، بمساعدة الشحنات الدولية واستخدام مئات الطائرات الأجنبية، التي تقطعت بها السبل هناك، بعد بدء الحرب.

ومن المتوقع أن تمر عشرات الآلاف من الرحلات الجوية عبر روسيا هذا الشهر، وفقًا للجداول التي نشرتها شركة سيريوم.

كما من المتوقع أن تنقل أكثر من 21000 رحلة جوية -أكثر من نِصفها تديرها شركات طيران روسية- من وإلى آسيا الوسطى، إضافة إلى تركيا والإمارات العربية المتحدة ومصر والصين وتايلاند.

ووفقًا للبيانات، فقد شُحنت أجزاء الطائرات التي منشؤها الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك تلك التي تحمل علامة إيرباص، على أنها مصنّعة أو مسجلة كعلامة تجارية، إلى روسيا العام الماضي.

وردًا على ذلك، قال جاستن دوبون، المتحدث باسم "إيرباص"، إن الشركة تتعقب قطع الغيار الأصلية والوثائق المقدمة لعملائها وتجري العناية الواجبة على جميع الأطراف التي تطلب قطع الغيار.

وأوضح أن القيود في الولايات المتحدة وأوروبا، تعني أنه "لا توجد طريقة قانونية يمكن من خلالها وصول قطع غيار الطائرات الأصلية والوثائق والخدمات إلى شركات النقل الروسية".

وحسب الصحيفة، تسمح القيود الأمريكية -من الناحية الفنية- للشركات بالتقدم بطلب للحصول على ترخيص خاص، لمواصلة إرسال المنتجات إلى شركات النقل الروسية لأسباب تتعلق "بسلامة الرحلة" ، لكن شركتي بوينغ و إيرباص قالتا إنهما لم تسعيا إلى هذا الترخيص.

إضافة إلى ذلك، أوضحت شركة إيرباص أن قوانين الاتحاد الأوروبي تمنعها من شحن هذه البضائع إلى روسيا، بصرف النظر عن ترخيص الولايات المتحدة.

وخلال السنوات الثلاث الماضية، فرضت الولايات المتحدة قيودًا تكنولوجية جديدة على روسيا والصين وإيران، تطبق خارج حدودها الإقليمية، ومن ثمّ فإن "المنتجات المصنوعة في الولايات المتحدة، أو في دول أجنبية بمساعدة المكونات أو التكنولوجيا الأمريكية، تخضع لقواعد الولايات المتحدة في كل مكان بالعالم".

وكثفت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي العقوبات المفروضة على الشركات التي تنتهك العقوبات، وأرسلا مسؤولين إلى دول مثل كازاخستان، لمحاولة إقناعها بتضييق الخناق على نقل الشحنات إلى روسيا عبر أراضيها.