جمدت 25 مليون يورو من أموالهم.. فرنسا تحاصر الإخوان بضرب منابع تمويلهم
الاستعانة بمحامين متمرسين لمواجهة هذه الإجراءات، تؤكد أن الضربات أصابت الإخوان

ترجمات - السياق
ضربة جديدة تلقاها «الإخوان»، تضعف محاولات التنظيم الإرهابي، التموضع في البلدان الأوروبية، واتخاذها مقرًا لمحفظته المالية، التي من خلالها يموِّل أنشطته الإرهابية في الشرق الأوسط، والبلدان الإفريقية.
تلك الضربة الجديدة التي وجهتها فرنسا، استهدفت تجفيف منابع شبكات تمويل «الإخوان» على أراضيها، محددة 20 صندوقًا مشبوهًا تموِّل أنشطة التنظيم الإرهابي في باريس.
وقالت صحيفة لوفيغارو الفرنسية، في تحقيق نقله عنها موقع إيطاليا 24 الناطق بالإنجليزية، إن السلطات الفرنسية قررت تسريع هجومها على جبهة الإسلام المتطرف، وضرب المحفظة المالية لتنظيم الإخوان المسلمين.
ووفقًا لمعلومات الصحيفة الفرنسية، فإن المديرية العامة للأمن الداخلي (DGSI) حددت ما لا يقل عن عشرين صندوق أوقاف مشكوك فيها مرتبطة بالإسلام السياسي.
وبحسب مسؤول كبير نقلت عنه الصحيفة الفرنسية، جُمد ما يقرب من 25 مليون يورو في مختلف صناديق الهبات، مؤكدًا إعطاء خمسة صناديق أخرى إشعارًا رسميًا للاستجابة لأوجه القصور المرتبطة بالتمويل الغامض.
وأشار إلى أن هذا الإجراء كان بشكل خاص في مؤسسة الوقف، التي أُنشئت عام 2015 في سين سان دوني، أو تعليم التنوع والثقافة، مؤكدًا أن منظمتين محسوبتين على أنشطة الإخوان حلتا نفسيهما بعد فحصهما، بما في ذلك صندوق Aquilae في أورليان.
ونقلت «لوفيغارو»، عن أحد كبار المسؤولين قوله: «أنشئت هذه الأجهزة عام 2008 لتوجيه الأموال الخاصة نحو الأنشطة ذات الاهتمام العام»، مؤكدًا أن هذه الأنشطة لم تراقب من الأجهزة الفرنسية، ما دفع الإسلام السياسي إلى تمويل أنشطة جماعة الإخوان المسلمين سرًا، التي استثمرت بكثافة في هذه الأموال.
وبحسب الصحيفة الفرنسية، فإن استثمار الأموال كان بشكل غير قانوني، لضمان تشغيل وصيانة المساجد المعروفة بقربها من تنظيم الإخوان، مشيرة إلى أنه منذ خريف 2021، وجَّه وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانين، بالتدقيق في أموال الإخوان.
وتقول «لوفيغارو»، إن التحقيقات الطويلة والدقيقة، في آلية تمويل غامضة ومعقدة، جعلت من الممكن توثيق الملفات وتنفيذ «إجراءات العرقلة» بتكتم، إلا أنه مع ذلك عُلقت ثمانية من الصناديق العشرين المستهدفة، أربعة منها تظهر أدلة على استدعاء قضائي مع الرغبة في حلها.
من الهياكل التي عُلقت الصندوق الأوروبي للمرأة المسلمة، والصندوق الكندي وصندوق Apogee، يقول أحد المصادر، مضيفًا: «احتفظ البعض بمبالغ في خزائنهم، تجاوزت أحيانًا مليون يورو».
وقال مصدر مطلع لـ«لوفيغارو» الفرنسية: من السابق لأوانه قياس النتائج الملموسة للجمعيات، كون العوائق حديثة العهد وهذه الهياكل تستفيد من مصادر أخرى لتمويلها، إلا أنه مع ذلك قال مسؤول تنفيذي من وزارة الداخلية: «يقاس وزن العقبات بالفعل من قبل بعض المسؤولين التنفيذيين في جماعة الإخوان المسلمين الذين يتحدثون عن ذلك، في السر والعلن».
دوائر التمويل
يقول أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، الذين تضرروا بشدة من تعدد الضوابط، إنهم مذهولون من فكرة تخيل نضوب أموالهم، بحسب الصحيفة الفرنسية، التي قالت إنه «حتى ذلك الحين، كانت جماعة الإخوان، من خلال انبثاقاتها المختلفة، قد وهبت نفسها بأموال وقفية لإخفاء دوائر تمويلها، وفقًا لنمط معياري متكرر في جميع أنحاء الإقليم، وتمكنت السلطات الفرنسية من فك تشفيره»، كما يشير أحد المحللين.
ولأغراض ضريبية، تُدعم هذه الأموال من واحدة أو أكثر من الجمعيات، التي أضيفت إلى شركات العقارات المدنية (SCI)، تقول الصحيفة الفرنسية، مشيرة إلى أن كل شيء يعمل في حلقة مغلقة، فالدخل الناتج عن شركات العقارات تلك، يذهب إلى صناديق الوقف التي تعيد توزيع هذه المبالغ، في جميع الأحوال غير القانونية، على جمعيات 1901 التي تدير أماكن العبادة.
وتقول «لوفيغارو»، إنه إذا كانت المديرية العامة للإحصاء، على مدى العامين الماضيين، قد توقفت عن اكتشاف تمويل الإخوان المسلمين، بعد رسائل على أعلى مستوى، فإن الأموال المخصصة للقضية أتت -حتى الآن- من «صندوق حرب» متراكم على مدى سنوات، إضافة إلى المساهمات المحصلة من المؤمنين.
وقال المصدر المطلع: «الاستعانة بمحامين متمرسين لمواجهة هذه الإجراءات، تؤكد أن الضربات أصابت الإخوان»، مضيفًا: "في بعض الإدارات، يسعى تنظيم الإخوان إلى الانتقال السياسي من المسؤولين المنتخبين الذين ينجذبون إلى أقصى اليسار من خلال تقديم أنفسهم كضحايا لحملة لا تطاق من الإسلاموفوبيا".
إقامة الخلافة
في إطار جهود مكافحة التطرف المبكرة، حددت المخابرات نحو عشر مدن في فرنسا، حيث أقام الإخوان المسلمون أنظمة حقيقية، على محور يمتد من ليل في مرسيليا، بما في ذلك باريس، مشيرة إلى أن مناطق أخرى في فرنسا كانت ضمن أهدافهم النهائية.
وأضافت الصحيفة الفرنسية، أنه لإقامة شكل من أشكال الخلافة، فإن الإخوان يعتنون باحتياجات "إخوانهم" من حيث العمل أو المساعدة الاجتماعية، أو حتى المساعدة في التوظيف، من خلال توجيه العمالة إلى الشركات التي تقبل ارتداء الحجاب وغياب يوم الجمعة بسبب الصلاة.
وتقول «لوفيغارو»، إن الإخوان أذكياء ومتلاعبون، ويجدون الكلمات المناسبة لإعطاء التعهدات وطمأنة المسؤولين المنتخبين، مضيفة: "وفقًا لمعلوماتنا، فإن نحو عشرين هيكلًا انفصاليًا للإخوان (مدارس قرآنية أو مذهبية، وجمعيات ثقافية واجتماعية وأماكن عبادة) قد جذبت انتباه السلطات".
خطر الهجمات
في ما يتعلق بخطر الهجمات، أكد مسؤول كبير أن الموجة الإرهابية لخريف 2020 أظهرت أن «السلوك الانفصالي، وخطاب الكراهية، والتعرض العلني أو السخرية من الناس، يمكن أن تؤدي إلى أعمال عنف»، مشيرًا إلى أن «اليقظة مطلوبة أيضًا من ناحية التدخل الأجنبي للإسلام السياسي في فرنسا».
وقالت «لوفيغارو»، إن تنظيم جماعة الإخوان المسلمين، في فرنسا وأوروبا، موضع اهتمام أجهزة المخابرات، مشيرة إلى أن جماعة الإخوان تستثمر على المستوى الأوروبي مع مجلس المسلمين في أوروبا (المنبثق عن المنظمة الدولية للإخوان المسلمين).
وتقول الصحيفة الفرنسية، إنه على المستوى الوطني، فإن مسلمي فرنسا، لا يزالون يرفضون رسميًا، أي ارتباط مع الإخوان، مضيفة أن المجال الديني لا يزال بالطبع من أكثر المواضيع حساسية.
وبينما لاحظت وزارة الداخلية في فرنسا محاولات لتسلل أفراد على صلة وثيقة بالإخوان إلى فرنسا، للتحدث في المساجد أو في المؤتمرات، أكدت أن وزير الداخلية طالب من المحافظين منع المؤتمرات، كما حدث في مرسيليا.
وأكدت وزارة الداخلية ضرورة اتخاذ إجراءات حظر دخول التراب الوطني للدعاة الذين يبدون ملاحظات بغيضة ضد المرأة أو الغرب، مشيرة إلى أن هذا هو كان الحال في الأيام الأخيرة لداعية سوداني، مشترك في التنظيم الدولي للإخوان المسلمين.