لماذا لا يستطيع بايدن التساهل مع الحرس الثوري الإيراني؟
عقوبات بايدن الجديدة على الحرس الثوري من أقوى المؤشرات على نية الإدارة الحفاظ على الضغوط القائمة أو توسيع نطاقها

ترجمات - السياق
رأت مجلة ناشيونال إنترست الأمريكية أن إدارة الرئيس جو بايدن، لا يمكنها التساهل مع الحرس الثوري الإيراني، بالنظر للانتقادات الهائلة التي واجهتها من الحلفاء الأجانب والمشرِّعين الأمريكيين.
وأشارت المجلة، في تقرير للخبير الاستراتيجي، رئيس المجلس الأمريكي الدولي ماجد رفيزاده، إلى إعلان البيت الأبيض –الأربعاء-فرض عقوبات جديدة على شبكة تهريب نفط وغسل أموال إيرانية من عشرة أفراد وتسع شركات في دول عدة، وإلى مزاعم المسؤولين الأمريكيين أن عمليات الشبكة كانت بتوجيه من الحرس الثوري الإيراني، وأنها تلقت أيضاً دعماً كبيراً من روسيا، من المتوقع أن تعتمد بشكل أكبر على التهرب من العقوبات على النمط الإيراني نفسه في مواجهة العقوبات الدولية واسعة النطاق، التي جرى فرضها عليها، بعد غزوها الذي وصفته بـ"غير المُبرر" لأوكرانيا.
وتابعت: "بقدر ما تستهدف هذه العقوبات الحرس الثوري الإيراني، يمكن القول إن العقوبات الجديدة من أقوى المؤشرات -حتى الآن- على أن إدارة بايدن تعتزم الحفاظ على الضغوط القائمة على الحرس أو توسيع نطاقها، إذ واجهت الإدارة انتقادات من الحلفاء الأجانب والمشرعين الأمريكيين، بما في ذلك بعض أعضاء الحزب السياسي للرئيس نفسه، لرفضها استبعاد احتمال إزالة الحرس الثوري الإيراني من قائمة وزارة الخارجية للمنظمات الإرهابية الأجنبية".
مباراة كرة قدم
أشارت المجلة الامريكية، إلى إلغاء كندا مباراة ودية لكرة القدم مع المنتخب الإيراني، بعد موجة انتقادات علنية للحدث المخطط له، إذ يرى المنتقدون أنه يجب محاسبة طهران على إسقاط الحرس الثوري الإيراني طائرة ركاب في يناير 2020، ما أسفر عن قتل جميع ركابها البالغ عددهم 176 راكباً.
كان النظام الإيراني قد فرض طلب شطب الحرس الثوري الإيراني من القائمة الأمريكية للمنظمات الإرهابية خلال مفاوضات فيينا، التي تهدف إلى استعادة الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، المعروف بخطة العمل المشتركة الشاملة، كما عاندت طهران بشكل أكبر في مارس الماضي، بعد أن توقفت المفاوضات نتيجة للمطالب الروسية بألا تؤثر العقوبات الجديدة المفروضة على موسكو في التوسع المحتمل للعلاقات التجارية الروسية مع إيران.
كما أعلن المسؤولون الروس -بشكل غامض- أنهم تلقوا التأكيدات المطلوبة، لكن توقف المفاوضات استمر حتى يومنا هذا، حيث قال المفاوضون الإيرانيون إنهم لن يعودوا إلى فيينا، إلا من أجل توقيع اتفاق يعكس الاستسلام الأمريكي لمطلب شطب الحرس الثوري الإيراني من القائمة، حسب المجلة.
موت مفاوضات فيينا
قالت "ناشيونال إنترست" إنه منذ ذلك الحين تضاءل احتمال إتمام هذا التوقيع، كما توصل بعض الخبراء إلى استنتاج مفاده أن مفاوضات فيينا والاتفاق النووي ماتا فعلياً، رغم أن الحكومات المشاركة ما زالت ترفض هذه النتيجة، ومع ذلك، تخلى بعض المسؤولين الأمريكيين والأوروبيين عن تفاؤلهم، وبدأوا الاعتراف بأنه من غير المرجح، إن لم يكن مستحيلاً، التغلب على المأزق الحالي.
وأضافت: لقد اتضح هذا الاتجاه جلياً مرة أخرى –الأربعاء- عندما ظهر مبعوث وزارة الخارجية الأمريكية الخاص لإيران، روب مالي، في جلسة استماع بلجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، وواجه أسئلة من المشرعين الذين كثيرًا ما شككوا سنوات في الصفقة النووية، إذ أعلن الرئيس الديمقراطي لتلك اللجنة، السناتور بوب مينينديز، أن "الحقيقة الواضحة بشكل متزايد، أنه لا عودة وشيكة إلى هذه الصفقة، التي لا تصب في المصلحة الاستراتيجية للولايات المتحدة".
وفي غضون ذلك، رأى مالي نفسه أن احتمال إعادة تنفيذ خطة العمل المشتركة الشاملة يبدو "ضعيفاً"، مشيراً إلى أن إدارة بايدن كانت تستعد لهذا الموقف الذي تفشل فيه محادثات فيينا ويعلن موت الاتفاقية في النهاية.
مشاريع عسكرية إيرانية
وفقاً للمجلة، فإن آخر تقييمات الوكالة الدولية للطاقة الذرية تشير إلى أن إيران خزنت تسعين رطلاً من المواد التي كان مسموحاً لها بتخزين كمية أقل منها، كما أنها لا تزال ترفض التعاون مع التحقيقات في منشأ وحالة المواد النووية، التي تبين أنها في ثلاثة مواقع نووية غير معلنة، بما في ذلك قاعدة بارشين العسكرية، التي عادت إلى عناوين الصحف الدولية –الخميس- عندما وردت أنباء عن حادث في وحدة أبحاث دفاعية تسبب في وفاة مهندس.
ومن المرجح أن يثير هذا الحادث تساؤلات بين صانعي السياسة الغربيين عن طبيعة المشاريع العسكرية التي يتابعونها حالياً داخل النظام الإيراني، وكذلك عن القيود التي ستفرض على مراقبة تلك المشاريع، في حال إعادة تنفيذ خطة العمل المشتركة الشاملة.
وأضافت المجلة أن طهران لها تاريخ طويل في تصوير العقوبات الأمريكية، على أنها عدوان على الشعب الإيراني نفسه، لكن يبدو أن رواية النظام رُفضت من الجمهور، الأمر الذي ظهر خلال عدد من المظاهرات الأخيرة المناهضة للحكومة، التي تستمر إحداها منذ أن قفزت أسعار المواد الغذائية بنسبة تصل إلى 400% أوائل مايو الماضي، إذ من الشعارات التي ميزت هذه المظاهرات "أعداء الشعب الإيراني داخل نظام الملالي يكذبون عندما يقولون إن أمريكا هي المتسببة في وضع البلاد الاقتصادي"، كما تبنت جماعة المعارضة الرئيسة، المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، فكرة توسيع العقوبات على النظام الإيراني، بحجة أن تدفق رأس المال الأجنبي إلى البلاد، لن يصل إلى عامة الناس.
إنهاء العقوبات
نهاية التقرير، قالت المجلة إن النظام الإيراني شجع الزيارة الأخيرة لمقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بالتدابير القسرية أحادية الجانب المفروضة على إيران، إلينا دوهان، التي دعا تقريرها إلى إنهاء العقوبات المفروضة على طهران، بعدما أكدت أنها تعيق تمتع الإيرانيين بحقوقهم الإنسانية.
لكن العديد من مجموعات حقوق الإنسان حذرت من أن إيران ستروِّج لرواية تخدم مصالحها الذاتية خلال زيارة دوهان، كما ستستغل النتيجة الإيجابية لهذه الزيارة، للتهرب من المسؤولية عن انتهاكات النظام لحقوق الإنسان بشكل منهجي، إذ إنه منذ ما يقرب من سبعة عشر عاماً، تجنبت السلطات الإيرانية طلبات وصول المقررين الخاصين للأمم المتحدة إلى البلاد، لكنها وجهت الدعوة إلى الشخصية الوحيدة التي تتمثل مهمتها في التحقيق بآثار الضغوط الأجنبية في بلد معين (أي دوهان).